مثلبة التطبيع !!
انطلاقاً من الحرص على البعد العربي وأهميته في مسار القضية الفلسطينية ، وفي إطار العمل على حمايته وصيانته كعامل قوة واحد ، أهم مقوماتها وباعتبار فلسطين جزء أساسي من الأمة العربية والتي تربطها روابط عضوية من لغة ودين وعادات وتقاليد وآمال وتطلعات مشتركة ، حيث انتقل هذا الواقع من لاءات الخرطوم الثلاث إلى واقع بكل أسف يشوبه الكثير من الثغرات ومظاهر الخلل ومنها بالذات إقدام بعض الدول العربية على نسج العلاقات بكل اشكالها مع دولة الاحتلال (التطبيع) الذي مازالت تمارس كل أشكال القهر والإذلال والاحتلال والاستيطان والابرتهايد وترتكب المجازر اليومية وتمارس الانتهاكات يوميًا بحق الإنسان والشجر والحجر ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي وبقرارات الشرعية الدولية ، حيث ترى نفسها فوق القانون الدولي وفوق المساءلة والمحاسبة الدولية بدعم وشراكة من قبل الإدارة الأمريكية والتي تشكل حماية لها في كل المنظمات الدولية ، وانتقلت من مربع الانحياز الى مربع الشراكة التامة مع الاحتلال وتبني مواقفه بالكامل.
إن موضوع التطبيع والهرولة المتسارعة باتجاه الاحتلال وإقامة العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والإعلامية واللقاءات والزيارات والمؤتمرات واستضافة ( ورشة البحرين) في المنامة والتي تعد محور أساس من صفقة القرن (مشروع ترامب نتنياهو) لتصفية القضية والمشروع الوطني الفلسطيني وزيارة نتنياهو إلى عُمان ووزيرة الثقافة الإسرائيلية إلى الإمارات وتشكيل ناتو عربي وإسرائيل جزء أساسي منه ضد إيران ، واستضافة الإسرائيليين في الفضائيات العربية وغيرها والدعوات إلى التطبيع مثل هذه القضايا تشكل عوامل إضعاف وضرب للموقف الفلسطيني وتنكر لحقوق شعبنا صراحة وتهيئة لدولة الاحتلال لقبولها في المنطقة ، وتعزيزاً لروايتها المزيفة ، ويُعّد ذلك مساً بوحدة الموقف العربي وقممه ومقرراته ، والتي أكدت جميعها على الموقف الفلسطيني بكل معطياته ، وكذلك ضرباً للإجماع العربي وخروج عنه والذي اعتمد " مبادرة السلام العربية " في مؤتمر قمة بيروت عام 2002 التي أكدت على مبدأ أساس على عدم إقامة أية علاقات مع هذا الاحتلال إلا بعد إنهاء الاحتلال وتقرير المصير للشعب الفلسطيني على أرضه وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى بلادهم وديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها عام 48 وفق القرار الأممي 194 وكذلك يعد التطبيع ضربا لجهود ونشاط الـ BDS وإعاقة حركتها في مقاطعة دولة الاحتلال ومعاقبتها وسحب الاستثمارات منها والتي حققت انجازات كبيرة ومحترمة على هذا الصعيد.
إن المحاولات المحمومة من قبل دولة الاحتلال لإحداث اختراق في الواقع العربي يصب في اطار تسويق روايتها المزيفة وتثبيت وجودها كجزء من هذا الواقع تجسيداً لأهداف الحركة الصهيونية التي قامت من أجله دولة الكيان الغاصب في تفتيت وتجزئة الوضع العربي ومنع تطوره ونهوضه ووحدته والسيطرة على اقتصاده ونهب خيراته وثرواته وكل مقدراته باعتبارها كدولة احتلال ترعى وتحمى مصالح امريكا والغرب وقاعدة استعمارية متقدمة.
إن موضوع التطبيع يشكل تحدي كبير وجزء ليس سهلاً من المخاطر المحدقة بالمشروع الوطني ، من هنا أناشد الدول العربية بوقف سياسة الركض والهرولة في اقامة العلاقات مع الاحتلال الذي يمارس كل الموبقات والذي يعربد طيرانه ويخترق ويستبيح بشكل يومي الأجواء والسيادة العربية للاعتداء والمس بالعديد من الأهداف العربية ، مما يتطلب الوقوف بمسؤولية عربية وقومية عالية وتنفيذ لقرارات القمم العربية وانطلاقا من أن فلسطين جزء أساس من الامن القومي العربي وقضية العرب المركزية والعمل على الارتقاء بالموقف العربي إلى مستوى التحديات والمخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية من التكالب الأمريكي -الإسرائيلي لإنهائها وتصفيتها ، فالمواقف العربية تجاه القضية الفلسطينية ان تتسم بالوحدة والصلابة التي تدعم وتعزز الموقف الفلسطيني في مواجهة التحديات الكبيرة التي تنذر بعواقب كارثية على القضية الفلسطينية.
علينا أن نتوحد في مواجهة مثلبة التطبيع وقطع الطريق أمام كل المحاولات والمشاريع التي تسعى للخروج من تحت العباءة والهرولة نحو منزلق التطبيع .
وسوم: العدد 878