ليس دفاعا عن العلمانية

قرأت كثيرا عن العلمانية، وعرفت كثيرا عنها، وعن دعاتها، وعن نماذج تطبيقها في هذا العالم. سأكتب أسطرا في موضوعها لأحاول تقريبها أو التقارب معها، في بضع كلمات..

أولا - أنا لست علمانيا، ولكنني متفهم. ومع تفهمي أدرك ما أمام الأكمة وما وراءها، وما على يمينها وما على شمالها...

ثانيا- العلمانية في بلاد الغرب أو في كثير من دول العالم، كانت بديل خير، لأن الأشياء تتميز بأضدادها، وبدائلها، فأنت حين تكون بين خيارين حكم كهنوتي مبني على الجهل والانغلاق والتعصب، يصر على إمساك الأرض حتى لا تدور، وبين حكم مبني على العقل مع ما قد يخالطه من هوى، ستجد خيارك واضحا، وكذا أنا سأجد خياري واضحا. إن الذين يبكون ويتباكون على علمانية حزب البعث وحافظ وبشار الأسد، يعلمون أنهم أكثر إساءة للعلمانية. وأعلم أنني لو وصفت نظام حافظ وبشار الأسد بالعلمانية، كم سأغضب أصدقائي العلمانيين، وما أنا على إغضابهم بحريص!!

ثالثا- نعتقد ،نحن المسلمين، بما حبانا الله من شريعة تدور مقاصدها على الصيانة والحفظ والرحمة والعدل والحكمة؛ أن ما عندنا هو الخير... خيرية مطلقة. ولا تنسوا أن هذه الشريعة قد أقرت، أن الحكمة -اختيار الأصلح- هي ضالتنا، أين وجدناها فنحن أحق بها...

رابعا- العلمانية في هذا العالم الذي نعيش فيه، ليست أنموذجا عالميا واحدا. فعلى أعلام كثير من الدول العلمانية المسيحية يرفع الصليب. الملك البريطاني عميد الكنيسة الانغليكانية. على الدولار الأمريكي طبعت كلمة "الله" الرئيس الأمريكي يحلف على الانجيل، وليس "بشرفه ومعتقده"

وهذا العلم الياباني ما زال يحمل رمزه الديني في صورة الشمس، في دولة كان يعتقد أبناؤها أن ملكهم "الميكادو" هو ابن الشمس.. والحكاية تطول.

حرام على بلابله الدوح ..حلال للطير من كل جنس

وبغض النظر عن الحكم الإسلامي الشرعي في العلمانية والعلمانيين، فهذا ليس من اختصاصي؛ فإن كثيرا من العلمانيين حول العالم، وليس العرب فقط، إذا نسبتهم إلى الإلحاد يغضبون وينكرون...!! فلماذا هذا الحرص من بعض الأدعياء على سربلة العلمانية بسربال الالحاد، ثم يعينهم على ذلك قوم آخرون.

الكلمة الأخيرة: الديمقراطية هي جوهر العلمانية. وهي في حقيقتها أبعد ما تكون عن الاستبداد، وعن نظام المجازر والمحارق والسارين والكلور والبراميل والكبتاغون والسجون والتعذيب وأساليب الهلكوست أو محاكم التفتيش... فإن وجدت من يدغم كل هذا في العلمانية، سواء كان إدغامه بغنة أو بدون غنة، فاعلم أنها ليست رمانة بل قلوب بالحقد والكراهية مليانة...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1108