موقفنا الأصعب مع الشركاء المشاكسين
ونعوذ بالله من الشراكة مع الاسفنج، الذي كلما سقيته شرب، ولا يعطي حتى يعصر أو يهصر..!!
عيب يا شباب .. وعيب يا صبايا..
وفي حياتنا الاجتماعية، منذ عهد القصعة، حين تتكاثر الأيدي على القصعة الواحدة، ويكون الطعام مشتركا، كانت لنا شعارات وآداب..
والشعار الأول لكرام تلك المائدة: الإدامة مروّة. أي مروءة. الآن يقول لي أحدهم ما فهمت..
حاضر.. حاضر.. أنا لا أُفهم، لضعفي، فأعيد. فعندما يجتمع الرهط من الناس، والرهط من الثلاثة حتى التسعة، ويكون الخبز على الخوان أو السماط الممدود على الأرض، وافرا، والإدام من طبيخ ونحوه قليلا، تكون القاعدة أن أصحاب المروءات على قصعة الشراكة تلك، يشمون خبزتهم من قصعة الإدام إشماما، تعففا منهم، وإيثارا، وإبقاء على مكانة المضيف، فلعله لا يملك غير ما في القصعة تلك من إدام..
الإدامة مروة..
ثم يُعلّم الآكل منا على مائدة الشراكة تلك، كن الكريم وتظاهر كأنك تأكل،
ثم تعلم وأنت صبي صغير أنك حين تكون على قصعة الشركاء تصغر اللقمة، وتبطئ الحركة، وليس كحتا بحتا، كأنك في سباق..!!
ويقال للصغير لا تدع يدك تطيش في الصفحة، وكل بيمينك، وكل مما يليك..
ثم يزيدون في الرصوصة والتنبيه، وهذه آداب تعلم للأطفال: وإذا انتهى صنف على المائدة فاغضِ.. ولا تتفاصح، خلص الخبز، وهات صحن رز…فلعل صاحب المضيف لا يصل إلى غير الذي حضر..
(وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) ولا ترخي العنان لأنفك، أشم ريح المقلي أو المشوي!!
وها نحن اليوم
نقف في الصف الذي يسمونه وطنيا، فيقول السبعون للسبعة الذين عن أيمانهم: هلموا إلى المائدة، وارحبوا على الحاصل، فيزوي السادة النجبا وجوههم: ما هذا؟ هذا لا يكفينا! ثم يلتفتون إلى الذين على شمالهم، فيقولون لهم هلموا: فيردون ما هذا؟ هذا لا يرضينا!!
لا أشبع الله لهم جوعة، ولا ملأ لهم عينا ولا بطنا..
وعندما يقول بعضنا نرفض المحاصصة الطائفية، نعم نرفض أن تعد اللقم على آكل من القصعة..
ونحن حين يذهب الإعلان الدستوري بثلاثة أرباع حقوقنا، ويستفرغها في آنية غيرنا، ونبتسم؛ فهي ابتسامة الكريم يغضي عن حقه، ويبذل خرو من كيسه..
وإلا فإذا جد الجد، وناقشنا الحساب، وصرنا إلى خلاصة "اليكون" فليس أمام زليخة وصويحبات يوسف إلا أن يقلن: الآن حصحص الحق…
أرجو أن يكون كلامي واضحا، فإذا كان الإعلان الدستوري الذي سماه كتبته توافقيا، لا يرضيهم، فإنه لا يرضينا أيضا. ودعونا نعيد الكتابة ونسمي كل حق باسمه ورسمه…
مسلمون.. مسلمون.. مسلمون..
حيث كان الحق والعدل نكـــــــــــــون
وسوم: العدد 1120