رد القاضي فؤاد بكر على الاتحاد الدولي للمحامين والحقوقيين اليهود في الجنائية الدولية
نشر موقع المحكمة الجنائية الدولية في 17 اذار 2020 رد الاتحاد الدولي للحقوقيين والمحامين اليهود على تقرير المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بعد ان قدم القاضي فؤاد بكر ملاحظاته الى مكتبي المدعي العام والغرفة التميهدية في المحكمة، من الملاحظ ان الرد جاء خارج المهلة القانونية لتقديم الملاحظات، وبالتالي يعتبر غير قانوني ولا يجب نشره على موقع المحكمة الجنائية الدولية، وبناء على ذلك قام القاضي فؤاد بكر بمراسلة المحكمة منتظرا الجواب القانوني على ذلك.
اشار تقرير الاتحاد الدولي للحقوقيين والمحامين اليهود ان القانون الدولي الخاص مختلف باعتبار فلسطين دولة، وان هناك شكوك بشأن انضمام فلسطين الصحيح الى نظام روما الاساسي، وقد طلب من المعنيين تقييم انضمام فلسطين الى نظام روما الاساسي بموجب القانون الدولي العام، كما اعتبر ان هناك شكوك ايضاً بشأن عواقب انضمام الفلسطينيين حتى لو كانت لصالحهم، وقد صرح الاتحاد انه لا يوجد ارض فلسطينية تمتلك دولة فلسطين الولاية والسلطة الحصرية العامة عليها، حيث اشار ان اتفاقية اوسلو ليست اتفاقية خاصة كما تتداولها اتفاقية جنيف الرابعة.
رفض الاتحاد الاقرار بما قد اكدته المدعية العامة فاتو بنسودة ان فلسطين هي دولة لاغراض المادة 12(2) من نظام روما الاساسي، نافياً اعتبار فلسطين دولة في القانون الدولي العام، مشيرا الى ان الدولة الفلسطينية ليست لها القدرة على الانضمام بشكل سليم الى نظام روما الاساسي، فعندما يمارس الامين العام للامم المتحدة وظيفة ادارية بحتة بصفته وديع صكوك الانضمام، اشار الى ان بعض المناطق في العالم لم يتضح وضعها الى الان، وقد اعتبر الاتحاد انه لابد من الامين العام تزويد المحكمة بكامل قائمة الدول الواردة في الجمعية العام للامم المتحدة، وعليه يرى انه بما ان المدعية العامة اعتمدت على قرار الجمعية العامة كمصدر للشرعية فهذا يثبت كما اشار الاتحاد الى انه لم يقم الامين العام عملياً اجراءاته.
اكد الاتحاد الدولي للحقوقيين والمحامين اليهود ان دولة مراقب لا تنبع من ميثاق الامم المتحدة وتشكل ابتكارا للجمعية العامة للتعامل والتعاطي الاداري للكيانات، اذ ان 24 دولة من اصل 138 دولة صوتت لصالح القرار، اي بنسبة 20% من 138 دولة لا يعترفون بأن فلسطين دولة مثل فرنسا والنمسا ونيوزيلندا...، اذ اشار الاتحاد ان مكتب المدعي العام لم يتخذ اي اجراءات للتأكد من صحة الوثيقة واعتبر ان المستند المتعلق باعتماد فلسطين دولة سرياً، ويجب التأكد منه واعلانه.
زعم الاتحاد على ان هدف عملية اوسلو هو لتحقيق الوضع الدائم بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبسبب فشل الطرفان اتى الاتفاق المؤقت، وعندما ذكر الاتحاد بعض القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن مثل 2334 اعتبره انه مفتوحا امام مسألة الوضع النهائي، وقد اشار الى تجاهل مكتب المدعي العام القرار 242 اذ اعتبر المصاغون انسحاب اسرائيل من بعض الاقاليم وليس كلها ولم يندرج هذا القرار تحت الفصل السابع، كما اعتبر ان المدعي العام تجاهل الملحق الرابع للاتفاقية المرحلية في المادة الاولى (2/ب) التي تنص على ان اسرائيل لها الولاية الجنائية الوحيدة التي ارتكبها الاسرائيليون في "أ" و "ب".
رداً على التقرير الذي قدمه الاتحاد يرد القاضي فؤاد بكر عليه مع الرغم من عدم اهليته القانونية كونه تخطى الوقت اللازم، ويشير الى انه لا يجوز الشكوك بمصداقية محكمة دولية او اعتبارها مسيسة لكونها منبثقة من الامم المتحدة ومطبقة لقرارات الشرعية الدولية، ومن المعيب من "دولة" احتلال ان تنال من سمعة المحكمة، كل هذه الحجج الوهمية التي يتكلم عنها الاتحاد ما هي الا سراب للتشويش وتضليل الحقائق، اما بالنسبة لقولهم ان هناك شكوك حول عواقب انضمام الفلسطينيين الى نظام روما ولو كانت لصالحهم، فهذا ليس سوى اعتراف ضمني وغير مباشر بأهلية دولة فلسطين، والتخوف من ربح القضية ودليل على صحة الاجراءات التي قدمتها الدولة الفلسطينية وليس كما يزعمون، وبما ان اتفاقية جنيف الرابعة تعتبر ان اوسلو اتفاق خاص فهو اتفاق خاص لانه يشكل عرفاً دولياً ولا مجال للطعن به، وبالتالي لا يعاقب الفلسطينيون اذا لم ترفع "اسرائيل" دعوى عليهم لارتكابهم جرائم حرب كما يزعمون، لان اسرائيل ليست موقعة على نظام روما الاساسي ولا تجرؤ على توقيعه، وان طالت بعض القوى المسلحة الفلسطينية في غزة فهو ليس الا نضالاً للتخلص من الاحتلال، ونضال الشعوب للتخلص من الاحتلال امر يكفله ويشرعه القانون الدولي والقرارات الدولية.
شاءت اسرائيل او ابت، فإن فلسطين دولة مادام هناك شعب وارض وسلطة، وهذا حق طبيعي يكفله القانون الدولي العام ويؤكده بدءاً من حق الشعوب بتقرير المصير، ولم يقصد الامين العام للامم المتحدة بكلامه فلسطين حين قال ان بعض الكيانات لم يتضح وضعها الى الان، لأن فلسطين لها صفة دولة في الامم المتحدة ولم تكن كاملة العضوية بالدليل ان هناك كيانات اخرى الى اليوم لم تحصل على صفة دولة في الامم المتحدة، ثم من العجب ان "الدولة" التي لا تحترم القانون الدولي بتطبيقاته اصبحت تتكلم بالقانون الدولي وكأنها مطبقة له، وترفضه اعتبارا من القرار 194 الذي ينص على عودة اللاجئين وتعويضاتهم، اذ ان اغلب فقهاء القانون الدولي يعتبر ان المستوطنات الاسرائيلية هي اراض محتلة، وتشكل جريمة حرب كونها نقلت المدنيين بشكل مباشر او غير مباشر، اذ من الملاحظ ان تقرير الاتحاد لم يأت بذكر نقل المدنيين نهائياً.
فيما يخص الاتفاق المؤقت الذي يحتج به الاتحاد باعتبار ان اسرائيل هي " الدولة الوحيدة" التي تنظر بالجرائم، فإن اسرائيل لم تنظر بجرائم قاداتها الذين ارتكبوا المجازر وجرائم الحرب، وبالتالي فمن الطبيعي ان يلتجئ الفلسطينيون الى المحكمة الجنائية الدولية، ثم ان ما قدمه الاتحاد في تقريره الذي يتألف من 33 صفحة هو خارج ما تطلبه المحكمة الجنائية الدولية شكلاً ومضمونا، اذ خرج عن المضمون، ولم تجب بشكل مباشر عن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الاقليمي، ولم يعتمد سوى على ضرب هيبة المحكمة وتشويه صورتها، وهذا دليل على هشاشة الموقف الاسرائيلي امام المحكمة الجنائية الدولية وتهرب بشكل علني من الجواب الذي يجب تقديمه.
وسوم: العدد 869