ثورة الكرامة العراقية - لطرد الخونة واستعادة السيادة
ينطلق الشعب العراقي اليوم 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 في تظاهرة عارمة في عموم العراق لطرد الخونة والفاسدين، ورفع والظلم واستعادة السيادة العراقية، وهناك اختلافات جوهرية هذه المرّة عن سابقاتها من الاحتجاجات، فإن ما يميّز هذه المظاهرات الحاليّة أنها انطلقت دون أي مقدّمات أو مؤشرات، مُعلنةً عن سقوط (المُقدس)، حيث تشكّل الفئات العمرية الفتيّة نواة هذا الحراك، فغالبيتهم من الشباب عكس المظاهرات الماضية ومن دون رعاية من جهات معروفة حزبية أو غير حزبية.
إن الشباب يرون أن فساد الطبقة السياسية والفساد البنيوي عمومًا يؤدي إلى حرمانهم من حق المشاركة في الريع الذي يستحوذ عليه المتسلطون، لافتًا إلى أن مطلبهم الرئيس هو إسقاط النظام، ورفع الوصاية الإيرانية.
لقد طرأت متغيرات جديدة على الجماعات الموالية لإيران والذين يقلدون الولي الفقيه ومرجعيتهم خامنئي في العراق وعالمنا العربي، والموجة قد تتمدّد وتنتقل من العراق إلى لبنان وغداً بإذن الله إلى سوريا، واليمن.
ولأول مرة فإن هذا الشعب الذي كان مطيعًا لمرجعياته الإيرانية يثور عليها بجرأة غير مسبوقة، وهذا هو الجديد، فإيران لم تعد قادرة على قيادة هذا الشارع بالخطاب الديني وحده، لأن الأحزاب السياسية الموالية لإيران تسبّبت بخراب العراق، وقامت بسرقة أموال الشعب، وأهانت العراقيين، وسلبت الإرادة الوطنية فتسلطت على العراق لصالح المشروع الإيراني، فإيران مضطرة اليوم أن تُنزل قناصيها وتبثهم في الشوارع لمواجهة مريديها بالأمس الذين ثاروا اليوم ضدّها في العراق، وقد تستخدم ضد الشعب لبناني الثائر الأساليب نفسها. فهذا التحول لم يكن في حسبان إيران أبداً، وإنّ ما رفعه المتظاهرون في لبنان لفت نظري لتطابقه مع آراء لعراقيين في الانتفاضة العراقية الأخيرة، وهذا يدل على سقوط (المقدّس) عند الشعب العراقي، واللبناني، فلا مقدّس إلا الله والعراق، وإن الهيبة الإيرانية قد انكسرت في مواجهة وكلائها، وبالمقابل بدأ وكلاء إيران بالصياح مدافعين عن مكتسباتهم ويدعون مريديهم للموت جوعاً من أجلهم.
فالعراقيون ثاروا على عقود من الضياع عاشتها البلاد بعد الغزو الأمريكي الهمجي للعراق في مارس ٢٠٠٣م، وثاروا على أنفسهم لأنهم جميعًا ساهموا بما وصل إليه العراق. فبعضهم ساهم بصمته ومجاراته للأخطاء، والبعض الآخر ساعد بتبعيته وعمالته، سواء كان لإيران أو للولايات المتحدة أو لجهات داخلية متطرّفة. فقد ملّ العراقيون الوعود الكاذبة وسئموا المبررات المختلقة. وأدركوا أن السياسيين وقبلهم رجال الدين يستغلونهم أبشع استغلال. وأيقنوا أنهم تنازلوا عن كل ما يستحق في حياتهم لأجل من لا يستحق.
فتظاهرات الأسبوع الماضي تبعث برسالة واضحة لإيران والمسؤولين العراقيين المتحالفين معها، بأن حلّ المشكلة ينبغي أن يبدأ بتغيير الثقافة السياسية السائدة من التبعية إلى الاستقلالية وإعادة السيادة الوطنية، وثورة تشرين فضحت فساد رجال الدين وكيف بنوا ثرواتهم على حساب مصالح الشعب؟!! وكشفت دجل الحكومة وكذبها فمن يصدق بهما بعد اليوم فهو أحمق قطعاً.
وهناك سبب مهم، يكمن في التغيير الجذري في عقول الشباب الثائر، فقد نضجت معه قناعة راسخة بإسقاط (المقدّس) الذي كان يقودهم وفقا لأجنداته، وغيبياته، ونزواته... وقد أعلنوا فك هذا الارتباط المقدس صراحة... وبالتالي فك الارتباط مع كلّ الذين لم يقفوا معهم، في ساعة العُسرة / يوم جُرفت بيوتهم الواهية، وسُحقت "بسطاتهم" البالية... وما من معين، ولا من منقذ أمين!!
لم يخرج الفتية هذه المرة للمطالبة بالخدمات... بل خرجوا لتغيير بِنية النظام وتفكيكه، وتشكيل حكومة جديدة باستفتاء مباشر من الشعب لخدمة عراق الحضارة والتاريخ.
وليعلموا أن الشعب العراقي لربما ينام لكنه لن يموت، وقد يسكت ولكنه لا يخرس، وأنه إذا نهض فكالسيل العارم لا يبقي ولا يذر، واحذروا ثورة الحليم إذا غضب!!!
فثورة تشرين ليست حدثا عارضا، وإنما هي ثورة مستمرّة لن تقف إلا عند تحقيق أهدافها، وفي مقدمتها إعادة العراق إلى العراقيين، فأديموا الزخم الثوري.
ثار الشباب العراقي ثورته العارمة لأن بلده المعطي تحوّل إلى بلد يستعطي بفعل الفاسدين، وثورته لن تهدأ إلا بانتزاع الوطن من يد الغرباء.
ثورة تشرين فضحت -بنحو لا مواربة فيه- حقيقة الديمقراطية الشكلية التي فرضت على العراقيين فقتلتهم واعتقلتهم وسلبت ثرواتهم وأجاعتهم وأذلتهم وسلبت سيادتهم...
ولتستمرّ الثورة حتى تحقق كل التمنيات الطيبة للشعب العراقي بحياة لائقة ومحترمة وآدمية يستحقها لأنه صاحب تاريخ وحضارة عريقة.
ظنّوا بأنْ تثني العراقَ حرابُ خابوا وأحلامُ الطغاةِ سرابُ
هذا العراقُ مسوَّرٌ بهدى الألى زَحَمَتْ لهُمْ أفقَ السَّحابِ قبابُ
فالعازمونَ على التحدّي فتيةٌ والقابضونَ على الجراحِ شبابُ
همْ فتيةٌ قدْ آمنوا فاستبسلوا والموتُ للمستبسلينَ ركابُ
بَهَرَ الرصاصَ عنادُهُمْ، وصمودُهُمْ عَجَبٌ بساحاتِ الحياةِ عُجَابُ
لله دركم يا شباب قادة المستقبل لتستمر الثورة حتى يتحقق النصر بأذن الله في إزاحة الفاسدين والمتسولين وطرد الغرباء.
لله دركم يا من اخرست أصواتكم أفواه البنادق.
كونوا واثقين من نصر الله.
وما النصر إلا صبر ساعة. ولا نامت أعين الجبناء.
وسوم: العدد 848