الإصلاح : بين الجدّية والصدق .. وبين المُماطلة والتسويف والخداع !
قال تعالى ، على لسان نبيّه شُعَيب :( إن أريدُ إلاّ الإصلاحَ ما استطعتُ ..)!
وكان عمل شعيب ، عليه السلام ، إصلاح عقيدة قومه ، الذين كانوا يعبدون الشجر(الأيك)، وإصلاح أخلاقهم، في التعامل مع الناس؛ إذ كانوا يّبخسون الناس حقوقهم، في الكيل والميزان!
والآية الكريمة ، المذكورة أعلاه ، هي شعارٌ، لكثير من العاملين ، في الساحة ، اليوم !
فما أصنافُ هؤلاء العاملين ؟
صنف : يريد الإصلاح ، حقيقةً ، ويَعرف سبيل الإصلاح ، في المجال الذي يدعو إليه.. ويعمل عملاً يؤيّد كلامه !
وصنف: يريد الإصلاح ، حقيقةً ، ولكنه لايعرف السبيل إليه ، في المجال الذي يدعو إليه !
وصنف : لا يعرف مايريد ، ولا يفهم معنى الإصلاح ، ولا يعرف الأمر المراد إصلاحه .. إنّما يردّد أقوال الآخرين ، كالببغاء ، لأسباب مختلفة : إمّا لأنه مستأجَر، لهذا الأمر.. وإمّا لأنه ، يريد إثبات أنه موجود ، في الساحة ، مع غيره ، ولا يحبّ أن يَظهر بمظهر الجاهل ، أو العازف عمّا يطالب به الآخرون !
وصنف : يرفع شعار الإصلاح ، للخداع ، دون أن يفكّر، بالعمل على تحقيقه !
أنواع الإصلاح كثيرة !
اجتماعي: ويتعلّق بالتربية والأخلاق .. والقوانين والأعراف ، المنظّمة لحياة المجتمعات وشؤونها، ومنها القوانين المنظّمة لشؤون الأسرة ، من : زواج وطلاق ، وميراث وحضانة ، وحقوق زوجيةـ، ونحو ذلك !
سياسي : والإصلاح السياسي ، من أعقد أنواع الإصلاح ، وأكثرها غموضاً ؛ لأن كل فريق سياسي ، يرى الإصلاح ، من زاوية تختلف ، عن الزوايا ، التي يرى منها الآخرون الإصلاح! وكثير من الحكّام المستبدّين ، يَعِدون شعوبهم ، المطالبة بالإصلاح السياسي ، وعوداً غامضة مطّاطة! وحين يقرّرون شيئاً، من الإصلاح السياسي، يقدّمون إصلاحاً شكلياً،لا يمسّ سيادتهم، أو الكراسي التي يجلسون عليها ! وإذا طُولبوا بإصلاحات حقيقية ، تمسّ كراسيّهم، تعلّلوا، وماطَلوا ، واعتقلوا بعض المطالبين ، بهذه الإصلاحات ، تحت حجج مختلفة ، وذرائع ملفّقة ، ووعدوا شعوبهم ، من جديد ، بالنظر في مطالبها ! وكلّ ذلك تمارسه الحكومات ، كسباً للوقت، ولدراسة أحوال المطالبين بالإصلاح، ومعرفة أفضل السبل، للتعامل معهم، بحنكة ودهاء!
اقتصادي: والإصلاح الاقتصادي، هو الأكثر من غيره، من حيث المطالبة به، والسعي إليه.. ومن حيث وعود الحكومات ، بتطبيقه ، على الفور، أو بالتدريج ؛ على المدى المتطاول ! وبقدر ضغط الشعوب ، على حكّامها ، في مسائل الإصلاح الاقتصادي ، تُكثر الحكومات ، من وعودها ، وقد تُغيّر بعض وزرائها ؛ ذرّاً للرماد في العيون ، وكسباً للوقت ، ومراهنة عليه؛ لصرف نظر الشعوب ، عن بعض مطالبها ! وقد تختلق الحكومات ، أزمات معيّنة ، تنسي الشعوب ، الأزمات الاقتصادية الخانقة !
وسوم: العدد 841