يا سادة: جويل سعادة تشرفكم جميعا!
في الحفل الإفتتاحي الذي اقيم في محافظة كربلاء بمناسبة دورة إتحاد غرب آسيا الرياضية، اثار عزف المبدعة اللبنانية (جويل سعادة) نشيد موطني بالكمان ردود أفعال غطت على المناسبة، بل تجاوزت المباراة الرياضية نفسها، وكان ابطال الكوميديا الشيعية الجديدة كالعادة المتاجرين بالدين، أبرزهم الوقف الشيعي ونوري المالكي أمين عام حزب الدعوة، ومحافظة كربلاء وبعض المعممين واتباعهم من المستحمرين والجهلة، وكان الهجوم على العازفة اللبنانية تحت ذريعة انه لا يجوز ان تكن موسيقى ورقص في مدينة كربلاء على أساس إنها مقدسة عند الشيعة، وبسبب وجود مرقد الحسين بن علي وأخيه العباس فيها.
ولأهمية الموضوع الذي أثار جدال كبير في مواقع التواصل الإجتماعي بين أكثرية مؤيدة للحفل وما تخلله من فعاليات، وأقلية طائفية رافضة ومنومة بأفيون رجال الدين، لذا سنناقش الموضوع من عدة زوايا.
1. ما يسمى بقدسية كربلاء.
يبدو ان كربلاء من وجهة نظر البعض اقدس من الكعبة، لأن الكعبة مشرفة وليست مقدسة، وقد شرفها الله بنبيه إبراهيم، اما كربلاء فلم تكن مقدسة لا في الماضي ولا في الوقت القريب، وهذه القدسية المصطنعة اول من إبتكرها الشاه إسماعيل الصفوي، ولو تصفحت كتب التأريخ القديمة بما فيها الشيعية لما وجدت عبارة كربلاء المقدسة، بل كانت الحيرة والكوفة بشكل عام تعج بالحانات والخمارات ويمكن الرجوع الى كتاب الديارات للشابشتي للتأكد من المعلومة، وهناك مبحث لنا في كتابنا (إغتيال العقل الشيعي) عنها. ربما يعتبر البعض إنها مقدسة للشيعة فقط، وهم أحرار فيما يعتبرونه مقدسا. نقول نعم! ولكن العراق ليس للشيعة فقط، ولا يجوز إطلاق صفة مقدسة على مدينة عراقية في الكتب الرسمية أو وسائل الإعلام العراقية الرسمية، وعلى المستوى الشخصي بإمكان أي شيعي أن يطلق الصفة التي يراها على هذه المدينة، ولكننا نحاجج الشيعة بقولنا: هل يجوز إعتبار مكان جريمة ما ـ حسب رؤية الشيعة ـ مقدسة؟ ولنقرب الصورة أكثر، صلب النبي عيسى (ع) على الصليب، فهل يجوز إعتبار إداة الجريمة (الصليب) مقدسا؟ ونفس الشيء بالنسبة الى كربلاء فهي مكان جريمة قُتل فيها الحسين بن علي فكيف نعتبره مقدسا؟
القدسية كمسلمين مؤمنين لا يجوز أن تطلق إلا على الذات الإلهية والكتب السماوية، فلا الأنبياء ولا الكعبة ولا الكنائس ولا الجوامع ولا المعابد مقدسة، بل ان الانسان المسلم ليخجل من نبيه المصطفى (ص) عندما يكون قبر النبي غير مقدس، وقبر حفيده الحسين مقدسا، علما ان الأخير لم يكُ نبيا ولا خليفا ولا إماما أم المسلمين في صلاتهم، بل كان حفيدا لنبي من جهة إبنته لا أكثر. الأمر المثير انه غالبا ما يستخدم الشيعة كلمة مقدس في غير مكانها الصحيح، فالمراجع قدس سرهم، والحشد الشعبي مقدس، والنجف وكربلاء مقدسة، وبقية العتبات الشيعية مقدسة، حتى فقدت كلمة المقدس معناها الحقيقي.
نسأل: إذا كانت الشهادة مقدسة، فهل إقامة فعاليا راقصة في نصب الشهيد جائزة؟ لماذا لم نسمع صوتا حكوميا ودينيا إستنكرها.
2. موقف رجال الدين.
إنبرى عدد من رجال الدين للتعبير عن سخطهم تجاه الإحتفال في المناسبة، ومنهم (المعمم مرتضى المدرسي)، وجاء هذه الموقف بعد إعلان اسيادهم في ايران هذا الرفض، فهم أشبه بخراف تتبع راعيهم في ايران، بل ان السفارة الايرانية وزعت لافتات تدين هذه الفعاليات، وكانت على واجهة السفارة لافتة كبيرة، ولكن سرعان ما تخلت عنها، وصرحت بأنه لا علاقة لها بهذا الأمر بعد ان استنكر أكثر العراقيين هذه المواقف المعيبة من قبل المراجع. أما اقزامهم من المعممين العراقيين، فقد علا نقيقهم على الفعاليات في المناسبة، لكن هذا الصوت خفت في الكثير من المواقف الإنسانية على أقل تقدير، هل الفساد الإداري والأخلاقي، والفقر والجوع وإنتفاء الخدمات والبطالة وسرقات الخمس حلال؟ وها الفعالية الرياضية وما صاحبها حرام؟
اين أنتم يا دجاجيل من الآلاف من الفقراء الذين يسكنون مقبرة السلام؟ اين انتم من من الأطفال المتسولين والأرامل اللواتي يأكلن من المزابل؟ بل أين أنتم من كل ما يجري من فساد في العراق بشكل عام والعتبات الشيعية بشكل خاص؟
سؤال للمعممين: هل زواج المتعة حلال وعزف إنشودة موطني حرام؟ الا تبا لكم يا دجالين!
ان كانت مرجعية النجف قد التزمت الصمت تجاه الفعالية، فلماذا ينبح البعض من المعممين متمردا على موقف المرجعية، لماذا لا يرجعوا الى المرجعية، وهم يسمونها (مرجعية)؟
3. العتبة وحدود كربلاء الإدارية.
لو افترضنا جدلا ان كربلاء مدينة مقدسة، فهل كل ما فيها مقدس، بمعنى حتى مجمعات المياه الثقيلة واماكن الدعارة (أماكن زواج المتعة)، وتصنيع الخمور (في البيوت) مقدسة؟ لذا لا يجوز إقامه مهرجانات رياضية وموسيقية فيها؟
لكن كيف سُمح بإقامة هذه الفعاليات في بغداد حيث فيها بدلا من إمام معصوم واحد (عند الشيعة) (الحسين) إمامين هما الكاظم والجود، وهذا ما يقال عن محافظة صلاح الدين والنجف وديالى وبابل، بل هذا يعني ان كل محافظات العراق لا تصلح ولا يجوز فيها إقامة مثل هذه الفعاليات، بمعنى أن تُقام فعاليات العراق على أرض غير عراقية، بل في دول الجوار (تركيا، سوريا والأردن). لو تتبعنا إئمة الشيعة وذريتهم، لوجدنا بأنه لا توجد محافظة وقضاء عراقي يخلو منهم، سواء كانت الأضرحة حقيقة أو وهمية.
السؤال المهم: لماذا لم نسمع لرجال الدين ومأجوريهم من الكتاب صوتا عند إقامة الفعاليات الموسيقية في بقية المحافظات؟ اليست هذه إزدواجية تتجسد في المتاجرة بالدين؟
4. موقف نوري المالكي
كالعادة أول من إستجاب للرؤية الإيرانية برفض إقامة هذه الفعاليات عمليهم الأبرز والدائم في العراق نوري المالكي، فقد أصدر بيانا شجب فيه الفعاليات، والأدهى منه انه طالب بفتح تحقيق ومعاقبة المسؤولين المقصرين. طبعا يكاد المرء لا يصدق عينه، هذا المالكي الذي أغلق بالتعاون مع القضاء العراقي المسيس والمخصص لخدمته وخدمة حزبه يطالب بفتح تحقيق!!! لماذا لا يُفتح تحقيق بشأن إسقاط الموصل، وجريمة سبياكر، والصفقات الفاسدة، وإختفاء (271) مليار دولار وغيرها من ملفات الفساد المتعلقة بعهده الأغبر؟
هل عزف النشيد الوطني اكثر فسادا من بقية الملفات ويستدعي فتح تحقيق؟
من العجائب ان المالكي إستنكر الرقص الذي صاحب الفعالية، لكن في الحقيقة لم تكن هناك اي فعالية راقصة في المناسبة، هل عمي المالكي، ام هي رؤية شيطانية أوحاها له ابليس؟ تابع الفعاليات وستجد انه لا يوجد اي رقص، المالكي كذاب، بل أكبر كذاب.
الطريف في الأمر انه بعد تصاعد الموقف العراقي المؤيد للمطربة اللبنانية، سارع حزب الدعوة لسحب البيان، وتوقفت فضائية المالكي (إشراق) عن الحديث في هذا الموضوع.
السؤال المهم: اليس المالكي كان حاضرا وصفق للمطربة اللبنانية (مادلين مطر)، بل كان الراعي للحفل الذي إفتتحه في مقر نقابة الصحفيين؟ وكلنا شاهد الملابس العارية التي إردتها الفنانة اللبنانية، لكن لم نسمع صوت للمالكي، بل كان ينظر نظرة مريبة للمطربة الجميلة.
5. موقف محافظ كربلاء
كلنا شاهد فرحة محافظة كربلاء (نصيف جاسم الخطابي) بنجاح الحفل وهذه من حقه، وفي خطاب الإفتتاح للسيد (أحمد رياض) الذي صاحب عزف النشيد الوطني، كان المحافظ منتشيا جدا، وبدأ يصفق مبتهجا.
العجيب انه هذا المحافظ المنافق، اصدر بيانا جاء فيه " ان محافظ كربلاء المقدسة يستنكر بعض الفقرات التي صاحبت الحفل لقدسية المدينة". أي نفاق هذا؟
الا يخجلوا هؤلاء من أنفسهم؟ هل بقيت لهم ذرة من الكرامة الشخصية، بل أن مُحيت عنهم الكرامة الوطنية؟
6. موقف الوقف الشيعي
لم يكن موقف الوقف الشيعي مستغربا، فهذا الوقف مبتلى وغارق في الفساد، فرئيس الوقف (علاء الموسوي) نفسه فاسدا، ولا يمتلك شهادة دراسية، بل إن شهادته الإعداداية مزورة، ورفضت وزارة التربية أن تعترف بها، وقام سلفه شبر بالإستيلاء على جامعة البكر للدراسات العسكرية وجعلها جامعة شيعية، بإسم (جامعة الإمام الكاظم)، وعندما سأله نوري المالكي كيف يفتتح ويترأس جامعة وليست معه شهادة إعدادية؟ اجابه: اليس حب الحسين يعادل شهادة الدكتوراة؟ فأجاب المالكي: نعم يعادل! وهذا الموسوي بدرجة وزير، وسبق أن عُين رئيسا للجامعة المذكورة دون أن يمتلك شهادة علمية، بل شهادة حوزوية غير معترف بها. بهذه العقلية يحكمون العراق.
سبق للجنة النزاهة في البرلمان أن احالت اكثر من عشرة ملفات فساد مالي وإداري الى هيئة النزاهة تخص رئيس الوقف الشيعي علاء الموسوي، منها إلزعم بإقامة إحتفالات مذهبية مثل حفل ولادة الحسن بن علي حيث أنفق الملايين من الدولارات، وتبين ان الحفل المذكور كان وهميا ولا صحة له.
اليس من الأجدر ان يخجل هذا الدعي من نفسه، وأن لا يرفع الغطاء عن فساده؟
كلمة أخيرة للعازفة اللبنانية المبدعة والمتألقة
كنت اروع ما في حفل، ولامست مشاعر العراقيين بكل رفق وحنان، تناغمت بسياق جميل مع مشاعرهم، وتركت أثرا طيبا في نفوس الجميع، ماعدا شلة من المنافقين والمتاجرين بالدين، انك تشرفين جميع الساسة العراقيين والمعممين المبتلين بالفساد، لقد كنت ايقونة للروعة والإبداع، فهنيئا لك محبة العراقيين.
وسوم: العدد 836