على الديكتاتورية أن ترحل
ويجب البدء فورا بأوسع "حوار وطني"
بين كل السوريين دون خوف أو تهميش أو قمع
مازن كم الماز
ليس هذا هو الوقت المناسب لتحليل شخصية بشار الأسد , و لا لدراسة بنية النظام السوري أو العلاقات بين أفراد العائلة الحاكمة في سوريا اليوم , فكل هذا الآن اصبح ينتمي للماضي , الشعب السوري يستعد الآن ليقلب صفحة النظام , ليضعها وراءه , لقد حكمنا النظام لعقود لسبب وحيد فقط , هو الخوف , و القمع , لأنه درب و ربى نصف مليون – مليون عنصر مخابرات و شبيحة مستعدين لقتل و ضرب و سحل من يجرؤ على أن يفتح فمه , لكن الشعب السوري اليوم تغلب على خوفه , و لذلك أصبحت كل قوى النظام صفرا كبيرا , لا تستطيع أن تفعل أكثر من قتل و ذبح المئات أو حتى الألوف لكن لن تستطيع أبدا بعد اليوم أن تقتل رغبتنا و إرادتنا في أن ننتزع حريتنا من براثن الديكتاتورية , على النظام أن يرحل بكل بساطة لأنه لن يستطيع بعد اليوم أن يحكم شعبا لا و لن يخاف , النظام ساقط عمليا , ما ينتظره هو فقط موعد إعلان موته الرسمي , لكن هناك شيء هام جدا آخر يبقى على هذا النظام أن يقرره , و هذا هو سبب الحديث عن بشار الأسد الآن , و هي درجة الألم التي سترافق نزاعه الأخير و التي سيتركها وراءه كآخر ذكرى لأيام الخوف و الموت و الفقر و القهر , و التي ستترك تأثيرا يتجاوز مرحلة النزاع الأخير للظام إلى العلاقة بين الفقراء السوريين و السوريين العاديين من كل الطوائف و القوميات بعد موته الحتمي اليوم , أنا أعتبر أنه من الضروري اليوم و لآخر مرة أن يخاطب أحد ما بشار الأسد , لكي يطلب منه أن يجعل رحيله و رحيل نظامه أيسر ما يمكن , أقل كلفة على السوريين , اليوم بالذات ليس لدي أي شك أن النظام قد أصبح من الماضي الأليم لسنوات الخوف و الصمت و القهر , يستطيع النظام أن يتفادى مصيره لبعض الوقت , هذا صحيح , فهو ما زال يحتفظ بقوة تستطيع القتل و التدمير , لكن مصدر قوته ( و بقائه و استقراره ) الحقيقي و هو الخوف الذي زرعه و رباه و غذاه طويلا في قلوب و عقول السوريين العاديين قد سقط , صحيح أنه ما زال بإمكانه أن يقتل المزيد , أن يدمر الكثير و يعتقل الكثير , أن ينتهك , يسحل , يعذب , لكن هذا كله لن ينقذه ابدا , سجونه لم تعد تتسع للأحرار من هذا الشعب , و مثل أية ديكتاتورية تواجه شعبا لا يخاف الموت في سبيل حريته , لم يعد أمامه إلا أن يرحل , هنا اقول , و اعتقد أن الكثيرين يريدون قول تلك الكلمات الأخيرة لبشار الأسد ذاتها , ارحل بهدوء , ما فعلتوه حتى اليوم يكفي , يكفي على الأقل لتعرفوا أنكم اصبحتم من الماضي الذي يجب أن نطوي صفحته فارحل , اجمع أشيائك و ارحل , لا دباباتك و لا حتى أسلحة الدمار الشامل تستطيع اليوم أن تقمع تعطش هذا الشعب لحريته , فاحمل أشياءك و ارحل , أزعم أن الموضوع لا يقف عند مستوى الاحتجاجات و المظاهرات الحالي الكافي بالفعل لإسقاط النظام , أنا شخصيا لا شك عندي أنه إذا قرر النظام الاستمرار في قتل السوريين دفاعا عن طغيانه , أنه في الغد , أو بعد غد , الجمعة القادمة أو التي تليها أو ربما التي بعدها , سيفاجئنا الشعب السوري , تماما كما كان يوم 25 يناير مفاجأة لنظام مبارك , سيفاجئنا بأنه , بغالبيته العظمى , سيخرج إلى الشارع , في كل مكان , و خاصة في حلب و دمشق , و انه خلال ساعات , أيام ربما , سيهزم كل قوى النظام المتبقية , كلنا اليوم درعا , كل الأمكنة درعا , سوريا اليوم تصنع ميدان تحريرها و انتم لست من المدعوين , و لأننا يجب ان نعيد بناء سوريا مرة أخرى , أن نحاول ان نبنيها على أساس الحرية , حرية كل منا , و العدالة بيننا جميعا , و المساواة بيننا جميعا , حان الوقت لنبدأ "حوارا وطنيا" حقيقيا , بين كل سوري و جاره , بين كل سوري و كل سوري آخر , لنتفق على ما نعنيه بهذه الحرية و العدالة و المساواة التي نريد أن تكون اساس حياتنا القادمة , انتهى الخوف و قريبا سيرحل الجلادون , قريبا جدا , و لن يكون أمامنا إلا أن نبدأ بالحديث مع بعضنا البعض لأول مرة دون خوف , دون ظل الجلاد الثقيل , دون قضبان سجن الديكتاتورية الكبير الذي كان يتسع لكل السوريين العاديين و الفقراء و الرعاع , سيفر الجلادون قريبا و ستسقط جدران السجن , و ستكون أمامنا فرصة استثنائية لكي نعيش أحرارا دون أي سجن أو قهر أو قمع , أن نعيش معا أحرارا و متساوين على هذه الأرض , لم نسحق الديكتاتورية بعد و يجب الا نشرب بعد نخب الحرية , لكن يجب أن نحضر أعذب خمورنا ليوم العيد القريب و أن نبقي أعيينا على ضوء الفجر القادم , ليل النظام إلى زوال , و ظلامه ينهار أمام ضرباتكم , إنه ينقشع كل لحظة مع كل صرخة في سبيل الحرية , و ها هو ذا يلفظ آخر أنفاسه اليوم , أما نحن , فإننا اليوم , و غدا , نولد من جديد.