حين يتسابق أهل الخفة لجني الثمار
يستعد العقلاء لاحتواء الدمار
زهير سالم*
مرة أخرى يضع بشار الأسد ولفيفه سورية وشعبها على حافة الهاوية . ويجعلها هدفا ليس لأدوات دماره هذه المرة بل لأدوات الدمار الدولية . وبعد الأسلحة الغبية التي تفنن أغبياء عصابة الأسد في استخدامها ، جاء الدور للأسلحة الذكية لينعم المواطن السوري بثمارها.
بنفسية الغريق الذي يعجبه أن يتعلق ولو بغير شيء – كما يقول المتنبي - يرى جمهور كبير من السوريين أن هذه الأسلحة الذكية ستثبت ذكاءها ، وستحافظ عليه ، وأنها ستكون مبضع الجراح الذي يعرف كيف يفصل الشحم عن الورم . وينسون أنه حتى مبضع الجراح هذا ناداه شاعر مهاجر يوما : رفقا بقلبي مبضعَ الجراح .
لن نضيّق على الناس فسحة الأمل . ولن نغلق في وجوههم نافذة التنفس الوحيدة التي تركها بشار الأسد لهم . الحلم بنافذة تضخ الهواء الملوث في مواجهة قذائف بشار الأسد الكيماوية التي تنفث مع ريح الموت الصريح رائحة الكراهية والحقد والبغضاء ..
وحين يغتصب بشار الأسد ولفيفه لأنفسهم حقوقا في أن يكذبوا وأن يضللوا وأن يقتلوا بكل وسائل القتل التي وصلت إليها أيديهم حتى الآن ، بدأ من القتل بالعصا وبالكهرباء تحت التعذيب وانتهاء بالطائرات الحربية والصواريخ البعيدة المدى والقنابل الفراغية وقذائف النابلم وأخيرا غاز الإبادة الجماعية الذي يهلك الحرث والنسل ؛ فلن يلام مواطن سوري منتهك كل حق من حقوقه أن يجد خلاصه من أي سبيل ظنه أو خاله أو حسبه . وحين نقرُّ للمواطن المأزوم والمنتهك في أن يظن أو يخال أو يحسب ، فإن ذلك الحق لن يكون بعض حق أولي الحزم والعزم المناط بهم حسن التقدير وسداد التدبير .
يؤسفنا أن نلحظ على الساحة السورية من يظن أن الضربة الدولية قادمة لتفعل له وليس به . وهو بهذا المفهوم ينتظرها بلهفة طفل إلى صباح عيد ينتظر فيه أن يفتح علب هداياه ...
يقف العقلاء – بين يدي الوعيد - على الطرف الآخر أيديهم على قلوبهم وهم يدعون :
رب سلّم ..رب سلّم ..
في ساعات قادمة ربما لا تكون بعيدة ستكون سورية والسوريون على موعد مع قذائف موت ودمار تسقط على ديارنا ، وفوق رؤوس أهلينا ..
قذائف موت ودمار مهما قيل عن ذكائها فكم سمعنا قبل فحيحها على أسرة النيام ، ومهود الأطفال ، وكم تابعنا أخبار أخطائها بعيدا في أفغانستان وقريبا من ديارنا على أرض العراق ,,,,,,,
كيف سيتصرف العقلاء ؟! وبماذا سيوصون ؟! وماذا سيعدون ؟!
مادة أخرى تفرض نفسها على أجندة العقلاء ، إذا كان ما سيجري لا يد لنا فيه ، ولا قدرة لنا على دفعه ، كما لاقدرة لنا على الإطاحة بمن استدعاه وكان سببا فيه ، فلا أقل من أن نتدارس كيف نحتوي السلبي من آثاره ، ونقي أطفالنا ونساءنا ورجالنا مرة أخرى من شر تداعياته ..
دعوة إلى الفعل الإيجابي نوجهها إلى العقلاء من أصحاب القرار المناط بهم أن يعدوا لكل أمر عدته ، وأن يفصلوا لكل حال لبوسه ، دعوة يفرضهاعليهم قول ربهم ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ) .
والأمر جدٌّ وخطير ..
والمواطن السوري المحاصر بسحب موت الكيماوي وقذائف الدمار الخارجي بحاجة إلى اليد الحانية : التي ترشد وتعلم وتساعد وتسعف وتناصر . فهل في القوم الذين يمسكون قرار المعارضات من يعي هذا ؟! بل من يعنيه هذا ؟! بل من يهتم لهذا ؟!
ورضي الله عمن قال : لو أن دابة عثرت على شط الفرات لخشيت أن يسأل الله عنها عمر : لم لم تعبد لها الطريق ...؟!
لم يا عمر ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!
بلاغ ممن لا يملك غير البلاغ.
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية