بين كيفن مكارثي وجوزيف مكارثي .. كيف دار الزمان؟؟

تابع العالم منذ أيام خبر الإطاحة برئيس مجلس النواب الأمريكي من الحزب الجمهوري كيفن مكارثي..

تمت الإطاحة به بعد أن خذله ثمانية أفراد من أعضاء حزبه، انضموا إلى الديمقراطيين في المطالبة بعزله..فأسقطوه فسقط.

ذكرني اسم "كيفن مكارثي" باسم - جده ربما- النائب والقاضي الأمريكي في خمسينات القرن الماضي، "جوزيف مكارثي.."

جوزيف مكارثي الذي اشتهر في تلك الفترة، بالحماقة والحنق والشدة على كل من يشم منه رائحة المخالفة لما يؤمن به ويدعو إليه..

وكانت التهم في منهج جوزيف مكارثي دائما جاهزة، دائما الاتهام باليسارية أو بالشيوعية مرة واحدة، والادعاء على الناس بالباطل. الاتهام بالشيوعية في الفضاء الأمريكي في تلك الحقية، كان يوازي التهمة بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين عند نظام الأسد..

في ذلك العصر أصبحت "المكارثية" عنوانا لحزمة من المعاني الكريهة والبغيضة؛ السلطوية والتبجح والإقصاء والظلم وأخذ الناس بالظنة، ومحاسبتهم على الكلمة، واتهامهم بالجملة.

وكثير من المواطنين الأمريكيين في تلك الحقبة السوداء دفعوا أثمانا باهظة، للنهج المكارثي، من أمنهم وطمأنينتهم، ومعايشهم..

حين قرأت كتاب "الحرب الباردة الثقافية - من يدفع للزمار" للباحثة البريطانية فرانسيس ستونور سونديرز والذي صدر ١٩٩٩، عجبت بل تعلمت الكثير. وأكثر ما رابني وما يزال يختلج في صدري حكاية موت الكاتب الأمريكي المبدع الشهير "ارنست همنغواي" أراها فرصة لأدعوك لقراءة الكتاب، لتعرف فقط كيف يمكر حولك وبك وعليك الماكرون.. "الماكرون" جمع وليس مفردا يقولون أنه خرج من النيجر وأقول لأهل النيجر خرجوا من سورية منذ ١٩٤٦ ولكنهم ما زالوا هناك يحكمون..

اقرؤوا كتاب الباحثة البريطانية سوندريز لتعلموا أو لتعرفوا كيف تمضي حولكم الأمور، وأول ما يجب أن أنبه عليه أن تلك الكاتبة ليست مسلمة ولا شيوعية أيضا..

في متابعة أخبار "المكارثية" في الولايات المتحدة، يقال: إن جوزيف مكارثي خرج من الحياة السياسية متهما مدانا معنفا مغضوبا عليه، وحُمل عبء ما جنت يداه.

السلوك المكارثي الذي يقال إنه قد بالغ في ملاحقة الشيوعيين واليساريين؛ يتكرر اليوم وبطريقة أكبر وأقسى ضد المسلمين، ولا أحب أن أستخدم مصطلح "الإسلاميين ولا الإسلامويين" هذا السلوك يستخدم بطرق أكثر بدائية وأكثر قسوة وفجاجة، ضد مسلمي القرن الحادي والعشرين ومنذ بدايته..في قلب العالم الإسلامي وإلى أطرافه..فهؤلاء المسلمون ليس وراءهم دولة عظمى تحميهم أو تدعمهم أو تغطيهم كما كان للشيوعيين!!

وما اخترعه أشرار العالم هو نمط جديد من محاكم التفتيش كهنتها، هؤلاء الذين يحملون على المسلمين مثل أذناب البقر من المرأسين والمحكمين مثل بشار الأسد وكل الذين يمدونه بالغي…

والأعجب من كل ذلك أن ضحايا المكارثية الأولى في منتصف القرن العشرين، أصبحوا بعض أدواتها في مطلع القرن الحادي والعشرين..!!

فالمكارثية لم تكن شخصا، وإنما كانت نهجا..

وأنظر بعض الناس من حولي فإذا هم في عصر السوشيال ميديا إذا أرادوا أن يشيروا إشارة إلى بعض الهيئات أو المعاني أو المصطلحات كتبوها حروفا مقطعة، أو رموزا مبهمة.. خوفا وحذرا واعجب إذ تعجب من دعاوى حماية حرية التعبير.

منذ فترة ذكرتُ اسم مجموعة تحكم في بلدها ليس بمدح ولا بذم، وإنما على طريقة التساؤل الجاد؟؟

علق حسابي في أحد الميادي لمدة شهر..

لا أعرف شيئا عن كيفن مكارثي.. ولكنني رأيته جالسا على قارعة طريق جلس عليها ربما أبوه أو جده.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1053