يتألمون ولا يتعلمون .. ذلكم هم الإسرائيليون
يقبض الإسرائيليون المصعوقون من عمليات المقاومة الفلسطينية على رقاب بعضهم بعضا ، ويتراشقون سياسيين وعسكريين وأمنيين وإعلاميين بسهام الملامات والاتهامات عمن أوصلهم إلى حالهم هذه من الفشل والشلل في وجه تلك المقاومة التي قتلت منهم هذا العام 35 جنديا ومستوطنا . وكل فريق يبرئ نفسه ، ويلوم غيره . ثلاثة رؤوس كبيرة منهم لامت إيران ، هي نتنياهو وجالانت وزير الدفاع وإسحق هرتسوج مستشار الأمن القومي الذي كان أول من لام إيران ، فلحق به الاثنان الآخران ، أليس مستشارا يفهم الأمور فهما صحيحا و " مريحا " في هذا المأزق تحديدا ؟! وانتفض كثير من الإعلاميين الإسرائيليين غضبا واستياء من اتهام الثلاثة لإيران ، ليس حبا فيها ورغبة في تبرئتها ، بل ازدراء لتهرب الثلاثة خاصة نتنياهو وجالانت من مسئوليتهم عن كل ما يحدث في الضفة والقدس . ورمى رفيف دروري المحلل السياسي في " القناة ال13 " بالحقيقة في وجه متهمي إيران ، وهي أن الحكومة اليمينية الحالية وحدها مسئولة عما يحدث ، قال : " هذا يحدث في نوبتنا ، في ظل حكومة يمين كاملة ، وليس هناك من نتهمه ، فلنرمِ هذا على إيران ! " ، ووصف اتهام إيران ب " مخزٍ جدا " . ونصح تسفي يحزقيلي معلق الشئون العربية في القناة ذاتها الإسرائيليين ناهيا : " لا تبحثوا عن متهمين ! " يقصد بعيدا عن أنفسهم . ولن يصغي أحد ، وما كان أمس سيكون اليوم وغدا تجسيدا لسلوكٍ صاحبَ مسيرة احتلال إسرائيل للضفة والقدس وغزة ، وهو تجاهلها المطلق لحقيقة أنها تحارب شعبا في أرضه لا إرهابيين وعشاق عنف . كيف يكون شعب كامل إرهابيا وعاشق عنف ؟! وفي موازاة هذا الاتهام الذي يفضح غباء جماعيا متأصلا نادر الاستثناء ؛ تفجع هذا الشعب بكل ما تقدر عليه من قتل واعتقال ، وسرقة أرض وهدم بيوت ومدارس وبنى تحتية ، وحصار ، وتتوعد بطرده من وطنه تجديدا لما فعلته بالجزء الأ كبر منه في 1948.
الإسرائيليون يتألمون ولا يتعلمون مع أنهم دائما يرددون بعد كل صدمة مؤلمة أنهم سيأخذون منها العبرة ، وتضربهم صدمة لاحقة في ذات المسار تبين أنهم ما أخذوا عبرة ولا خبرة مما سبقها . وشاهد هذا الآن أنهم يفكرون في القيام بعمليات اغتيال على نطاق واسع في غزة ولبنان ، المقصود حزب الله ، لقادة يرون أنهم يحركون عمليات المقاومة في الضفة والقدس . هذا ما لمح إليه مراسل القناة " ال 12" الإسرائيلية . وبادرت المقاومة في غزة إلى اتخاذ إجراءات احتياطية مشددة لإفشال أي خطوة تقدم عليها إسرائيل في هذا المسار مدفوعة بنفسيتها المحبطة من كبر فشلها وعجزها في وقف تيار المقاومة في الضفة والقدس أو التقليل من عدد قتلاها في عملياته . وتهدد المقاومة في غزة بأنها ستوسع ردها على أي جريمة اغتيال تقدم عليها إسرائيل لأي من عناصرها وقادتها . ولو كان الإسرائيليون إذا تألموا تعلموا ما خطر في بالهم أن ينفسوا في غزة عن كربهم العصيب في الضفة والقدس . كل حروبهم وجولاتهم القتالية في غزة لم تعلمهم شيئا جوهريا ، هو أن سلاحهم مهما كانت كثرته وقوة فاعليته لن يحسم صراعهم الوجودي مع الفلسطينيين ، وأن هذا الصراع لا تنهيه معركة أو حرب عسكرية وإلا لكان انتهى مثلا بانتصارهم السريع الكبير في 1967 على ثلاث دول عربية لا على الفلسطينيين وحدهم في الضفة والقدس وغزة . حتى ما حدث بعد ذلك الانتصار كان خلاف ما انتظروه تماما . غاصوا إلى ركبهم ، ثم إلى أذقانهم في الصراع الوجودي مع الفلسطينيين ، وهم الآن في طريقهم إلى الغوص إلى آخر طول شعر رؤوسهم ، ( وللمناسبة الصُلْع كثيرون عندهم ، وكذلك شائبو الرؤوس حتى بين صغار الأعمار ! ) . بعض أهل الرأي أملوا يوما خاصة كلما اشتدت احداث الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين أن يظهر بين الإسرائيليين ديجول ينهي ذلك الصراع مثلما فعل ديجول الفرنسي مع الجزائريين في ستينات القرن العشرين . وبان بعد زمان من ذلك الرأي أنه لا مناخ لظهور ديجول إسرائيلي للفرق الهائل بين فرنسا وإسرائيل ، وبين الحال في الجزائر وفي فلسطين . في إسرائيل ظهر من يليق بها : رحبعام زئيفي الذي قتلته الجبهة الشعبية والذي كان لا يرى في الفلسطينيين سوى صراصير يجب خنقها في زجاجة ، ونتناهو الضعيف اللعَاب الكذاب ، وأخيرا الثنائي الأهوس المعتوه بن غفير وسموتريتش ، وهما الجوادان الأعرجان اللذان قد ينقلان جثة إسرائيل إلى مثواها الأخير ، وهما أنصع الشواهد على أن الإسرائيليين يتألمون ولا يتعلمون سواء من الحوادث أو في اختيار من يقودونهم .
وسوم: العدد 1046