هل تحرك استغاثة معتقلات مصريات المياه الراكدة بملفهن ؟
تؤكد التقارير أن شهري حزيران وتموز الماضيين شهدا اعتقال أكثر من 20 فتاة
دعا حقوقيون وأهالي معتقلات مصريات، لتحركات رسمية داخلية وخارجية لإنهاء معاناة أكثر من 120 سيدة وفتاة معتقلات بسجون نظام السيسي، من بينهن 30 فتاة وسيدة تم اعتقالهن منذ بداية العام الجاري، وتعرضن للإخفاء القسري لمدد مختلفة، قبل عرضهن على النيابات المختصة.
وأكد الذين تحدثوا لـ "عربي21" أن الرسالة التي خرجت منذ أيام عن عدد من المعتقلات بسجن القناطر، "تطلق استغاثة لكل الشرفاء والمعنيين بحقوق الإنسان والمرأة، من أجل إنهاء معاناة المعتقلات بسجون السيسي"، مطالبين بخروج المرأة من الحسابات السياسية التي ينفذها النظام العسكري ضد معارضيه.
وكان عدد من المعتقلات بسجن القناطر للنساء، وجهن رسالة للمعنيين بالشأن المصري لإنهاء معاناتهن الإنسانية، نتيجة حبسهن وبُعدهن عن ذويهن وأبنائهن، مؤكدات أن الأوضاع التي يعشن فيها بالسجن تجاوزت قدرتهن على الصبر والتحمل، وأن ما يحدث لهن من إهانات وتنكيل وتعرض بعضهن للتعذيب، قد فاق كل الحدود.
وفي الإطار نفسه بدأت عائشة خيرت الشاطر إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أسبوعين، اعتراضا على منعها من الزيارة ورؤية أهلها وأبنائها ووضعها بالحبس الانفرادي منذ اعتقالها قبل عام، كما دعت الصحفية آية علاء حسني في أثناء جلسة تجديد التحقيقات معها بنيابة أمن الدولة، بإطلاق سراحها لتتمكن من رعاية ابنتيها في أثناء الدراسة، في ظل وجود زوجها الصحفي حسن القباني، رهن الإجراءات الاحترازية منذ إطلاق سراحه قبل عامين.
وتشير تقارير لحركة "نساء ضد الانقلاب" أن بالسجون المصرية أكثر من 120 معتقلة، من بينهن حاصلات على أحكام بالسجن تجاوزت 1388 سنة و 9 أشهر، بالإضافة لثلاثة محكوم عليهن بالإعدام، بالإضافة لمقتل 309 سيدة وفتاة، على يد الأمن المصري منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 وحتى الآن، وتعرض 3000 سيدة وفتاة للاعتقال لمدد مختلفة خلال الفترة نفسها.
وتؤكد التقارير أن شهري حزيران/ يوليو وتموز/ يونيو الماضيين، شهدا اعتقال أكثر من 20 فتاة، من بينهن الطالبة بالصف الأول الثانوي آلاء ياسر فاروق، التي تم اعتقالها بصحبة والدها دون أسباب أو إجراءات قانونية، بالإضافة للطالبة بالمرحلة الثانوية مودة أسامة العقباوي، التي اعتقلتها قوات الأمن كرهينة لحين تسليم والدها لنفسه ضمن قضية خلية الأمل، إلا أنه بعد أن قام العقباوي بتسليم نفسه، اعتقلوه مع ابنته بالقضية نفسها.
وفي الفترة نفسها اعتقل الأمن الطالبة لؤيا صبري، وتقوى عبد الناصر، ورانيا عبد الفتاح، والصحفية آية علاء حسني، بالإضافة لـ10 مختفيات قسريا ظهرن بنيابة أمن الدولة العليا، وهن: علا يوسف، ونسمة جمعة، وريم دسوقي، ورحاب عبد العليم، ومروة عبد الحكيم ، ومنار أحمد مصطفى، وسامية كمال، وهند صلاح، وسمر عبد الراضي، وعلا جمال.
"وضع مأساوي"
وفي حديثها لـ "عربي21" تؤكد السيدة ابتهال محمد، والدة المعتقلة آية أشرف، أن رسالة الاستغاثة التي أرسلتها المعتقلات يجب أن تصل لكل من له قلب، لأنها رسالة كتبها أصحابها بكثير من الألم، وتكشف الوضع السيئ الذي وصلن إليه في السجون.
وتشير والدة آية أشرف إلى أن من بين المعتقلات من يتم علاجها نفسيا، ومنهن من حاولت الانتحار، ومن بينهن من تنهار مع كل صباح عندما تتذكر أهلها وأبناءها، وخاصة في مواسم مثل الأعياد والمدارس، بالإضافة لمن وقف مستقبلهن الدراسي والأسري نتيجة اعتقالهن.
ودعت السيدة ابتهال بالبحث عن سبيل لخروج هؤلاء الفتيات حتى يتم إنقاذ ما تبقى من أرواحهن ونفوسهن السليمة، سواء كن فتيات أو سيدات كبيرات، وسواء كن رهن التحقيق، أو حصلن على أحكام بالسجن، نتيجة الاتهامات الملفقة لهن.
اقرأ أيضا: مطالبات بوقف الممارسات الانتقامية بحق المنظمات الحقوقية بمصر
"مؤشر سلبي"
من جانبه يؤكد رئيس اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة مختار العشري لـ"عربي21" أن زيادة معدلات اعتقال السيدات والفتيات في الفترة الأخيرة، مؤشر سلبي لخطوات النظام العسكري فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، وهو ما يمثل رسالة بأن السيسي منح الضوء الأخضر للأجهزة الأمنية، بتوسيع دوائر اعتقال الفتيات والنساء، في إطار سياسة التخويف والإرهاب التي يمارسها ضد خصومه السياسيين.
ويوضح العشري أن المعتقلات بسجون السيسي لسن بحاجة لإطلاق صرخة استغاثة، ليعرف العالم ما يتعرضن له من انتهاكات مستمرة، تبدأ بالإخفاء القسري والتعذيب، ثم السجن بتهم وهمية، مشيرا إلى أنه وفقا لشهادات أهالي المعتقلات، فإن التسكين بسجن القناطر الخاص بالنساء، زادت خلال الأسابيع الماضية بنسبة 30%، ما يعني أن هناك زيادة مستمرة في أعداد المعتقلات.
ووفق العشري، فإن تخاذل المجتمع الدولي حول ما تتعرض له المعتقلات ليس مبررا للصمت أو اليأس من رافضي الانقلاب لحلحلة هذا الملف، خاصة أن السبب في اعتقال معظم الفتيات مؤخرا، كان لكتاباتهن على وسائل التواصل الاجتماعي واعتراضهن على الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تعيش فيه مصر.
ويضيف الخبير القانوني قائلا: "يجب على العقلاء داخل المجتمع المصري، والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان وحقوق المرأة، أن يستغلوا استغاثات المعتقلات لحل مشكلتهن وإنهاء اعتقالهن، كمقدمة لحل ملف المعتقلين السياسيين بشكل عام، في ظل الكوارث التي ينتظرها هذا الملف نتيجة تردي الأوضاع الصحية والمعيشية للمعتقلين داخل السجون".
وسوم: العدد 842