الحقيقة الروحية لعقيدة ولاية الفقيه الخمينية
في البداية أود أن أشير إلى ملاحظة هامة للقراء الجدد أن المعلومات التي تستند إليها هذه مقالة تم شرحها بالتفصيل في مقالات ماضية ولكن هنا نذكرها بإختصار شديد .
منذ أول مقالة نشرتها في صفحتي (عين الروح) كان بودي أن أشرح حقيقة عقيدة ولاية الفقيه الخمينية وتأثيرها الكارثي على منطقة الشرق الأوسط ، ولكن السلوك الوحشي لنظام بشار المخلوع وطريقة تعامله مع كل شخص ينتقد نظامه ونظام حلفائه والتي شرحتها في مقالة ماضية بعنوان ( الحقيقة الروحية لحقبة حكم نظام آل الوحش ) كانت تمنعني من ذلك ، فرغم أنني أعيش خارج سوريا وأن النظام لا يستطيع إذائي بأي شكل من الأشكال ، ولكن ومع ذلك كنت أعلم تماما بأنه سيلجئ -كعادته المعروفة- إلى إذائي نفسيا عن طريق إذاء أفراد عائلتي المقيمين في سوريا . فمع نشر مقالاتي الأولى بدأت تأتي تعليقات بأسماء وهمية من شبيحة النظام وكأنها نوع من التحذير (نحن نراقب كل شيء تنشره) صحيح أنني حر بنفسي لأفعل ما يملوه علي ضميري ولكني لست حرا في أن أكون سببا في إذاء الآخرين كجزاء لأفعالي ، فأنا مؤمن تماما بالحكمة التي تقول ( تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين ) .
إن ظهور نظام عقيدة ولاية الفقيه الخمينية وسيطرتها سياسيا وإقتصاديا على العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن وطريقة تعاملها مع شعوبها ، أدى إلى تأجيج الفتنة والكراهية بين أتباع الطائفة الشيعية وأتباع الطائفة السنة ، لهذا كانت خطتي منذ البداية في التصدي لهذه الفتنة هي توضيح الحقيقة الروحية لمذاهب الطائفة الشيعية والتي جميعها تعارض تماما عقيدة ولاية الفقيه الخمينية ، فالمرجعية الأولى لمذهب الشيعة الإثنا عشرية الذي منه إنبثقت عقيدة ولاية الفقيه والموجودة في مدينة النجف في العراق حتى الآن تعارض تماما عقيدة ولاية الفقيه الخمينية . من يتمعن جيدا في الكثير من مقالاتي الماضية سيجد أنها كانت تحاول إظهار الهوية الحقيقية للدين الإسلامي بشكله الشامل ليرى أتباع كل مذهب إسلامي محاسن المذاهب الأخرى وليس فقط عيوبها ، لأن محاسن كل مذهب هي من الله ، أما عيوبه فهي من المتعصبين المسلمين الذين حاولوا تشويه مذاهبهم .
رغم أني ولدت في عائلة سنية ولكني أنتمي روحيا إلى الإسلام الشامل وليس إلى مذهب معين ، ودفاعي عن طائفة الشيعة في بعض مقالاتي الماضية كان أحد غاياته الظاهرية هو رش الرماد في عيون شبيحة النظام لأحمي أفراد عائلتي في سوريا من إنتقامهم مني . أما غايته الحقيقية فكانت عبارة عن محاولة توضيح معاني تلك الرموز التي وضعها الله في الطائفة الشيعية لتكشف الهوية الروحية الحقيقية لهذه الطائفة ودورها مع تعاونها مع الطائفة السنية في إزدهار الحضارة الإسلامية . هذه المواضيع التي كانت تتكلم عن الشيعة عدا أنها تحاول توحيد الطائفتين (السنة والشيعة) ليعملا جنبا الى جنب، كان الغرض منها أيضا كشف الفرق الشاسع بين عقيدة المذاهب الشيعية وعقيدة ولاية الفقيه الخمينية ، وبطريقة يظنها مخابرات النظام السوري بأنها لا تنتقد حليفه الإيراني . ولكن الحقيقة أنها كانت تدخل العقل الباطني لكل شيعي لتجعله وبدون إرادته أن يرى نفاق عقيدة ولاية الفقيه الخمينية وتعارضها مع إيمانه كشيعي .
اليوم وبعد تحرير سوريا من نظام بشار الوحش وعودة حرية التعبير للشعب السوري سأحاول أن أذكر الأشياء بأسمائها لأوضح الحقيقة الروحية لعقيدة ولاية الفقيه الخمينية برؤية شاملة بهدف إثبات أن أتباع ولاية الفقيه الخمينية ليسوا جنودا للمهدي المنتظر كما يقولون عن أنفسهم ، ولكن هم في الحقيقة جنود الأعور الدجال وما يقومون به هو تنفيذ مخططه في تدمير الأمة الإسلامية .
شرح المصطلح الفقهي لعقيدة (ولاية الفقيه) وتطوره عبر التاريخ بشكل مفصل يحتاج إلى صفحات عديدة ، ولكن هنا سنعطي ملخص سريع جدا يستطيع القارئ أن يأخذ فكرة عامة تسمح له بفهم الموضوع العام للمقالة بشكل أفضل .
في الكثير من مقالاتي الماضية تكلمت عن أهمية فهم المبدأ الكوني (إزدواجية الحالة) ودوره في تنفيذ المخطط الإلهي في تطور كل شيء داخل الكون . في التكوين الفيزيائي للكون نجد هذا المبدأ يتجسد في (جسيم - موجة) وكذلك في نوعية الشحنة (موجب - سالب) ، في تكوين الحياة (ذكر- أنثى) ، في تكوين الإنسانية (شعوب شرقية روحية - شعوب غربية مادية) ، وأيضا في تكوين الديانات نجد ثنائية النبوة (إبراهيم - لوط) ، (إسحاق - إسماعيل)، (موسى - هارون) ، (عيسى - يحيى) ، (أحمد- علي) ، (المهدي - المسيح) عليهم جميعا الصلاة والسلام . إن فهم مبدأ (إزدواجية الحالة) هو أساس فهم منطق المخطط الإلهي في تطور الكون وتطور الحياة وتطور الإنسانية المزدوج (الروحي والمادي) ، فمن لا يضع هذا المبدأ في أبحاثه -مهما كان نوعيتها العلمية - ستبقى أبحاثه على هامش موضوع البحث ولن يصل إلى الحقيقة مهما تطورت التكنولوجيا ، وستكون النتيجة الحتمية لأبحاثه ليست إلا محاولة لتنمية التعصب بجميع أنواعه والذي سيؤدي في النهاية إلى تمزيق الوحدة العالمية لينطبق عليها معنى الآية القرآنية الكريمة {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧) سبأ} . ليس من الصدفة أن الكتاب الخامس من التوراة يحمل عنوان (سفر التثنية) ، فمبدأ (إزدواجية الحالة) هو في الحقيقة أساس الإيمان بعقيدة التوحيد والتي جميع علماء الديانات العالمية يؤكدون بأنهم يؤمنون بهذه العقيدة ولكن كل حسب طريقته .
ما يهمنا هنا من مبدأ (إزدواجية الحالة) هو دوره في فهم حقيقة هوية الدين الإسلامي الشامل ، وقد شرحنا هذا الموضوع بشكل مفصل في مقالات ماضية ولكن هنا سنتكلم عنه بشكل مختصر جدا ليساعدنا في فهم موضوع حقيقة ولاية الفقيه الخمينية .
اسم (محمد) الذي سمي به رسول آخر ديانة سماوية ليس صدفة ، ولكنه حكمة إلهية. فاسم (محمد) يعتمد مبدأ (إزودواجية الحالة) فهو يتألف من قسمين (مح - مد) : الأول (مح) وهو مختصر فعل (محى) ، والثاني (مد) وهو فعل (مَّد) . فمبدأ المخطط الإلهي في تطور كل شيء في الكون يعتمد على نوعين من العمل : الأول (محى) والمقصود منه هو عملية نزع أو مسح الشوائب الشيطانية من التكوين الإنساني التي دخلته عن طريق الخطيئة التي حصلت في الجنة وكانت سببا لطرد الإنسان منها ، والثاني (مَّد) والمقصود من زيادة عدد الصفات الحسنة في التكوين الإنساني . فهدف التطور في المخطط الإلهي هو نزع جميع الشوائب من التكوين الإنساني لتحل محلها جميع الصفات الحسنة التي وضعها الله في تكوينه عندما خلقه في أول مرة (كائن كامل) سجدت له جميع الملائكة إلا إبليس ، فعن طريق تنقية الشوائب الشيطانية في التكوين الإنساني وإكتساب هذه الصفات الحسنة سيحقق تطور الإنسانية نحو الكمال ، حيث عندها يصبح الإنسان صالحا للعودة إلى الجنة ليعيش فيها . فبدون فهم فلسفة هذا العمل المزدوج لن نستطيع فهم دور فلسفة كل ديانة وسبب نزولها في تلك المنطقة المعينة وفي تلك الفترة الزمنية من تاريخ تطور الإنسانية. لا شيء يحدث بالصدفة فكل شيء يحدث بقدرة إلهية محسوبة بدقة لها حكمة إلهية تساعدنا في فهم حقيقة هذا الشيء أو الحدث وسبب وجوده ونوعية دوره في المخطط الإلهي في تطور الإنسانية المزدوج (الروحي والمادي) .
اسم (محمد) لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم فهو اسم مترجم للعربية عن اللغة اليهودية ، فقبل ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفترة قصيرة كان الكهنة اليهود في تلك المنطقة ينشرون خبر أن نبيًّا سيُبعث في هذا الزمان اسمه (محمد) . لهذا راح بعض العرب الذين سمعوا هذا الخبر يسمون أبنائهم بهذا الإسم لعل ابنهم يكون هو هذا النبي المنتظر . في ذلك الوقت كانت (سلمى بنت عمرو) الجدة العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلم (زوجة هاشم بن عبد مناف) يهودية ، وكان ابنها عبد المطلب (جد الرسول) قد سمع كثيرا من أمه وأقربائه اليهود عن ذلك النبي الذي سيبعثه الله باسم (محمد) . لهذا عندما ولد الرسول يتيم الأب تبناه جده عبد المطلب واختار له اسم (محمد) آملا أن يكون هو هذا النبي المنتظر . ولكن القرآن الكريم وبلسان عيسى عليه السلام في سورة الصف ، أكد أن اسم هذا المولود هو أحمد {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (٦)} . إن ذكر اسم أحمد وليس محمد في هذه السورة ليس صدفة ولكن حكمة إلهية لها معنى محدد ، فالقرآن الكريم دقيق جدا باختيار كلماته ، اسم (أحمد) لا يعني (محمد) ولكنه في الحقيقة يُمثل القسم الروحي فقط من (إزدواجية الحالة) لاسم (محمد) ، أما القسم المادي لهذا الاسم فهو (علي) والمقصود هنا ابن عم الرسول (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه، فهو أيضا حفيد عبد المطلب وحفيد الجدة العظمى اليهودية (سلمى) ولهذا كان سيف (علي) يسمى (ذو الفقار) كونه يحمل مقدمة مزدوجة ، وهذا ليس صدفة ولكن لها معنى أن واحدة لأحمد (مد) وواحدة لعلي (مح) .
سورة الصف من خلال أرقامها تؤكد صحة مبدا (إزدواجية الحالة) في اسم (محمد) . حيث ترتيب سورة الصف هو الرقم (٦١) والآية التي تذكر اسم (أحمد) رقمها (٦) ، إذا وضعنا الرقم (٦) على يمين رقم ترتيب السورة (٦١) سنحصل على الرقم (٦١٦) وهو عدد السنوات من عام ولادة عيسى (٦) قبل الميلاد وحتى عام البعثة النبوية (٦١٠) ميلادي . أما إذا وضعنا الرقم (٦) على يسار الرقم (٦١) فسنحصل على الرقم (٦٦١) وهو عام وفاة (علي) في التقويم الميلادي . فدور النبي المنتظر (محمد) لم ينتهي مع وفاة (أحمد) رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مع وفاة علي رضي الله عنه . فحديث الغدير قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يشير إلى هذه المعلومة (...فمن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه) ، أيضا الله عز وجل يؤكد صحة هذه المعلومة في الآية القرآنية {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ... (١٤٤) آل عمران} هذه الآية الكريمة لا تتكلم عن إحتمالات طريقة وفاة (محمد) كشخص واحد ، لأن الله يعلم كل شيء ، ومن يعلم كل شيء لا يقدم عدة إحتمالات ، بل يقدم إحتمال واحد فقط ، وهذه الآية تنبأت بدقة عن مصير النبي المزدوج (محمد) ، أحمد سيموت موته طبيعية أما علي فسيُقتل .
إن اسم الجدة العظمى (سلمى) ليس صدفة ولكن علامة إلهية توضح لنا أن الديانة الجديدة التي ستظهر في منطقة الحجاز تحمل اسما (إسلام) أحد معاني هذه الكلمة مشتق من الاسم (سلمى) سنشرحه بعد قليل . في شريعة الديانة اليهودية الأبناء ينتمون روحيا إلى الأم وليس إلى الأب ، والنبي المزدوج محمد (أحمد-علي) ينتمي روحيا إلى العقيدة اليهودية وليس إلى عقيدة قبيلة قريش الوثنية . الديانة اليهودية هي الديانة السماوية للعهد القديم ، من هذه الديانة ظهرت ديانتين (إزدواجية الحالة) في العهد الجديد : المسيحية والإسلامية . مبدأ الإزدواجية في المسيحية لدينا (عيسى - يحيى) عليهما الصلاة والسلام ، أما في الإسلام فلدينا (أحمد - علي) عليهما الصلاة والسلام . ليس من الصدفة أن ديانة عيسى اسمها (المسيحية) ، فهذه الديانة هي في الحقيقة تمثل القسم الأول (محى ، مسح) من مبدأ إزدواجية الحالة ، ولهذا ديانة المسيحية تُمثل اليوم الديانة الرسمية لمعظم الدول الغربية المسؤولة عن تطوير العلوم المادية . أما الإسلام فهو يشكل القسم الثاني (مَّد) من هذا المبدأ (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ، ولهذا نجد اليوم أن معظم المسلمين هم من الشعوب الشرقية من العالم والتي ظهرت فيها جميع الديانات العالمية ومنها إنتشرت إلى جميع أنحاء العالم .
مبدأ إزدواجية الحالة (أحمد- علي) في الإسلام ظهرت قديما كفكرة ، ولكن بسبب ضعف مستوى المعارف لتلك العصور لم يسمح بتوضيحها بشكل علمي حتى يقتنع بها المسلمون ، فهناك لوحة رسم قديمة (كما توضح الصورة في الأسفل) تُظهر علاقة التناظر بين اسم محمد واسم علي . هذه الفكرة في اللوحة كمعنى رمزي ليست من عقل بشري ولكن من وحي إلهي ، فالحقيقة هي أن علاقة التناظر هنا ليست بين شكل كتابة الاسمين (محمد وعلي) ، ولكن بين الاسمين (أحمد وعلي) كقيمة رقمية ، فالقيمة الرقمية لاسم (أحمد) تعادل الرقم (٣٥٨) بينما القيمة الرقمية لاسم علي تعادل (٨٥٣) ، وهي نفس علاقة التناظر بين شكل الرقم (١٨) وشكل الرقم (٨١) الموجودان في كفي يدي الإنسان والذان بجمعهما كرقمين ينتج عنهما الرقم (٩٩) الذي يُمثل أسماء الله الحسنى . الحديث الشريف (أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي) يوضح لنا الإختلاف بين دور (أحمد) ودور (علي) ، وعبارة (لا نبي بعدي) تشرح لنا نوعية المرحلة الروحية التي وصلت إليها الإنسانية في تطورها في زمن ظهور الإسلام ، فهي توضح لنا أن الإنسانية قد دخلت مرحلة جديدة مختلف عن مرحلة ظهور الديانة اليهودية (العهد القديم) ، في هذه المرحلة الجديدة ستتوقف تدريجيا المساعدة الإلهية في التطور الروحي بسبب نزول آخر كتاب مقدس سماوي (القرآن) الذي فيه كل شيء يخص هذا النوع من التطور . فقبل الإسلام نجد أن الحكمة الإلهية في مبدأ (إزدواجية الحالة) في المسيحية قد تحولت من (عيسى- يحيى) كرمز لظهور الدين المسيحي إلى (عيسى- بولص) كرمز لإنتشار هذا الدين . القديس بولص الذي أخذ مكان النبي يحيى في الدين المسيحي لم يكن نبيا يتلقى أفكاره من وحي إلهي ، ولكنه كان بمثابة فيلسوف (حكيم) يستخدم عقله في فهم المخطط الإلهي في تطور الإنسانية كونه يُمثل القسم المادي من مبدأ إزدواجية الحالة . أيضا علي رضي الله كان يُمثل (الرؤية المادية) في الدين الإسلامي بهدف الوصول إلى الرؤية الشاملة . فكما يقول الحديث الشريف (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه) ، الوصول إلى حقيقة الشيء أو الحدث يتطلب تعاون العلوم الروحية والعلوم المادية بهدف فهم علاقة الإنسجام بين الشكل والمضمون . فمع نزول القرآن إكتمل القسم الروحي (احمد) من اسم محمد (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) . أما القسم المادي (علي) فهو مستمر إلى يوم الدين من خلال تطور العلوم المادية التي ستساعد في فهم المعاني الحقيقية للنصوص الدينية لتكون مناسبة لجميع العصور .
إن إنقسام الإسلام إلى طائفتين كبيرتين ( سنة وشيعة) كان من وحي إلهي وليس بسبب الفتنة ، فكان من واجب الشيعة أن تصر وتؤكد أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه هو النصف الثاني للإسلام (القسم المادي) وأنه الشخصية الثانية في دين الإسلام مثله مثل (هارون) في اليهودية و(يحيى وبولص) في المسيحية ، وأنه الأرقى روحيا بعد الرسول من بين جميع المسلمين ، ولكن ظهور الإسلام السياسي في العصر الأموي والعصر العباسي هو الذي أدى إلى ظهور الفتنة بين الطائفتين . أما بالنسبة لعلماء الحضارة الإسلامية (من الطائفتين) فقد إستطاعوا تجنب هذه الفتنة فراحوا وعملوا جنبا إلى جنب في إزدهار الحضارة الإسلامية. الحضارة الإسلامية صنعها علماء الإسلام الشامل (سنة وشيعة) وبدون هذا التعاون بين علماء الطائفتين لما وجدت حضارة اسمها الحضارة الإسلامية .
عقيدة ولاية الفقيه كفكرة تعتمد مبدأ إزدواجية الحالة (السلطة - الدين) ، وهي موجودة في جميع الديانات العالمية -وإن كانت بأشكال بسيطة مختلفة- كونها حاجة ضرورية لتطوير أمور الأمة روحيا وماديا. فهذه العقيدة تعتمد الحديث الشريف الذي يقول (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) والمقصود هنا لا يعني بالضرورة أن هذا المجدد هو رجل دين ، ولكن يعني أنه عالم متخصص في نوع من أنواع المعارف ، فلا بد من وجود أشخاص روحيين وأشخاص ماديين يقودون تطور المجتمع (روحيا وماديا) . أول مجدد للدين الإسلامي كان الإمام جعفر الصادق الذي ولد بعد /١٠٠/ عام من ولادة علي بن أبي طالب /عام ٦٩٩/ ، والذي أستلم إمامة مدرسة أهل البيت بعد /١٠٠/ عام من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عام /٧٣٣/ . إن عام ولادة الإمام جعفر الصادق ، وعام إستلامه لإمامة مدرسة أهل البيت ، ليس صدفة ولكن علامة إلهية توضح لنا المبدأ الكوني (إزدواجية الحالة) في (أحمد - علي) وعلاقته كمجدد في تطور الحضارة الإسلامية . الإمام جعفر الصادق هو في الحقيقة مؤسس جميع المذاهب الإسلامية والتي عملت جميعها جنبا إلى جنب في إزدهار الحضارة الإسلامية، حيث كل مذهب أخذ على عاتقه تطوير زاوية رؤية خاصة به توضح تفاصيل نوع المعرفة التي هي من إختصاصه ، فمع توحيد زوايا المعرفة هذه وتطويرها نحصل على الرؤية الشاملة لحقيقة الموضوع المراد بحثه . الرؤية الشاملة هي تلك الرؤية التي تستخدمها الفرقة الناجية التي ذكرها الحديث الشريف (... وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة) فرقة الجماعة هم أولئك الذين بمختلف إختصاصاتهم يتعاونون جنبا إلى جنب كفرقة واحدة من أجل الوصول إلى الحقيقة ، لهذا كان اسم الجدة العظمى للنبي المنتظر المزدوج محمد (سلمى) له معنى (السليمة، الناجية) . من أهم أسباب التقدم العلمي المادي الباهر في عصرنا الحاضر هو تعاون مختلف الإختصاصات العلمية المادية مع بعضها البعض ، أما أهم أسباب الإنحطاط الروحي الذي يعاني منه عصرنا الحاضر فهو إنفصال الأديان والمذاهب عن بعضها البعض والذي أدى إلى التعصب وظهور العداوة والبغضاء بينها ، فكان نتيجتها إنفصال العلوم الروحية عن العلوم المادية وظهور التيار العصري المعروف باسم العلمانية (بشكله السلبي) الذي يرفض بشكل صارم أي تدخل ديني سواء في تنظيم شؤون نظام الدولة أو في الأبحاث العلمية . فالسبب الحقيقي لإبتعاد البحث العلمي المادي عن الدين ليس علماء العلوم المادية ولكن التعصب الديني والمذهبي عند علماء الدين في العصر الحديث .
فكرة عقيدة (الأئمة الاثنا عشر) هي من وحي إلهي ولكن الشيعة فهموها بمعناه الحرفي وليس بمعناها الشامل ، فأهل البيت لا تعني بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عائلة الرسول هي جزء بسيط من عائلة آدم وحواء . فاسم (محمد) هو اسم (موسى - هارون) وأيضا اسم (عيسى-يحيى) ، فعائلة أهل البيت المقصود منها رمزها العالمي وهي (آل آدم وحواء) التي تمثل آل البيت العالمية . ولهذا نجد بعد وفاة الإمام جعفر الصادق يبدأ ظهور المذاهب المتنوعة في الإسلام ، فكل مذهب هو في الحقيقة يُمثل رمز مصغر لأمة معينة من أمم العالم ، حيث ظهور هذه المذاهب المتنوعة هو الذي أدى إلى إزدهار الحضارة الإسلامية روحيا وماديا . الإمام السادس في الإسلام هو الفيلسوف ابن رشد ، وبعد ابن الرشد نجد دخول الأمة الإسلامية في عصر الإنحطاط ، حيث عندها يبدأ ظهور بقية الأئمة الإثنا عشرية في أوربا (غير مسلمين) لتساعد في تكوين حضارة جديدة وهي حضارة عصر النهضة الأوربية التي دورها سيكون تطوير العلوم المادية .
عقيدة ولاية الفقيه عند الشيعة بدأت تظهر بعد وفاة الإمام الحادي عشر (الحسن العسكري) والذي حسب -رأي بعض علماء الشيعة- أنه أنجب إبنه محمد المهدي (عام ٢٥٥) هجري ، والذي دخل السرداب في غيبة كبرى منذ ذلك الوقت . فحسب رأي هؤلاء الشيعة أن هذا الإمام الثاني عشر هو المهدي الذي سيخرج من غيبته في آخر الزمان ، ولكن حتى موعد ظهوره لا بد من وجود إمام يُشرف على أمور المؤمنين . وبناء على منطق عقيدة (المهدي المنتظر) رأى الكثير من علماء الشيعة أن دور إمام شيعة الإثنا عشرية يجب أن ينحصر في الشؤون الفقهية فقط أما الأمور السياسية ومواجهة السلطات الحاكمة الجائرة فهي من إختصاص المهدي فقط كما فعل الإمام جعفر الصادق والأئمة من بعده . ولكن أتباع الإسلام السياسي عند الشيعة والذين كان هدفهم الأول هو الوصول إلى السلطة حاولوا تشويه عقيدة ولاية الفقيه من أجل ضمان تحقيق هذا الهدف ، فراحوا وأخذوا عقيدة السلطة المطلقة (نظرية السيفين) البابوية التي كانت تحكم المناطق المسيحية الكاثولكية في أوربا في العصور الوسطى (عصور الظلام) ، حيث البابا في الفتيكان كان يعتبر نفسه خليفة الله في الأرض وأن كلامه هو كلام الله ولا يجوز لأحد أن يعارضه بأي شكل من الأشكال ، فهو المسؤول المطلق عن الأمور الروحية في تفسير النصوص الدينية وتطبيقها وهو أيضا المسؤول المطلق عن الأمور المادية في حكم الدولة وكذلك في الحرب والسلام . إعتماد هذه العقيدة في أوربا ساهم بشكل سريع في الإنحطاط الديني والإجتماعي في أوربا الغربية ، بعكس ما حصل في المناطق الشرقية من أوربا التي إتبعت المذهب الأورثوذوكسي الذي فصل بين السلطة والكنيسة بناء على قول يسوع في إنجيل مرقص (١٢: ١٧ فأجاب يسوع و قال لهم اعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله فتعجبوا منه) .
ولاية الفقيه المطلقة (نظرية ذو السيفين) عند الشيعة تم تطبيقها بشكلها البدائي لأول مرة بعد دخول الحضارة الإسلامية في عصر الإنحطاط ، وذلك عندما كان الشاه طهماسب الصفوي بأمس الحاجة للسلطة الدينية لمواجهة خصومه الذين كانوا يهيمنون على مفاصل الدولة ، فاستعان الشاه بالمحقق علي الكركي سنة /١٥٤٩/ ليشارك معه في حكم الدولة ولقبه بنائب الإمام المهدي . بهذه الطريقة حاول طهماسب إكتساب سلطة مطلقة في حكم الدولة الصفوية ، ولكن هذه السلطة المطلقة أغضبت الكثير من علماء الشيعة حيث رفضوا إقامة أي علاقة معها كونها تعتدي على حق المهدي . فجميع أئمة أهل البيت ما عدا (علي ، الحسن ، الحسين) لم يشاركوا في أي تنظيم عسكري أو سياسي . (الحسن) تنازل عن منصبه السياسي حقنا لدماء المسلمين ،وعندما فرض الشيعة على (الحسين) بالتدخل العسكري والسياسي خسر المعركة ، الإمام الحادي عشر كون اسمه (العسكري) إختفى نسله . الأئمة الشيعة من بعده فهموا هذه العلامات الإلهية ولهذا رفضوا عقيدة ولاية الفقيه المطلقة .
في بداية القرن /١٩/ ظهر أحمد بن محمد مهدي النراقي الإيراني /١٧٧١- ١٨٢٨/ ورغم أنه قد درس في العراق على يد علماء النجف وكربلاء والذين جميعهم يرفضون عقيدة ولاية الفقيه المطلقة ، ولكنه عندما عاد إلى إيران راح يتصدى لهم ويدعوا بشدة إلى تطبيق ولاية الفقيه المطلقة . الله وضع علامة إلهية في هذا الرجل لتؤكد أنه زنديق من أتباع أعداء المهدي ، فأحمد النراقي ولد عام/١٧٧١/ أرقام هذا العام معاكسة للأرقام (١٨٨١) التي ينتج عنها عدد الأسماء الحسنى (٩٩) . فالرقم /٧/ جهته نحو الأسفل أي نحو الرؤية المادية البحتة (رؤية الأعور الدجال) ولهذا كان الرقم /٧/ رمز عدد أبواب جهنم ، أما الرقم /٨/ فجهته نحو الأعلى أي جهة العودة إلى الجنة، ولهذا كان الرقم /٨/ يمثل رمز عدد أبواب الجنة . فالرقم /١٨/ يمثل الرؤية الروحية (أحمد) ، والرقم /٨١/ يمثل الرؤية المادية (علي) ، فعن طريق تعاون الرؤيتين نصل إلى إحصاء الأسماء الحسنى /٩٩/ .
في نهاية سبعينيات القرن /٢٠/ ورغم مشاركة معظم أطياف الشعب الإيراني في إسقاط نظام حكم الشاه محمد رضا بهلوي الديكتاتوري ، ولكن بعد إنتصار الثورة قام (الخميني) بسرقة هذا الإنتصار ونسبه فقط إلى رجال الدين في الطائفة الشيعة ، حيث قام الخميني بعزل واضطهاد جميع قيادات الأطياف الأخرى من الشعب ليعلن عن نفسه الحاكم المطلق (المرشد الأعلى لولاية الفقيه) ليس فقط على إيران ولكن على الأمة الإسلامية بأكملها كونه يُمثل النائب العام للإمام المهدي المنتظر وصوت الله في الأرض. فكان من أهم أهدافه تصدير هذه الثورة الإسلامية المتطرفة إلى جميع الدول الإسلامية ليمهد -حسب إدعائه- الأمور لظهور المهدي .
الخميني بما فعله في حياته أثبت أنه النائب العام للأعور الدجال في الأمة الإسلامية وليس نائب المهدي ، فكونه أعمى البصيرة يرى الأمور برؤية مادية بحتة خالية تماما من الرؤية الروحية ، لم يفقه أن (أحمد) صلى الله عليه وسلم هو أرقى عند الله من (علي) رضي الله عنه ، وأن (الحسن) أرقى من (الحسين) رضي الله عنهما . ولهذا كان اسم (الحسين) هو تصغير لاسم (الحسن) ، وهذا ليس صدفة ولكن حكمة إلهية ، لأن (الحسن) عاش مدة زمنية مع رسول الله أطول من المدة الزمنية التي عاشها الحسين مع رسول الله . الحسن يُمثل رمزيا (أحمد) ، أما الحسين فيمثل رمزيا (علي) . المنقذ المنتظر الذي سيبعثه الله ليحكم العالم في آخر الزمان (المهدي - المسيح) هو شخص واحد وهو عيسى عليه السلام والذي سيأتي هذه المرة ويحمل في تكوينه مبدأ إزداوجية الحالة ، القسم المادي من عيسى (المسيح) هو الذي سيصلي خلف القسم الروحي من عيسى (المهدي) ، فالإمامة هي للقسم الروحي وليس للقسم المادي . لهذا المسيح وكونه يمثل الرؤية المادية (محى) هو الذي سيقتل الأعور الدجال كون الأعور الدجال يمثل الشوائب الشيطانية في تكوين الإنسانية والتي تستخدم الرؤية المادية البحتة التي ترفض التعاون مع الرؤية الروحية لهذا كان رمز هذه الروح الخبيثة في الإسلام أعور العين اليمنى ويعتمد العين اليسرى في الرؤية (رؤية مادية فقط). المهدي لن يأتي من الطائفة الشيعية لأنها تمثل القسم المادي من الإسلام ولكن سيأتي من طائفة السنة كونها تمثل القسم الروحي منه ، ولهذا كانت الحكمة الإلهية أن تكون طائفة السنة تمثل حوالي /٨٠%/ من الأمة الإسلامية كرمز لاسم الحسن (الأكبر) بينما طائفة الشيعة تمثل (٢٠%) فقد كرمز لاسم الحسين (الأصغر). الأمور هنا لا تتعلق بالأفراد (سني أو شيعي) ولكن تتعلق بالوضع العام ، فلا فرق في مستوى الإيمان بين السني والشيعي والطبيب والمهندس إلا بالتقوى ، فالطبيب أو المهندس الذي يقوم بواجبه ١٠٠% كطبيب أو مهندس ليساهم في إزدهار المجتمع ، هو أفضل عند الله من رجل الدين الذي يقوم ب ٩٠% من واجبه كرجل دين .
لنتمعن جيدا في أهم الطرق التي إعتمدها نظام حكم ولاية الفقيه الخمينية في تصدير هذه العقيدة إلى الشعوب المجاورة للسيطرة عليها :
١- سياسة الفتنة : رغم أن الحديث الشريف يقول (والفتنة أشدُّ من القتل) ، ولكن ومع ذلك منذ بداية إستلام ولاية الفقيه الخمينية في إيران قامت بتطبيق سياسة نشر الفتنة (يالثارت الحسين) بين الطائفة الشيعية والطائفة السنية ، والتي سرعان ما أدت إلى نشوب الحرب بين إيران والعراق والتي دامت /٨/ سنوات وراح بسببها حوالي /١،١/ مليون قتيل (٧٣% منهم إيرانيين) وخسائر إقتصادية بمئات المليارات من الدولارات للبلدين . الرابح الحقيقي في المنطقة من هذه الحرب كان إسرائيل والديكتاتور حافظ الوحش (الأسد المزيف) في سوريا . الخميني إعتمد على حافظ الوحش في سوريا (كونه من الطائفة العلوية) في نشر الفتنة في المنطقة عن طريق مساعدته في تكوين حزب الله في لبنان وتقويته بهدف زعزعة الوضع العام في لبنان وتقسيمه من شعب واحد إلى طوائف متعادية فيما بينها لتسهيل السيطرة على المنطقة بأكملها ، فدخل الشعب اللبناني في حروب أهلية وحشية لم تلتئم جراحها حتى اليوم . واعتمد كذلك على الحوثيين من الطائفة الزيدية لتخريب اليمن التي إنقسمت إلى عدة أقسام متعادية فيما بينها .
٢- سياسة الفساد : ليس من الصدفة أن نظام ولاية الفقيه الخمينية كان يتعاون ويدافع بشدة عن نظام الأسد الحاكم الجائر في سوريا والذي يُعتبر أسوأ نظام حكم عرفه الشعب السوري ، فنظام ولاية الفقيه الخمينية إعتمدت على حثالة الشعوب في ضمان توسيع نفوذها . فأتت بكل شخص فاسد يهمه فقط تأمين مصالحه الشخصية الجشعة من ملذات الحياة ، وأعطته منصب عالي في حكومة وإدارة مؤسسات البلد في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن . لهذا كان من الطبيعي أن تصبح جميع هذه الدول على رأس قائمة الدول ذات الأنظمة الفاسدة في العالم . العراق -مثلا- الغني بالبترول والمياه والأراضي الزراعية ، منذ سقوط نظام صدام الديكتاتوري عام /٢٠٠٣/ وسيطرة أتباع ولاية الفقيه الخمينية في العراق على السلطة ، لم يتم بناء مدرسة واحدة أو مستشفى أو أي منشأة ، فجميع منشآت البنية تحتية اليوم في العراق تم إنشائها في عهد نظام صدام . وهؤلاء الحفاة العراة أتباع ولاية الفقيه الخمينية الذين أتوا على ظهر الدبابات الأمريكية ليحكموا العراق بعد سقوط نظام صدام ، اليوم أصبحوا من أصحاب المليارات من الدولارات. نوري المالكي -مثلا- الذي يُعتبر اليوم من أقوى رجال السلطة في العراق كان قبل سقوط نظام صدام لاجئ سياسي في سوريا يعمل كمخبر بسيط في أجهزة المخابرات السورية ، اليوم يملك عشرات المليارات من الدولارات .
٣- سياسة القمع والإرهاب : حتى تستطيع ولاية الفقيه السيطرة المطلقة على الشعوب إعتمدت سياسة كتم صوت كل شخص معارض لها . فأصبح عدد السجون والمعتقلات السرية في هذه الدول أكثر من عدد المستشفيات وعدد المدارس ، فتحول نظام الحكم في هذه الدول من الإبداع في تطوير وتطبيق القانون والمؤسسات إلى نظام عصابات ومافيات تبدع في تطوير طرق القمع والإغتيالات والتعذيب لمنع وجود أي معارضة ، وأفضل مثال على ذلك إغتيال الشهيد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الذي أراد النهوض بالدولة اللبنانية لتعود سويسرا الشرق كما كانت من قبل ، والذي قال : " المهمة الأساسية للحكومة هي بناء الإنسان " بينما نظام ولاية الفقيه الخمينية كانت تفعل كل شيء لبناء الوحش .
٤- سياسة الجوع والفقر (الولاء مقابل الغذاء) : رغم أن من تعاليم القرآن الكريم المبدأ (لا إكراه في الدين) ، ولكن ولاية الفقيه الخمينية إتبعت إسلوب إجبار الناس في هجر مذهبهم وإعتناق عقيدة ولاية الفقيه وذلك عن طريق تقليل فرص العمل وتخفيض الرواتب وغلاء الأسعار ، والذي أدى إلى إنتشار البطالة والفقر والجوع في شعوب الدول التي تسيطر عليها ، هذه الأوضاع المعيشية القاسية وضعت المواطن نفسه أمام الأمر الواقع فإما أن يهجر مذهبه ويعتنق عقيدة ولاية الفقيه ليحصل على الأمان وعلى راتب يستطيع به إعانة أفراد عائلته أو أن يرفض فيعاني هو وأفراد عائلته من الجوع والحرمان من كل الحاجات الضرورية للحياة .
٥- سياسة نشر المخدرات : رغم أن تحريم الخمر من تعاليم الإسلام كونه مضر لصحة الإنسان جسديا ونفسيا ، ومن المعروف علميا أن المخدرات أخطر بكثير من الخمر على صحة الإنسان وتوازن المجتمع ، ومع ذلك اعتمد قادة أتباع نظام ولاية الفقيه الخمينية على صناعة وتصدير المخدرات بأنواعها المختلفة بهدف تدمير شباب الشعوب المجاورة لكي تتوقف عقولهم عن العمل وتتقبل كل حماقة تساعدهم في تأمين جرعتهم اليومية من المخدرات ليعيشوا في عالمهم الوهمي الذي ترسمه لهم هذه المخدرات . فتحولت سوريا ولبنان إلى أكبر مصنع لصناعة وتصدير المخدرات (الكبتاغون) في العالم .
٦- سياسة الخرافات : رغم أن دور الطائفة الشيعية هو تنمية الرؤية المادية لتعمل جنبا إلى جنب مع الرؤية الروحية(الطائفة السنية) لتحقيق فهم معاني النصوص الدينية لتصبح مناسبة لجميع العصور ، ولكن نجد نظام ولاية الفقيه الخمينية اعتمد على نشر الخرافات عن الأئمة وخاصة عن (علي والحسين) رضي الله عنهما والإعتماد عليها بشكل كبير ليجعل من أتباعها وكأنهم من نسل إلهي وليسوا من بشر وأنهم هم فقط أحباب الله وأن بقية البشر هم من فئة الضالين أو المغضوب عليهم . الشيخ الشيعي اللبناني ياسر عودة صرخ من على منبره قبل سنوات قليلة محذرا الطائفة الشيعية قائلا (خط أهل البيت ذاهب إلى أقصى درجات الغلو والتخلف) وبسبب آرائه هذه قام حزب الله في لبنان في تحويل حياته وحياة أفراد عائلته إلى جحيم كنوع من التهديد من أجل كتم صوته ، ولولا شعبيته الواسعة في لبنان والعالم العربي من جميع الطوائف لكانوا قد تخلصوا منه منذ زمن طويل .
٧- سياسة التدمير والتخريب : من يتمعن جيدا في الفرق في مستوى المعيشة للمواطن بين الدول التي تقع تحت سيطرة ولاية الفقيه الخمينية ودول الخليج القريبة منها جغرافيا ، سيجد فرقا شاسعا جدا بينهما . فإيران قبل سقوط الشاه كانت من الدول العشرين في العالم من حيث القوة الإقتصادية ، أما اليوم فنجد أن ٣٥% من سكان إيران يعيشون تحت خط الفقر ، وكثير من الأحيان الموظف الإيراني لا يقبض راتبه لثلاثة أو أربعة أشهر ، نسبة البطالة في الرجال من عمر /٢٠ - ٤٠/ يتجاوز ال/٥٠%/ . دول الخليج إهتمت بسعادة مواطنيها فإتجهت إلى تنمية القوة الإقتصادية والبنية التحتية كسلاح يؤمن حياة العيش الكريم لمواطنيها ويؤمن كذلك حمايتهم دوليا . أما إيران فأهملت البنية التحتية وحياة العيش الكريم لشعبها وإهتمت فقط في صناعة الأسلحة الحربية وتطويرها وزيادة عدد مليشياتها المرتزقة في الدول المجاورة ، فأكبر حلم تريد إيران تحقيقه اليوم هو الوصول إلى القنبلة النووية ، ومن يتمعن جيدا في تأثير هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل على الإنسان والطبيعة سيجد أنه سلاح لا أخلاقي محرم استخدامه في جميع تعاليم الديانات العالمية ولا يلجئ إليه إلا من فقد ثقته بالله وباع نفسه للشيطان . المؤمن الحقيقي هو الذي يسلم أمره لله في مثل هذه الظروف بدلا من أن يشارك في حروب الدمار الشامل التي تحرق وتدمر كل شيء من البشر وحتى الحجر . فالآية القرآنية تقول {... هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ...(٦١) هود} أي أن الله وضع الإنسان في الأرض ليعمرها وليس ليدمرها ، التعمير هو تنفيذ المخطط الإلهي أما التخريب والتدمير فهو تنفيذ المخطط الشيطاني .
٨- سياسة الزنى : رغم أن الآية القرآنية تقول {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (٣٢) الإسراء} وأن قانون نظام ولاية الفقيه الخمينية يعاقب المرأة إذا ظهرت بدون حجاب . ولكن طالما أن الإثارة الجنسية هي أقوى أنواع جذب الرجال ، لهذا إعتمد نظام ولاية الفقيه على هذا النوع لجذب الرجال بهدف زيادة عدد أتباعها . فنجد في إيران وفي جميع الدول التي تقع تحت سيطرة ولاية الفقيه الخمينية يوجد شيوخ معممين من أتباع ولاية الفقيه الخمينية بدلا من أن يعملوا في المساجد والأماكن المقدسة لهداية المسلمين ، يعملون في أماكن مماثلة تماما لدور الدعارة ، وظيفتهم تحقيق إشباع الشهوات الجنسية ، فلديهم نساء من مختلف الأعمار والأشكال لتحقيق جميع رغبات كل رجل ، كل نوع من الرغبة لها ثمن محدد . ممارسة الزنى (باسم الزواج المؤقت) ونشره في المجتمع أصبح حلالا في نظام ولاية الفقيه الخمينية فحق الرجل في زواج المتعة الذي مدته لا تتجاوز البضع دقائق ليشبع شهواته الحيوانية وبالطريقة التي يشتهيها أصبحت صفة هامة من صفات المؤمنين عند أتباع ولاية الفقيه الخمينية .
٦- سياسة الظلام : إن تطبيق هذه الأسس في نشر عقيدة ولاية الفقيه الخمينية كان من الطبيعي أن تكون جميع هذه الدول التي وقعت تحت سيطرة نظام ولاية الفقيه الخمينية ، تعاني يوميا من إنقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة رغم أن معظم هذه الدول هي من الدول المنتجة للطاقة (البترول والغاز) . التيار الكهربائي هو رمز النور والذي يُعتبر المحرك الرئيسي للحياة، فبدون النور لا توجد حياة وبدون كهرباء يتوقف تطور المجتمع ويعود إلى الخلف إلى عصور الإنحطاط . فظهور الظلام في هذه الدول ليس صدفة ولكن علامة إلهية ، المهدي دوره نشر النور لتتابع الإنسانية تطورها نحو الكمال ، أما الأعور الدجال فدوره نشر الظلام لتعود الإنسانية إلى إكتساب الشوائب الشيطانية التي تم تنقيتها من التكوين الإنساني .
القانون الكوني يقول (النتيجة هي أقوى إثبات علمي) ، فظهور الإسلام -مثلا- كانت نتيجته نشوء الحضارة الإسلامية ، أما نتيجة ظهور ولاية الفقيه الخمينية وسيطرتها على إيران والعراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن فكانت إنتشار الفساد والحروب والدمار والمخدرات والفقر والظلام والزنى والذي أدى إلى تهجير الكثير من سكانها خارج بلادهم ليعيشوا في الخارج كلاجئين سياسيين أو لاجئين إنسانيين لأن بلادهم لم تعد دول يحكمها القانون والمؤسسات ولكن دول تحكمها العصابات والمافيات . ورغم هذه النتيجة لحكم نظام ولاية الفقيه الخمينية التي الأعمى يستطيع أن يراها والتي جميعها تؤكد أن هذه العقيدة تتبع عقيدة الأعور الدجال ولا علاقة لها بأي شيء من عقيدة المهدي ، نجد نائب برلماني في العراق يقول لخصومه السياسيين : ضعوها جيدا في عقولكم لن نسمح بخروج السلطة في العراق من سيطرتنا ، السلطة سنسلمها فقط للمهدي المنتظر. وفي سوريا نجد شبيحة النظام تطلق شعار (الأسد أو نحرق البلد) ، وفي لبنان نجد برلماني سابق من حزب الله يقول : إذا البرلمان إنتخب رئيسا لا نوافق عليه سيكون مصيره مثل مصير غيره (ويقصد إغتيال رفيق الحريري) .
لو أن عقيدة ولاية الفقيه الخمينية كانت من وحي إلهي لكانت اليوم تسيطر على الأمة الإسلامية بأكملها ، ولكن كونها من روح الأعور الدجال لهذا أخذ أتباعها في لبنان جزائهم الإلهي ، فعملية تفجير البيجرات التي كان يحملها أشد أتباع ولاية الفقيه الخمينية ، أدت إلى فقدان بصرهم عند معظمهم لتكون علامة إلهية رمزية لها معنى تؤكد بأنهم أتباع الأعور الدجال ، أو إلى فقدان أعضائهم التناسلية كعلامة إلهية بأن نسلهم الروحي سينقرض قريبا جدا من الوجود . فمعنى (لبنان) في اللغة السريانية يعني (قلب الله) ولكن أتباع حزب الله أرادوا تحويل لبنان إلى (قلب الشيطان) ولكن فشل مشروعهم ، مشروع نظام ولاية الفقيه الخمينية.
ليس من الصدفة أن المرشد الأعلى لولاية الفقيه اليوم في إيران اسمه (علي خامنئي) ، وأن الشخص السوري الذي اسمه (أحمد الشرع) هو قائد العملية العسكرية التي قطعت شريان ولاية الفقيه في المنطقة بتحرير سوريا من نظام بشار الوحش الذي يدعي أنه من الطائفة (العلوية) ، فمع تحرير سوريا تم إغلاق السفارة الإيرانية وطرد جميع الميليشيات التابعة لولاية الفقيه الخمينية من سوريا والذين جميعهم يدَّعون أنهم عقائديا يتبعون للإمام علي (علي المزيف) . فاسم المرشد الأعلى لولاية الفقيه (علي) واسم محرر سوريا (أحمد) هو علامة إلهية لها معنى أن (أحمد) الذي يمثل رمزيا القسم الروحي من (محمد) قد نصره الله على (علي المزيف) الذي أراد أن يشوه دور (علي) الحقيقي الذي يمثل رمزيا القسم المادي لاسم (محمد) والذي رمزيا يُمثل الإسلام الشامل .... والله أعلم .
وسوم: العدد 1116