ماذا تعرف عن التنظيم العالمي للتكفيريين
أحمد عبد الرؤوف الجمّال الحموي
انتشرت في العقود الأخيرة من القرن العشرين وفيما انقضى من سنوات من هذا القرن (الحادي والعشرين) كلمات ومصطلحات لم تكن منتشرة فيما مضى على الرغم من أنها كانت موجودة في اللغة العربية ومعروفة لدى شرائح من الناس ومن هذه المصطلحات مصطلح التكفير والتكفيريين ومصطلح الارهاب .
إن قضيتنا في هذا البحث هي مصطلح التكفير والتكفيريين فقط ، ولا بد من القول بداية ان هذا المصطلح قد استُغل وسُخّر بشكل مدروس لمحاربة الإسلام الحقيقي الأصيل وهو الإسلام الذي يُطلق عليه (الإسلام السني) .
معنى مصطلح التكفير :
معنى التكفير أن يحكم الإنسان على غيره ممن لا يعتقد عقيدته ذاتها ولا يؤمن بما يؤمن هو به بالكفر في الدنيا وبعذاب النار في الآخرة.
وهذا القدر موجود في الأديان والمذاهب كلها ومن المكر السيئ أن يحاول بعض الباحثين جعل تكفير الآخر أمراً لا وجود له إلا عند المسلمين (السنّة) والحق أن تكفير الآخر موجود وثابت في الأديان عامة ولو أن مسلماُ سأل رجل دين نصرانياً أو يهوديا أو هندوسياً أو رافضياً عن حكمه على المسلمين لأجاب كل واحد من هؤلاء – إن لم يكن كذاباً أو مراوغاً- أن المسلمين كفار وهم يوم القيامة من أهل النار . ويظهر من هذا أن الجميع تكفيريون سواءٌ اعترفوا أو أنكروا ، هذا إذا أُريد بالتكفير المعنى الذي ذكرتُه دون زيادة . وإنه لمن الجهل الذي يزري بصاحبه ومن الظلم والانحياز حصر هذا الأمر بالمسلمين وتبرئة غيرهم منه ؟
ما رواء التكفير :
إن بعض الأديان والمذاهب تقف عند حد التكفير لا تتجاوزه ولا تتعداه فهم يكفرون الآخرين لكن لا يرون أن كفر الآخرين يبيح قتلهم والاستيلاء على أموالهم والاعتداء على أعراضهم . ومادام الأمر مجرد اعتقاد دون أن يترتب عليه شيئ ما فالخطب إلى حد ما يسير وللانسان أن يعتقد في غيره ما يشاء دون إيذاء أو تطاول أما أنت فلن يضرك اعتقاد الآخرين فيك عند الله وماذاك إلا لأن حساب الإنسان ومجازاته يوم القيامة ليست قائمة على ما يعتقده أتباع الأديان والمذاهب الأخرى فيه بل حسابه على الله الحكم العدل الذي لا تخفى عليه خافية وهو الذي يفصل بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون .
ويدعي كل من اليهود والنصارى أن الجنة حكر عليه وهذا ادعاء لا قيمة له إذ هو رجم بالغيب، قال تعالى مخبرا عن زعم أهل الكتاب (لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى تلك أمانيهم) نعم إنها (أمانيّ) كاذبة لا برهان عليها . وقد ادعى الروافض تأثرا باليهود والنصارى مثل هذه الدعوى وقالوا : إن الدنيا والآخرة للإمام وإن الإمام لن يُدخل الجنة إلا من كان من شيعته وهي محرمة على غيرهم . وأيضا تلك أمانيهم .
ونقول لأهل الكتاب وللروافض وغيرهم من مدّعي احتكار الجنة أن من كان منكم قادراً على معاندة الله فليقف على أبواب الجنة وليمنع المسلمين من دخولها إن كان باستطاعته ذلك وهيهات.
لكن الأخطر من التكفير هو ما بناه الروافض عليه من التحريض على قتل المُخالف وخاصة النواصب الذين يقصدون بهم المسلمين وقد قرروا في معتمد كتبهم أنّ قتلنا قُربة وطاعة – وليس مباحاً فقط – وهو قُربة حتى لو لم يكن ثمّة حرب أو سبب ما يدعو لهذا القتل أو يسوغه بوجه من الوجوه .
إن التكفير من صُلب عقيدة الروافض، وهو تكفير عابرٌ للأجيال فقد كفروا الصحابة رضي الله عنهم ثم من جاء بعدهم من المسلمين في كل أرض إلى قيام الساعة وبهذا فإن تكفيرهم عابر للقارات أيضا وليس عابراً للأجيال فحسب .
وبما أن الروافض لم يكتفوا بالتكفير بل أضافوا إليه وزادوا عليه قتل المخالف دون تفريق بين محارب وغير محارب وبين مواطنيهم وغيرهم فهم أخطر فئة تكفيرية عرفتها البشرية .
ومما يدعو للأسى أن هذه العقائد ثقافة راسخة عند الروافض تزخر بها كتبهم ويتوارثها جيلٌ عن جيل وينشأ عليها الصغير ويشيب عليها الكبير . ومن شبه المستحيل أن يفهم دارس ما مهما كان مبلغه من العلم أحداث المنطقة وما يجري في سورية تحديداً إلا إذا عرف عقائد الروافض هذه ولذا فإن الذين ينظرون إلى الأحداث من ناحية سياسية فقط لن يحالفهم الصواب وسوف تثبت الأيام قصر نظرهم وغياب الحقيقة عنهم ثم بعد هذا كله لا يخجل حسن نصر الله أن يدعي أنه هاجم سوريا ليحارب التكفير والإرهاب ونحمد الله تعالى أن العالم عرف ورأى إلا العميان من هم التكفيريون والإرهابيون الحقيقيون .
وبعد فظاعة ما بينته من تجرؤ الروافض على تكفير المسلمين والحضّ على قتلهم فإن هناك ما يزيد الطين بلة ويوسع أذاهم وينظمه ألا وهو وجود تنظيم عالمي لهم وهذا يجعلهم أكثر المذاهب المحسوبة على الإسلام إرهاباً وضررا. ولو ظلّ الروافض أفرادا كغيرهم من الناس لا يجمعهم تنظيم لكان خطرهم وضررهم أقلّ وأضعف ولكنّ احتشادهم تحت مظلة تنظيم يضاعف أذاهم ويضخم شرورهم .
ولربما جهل كثير من الناس أن للروافض تنظيماً عالميا وسبب هذا الجهل أمران ، أولا : عدم إعلان الروافض عن هذا وعدم التصريح به ، وثانيا : عدم معرفة كثير من الناس ما معنى التنظيم العالمي لذا لا بد من بيان معناه بإيجاز .
إن معنى التنظيم العالمي مهما كانت ايديولوجيته ارتباط مجموعات من الناس ذوي فكر واحد وعقيدة واحدة من دول متعددة ومناطق شتى في العالم بقيادة مركزية ومرجعية موحدة تنظم الجميع وتأمر وتنهى.
وإذا نظرنا إلى واقع الروافض نرى أنهم – سواء أكانوا في لبنان أم في سوريا أم في العراق أم في اليمن أم في السعودية أم في البحرين أم في كل مكان هم فيه – يرتبطون ارتباطا قويا ويخضعون خضوعا كاملا للمرشد الأعلى والمؤسسات التابعة له في إيران ويؤمنون بولاية الفقيه ولا يخرجون عن رأيه وأضرب مثالا واحدا على التبعية لولاية الفقيه أن حسن نصر الله افتخر أكثر من مرة علناً وعلى الفضائيات بانتسابه إلى مدرسة ولاية الفقيه وارتباطه بها ، وما إقدامه على دفع أفراد حزبه الطائفي إلى سوريا لمشاركة المجرم بشار بذبح الشعب السوري وإخماد ثورته إلا تنفيذا لأوامر المرشد الأعلى في إيران .
كما أن المتابع لأحداث المنطقة يدرك بوضوح أن ايران تحرك أتباعها متى أرادت -في الدول التي ذكرناها قبل قليل- للأذى والضرر حتى إنه ما من فتنة في عالمنا العربي والإسلامي إلا ولإيران دور فيها .
ومن مظاهر هذا التنظيم الطائفي العالمي أن ولاء الروافض حيثما كانوا ليس لأوطانهم التي ولدوا ونشؤوا فيها وإنما هو للقيادة العليا في إيران التي تحركهم كالدمى كيف تشاء .
وهكذا فإن جميع عناصر ما يعتبر تنظيما عالميا متوفرة لدى الروافض ويزيد تنظيمهم هذا خطورة الأمور التالية :
1- أنه ليس تنظيما شعبيا حزبيا بل هو تنظيم طائفي ترعاه دولة قوية كبيرة .
2- هذه الذولة بترولية وهي ترصد المليارات لتغذية فروع تنظيمها العالمي ونشر المذهب وتحقيق الأهداف .
3- أتباع هذا التنظيم يمتازون بطاعة عمياء لقيادته ولا رأي لهم أمام أوامرها .
4- لهذا التنظيم التكفيري العالمي وجود وامتداد في كل دولة فيها مجموعة من الروافض وهذا يؤدي إلى اتساع رقعة أذاهم.
ولعل هذه الدراسة بينت بما لا يدع مجالا للشك أن الروافض أخطر تنظيم تكفيري يعتمد القتل في العالم لكن العالم ساكت عنه ليستخدمه في مواجهة الأسلام الحقيقي وتمزيق الأمة وإنهاكها وتشويه صورتها وسمعتها .
ولك أخي القارئ أن تعجب من حكام العرب الذين يخيفهم الإخوان بتخويف من الغرب مع أن الإخوان لم يقوموا بانقلابات عسكرية ولم ينصبوا المشانق للمخالفين ولم يملؤوا السجون بهم بل إن خصومهم هم الذين فعلوا ويفعلون بهم هذا في أكثر من دولة لكن حكامنا لمرض في نفوسهم وبأوامر غربية يحاربون الإخوان ويغفلون عن التنظيم العالمي الرافضي وندائي لأولي امرنا ورجائي أن ينتبهوا قبل أن يدخل الروافض قصورهم ويقطعوا رقابهم وهم سادرون .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين
أحمد عبد الرؤوف الجمّال الحموي
نائب رئيس جمعية علماء حماة سابقا
عضو مؤسس في رابطة أدباء الشام
عضو مؤسس في رابطة العلماء السوريين
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين