إذا لم يكن هؤلاء خوَنة .. فما هُم ؟
الحاكم الذي يبيع بلاده وشعبه ، بكرسيّ حُكم : ماذا يسمّى؟ وكيف يصنّف: وطنياً ، ودينياً، وخُلقياً ، واجتماعياً ، وسياسياً ؟ وبأيّة لغة ، يحاول مخادعة الناس ، في بلاده ، وخارجها ؟ بل بأيّة لغة ، يحاول خداع نفسه ، ليقنعها ، بأنه يفعل الصواب ؟ الحجج كثيرة ، والذرائع شتّى ، لكن ، أيّة حجّة ، أو ذريعة ، قادرةٌ على طيّ القيَم ، كلّها، تحت جناحها ، والتغطية عليها ، ليبدو الحاكم الفذّ: رجلاً فاضلاً، أو مخلوقاً سويّاً، أو ماشاء له تفكيره ، من صفات: الرجولة ، والإنسانية ، والأنفة ، والإباء؟
السياسي الذي يبيع مبادئه ، وأهداف حزبه ، بمنصب : هل يختلف هذا النموذج ، من الساسة، عن ذلك النموذج ، المذكور أعلاه ، من الحكّام ؟ أجل ! لكن الاختلاف ، قد يكون في المساحة، التي ائتمنه الناس عليها ! فالحاكم مؤتمَن ، على وطن وشعب ، وهذا السياسي مؤتمن ، على حزب فيه مئات الناس ، ومؤتمن على أهداف ومبادئ ، وطموحات جميلة ، أو نبيلة ، يحملها أفراد الحزب ! أمّا الخيانة ، ذاتها ، فهي هي ، لاتتغيّر: اسماً ، ولا صفة ، ولا قيمة خلقية ، أو اجتماعية ، أو سياسية..!
المقاتل الذي يبيع بندقيته لعدوّه ، بدراهم معدودة : والخيانة ، هنا ، كذلك ، هي الخيانة ، لكنها ملوّثة بالدماء ؛ دماء الأصحاب ورفاق السلاح ، الذين ائتمَنوا هذا المقاتل ، على : بيوتهم ، وأعراضهم ، وأو طانهم ، وأهدافهم ..!
المفكّر الذي يبيع عقله ، بمتاع قليل : أمّا المفكّر، الذي يحمل صفة مفكّر، أو يزعم أنه يحملها؛ فالأمر فيه ، مختلف عمّن سبقه ! لأن هاهنا عقلاً ، يفكّر بعمق - بحسب الأصل - ويتبحّر في معاني الأمور، و يستشرف نتائجها ، ويدرك مآلاتها ! وقد ائتمنه بعض الناس ، على عقولهم ، بصفته يفكّر لهم ، أو عنهم ، بشكل أعمق من تفكيرهم ، وأسلم ، وأنضج !
المفتي الذي يبيع دينه ، بعرَض من الدنيا : أمّا هذا النوع من المفتين ، الذي ابتليت به أمّة الإسلام ، خاصّة ، فهو بلاء حقيقي مدمّر! إنه يصدر فتاواه ، باسم الدين ، مستشهداً عليها، بكلام ربّ العالمين ، وحديث سيّد المرسلين ، لكنه يحرّفها، ويوظّفها محرّفة ، لخدمة مجرمين، قتلة للناس ، سارقين لأموالهم ، هاتكين لأعراضهم ، مدمّرين لأوطانهم !
الليبرالي الذي يتنازل ، عن شعار الحرّية ، لينتقم من خصمه الفكري ، أو السياسي: ومدّعي الحرّية هذا ، الذي يسمّي نفسه : ليبرالياً ، خائن بمقياس العقل والخلق ، وبالمقاييس : الوطنية والاجتماعية ، والفكرية البحتة !
وسوم: العدد 839