يحيى الجمل: لا تلعب بالنار
أ.د. حلمي محمد القاعود
[email protected]
يبدو الدكتور يحيى الجمل غير موفق في كثير من تصريحاته ، وبعض
ممارساته السياسية في الأيام الأخيرة ، مع أن السياسة تستلزم نوعا من الكياسة
والذكاء والفطنة ، وأحيانا يكون الصمت عن الكلام والتصريحات نوعا من البلاغة التي
يتحلى بها السياسيون ، حتى لا يكون لكلماتهم أو تصريحاتهم مضاعفات لا يحمد عقباها
، وقد تعصف بالوطن ومقدراته أو تدخله في حمأة من الصراعات هو في غنى عنها بكل تأكيد
.
لقد صدرت عن الدكتور تصريحات غير موفقة حين تناول السلفيين ،
واتهمهم بتهم غليظة ، لدرجة أن أخرجهم من ملة الإسلام ، وهذا أمر ما كان يليق به ،
حتى لو كان ما يقوله صحيحا ، فالتكفير ، لا يجوز ، اللهم إلا إذا كان يتبع منهج بعض
الماركسيين وخدام النظام البائد في التكفير ووصف المتدينين بالمتأسلمين ، وتلك
مصيبة كبرى ، ما كنا نتمنى منه أن يحدثها أو يقع فيها .
ثم إن الدكتور الجمل ، وهو يتحدث عن النسبة المئوية للاستفتاءات
، تناول الذات الإلهية بما لا يليق ، أعلم أن حديثه عفوى وسبق لسان ، ولكن مثله يجب
أن يضبط لسانه حين يواجه الجمهور ويخاطب الملايين من فوق شاشة التلفزيون ، فمن غير
المقبول أن يقول إن الله – حاشا لله - لو نزل إلى الأرض وحصل على سبعين في المائة
من الأصوات لحمد ربنا عليها ! الله سبحانه جلت قدرته لا يليق أن يتحدث عنه الجمل
بهذه اللغة التي قد تكون متداولة لدى بعض العامة الذين لايفقهون أصول دينهم جيدا ،
ولكن الدكتور الجمل الذي درس الشريعة على يد كبار العلماء في كلية الحقوق لا يجوز
له يسلك هذا المسلك غير المناسب !
وثالثة الأثافي هي تفاوض الدكتور الجمل مع رئيس الكنيسة على
المادة الثانية من الدستور ، ومحاولة تغييرها ، وإضافة عبارة ترضي الكنيسة ، وحذف
التعريف من كلمة المصدر الرئيسي للتشريع . من الذي سمح للدكتور الجمل بالتفاوض باسم
الشعب المصري المسلم مع الرجل الذي يقود التمرد الطائفي ويقود البلاد إلى متاهات من
الشر والخراب لا يعر ف مداها إلا الله ؟
إذا كان الدكنور الجمل لا يعرف أن شنودة يقود تمردا طائفيا بشعا
وكريها مذ تولى رئاسة الكنيسة الإرثوذكسية بحكم انتمائه لجماعة الأمة القبطية
الإرهابية ، وتحالفه مع النظام المجرم البائد ،وتشكيله دولة فوق الدولة ، ورفضه
تنفيذ أحكام القضاء علانية وفي تحد خطير مالم تكن متفقه مع تفسيره الشخصي للإنجيل ،
وسجنه لسيدات دخلن الإسلام دون سند من قانون ، وإطلاق أذرعه في الداخل والخارج
للنيل من الإسلام والمسلمين ، آخرها حرق القرآن في الولايات المتحدة بمشاركة
المحامي اللعين الذي يقبع في وكره في واشنطن ، ويمطر الصحفيين والكتاب يوميا
بعدائه الحقير للإسلام والقرآن ، أحدثها رسائله عن محاكمة القرآن وحرقه بمعرفة قسيس
أميركي متعصب في إحدى الولايات المتحدة .. دون أن يقول بله شنودة توقف عن هذا العبث
، وكلامه مسموع ويعد أمرا إلهيا بالنسبة لهذا المجرم وبقية النصارى ، إذا لم يكن
الدكتور الجمل يعرف ، فلدينا باحثون كثيرون على استعداد لتعريفه بما يفعله رئيس
الكنيسة الذي يريد فرض إرادته على شعب مسلم يمثل الأغلبية الساحقة ، محتميا
بحليفته الولايات المتحدة .
لا نريد من الدكتور الجمل أن يغضب من أجل الإسلام ، ولكننا
نريده أن يراعي مشاعر الناس ، فالمادة الثانية من الدستور هوية مصر وشعبها، ويجب
على الأقليات وغير المسلمين أن يحترموا هذه الهوية التي تحميهم ، وتفرض على
المسلمين أن تتركهم يتحاكمون إلى شريعتهم ( وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه )
( شرع لكم من الدين ماو صى به نوحا وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ) ، وأن
يعيشوا مواطنين مسالمين في الوطن الذي يحميهم ويقدم لهم امتيازات تفوق ما يعطى
للأغلبية .
إن شنودة وتاريخه معروف من خلال حكم محكمة القيم وتقارير لجان
تقصي الحقائق وممارسات أذرعه الشريرة في الداخل والخارج ، ويجب أن يفهم أن الزمان
اختلف ، وأن النظام المجر م البائد الذي تحالف – ولما يزل – معه ، لن يجعل الأرض
ممهدة له ، كي يمارس ابتزازه المعروف . فكلمة الشعب هي الفيصل ، ولا يظنن أن
امبراطوريته الإعلامية ، وخدامه من الأبواق المأجوره ، وسلوكه المداهن الذي يكشف عن
خطط ردئية يمكن أن توقف حركة الزمان نحو العدل وتطبيق القانون على المواطنين جميعا
بلا استثناء .
ثم إن الدكتور الجمل وهو يتولى شئون الصحافة والإعلام ، ترك
الموقف ما ئعا ، ومازالت رموز النظام المجرم البائد حاضرة على صفحتات الصحف وشاشات
التلفزة وموجات الأثير ، تمارس إجرامها ضد الشعب المصري المسلم ، وتشهر بالإسلام
والمسلمين ، وترفع فزاعة الإسلام في وجوه الناس ، وكأن الإسلام هو الذي نهب
المليارات ، و سرق الأراضي المملوكة للدولة ، وباع مصانع البلد مؤسساتها بتراب
الفلوس ، واستمتع بالغانيات ، والطعام الساخن المستورد من بلاد بره ..
الناس يسألونك يا دكتور يحيى لماذا بقي رموز النظام الفاسد في
الصحافة والإعلام حتى اليوم ولم يبرحوا أماكنهم ، ومازالوا يواصلون هجومهم على
الإسلام والمسلمين ؟
إن الدكتور يحيى الجمل حين يساوم على الإسلام مع قائد التمرد
الطائفي يرتكب جريمة كبرى ، والأولى إذا لم يكن قادرا على مراعاة شعور الأغلبية ،
والحفاظ على حقوقها أن يتنحى ، ويترك المجال لغيره ، وهنا نحترمه ونقدر موقفه .