لماذا يفشل الوسطاء في تحقيق تهدئة طويلة بين الفلسطينيين والاحتلال؟
ليست المرة الاولي ولا حتى العشرين التي يتدخل فيها الوسطاء لوقف التصعيد الإسرائيلي المجرم بحق الفلسطينيين في الضفة والقدس وغزة ,لم تتوقف المحاولات المصرية منذ العام 2008 حتي الان في التوسط بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال في غزة والضفة الغربية لهذا الغرض , محاولات متكررة تبدا دائما بكثافة اتصالات بجميع الأطراف واللاعبين الكبار بالإقليم تركز على لقاءات وجولات مباحثات لساعات وايام مطولة قد توصل لتهدئة لكنها دائما في الغالب تكون هشة , مصر ,بالأحرى المخابرات المصرية كانت وما زالت تبذل جهود جبارة لنزع فتيل التفجير بين الفلسطينيين والاحتلال وفي كل مرة كان نجاح هذه الجهود قصير المدي ولا يتعدى شهور قليلة ثم تحدث مواجهة دامية اما في غزة على شكل ضربات صاروخية إسرائيلية على مناطق متفرقة من القطاع يقابلها رد صاروخي من المقاومة الفلسطينية واحيانا كانت تستمر لأيام ثم ينجح الوسطاء العودة لاتفاق التهدئة الهشة مقابل التهدئة في غزة دون نزع عوامل التوتر في الجناح الاخر للجسد الجغرافي الفلسطيني . الضفة الغربية والقدس اليوم تشكلان اهم أسباب حدوث توتر شديد سيؤدي الي زلزال سياسي يهز المنطقة بسبب استهداف حكومة (نتنياهو بن غفير) الفاشية المتطرفة وخاصة القدس العاصمة التاريخية التي أصبحت تمثل بؤرة المواجهة الأولى في ظل محاولة هذه الحكومة الفاشية حسم قضيتها وعزلها عن دائرة الصراع كمقدمة لتحقيق مشروع الدولة القومية خالصة العرق اليهودي على الأرض الفلسطينية.
من جديد تشتعل القدس بعد تنفيذ الشهيد (عيسي قراقع ) عمليه دهس أدت لمقتل مستوطنين واصابة ستة اخرين ومن جديد يأتي رد فردي فلسطيني على اخر مذبحة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في اريحا ووقعت في ظل الجهود المصرية مع اطراف المعادلة الفلسطينية في غزة ,حماس والجهاد والتي قالت التقارير انها لم تفلح بالتوصل لتهدئة جديدة والزام دولة الاحتلال بوقف التصعيد العسكري والأمني والاستيطاني على مدن الضفة الغربية والقدس وهذا هو السبب الرئيس لعدم نجاح جهود الوسطاء المصرين لان حديث السيد (عباس كامل) مدير المخابرات المصرية مع (رونين بار) رئيس الشاباك ومحاولة إقناعه بوقف الحرب على القدس ووقف اقتحامات الضفة الغربية وارتكاب مجازر بشعة باءت بالفشل لرفض أجهزة الامن الإسرائيلية والشاباك ذلك . الامر يزداد صعوبة في وجه الوسطاء بسبب غياب دور امريكي حقيقي يفتت التعنت الإسرائيلي وإصرار حكومة نتنياهو المضي قدما نحو برنامج استعادة الهدوء في القدس والضفة الغربية بالدم والنار وبسبب استراتيجية نتنياهو لتحقيق السلام مع العرب بادعاء انه يريد ان ينهي الصراع العربي الإسرائيلي أولا ومن ثم يتفرغ للسلام مع الفلسطينيين وهو "السلام المعكوس "والمستحيل ان يتحقق او ينجح ويحقق الامن والاستقرار لان الامن والاستقرار يتحقق على قاعدة انهاء الاحتلال ووقف بحث حكومة نتنياهو عنه في المكان الخطاء وتجاهل إسرائيل استحقاقات سياسية للشعب الفلسطيني .
السبب الرئيس لفشل الوسطاء هي( إدارة بايدن) التي نعتبرها شريك للاحتلال وهي التي تمنح الاحتلال الضوء الأخضر لينفذ مجازر بشعة في المدن الفلسطينية على اعتقاد ان هذا يمكن ان يجبر الفلسطينيين في النهاية القبول بالمحتل الإسرائيلي كما ان الإدارة الامريكية ليس في استراتيجيتها استخدام الضغط المطلوب على دولة الاحتلال لإنجاح الجهود المصرية لأنها تكتفي باستخدام استراتيجية الحلول الأمنية فقط لوقف حالة الاشتباك بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال والتي جربتها الإدارة الامريكية دون ان تستطع نزع فتيل التفجير في القدس والضفة من خلال طرح مبادرة سلام حقيقية ينتهي على أساسها الاحتلال الإسرائيلي ويقر المجتمع الدولي بحق تقرير المصير للفلسطينيين بإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة ومعترف بها من كافة مكونات المنظومة الدولية . كل محاولات واشنطن عقيمة وبلا فائدة لا تستمر طويلا حتي لشهور لأنها محاولات في مجملها تركز على اخضاع الفلسطينيين للسياسة الاحتلالية واطلاق يد المحتل الإسرائيلي حرة لتنفيذ مشروعه الاستيطاني وفشلت هذه السياسة اكثر من خمس مرات منذ الانتفاضة الثانية وحتي اليوم , واليوم تحاول المخابرات الامريكية العودة لهذه الاستراتيجية بخطة تعتقد ان من خلالها ستساعد الأجهزة الأمنية الفلسطينية على فرض سيطرتها على شمال الضفة أولا والتي تشهد تمركز رجال المقاومة الفلسطينية , لا اعتقد ان تنجح أي خطط أمريكية امنية مع بقاء الحكومة اليمينية المتطرفة تستهدف القدس وتريد حسم قضيتها لصالحها وتشن حرب قذرة على كل ما هو فلسطيني وتقتحم المدن الفلسطينية والمخيمات وتعدم من تراه امامها من الشبان الفلسطينيين . يستحيل ان ينجح الوسطاء في ظل هذه الحرب المفتوحة بحق الفلسطينيين ويستحيل ان توقف حالة الدفاع عن النفس التي تشكلت من رجال المقاومة بتكوين خلايا وكتائب مسلحة لصد هذه الحرب لإيمانهم ان المحتل لا يكف حرابه المجنونة على الفلسطينيين الا اذا دفع ثمن مقابل كل عملية قتل وهدم واعتقال واعدام وتنكيل وهذا الذي يحدث الان بتفاصيله الدقيقة.
يفشل الوسطاء وخاصة مصر في التوصل مع الأطراف الفلسطينية ودولة الاحتلال لتهدئة طويلة بسبب عدم قدرة الوسطاء الزام الاحتلال بوقف التصعيد على أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وإمكانية تحييد قطاع غزة عن الرد على إجراءات الاحتلال بالضفة امر مستحيل خاصة ان الاحتلال الإسرائيلي ينفذ الان مخططات ممنهجة لتصفية الصراع مع الفلسطينيين بطريقة القوة ويركز علي المقدسيين باعتبار ان برنامج حكومة نتنياهو يسير باتجاه حسم قضية القدس وافراغها من مواطنيها الفلسطينيين بالتوازي مع مضاعفة الاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية بالضفة وفرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة وربطها بشبكة مواصلات أرضية سريعة وضم مناطق (ج) وغور الأردن الي السيادة الإسرائيلية . لو استطاعت مصر بمساعدة الولايات المتحدة نزع فتيل التصعيد ووقف هذه الحرب الفاشية على كل إمكانيات حل الصراع على أساس حل الدولتين وليس على أساس الامن أولا لدولة الاحتلال مقابل تسهيلات واقتصاد وازدهار وهمي لتوصلت للتهدئة المطلوبة ومهدت الطريق لمسار تفاوضي حقيقي يرتكز على أساس قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات حل الصراع واهمها مبادرة السلام العربية غير المعدلة.
وسوم: العدد 1019