حين نعترف بأنهم اتفقوا على حسابنا..

عقاب يحيى

ليس لجلد الذات، أو تسجيل النقاط.. بل لجملة من الأمور الضرورية الواجبة..

أولاً ـ الاعتراف بالحقيقة ـ مهما كانت قاسية على البعض ورهاناتهم ـ تدعونا لوعي طبيعة المجتمع الدولي .. بشتى مكوناته ودوله وفعالياته.. كيف يفكر هؤلاء. ما الذي يحركهم . موقع مصالحهم في خطواتهم وسياساتهم. الاستراتيجية الكونية وعلاقتها ببلادنا . أخطاءنا وضعفنا . نمو التطرف ومفاعيله ونتائجه . عدم ثقتهم بقوة المعارضة، وبمآل ومستقبل الأوضاع في بلادنا ..

ـ فهم اللوحة الدولية بمجملها، وتفاصيلها تسلحنا بقدرة رسم رؤانا وخطنا السياسي، وتقدير حجم العلاقات وماهياتها.. دون الوقوع بردات الفعل المراهنة، أو تلك اللاعنة التي تختصر الوضع الدولي ببعض الشتائم، والحكم الواحد باللون الواحد.. أو البكائيات.. وصراخ " يا وحدنا"...

ـ إن وعي مجمل تطورات، وبواعث تلك المواقف، بما فيهم روسيا، وحتى إيران، ناهيكم عن الولايات المتحدة، وحتى الدول العربية الداعمة..يمنح الهيئات السياسية قدرة رسم سياساتها وتكتيكاتها وفقاً لذلك.. فلا تنبطح، ولا تجنح للتطرف والقطيعة، ووضع كل شيء في كيس واحد، أو الاتكاء على مقولة المؤامرة.. ثم الندب ..

 ثانياً ـ وعي الحقيقة هذه يعيد المسألة السورية إلى جوهر غايات الثورة ومبررات قيامها : ثورة سورية بالأساس.. عمادها الشباب الثائر، والشعب الملتفّ حولها والمنخرط فيها، وهدفها إنهاء نظام الاستبداد والفئوية من جذوره وإقامة النظام البديل : النظام الديمقراطي، التعددي . نظام المساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين بغض  النظر عن جنسهم وقوميتهم وديانتهم ومذهبهم وعقائدهم.

ـ العودة إلى الثورة تعني الإمساك بالقرار الوطني الذي فلت منا بقوة الحاجة للغير، وضعف فعلنا وأدائنا، واستسهال طلب العون من الآخر بدل وضع الخطط لاستنهاض الوطنية السورية ووسائل الاعتماد على النفس.. وهناك كثير الأفكار والوسائل التي يمكن أن تشكل استناد الثوار، وقاعدة تدعيم لهم.

ـ كما أنها تملي على الجميع أن تكون لدينا رؤيتنا السياسية الخاصة، المنطلقة من واقعنا، ومن تطورات الثورة وآفاق تصيّرها، وقادم بلادنا وما نريده لها.. ولمَ لا مبادرتنا السياسية التي نتقدّم بها للداخل لتكون البوصلة ومحط الاتفاق، وفي التعامل مع الخارج ايضاً.

ـ هذه الحقيقة ربما تعيد الجميع إلى حضنهم الرئيس : الشعب السوري وثواره .. فتُستنبط الوسائل التي تحقق التواصل والتفاعل والتوحيد، وعبرها يمكن استخلاص الحلول الواقعية: سياسية كانت أم عسكرية. وعبرها يمكن بناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الدولية اساسها المصالح المشتركة، والندّية 

ـ وهذه الحقيقة ايضاً تدعو الجميع للتفكير أنه ما من هيئة، ولا تشكيل.. يمتلك الشرعية الفعلية.. وأن الشرعية هي للشعب غير القادر في ظرفه الحالي عن التعبير الحر عنها.. وأن ذلك يعني، غلى جانب التواضع، الاعتراف بجميع مكونات وفعاليات الشعب السوري المعارضة والثورية والمدنية وغيرها.. ودعوتها إلى مؤتمر سوري جامع يكون هو المرجعية، وهو صاحب الصلاحية في بحث الوضع الراهن، والاقتراحات التي يمكن تجسيدها، بما في ذلك طبيعة التعامل مع الحلول الساسية ومضامينها، وشروطها.. وحتى تكتيكاتها الموجبة ..