حمص والنصيرية في وثيقة وحيد العين

محمد سرور زين العابدين

الشيخ محمد سرور زين العابدين

حمص والنصيرية في وثيقة وحيد العين

يشهد العالم كله منذ عام وزيادة المجازر التي ارتكبها النظام النصيري بمدن وقرى محافظة حمص : تلكلخ ، الرستن ، القصير ، تلبيسة ، الحولة . وهذه المجازر تشتد حول خمص العاصمة حتى تبلغ حد التدمير . نحن أهل سورية ومعنا العرب والمسلمون : نصرخ ، نشكو ، نبكي ، نتابع بتوتر هذه المشاهد بالصوت والصورة .. فيرد علينا الفرس أو رافضتهم أو الروس بالمساعدات العسكرية والمادية يرسلونها لنظام آل الأسد ، وكذلك بالخبراء والمقاتلين وهذا كله ليستعين به النظام على قتل أهلنا في الشام . أما أمريكا وحلفاؤها فتبيعنا كلاما ً متناقضا ً ولا تخفي بشكل أو بآخر خوفها من المارد " السني " الذي تطلق عليه الأكثرية ، كما لا تخفي خوفها على مستقبل الكيان الصهيوني – حليف النظام النصيري - .

تذكرت وأنا أتابع عملية تدمير حمص وثيقة ً كان قد نشرها شيخ نصيري بتاريخ ] 25/11/1387 هـ [ أي بعد هزيمة حزيران 1967م باسم : عبد الرحمن . خ وغلب على الظن في ذلك الحين أنه عبد الرحمن الخير من أهل مدينة " جبلة " الساحلية ، وهو معروف عند أهلنا في الساحل السوري .

والسؤال الذي يسأله كل من اطلع على هذه الوثيقة كيف أقدم هذا الشيخ على نشر هذه الوثيقة السرية الخطيرة ، وكيف تركوه يمشي على الأرض بعد نشرها ، وتاريخهم في هذا الشأن معروف ؟! .

فكان جواب أكثرنا : الشيخ شخصية مهمة ، وقد صحا ضميره فأعلن إسلامه ، ومن ثم فهو ابن عائلة لها ثقلها داخل الطائفة ولا يستطيعون قتله .

أما اليوم فأرى تفسير بعضنا لا يخلو من سذاجة وحسن ظن ، فموقف الطائفة بعد هزيمة حزيران كان ضعيفا ً ويخشون أن يفاجئهم انقلاب عسكري يطيح بالنظام فأراد إنقاذ الطائفة وتحميل المسؤولية لمجموعة من الضباط المغامرين ، ودليلي على ذلك بأن الشيخ غيّر موقفه بعد انقلاب حافظ الأسد عام 1970 م ،وتبين أنه ما يزال على دين قومه ويزعم بأن ما ينسب إلى الطائفة من عقائد ومواقف لا أصل لها ، فهم مسلمون وكفى !! ثم لم يعد يعترف بهذه الوثيقة وبما ورد فيها من أسرار   خطيرة .

وثيقة وحيد العين ليست أول وثيقة تكشف سعي النصيريين من أجل إقامة دولة خاصة بهم . لقد أقامت فرنسا لهم دولة ً في أول أيلول سنة 1920 م اسمها ( دولة العلويين ) وعين لها حاكم فرنسي . ورفض زعماء الجبل وحدة سورية سنة 1936 م ، كما أعلنوا العصيان المسلح سنة 1946 م .

ويسعى النصيريون منذ القديم إلى النزوح إلى الساحل وإلى مدينة حمص التي يعتقدون أنها مدينة سيدهم وحيد العين ، كما جاء في كتبهم السرية .

شيخ عشيرة حمصية عركته الأيام فألبسته وعيا ً وثقافة ً. كان من المسؤولين في الحزب القومي السوري ثم ترك الحزب وتاب إلى الله . حملت إلى الشيخ هذه الوثيقة في عام 1402 هـ ، فقال رحمه الله :

منذ خمسين سنة سمعت النصيريين يغنون في أعراسهم الأغنية التالية :

عين عيني الشيخ صالح                    المجيدل صارت ضيعتنا

وبكرة بنوخذ فيروزة                      وحمص مدينة سيدنا

الكلمات :

الشيخ صالح : أي صالح العلي .

المجيدل : قرية بين حمص والجبل سيطر النصيريون عليها وطردوا منها أهلها .

فيروزة : قرية تقع في وادي النصارى القريب من حمص ، ويعنون أنهم سيحتلون فيروزة بعد أن احتلوا المجيدل .

وحمص مدينة سيدنا : أي سيدهم وحيد العين ، وهي عاصمة دولتهم التي يتطلعون إليها ويعملون من أجل إبرازها إلى حيز الوجود .

وإذن منذ خمسين سنة وعامة النصيريين يعلمون بمخططات قيادتهم ، وقد ذكرت هذه الأغنية لبعض أصدقائي والذين يسكنون المدن والقرى المجاورة لجبال النصيرية فأكدوا صحتها ... وإلى الله المشتكى من كيد الكافرين وضعف المؤمنين وفيما يلي نص الوثيقة :

بسم الله الرحمن الرحيم

وحيــد العيــن

بيان إلى أبناء الطائفة العلوية

إخواني في العقيدة أبناء الطائفة النصيرية في كل مكان :

في هذه الفترة التي تسير فيها سورية الحبيبة المناضلة المجاهدة بخطى سريعة نحو الموت والفناء ... أبت علي كرامتي ووطنيتي وإخلاصي لطائفتي وأمتي العربية أن أقف مكتوف اليدين والألم المضض يهصر قلبي لما آل إليه وضع البلاد التي تتخبط بالفوضى والاستئثار ، والخيانات والسرقات ، وبذر بذور الطائفية الرعناء ، وكبت الحريات بشكل تأباه العدالة والكرامة الإنسانية حيث لم يبق قانون ولا حق ولا دين ، بل تصرفات صبيانية رعناء يرتكبها صلاح جديد وحافظ الأسد باسم "حزب البعث " من حيث الظاهر ، وباسم الطائفة النصيرية العلوية المسلمة من حيث الباطن .

لذلك رأيت من واجبي ، بعد أن لمست تلاعب الطغمة الحقيرة بعقول السذج من مشايخ وأبناء الطائفة أن أضع النقاط على الحروف مبينا ً أوجه الخطر المحدق الذي يهدد كيان الطائفة ويمرغ سمعتها في الأوحال .

وأنا لا أقصد من وراء عملي هذا الطعن في شخصية الطائفة النصيرية المسلمة التي يشرفني الانتماء إليها ، بل اثبات الوقائع واظهار الحقائق لتلافي الكارثة قبل وقوعها ، ولأطمئن على مصير الطائفة بعد أن تتخلص سورية من هذه الطغمة الحقيرة السادرة في غيها . إذ لابد أن يأتي اليوم الذي سيطوّح الشعب بغاصبيه الذين جروا البلاد إلى شفا الخراب والدمار بوحي من الصهيونية والاستعمار .

أخي العلوي :

أستصرخ ضميرك الحي يا من كنت عبر التاريخ رمزا ً للسمو الخالد ومثالا ً للكفاح المرير لتعلن تنصلك ممن جعلوا طائفتك مضغة ً في الأفواه ... وأبرأ إلى الله من مسؤولية هؤلاء وأعتبرهم مسؤولين عما يحدث لاشباع شهواتهم المتعطشة إلى  التسلط .

كان لابد من توجيه هذا النداء الحار قبل الدخول في صميم الموضوع كواجب لابد من أدائه باعتباري أحد أبناء الطائفة  العلوية ، وأنا أتطلع بألم وحزن إلى موقف الطائفة العلوية الحرج حيث راح أعداؤنا يرموننا بعين النقد بالرغم من أعمالنا المسجلة في تاريخ الكفاح السوري بمداد من الفخر والشرف والمجد ومناهضة الاستعمار وحب الحرية .

تأثير الفرق الغالية في الإسلام على وحدة الصف العربي :

ليس بمقدور الإنسان المدرك والمواطن الصالح الذي ينهد إلى الكمال والمثالية متجردا ً جهد الطاقة من التعصب الديني ، متمسكا ً بحرية التفكير ، معتمدا ً على العقل والمنطق للاهتداء إلى الحق والوصول إلى الحقيقة الخالصة من التعصب ... إلا أن يطلق كلمة الصدق عالية مجلجلة ليسمعها القاصي والداني .

أخي في العقيدة والوطنية والعروبة :

لا تعتب علي ولا تكل لي الاتهامات جزافا ً إذا كنت صريحا ً معك إلى هذه الدرجة من الصراحة ، لأنني أشعر وأنا أضع بين يديك هذه الحقائق بأنها ستكون لك مشعلا ً ينير لك الطريق ويرشدك إلى سواء السبيل ، وتسهل لك نبذ الترهات والسفاسف إذا ما رجعت إلى ضميرك الحي وعقلك السليم بإرادة قوية وعزيمة ثابتة وإيمان مكين بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد .

أخي في العقيدة :

تعال معي لنعد قليلا ً إلى الوراء ... إلى ذلك اليوم الذي بعث فيه رسولنا الكريم ونبينا العظيم بالهدى ودين الحق ليخرج الناس بإذن الله إلى صراط العزيز الحميد .

بعثه الله رحمة ً للعالمين ، لينشر دين التوحيد في العالم كله ، ويصلح العقائد الفاسدة ويدعو الناس إلى المثل الأخلاقية العليا ، والمساواة والحرية ، ومناصرة الفضيلة في ضوء العقل والمنطق .

ولقد طالب النبي المختار صلى الله عليه وسلم الناس كافة ً بالإيمان بالله وحده لاشريك له ، والإخلاص في عبادتهم ، والتعاون على البر والتقوى ، والامتناع عن الإثم والعدوان بعد أن أعلن بأن الدين لله .

ولم يعتمد عليه الصلاة والسلام في أداء رسالته إلا على العقل والحجة والتفكير المنطقي السليم ولم يكن لديه من المعجزات إلا كتاب الله .

ولما كان العرب قبل ظهور الإسلام متفرقي الكلمة ، مضطربي الأحوال ، فقد استطاع الرسول الكريم أن يجمع كلمتهم ويوحد بينهم ، ويزيل الخصومات ويؤلف بين القلوب ، فأصبحوا إخوانا ً متحابين متعاونين بعد أن كانوا أعداء متقاتلين .

نعم يا أخي في العقيدة تمكن البشير النذير والسراج المنير أن يجمع العرب على دين واحد هو توحيد الله ، وعلى رئيس واحد هو رسول الله وقانون واحد هو كتاب الله .

وبذلك استطاعوا أن يفتحوا العالم ، ويرثوا مجد الفرس والروم في أقل من قرن .

ولكن العناصر الشعوبية التي دخلت الإسلام واستطاعت أن تتسلل إلى المراكز الدينية الحساسة هالهم عندما لمسوا تضامن العرب واتحادهم وما وصلوا إليه من أمجاد ، فراحوا يبثون روح التفرقة والتنازع ويبذرون الاختلافات باسم الغيرة على الدين والحفاظ عليه .

ومما لا يقبل الشك أن هؤلاء قد استطاعوا أن يتلاعبوا بعقول بعض السذج من الموتورين والحاقدين والغلاة الذين التفوا حولهم بعوامل الحب والولاء لآل بيت رسول الله صلى الله وعليه وسلم .

وأول خطوة اتخذت لزلزلة أركان الدين الحنيف هي الخطوة التي ابتدعوا فيها فكرة الإمامة وأنها حق مفروض على الأمة الإسلامية من عند الباري عز وجل ، ولقد أعطوها صفات قدسية روحانية لا تمت إلى الإسلام بأية صلة ، وقالوا إنها حق مكتسب لآل بيت الرسول جاءتهم من عند الله ، وأن الشمس تستحق التقديس عند شروقها ومغيبها .

ومع مرور الزمن تطورت هذه الفكرة فوضع لها أصول وأحكام وشروط أوصلت الإمام إلى مرتبة الألوهية ، والشمس إلى العبادة .

والخطوة الثانية التي اتخذت في هذا المجال كانت إيجاد التأويل الباطني والقول بالباطن والظاهر وذلك لتقويض دعائم الذين واستئصال شأفته ، وما عتموا بعد ظهور هذه الأفكار أن تفرق المسلمون أصحاب الدين الواحد إلى فرق ومذاهب شتى متناحرة متنابذة يلعن بعضهم بعضا ً ويكفّر أحدهم الآخر ، مما أدّى بالتالي إلى إزهاق الملايين من النفوس البريئة على مذابح النعرات الدينية .

أخي في العقيدة :

أراك بعد كل هذا وقد أصبحت في غاية الشوق إلى معرفة بعض الحقائق عن مذهبك وعقيدتك الباطنية لتعرف إلى أي مدى تنسجم مع الدين الإسلامي ولتتأكد بنفسك الخيرة نوعية الأمور الدخيلة عليه .

هلم معي لندرس سوية بعض النصوص الخطية التي زرعها في كتبنا الدينية السرية من يسمونهم الحجج والأبواب والنجبا والنقبا أمثال :

المفضل الجعفي وميمون القداح ، وأبو شعيب النميري ، وأبو الخطاب وغيرهما .

لنرى إلى أي حد تنسجم مع الإسلام وإلى أي مدى تخدم الصهيونية :

كيف أسس المذهب النصيري :

تاريخ الباطنية في الإسلام يرمز من طرف خفي إلى أولئك الغلاة أصحاب البدع الذين تبرأ منهم جعفر الصادق (ع) استطاع هؤلاء أن يتلاعبوا في صفوف الشيعة ففرقوا شملها وجعلوها فرقا ً وأحزابا ً يتزعم كل منهم إحداها ويضع لها الأسس والمباديء التي تتفق مع ميوله والغاية التي ينتهي إليها والهادفة إلى تقويض دعائم الدين ، ومن هؤلاء :

1-      ميمون القداح الديصاني اليهودي الفارسي مؤسس الفرقة الميمونية وواضع المباديء القرمطية الهدّامة .

2-      المفضل الجعفي أصل كل رواية باطنية ومؤسس الفرقة المفضلة الغالية .

3-      أبو الخطاب المجوسي الذي يمت بصلة القربى لأحد الكهان اليهود في البصرة ، ولما شعر الإمام الصادق (ع) بأنه استطاع أن يغوي ولده اسماعيل بن جعفر تبرأ منه ونزع ولاية العهد عن ولده اسماعيل . وبالرغم من كل هذا تمكن من إيجاد الفرقة الخطابية ، وساهم بوضع مباديء الإسماعيلية والقرامطة .

4-      محمد بن سنان خازن علم الباطن ومؤسس الفرقة السنانية .

أخي العلوي في كل مكان : لا تتسرع في الحكم قبل أن تنتهي من مطالعة كل الحقائق التي سأسردها عليك لتعرف مواطن الداء ومن هم أصل البلاء.

أما أنا فأقول لك بأن أصل الغلو والزندقة والتطرف هؤلاء الأربعة مجتمعين لأنهم كما يشتم من تاريخهم الأسود اعتنقوا الإسلام وافتعلوا الولاء لآل بيت رسول الله للتغطية ، وليتمكنوا من تنفيذ المخطط اليهودي الهادف إلى تحطيم الدين الإسلامي ... هؤلاء هم الذين وضعوا الأسس والمباديء العقائدية الباطنية الغالية ، وظلت الفرق التي نوهنا عنها آنفا ً تعمل بموجبها حتى عام 260 هـجرية حيث أعلنت غيبة الإمام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري (ع) عندما ظهر من أحفاد هؤلاء شيخ آخر ( وحيد العين ) يتمتع بذكاء خارق ودهاء منقطع النظير هو ( أبو شعيب بن نصير البصري النميري ) الذي عكف على دراسة المباديء والأسس لكافة الفرق الشيعية المتطرفة فصهرها في بوتقة واحدة وصاغ منها المعتقدات النصيرية السرية التي لايزال حتى يومنا هذا القسم الأكبر من المشايخ السذج يطبقونها وينطلقون منها في وعظهم وإرشادهم ، ولقد جعل ( أبو شعيب ) أو سيدنا ( وحيد العين ) ( قدّس الله سره ) المحور الرئيسي الذي تدور عليه العقيدة اطلاق صفة الألوهية على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتسميته ( بأمير النحل ) حيث شبه المؤمنين بالنحل وهو أميرهم ، كما منح نفسه لقب الباب الذي يحل محل ( أمير النحل ) ويمثله .

ثم جاء بعده الشيخ الجنبلاني ، والجلي ، والزاهري ، وجبين المذهب الشيخ علي الصوري ، والخصيبي ، فأوجدوا المراتب والحجب والأظلة والقباب ، والنقبا والنجبا ... الخ ودعوا إلى عبادة الشمس والقمر والحلول أي حلول ( الألوهية ) في ( أمير النحل ) وبابه سلمان الفارسي وأن سلمان خلق المقداد ، والمقداد خلق الناس ، لذلك فهو رب الناس ، وأوجدوا الاجتماعات السرية والقداسات والصلوات التي نذكر بعضا منها لنرى إلى أي مدى تنسجم مع الدين الإسلامي الحنيف :

مقتطفات من صلاة الترابية : ( قد فاز وأفلح من أمسى وأصبح بمعنوية مولاي علي أمير المؤمنين الأنزع الأصلع والأجلح ابتديت بأول إجابتي بالإقرار لقدس معنويته مولاي ( أمير النحل ) علي حيدرة أبي تراب ، منه أستفتح وفيه أحيا وأنجا وفيه أفوز وفيه أستغني وفيه أختم وهو ربي ورب آبائي الأولين ورب الآخرين ورب الخلائق أجمعين ، وأقول كما قال ( وحيد العين ) سيدي ( ابو شعيب ) محمد بن نصير إلى يحيى بن معين السامري قال : ( إذا دهت بك داهية في الحياة ونزلت بك نازلة في الممات فقل يا مولاي يا علي بك استعنت وعليك توكلت يا دليل الأدلة ... ونقول كما قال شيخنا وسيدنا ( أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي ) شرف الله العلي مقامه ونزه الله شخصه ... وها هي فقرا من صلاة ( الجلية ) :

( اللهم أني أسألك يامولاي يا علي يا نور الأنوار يا رب الأستار عزيز يا غفار يا واحد يا قهار يا حيدر يا كرار يا خالق الليل والنهار يا من تتوجت بالأنوار يا منزل الكتاب يا مظهر الحجاب ، يا من تجليت بنورك العجيب ... وتراءيت لخلقك بنور ذاتك وتجليت لهم بنور مقامك ، يا من تسميت بالعلوية واحتجبت بالمحمدية ، واستويت بالسلسة ... أن تجيرنا وإخواننا المؤمنين من سائر الفتن ما ظهر منها وما بطن حتى نذكر الولي ابن الولي أبي الحسين ( محمد بن علي الجلي ) عليه وعلى إخوانه الرضا والرحمة سر الشيخ التقي وإخوانه .. يا مولاي يا أمير النحل يا علي ) .

مقتطفات من صلاة ( الفتح ) : قوله تعالى : ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ، فسبّح بحمد ربك واستغفره إنه كان توّابا ) آمنت وصدّقت وبالحقيقة نطقت ونطق لساني ، وأقرت جوارحي بشهادة أن لا إله إلا مولاي علي أمير المؤمنين فتح لنا فتحا ً مبينا ً وثبتنا على الحق إلى صراط مستقيم وأشهد أن مولاي أمير المؤمنين اخترع السيد ( محمد ) من نور ذاته وغايته متجليا ً منه كالفتق من الرتق وكالحركة من السكون وكشعاع الشمس من الشمس ..

واشهد أن السيد محمد خلق السيد سلمان بأمر باريه وغايته ومبديه ومخترعه وخالقه ... وجعل باب وسبب أسبابه وغايته طلابه لا يدخل إلا منه وأشهد أن السيد سلمان اختص لنفسه الخمسة الأيتام الكرام الذين ما ضمهم ضم وسماهم وكناهم وجعلهم رؤساء العلم والإيمان أولهم وأعلاهم يتيم دين الله الأكبر والمسك الأزفر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر الألف سيدنا المقداد وأبو الذر وعبد الله بن رواحة طريق الهدى للندمان و ... يا أمير النحل يا علي يا عظيم .

أخي المسلم في كل مكان :

هذا غيض من فيض من الإلحاد والغلو والحلولية حشد في كل ما يمت بصلة إلى المعتقدات النصيرية السرية رأينا أن نضعها أمامك لتقول كلمتك فيها ، فهل يا أخي بعد هذا الكفر كفر ..

ولا تحمل مسؤولية الإلحاد والكفر للمغرر بهم والمضللين والمخدوعين من أبناء الطائفة بل حمّل المسؤولية وكل المسؤولية للمشايخ الذين يتخذون من هذه الصلوات والدعوات وسيلة للارتزاق والعيش في بحبوحة بينما العامة يتضورون جوعا ً وحرمانا ً ويحظر عليهم الاطلاع على ما جاء في الدين وما عليهم إلا الطاعة العمياء .

أخي العلوي .. أخي المسلم :

عندما تفتحت مداركي على الحياة في أسرة عريقة المشيخة وزعامة الدين بدأت أقرأ كل ما تصل إليه يدي من الكتب السرية فأخلو مع نفسي وأنا أقف مشدوها ً أمام الرموز والإشارات الإلحادية التي لا تمت إلى الإسلام بأية صلة وكنت كثيرا ً ما أناقش والدي في أكثر هذه الأمور فكان يزجرني ويوبخني وأخيرا ً حظر علي لمس أي كتاب .

وهنا تولدت في مخيلتي الشكوك فأخذت أبحث وأنقب وأدرس حتى استنرت روحيا ً وفكريا ً فبدأت أحمل لواء المعارضة وأطالب بوجوب غربلة كافة المعتقدات النصيرية العلوية وتشذيبها مما علق بها من أدران لتأتي منسجمة مع الدين الإسلامي الحنيف .

ولكن المشايخ الذين اتخذوا من هذه الأراجيف وسيلة للخداع والنصب وابتزاز الأموال وقفوا سدا ً منيعا ً في وجهي ولكنهم بالرغم من قوة نفوذهم وسيطرتهم على العامة لم يتوصلوا إلى اطفاء شعلة الحق في نفسي التي لا تأخذها في الحق لومة لائم .

موقفي من المؤتمرات والمنظمات النصيرية :

هذه الوقائع الخطيرة والمؤامرات الحقيرة على الوطن الأم لابد لي من اطلاع الرأي العام العربي والإسلامي عليها وعلى تفاصيلها وما دار فيها من نقاش مهما كانت النتائج وذلك لأن الديانة بمفهومي تأمر بقول كلمة الحق وتحض على الأخوة ، وفي عرفي من ينهد إلى ايقاع الشقاق بين المسلمين ليس بعربي ولا مسلم .

الاجتماع الأول في القرداحة

في عام 1960 تنادى مشايخ النصيرية سرا ً لعقد اجتماع لهم في قرية القرداحة يحضره كبار الضباط النصيرية وعلى رأسهم كل من محمد عمران ومحمد نبهان وصلاح جديد وحافظ أسد . وكان الهدف الرئيسي من هذا الاجتماع التداول والاتفاق على كيفية انخراط الضباط النصيريين في صفوف حزب البعث لاستغلاله وجعله سلما ً للوصول إلى الحكم . وفي نهاية الاجتماع اتخذت القرارات السرية التالية :

1.      منح محمد عمران رتبة ( البابية ) وتكليفه بالتخطيط للمنظمات العسكرية وكيفية توزيعها على المنظمات الوطنية لاستغلالها والتستر بها .

2.      الموافقة على بقاء عمران في صفوف الوحدويين من ناحية التظاهر .

3.      التغرير بالضباط الدروز والاسماعيلية للتعاون معهم .

4.      منح عزة جديد رتبة ( نقيب ) في المذهب .

5.      الموافقة على احلال ( إبراهيم ماخوص ) محل والده في رتبته الدينية .

6.      تكليف المشايخ دعوة أبناء الطائفة للتضامن والتعاون وتشجيعهم للانخراط في الجيش .

هذه هي قرارت المؤتمر النصيري الأول الذي مهد للمؤتمر الثاني الذي عقد في حمص بعد 18 تموز 1963 م لدراسة النتائج المتأتية عن الدور الذي لعبه محمد نبهان في حوادث 18 تموز وأدّى إلى تسريح أكثر من 400 ضابط من أنصار عبد الناصر .

الاجتماع الثاني في حمص :

ومن البديهي أن يضم الاجتماع االثاني عددا ً أكبر من المشاريع بالإضافة إلى كل من الضباط الآتية أسماؤهم : عزت جديد ، ومحمد عمران ، وحافظ أسد ، وإبراهيم ماخوص :

وفي نهاية الاجتماع اتخذت القرارات التالية :

1.      ترفيع نبهان إلى رتبة ( نجيب ) تقديرا ً لدوره الفعّال في 18 تموز .

2.      منح محمد عمران الوشاح البابي الأقدس وتكليفه بمتابعة نشاطه في حقل الناصريين .

3.      إعادة النظر بالتخطيط الموضوع بشأن انضمام المزيد من أبناء الطائفة المثقفين إلى حزب البعث والدخول باسم الحزب في الكليات العسكرية ومؤسسات الجيش .

4.      التخطيط البعيد لتأسيس الدولة النصيرية وجعل عاصمتها حمص .

5.      تكليف صلاح جديد بقيادة وتوجيه العناصر النصيرية ومنحه أرفع رتبة عسكرية ( مقدم ) .

6.      مواصلة نزوح النصيرية من كافة قرى الريف إلى المدن وخاصة حمص واللاذقية وطرطوس .

7.      منح حافظ أسد رتبة ( نجيب ) وهي تلي رتبة ( جديد ) .

8.      منح عزت جديد وعلي حماد رتبة ( المختص ) .

9.      السعي لاستئصال العناصر الدرزية والإسماعيلية الموجودين في صفوف الجيش والعمل على احلال العناصر النصيرية محلهم .

10. تسليم القيادة المدنية السياسية إلى إبراهيم ماخوص وإعداده ليكون رئيسا ً للوزارة النصيرية المنشودة . وافق الجميع على هذه القرارات التي قدّمها الشيخ علي ضحية بإيعاز من الباب محمد عمران ، ولكنني استهجنت استغلال الدين والطائفة من أجل أمور دنيوية بحتة وحذرت المؤتمرين من مغبة هذا العمل اللاوطني ، وذكرت لهم بأن العرب والمسلمين سيتألبون عليهم في كل مكان ، ونوهت لهم بأنهم مهما أوتوا من قوة لن يستطيعوا الصمود في وجه الشعوب عندما يعلنون صراحة ً قيام الدولة النصيرية المنشودة .

أما منح الرتب الدينية المقدسة لأشخاص لا علاقة لهم بالدين فمخالف للأصول والأحكام ولن أوافق عليه مطلقا ً ، وأفهمت المشايخ بأنهن إذا كانوا يرغبون في الحفاظ على الطائفة يجب أن يكونوا أوفياء لبلادهم فيعملوا لإبعاد الدين والطائفة عن سياسة الاستغلال والتآمر . وبالرغم من هذا الموقف فقد أقرت المقترحات وانتخبوا وفدا ً يضم ثلاثة مشايخ هم : الشيخ علي ضحية ، والشيخ أحمد سلمان الأحمد ، والشيخ سليمان العلي لنقل قرارات الاجتماع وليقدموا التهاني لأصحاب الرتب الجديدة .

وفي اليوم التالي لوصول الوفد إلى دمشق استدعاني جديد وأسد إلى دمشق حيث تقابلنا في بيت العميد علي حماد وجرى نقاش حادّ كشفت فيه كل شيء .

وبالفعل اقتنع العميد حمّاد بوجهات نظري وقال : إن مجرد التفكير الآن بإعلان الدولة ( النصيرية ) سيقلب الدنيا على الطائفة ، لذلك أرى حرصا ً على كيان الطائفة أن يستمر الوضع كما هو ظاهرا ً الحكم بعثي عربي وباطنا ً نصيري علوي ، مع ضرورة الاهتمام بالمراكز الحيوية في الجيش وكافة مرافق الدولة وعدم اسنادها إلا لمن يكون منا .

أخي العربي المسلم في كل مكان :

إن الصراع الذي يدور اليوم من خلف الستار في سورية لتأسيس دولة نصيرية فيها يهمك ويهم كل عربي مسلم ، وحتى يهم البسطاء الكادحين من أبناء الطائفة النصيرية الذين لا يزالون كما كانوا في فقرهم وعوزهم وجهالتهم ، تتاجر بهم هذه الطبقة المستغلة من الضباط المتآمرين والمشايخ الرجعيين النفعيين .

وبصراحة أقول لقد استطاعت هذه الطغمة أن تصور للسذج من أبناء الطائفة النصيرية بأن أوضاعهم ستتحسن عندما يتحقق الحلم المنشود ... بدون أن يدور بخلدهم بأن النتائج ستكون خطيرة ً ... وخطيرة ً جدا ً..!!

فيا أخي العلوي الكادح :

عد إلى ضميرك النقي الطاهر وفكّر بمصيرك ومصير عائلتك إذا تألب عليك الرأي العام العربي والإسلامي من كل حدب وصوب !!

وتنحى عن هذه الفئة الضالة المضللة !!

وأنت يا أخب العربي المسلم :

ارحم البسطاء المغرورين من أبناء الطائفة فلا تحقد عليهم عندما تدق ساعة الصفر وتعال معي لنقرأ سوية هذه النبوءة التي يستغلها المشايخ ويخطط لها العسكريون من أبناء الطائفة وكان أولى نتائج هذا التخطيط تسليم منطقة القنيطرة والجهة الجنوبية كمرحلة أولية تمهد لالتقاء الأعورين وتحقيق النبوءة .

عندما يلتقي الأعوران :

هذه النبوءة الخطيرة جدا ً التي أرويها ليست أسطورة خرافية يا أخي في العروبة والإسلام بل أنها نص رمزي وإشارة باطنية موجودة في كتاب الأسوس من كتبنا التأويلية وإليك النص الحرفي :

( ... عندما يبلغ المريخ إلى مرتبة الأوتاد الأربعة ويكون بهرام في المطالع يظهر من الجنوب وحيد العين الذي يكون مجتمعا ً فيه حدث الميم وقدم الدال عندما يصبح بهرام في الوتد بمقدار عشر درجات يكون وارد الوقت وحيد العين قد ظهرت أعلامه الخضراء من الشرق راكبا ً الميمون وبيمينه ذو الفقار المسنون فيطهر البلاد ويقضي على الفساد ، وينصب الخيام على العاصي وينهى الناس عن المعاصي ويطعم الجائع وعندما يصل بهرام إلى المغارب في تلك السنة يكون صاحب حدث الميم وقدم الدال قد وصلت راياته إلى دمشق واتجهت جيوشه إلى الشمال لتلتقي مع جيوش وارد الوقت وحيد العين فتتلألأ الأنوار القدسية وتظهر الأظلة والأشباح والأيتام من خلف القباب لتؤدي الطاعة إلى وارد الوقت سيدنا وحيد العين ويدوم العز في رؤوس العوالي وترفرف الأعلام فوق الجبال ، مدة سبعين عاما ً بالتقريب تكون كلمة وارد الوقت واحد العين هي السائدة يخدمه وحيد العين صاحب الحدث الميم وقدم الدال والله أعلم ) .

هذا النص الخطير موجود في كتاب الأسوس صفحة (213) والمشايخ الآن يطبقون هذه الإشارات ويفكون رموزها بشكل يخدم الصهيونية خدمة عظيمة للغاية ، ولا شك أن الأيادي الصهيونية وراء هذه الحكاية من أساسها والمشايخ يطبقون هذه النبوءة في الوقت الحاضر كما يلي :

إن السيد أو شعيب الذي كان وحيد العين أي أعور سيحتجب عن طريق التناسخ ويظهر من الجنوب فيحتل دمشق ويتجه نحو الشمال ليؤدي الطاعة إلى وارد الوقت وحيد العين ، أعور ، وعندما يلتقي الأعوران سيدوم حكمهما مدة ( 70) عاما – وأبو شعيب يفسرونه مشايخنا اليوم هو موشي دايان – حدث الميم وقدم الدال ، ولهذا السبب تنازل المقدم جديد والنجيب أسد عن جنوب سورية لوحيد العين صاحب حدث الميم وقدم الدال تسهيلا ً لالتقاء الأعورين على نهر العاصي حيث سيدوم ملكهما (70) سنة ، لأن النصوص المتعلقة بقيام دولة العلويين مرهون بقيام سيطرة وحيد العين على دمشق وحتى نهر العاصي ... وبعد هذه السيطرة يكون الوقت لإقامة الدولة العلوية وظهور أبو شعيب .

أخي العربي المسلم :

هذا واقع ، وإني أقول مرة أخرى إني أتحدى المنظمة العلوية ، وما أتيت بهذا البيان إلا لأظهر للعالم العربي والإسلامي أن دمشق ستسلم إلى إسرائيل إن بقي صلاح جديد وزبانيته ، وما عليك إلا أن تتضامن مع رفيقك في جهاد مقدس لاستئصال شأفة هذه العصابة الخائنة التي تسعى لتحقيق هذه النبوءة . وقد سبق تسليم دمشق تسليم جنوبها دون حرب فعلية بل بكلام صدر عن مذيع مريض لا يعرف شيئا ً .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

الشيخ عبد الرحمن . خ

جبلة في 25 ذو القعدة 1387 هجرية .