تساؤلات حائرة ,,, تحت وطأة الزلزال
لا مزاجُ الكاتب المبعثر يعينه على الكتابة، ولا مزاجُ القارئ الغارق في الحزن يعينه على المتابعة...
أسئلة كثيرة حائرة على ألسنة السوريين، كل السوريين، ولاسيما الذين يعيشون في غبار الكارثة؛ لا يعلمون إلى من يوجهونها. السوري الخارج من تحت الأنقاض على ضفتي الزلزال، متلجلجا مضطربا مبهورا، لا يدري إلى من يوجه أسئلته، ومن هو المسؤول عما آل إليه وضعه؟؟ كثير من الناس دفنوا أحباءهم تحت الركام وهذا مؤلم وحزين، ولكن آخرين دفنوا أيضا تحويشة العمر التي كانوا يستعينون بها في غربتهم التي لا يعلمون كم تطول ..وهذا قد لا يكون أقل صعوبة...!!
عدد السوريين العالقين في فراغ هذا العالم، في مكان ما منه، ولا يكاد يغترف بهم أحد؛ يتجاوز تعداد عشرات الدول الأقل سكانا حول العالم. جل الضحايا من السوريين على جغرافيا الكارثة ظلوا في اللحظة الأقسى بلا عنوان.. لعله لا شيء يفسر مفهوم "ابن السبيل المنقطع به" كما يفغل حال السوريين اليوم.
تصوروا أن يكون ملايين البشر بلا عنوان، لا أحد يكاد يعترف عليهم أصلا ليشارك في إسعافهم.
هذه مأساة إنسانية مركبة وشديدة التغقيد. وأعتقد أن نتائجها ستفرض نفسها على أصحابها الذين سيظلون ينغمسون فيها يوما بعد يوم...
سؤال آخر ما زال عالقا منذ وقوع الزلزال:
هل كانت كارثة الزلزال حبلَ خلاص لبشار الأسد، الجواب على السؤال شديد التعقيد. وأقرب الكلام أنها كانت الذريعة لبعض الناس ليجعلوها كذلك، وليس بشار الأسد بتخلفه "النفسي" المعهود واحدا من هؤلاء. أي من هؤلاء الذين يتذرعون بالكارثة فيتعلقون بها طلبا للخلاص. وأبسط دليل وأقرب دليل مجزرة "بني خالد" التي ارتكبهتها ميليشيات الأسد الأفغانية جنوب شرق حمص منذ يومين...
كان الأسد، لو كان يريد أن يمتطي ظهر الكارثة ليجعل منها جبل خلاص، سيخرج على السوريين، ومن ثم على العالم أجمع، بحزمة من القرارات والقوانين تجعل من الكارثة جسرا لسورية جديدة . تقطع بينها وبين العشرية الحمراء التي تخوض فيها المجرمون بدماء الناس، وتشرّع الأبواب على المستويات الإنسانية والسياسة والاجتماعية والاقتصادية، لسورية جديدة حقيقة، لا مجرد عناوين...
"مجزرة بني خالد" بأكثر من خمسين شهيدا، منذ يومين، وبطلقة واحدة في الرأس، تذكر الناس بحفرة حي التضامن. هي تجذيف بعكس الاتجاه، تذكرون تحذيرات عصام زهر الدين لمن قد يفكروا بالعودة من السوريين، الكلمات نفسها تكررها المجزرة بلغة عملية: الذبح هو ما ينتظر العائدين...يقول علماء الأسد: إن "تنظيم الدولة الإرهابي" هو المسؤول، فإن كان الأمر كذلك، وإن كان تنظيم الدولة الإرهابي، ما زال قادرا على الضرب في قلب سورية، فأين الحديث عن الانتصار المزعوم؟؟؟؟
معادلة السوريين المستقبلية محشورة تحت لافتات دولية وإقليمية أقل ما في عناوينها "النبذ" و"الانقطاع " و "التضييق" و "الخذلان" و"الصد" و"الإنكار"
ربما لا أحد يعتب على راكب السفينة إن لم يكن يجيد قيادتها، ولكن كل العتب على الذي يأخذ مقعد الربان، في وسط الإعصار، ثم يظنه متكئا مريحا للنوم..
سيل المعلومات المستجدة المتدفقة على واقع السوريين يقتضي قرارات حكيمة ومدروسة وجريئة بحجم تلك المعلومات...
الحصول على المعلومات ليس لتكون نوعا من اللبان العربي الفاخر يا قوم...
وسوم: العدد 1020