إسرائيل في الخليج: هانوكا وشبات… ومجرمون
في لقاء لصحيفة «صانداي تايمز» البريطانية قالت نائبة عمدة مدينة القدس، فلوير ناحوم، من فندق في مدينة دبي الإماراتية إن «نصف إسرائيل هنا» في تعبير عن ملاحظتها لعدد السياح الإسرائيليين الكبير الذين بدأوا بالتوارد على الإمارات بعد توقيعها اتفاق تطبيع مع إسرائيل، مستفيدين من عدم وجود قيود على الحجر الصحي، والأسعار السياحية المخفضة، وإمكانيات الترفيه والجو الحار.
تعددت أجواء الترحيب الإماراتية للإسرائيليين، وكذلك لليهود الراغبين في إظهار هويتهم من أنحاء العالم، كما هو حال الحاخام مارك شنير من نيويورك، واستطلعت الصحيفة آراء السياح الذين بدأوا بالتقييم الإيجابي لأشكال الاحتضان الإماراتية مقارنة حتى بمدن مشهورة بانفتاحها وتنوعها، حيث أقر بعض المستطلعين بأنهم يضطرون لإخفاء أزيائهم وتخفيض أصواتهم حين يكونون في مدن كباريس ولندن.
إضافة إلى اتفاقية «السلام» والاتفاقات الأمنية والسياحية والاقتصادية والرياضية، انطلقت مشاعر السعادة والفرح وتعددت أشكال تبادل خبرات الطرب والغناء والموسيقى والتضايف، والذي كان آخر فعالياته، كما نشر حساب «إسرائيل في الخليج» على موقع تويتر لقاء جمع إسرائيليين وإماراتيين وبحرينيين على وجبة عشاء، معلقا: «هكذا استقبل واحتفل ناشطون إسرائيليون وإماراتيون وبحرينيون وجبة الشبات (السبت) التقليدية. ما أجمل السلام».
وباستثناء التذمر من نقص في عدد مطاعم الكوشير (اللحم الحلال لأتباع الديانة اليهودية) فقد تمكنت المرافق السياحية والفنادق من تأمين أجواء يهودية، حيث احتفل الإسرائيليون بعيد هانوكا (الأنوار) وأشعلت شمعدانات المينورة في غرف الفنادق، ويبدو أن الترحيب لم يقتصر على السياح الإسرائيليين واليهود، فحسب قناة 12 العبرية، أن مجرمين إسرائيليين مطلوبين في قضايا قتل وتهريب مخدرات قد وجدوا في الإمارات ملجأ لهم، وأن بعضهم دخل في شراكات بالإمارات.
تظهر الأجندة السياسية «المستجدة» في الإمارات تطابقا الآن بين إسرائيل والديانة اليهودية، بعد أن درج في السياسات العربية، لزمن طويل، تفريق بين اليهود ومشروع الدولة الإسرائيلية. لقد تقاربت الرؤية السياسية إلى المنطقة العربية، والعالم عموما، بين سلطات البلدين باتجاه تحالف، وترى السلطات الإماراتية نفسها، ضمن هذه المعادلة، مستحقة لترفيع في مكانتها العسكرية والسياسية، التي استثمرت فيها وزنها الاقتصادي في الخليج والعالم، الذي يجمع بين فائضها المالي وحصتها الكبيرة من إنتاج النفط والاستثمارات العقارية والتجارية ومركزها الجغرافي.
تتماهى سلطات الإمارات، ضمن هذه المعادلة الجديدة، أكثر فأكثر مع إسرائيل، وهو ما يظهر في هذا الاندفاع الكبير لاحتضان كل ما هو إسرائيلي (ويهودي) وكذلك في اتخاذها وضعية الوسيط والكفيل العربي لاتفاقيات تطبيع عربية أخرى مع إسرائيل، وفي سعيها لشراء طائرات إف 35، وفي التشابك الأمني والسياسي المتزايد مع المشروع الإسرائيلي بشكل مبالغ فيه.
ربما يبدو غريبا الجمع بين صورة الاحتفالات بالهانوكا والشبات ورحلات المغنين الإسرائيليين والإماراتيين بالاتجاهين، مع صورة دخول مجرمين إسرائيليين في شراكات مع كفلاء إماراتيين، ولكنها ليست غير تعبير تبسيطي للعلاقة بين اتفاق «السلام» وطائرات إف 35، وحملات التسامح مع الإسرائيليين وتأمين الكوشير لهم، مع منع دخول مواطني 13 دولة إسلامية إلى الإمارات، أو تبني موقف إسرائيل ضد الفلسطينيين.
وسوم: العدد 907