لا قرار في الائتلاف خاص بحضور مؤتمر جنيف ..

وما قيل تهيؤات شخصية أوصدمة تمهيدية

زهير سالم*

[email protected]

يعيب النقاد على القصيدة العربية غياب الوحدة الموضوعية عنها . يقول الناقد الحديث إن البيت الفرد القائم بنفسه هو أساس القصيدة العربية . لذلك يسهل عليك أن تقدم وتؤخر وتجتزئ وتروي ما شئت من الأبيات منفردا . بينما يذهب الناقد العربي القديم أن البيت يكون أقوى سبكا عندما تستطيع أن تستشهد بشطره فيكون كلاما مؤديا بليغا ، أو بشطر شطره فيؤدي ما تنتظر منه ..

تحضرني هذه المعاني وأنا أتابع مشهد تشكيلات المعارضة السورية . وتحضرني كذلك صورة عنقود العنب . الذي مهما تزاحمت وتراصت حباته يبقى لكل منها خصوصيتها وذاتيتها . بذرة الرمان رغم غلاف الثمرة المحكم يبقى لكل بذرة منها خصوصيتها وفرديتها واستقلاليتها . ويبدو  لكون الفرد هو النواة الأساسية في عالم الخلق فقد قرر البعض أن يتمسك بفرديته في عالم الأمر ..!!!

هناك عجز واضح من القوى السياسية السورية على الارتقاء من العقل الفردي إلى العقل الجمعي ، والموقف الجمعي . والقرار الجمعي . لا أكتب هنا عن مواقف أشخاص هامشيين يعيشون على ضفاف القرار أو بعيدا عنه ، وإنما أكتب عن شخصيات تعتبر نفسها من فقار ظهر القرار السياسي الجمعي  للثورة السورية أو من عظام رقبته ثم تتصرف فرديا وكأنها شطر بيت في قصيدة . بعد ثلاثين شهرا من عمر الثورة ما زال كل فرد فيها يؤثر أن يعزف على وتر . والضوضاء أيضا يمكن أن تعتبر سيمفونية ويقول لك البعض ما أروع المايسترو ...

لقد فاجأ ( رئيس الائتلاف الوطني ) زملاءه في الائتلاف والسوريين والعالم بتصريح غير مسبوق ( فقعه ) بلا تمهيد ولا مناسبة . أعلن فيه باسم الائتلاف الذي هو رئيسه أنه مستعد للذهاب إلى مؤتمر جنيف . مؤتمر الجنيف الذي لا يزال الداعون إليه مختلفين فيه !!

 في اليوم التالي للتصريح المفقوع  اضطر صاحبه إلى ترقيعه وفي هذا أبلغ الدلالة على أنه لم يمر كما هو مطلوب على مؤسسات الائتلاف صاحب الحق والاختصاص .

وبغض النظر عن صوابية تصريح رئيس الائتلاف عن حضور مؤتمر جنيف أو خطئه فإنه كما تسرب من أولي العلم أن التصريح فردي . وأنه لم يمر على مؤسسات الائتلاف . وأنه لم يستشر فيه الشركاء الحقيقيون .

 ربما يثير استغراب السوريين أنه حتى الآن لا يوجد أي قرار جماعي معتمد عن مؤتمر جنيف ( العنوان ) المرفوع  . وأن كل هذا الذي يعلق به المعلقون ، ويغرد به المغردون فوق الفضاء وتحته هو مجرد تهيؤات أو رؤى فردية يصفها البعض أنها ضمن دائرة ثوابت الثورة ، التي لم يعد أحد يعرف لها ثابتا بعد أن تم التفريط بهوية الدولة وبوحدة الشعب السوري ..

لا أحد يرفض أن يمتلك الائتلاف والعاملون في فضائه دائرة من الصلاحيات يتحركون فيها ، شريطة أن تكون أبعاد هذه الدائرة محددة بعناية من قبل تفكير جمعي مسبق متفق عليه ومقرر . المبادرة الفردية ضرورية ومهمة على أن يتم توشيحها دائما بالإرادة الجمعية للقوم المؤتلفين ..

إن العقلية الفردية ، ونهج ( ما أريكم إلا ما أرى ..) لا يثير القلق فقط بل يثير الخوف والفزع أيضا . وهو النهج الذي دفع السوريون مئات الألوف من الشهداء والضحايا للانتصار عليه .

 منهج قطع الطريق على من يفكر ويقدر لجعل الرؤية الفردية ، أو المرسومة من الدوائر العليا أمرا واقعا ، منهج مرفوض ويجب أن يبادر السوريون إلى إعلان رفضه وليس أن يتريثوا . بل على الممسكين بالقرار أن يتريثوا قبل أن يورطوا ويتورطوا ...

 قبل أن نتحدث عن جنيف أليس من الواجب أن يعلمونا : عن أرضية المؤتمر وعن سقفه وعن أهدافه ، وعن أطرافه وعن طبيعة المشاركين والممثلين فيه  وعن دورنا فيه . ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

يقول البعض: اطمئنوا إن التصريح بالذهاب إلى جنيف المؤتمر المجهول المعالم لم يصبح قرارا بعد في الائتلاف الوطني . وأن قرار الذهاب يحتاج إلى ثمانية وخمسين صوتا من الصعب في صيغة جنيف الحالية أن تأتلف ؛ كلام سمعناه يوم صدمونا بقرار التنازل عن هوية الدولة  وعن وحدة الشعب  ...!!!!

 حري بالقائد الذي يعطي الحقوق لنفسه وينطلق في طريقه لا يلوي على أحد أن يلتفت في لحظة فلا يجد خلفه أحدا ...

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية