لماذا أعطت حكومات الغرب الضوء الأخضر
لوقف مسلسل التحرر
زهير سالم*
أقمار التجسس الأمريكية،على ما يقولون، تتابع دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة السوداء. أقمار التجسس الأمريكية وتوابعها استطاعت أن ترصد فردا غير مرغوب فيه في منطقة السكرية على الحدود العراقية السورية. واستطاعت أن ترصد مستودعا في منطقة الكبر في قلب الصحراء السورية؛ ولكن هذه الأقمار تعجز أن ترصد مجرى الدم في ليبية على الرغم من مرور أسبوع على المذبحة. يدير الغرب المتحضر ظهره لما يحدث في ليبية. قالوا في البداية لم نسمع بالعنف بعدُ، وعندما حاصرتهم صور القتلى قالوا سوف نتحقق من الوقائع، وبعد أن تحققوا من الوقائع قالوا إن الحالات ما تزال فردية ومحدودة..!!
إدارة الظهر لما يحدث في ليبية هو ابتداءً تقديم لوقت إضافي لعامل الغرب على ليبية عساه يستطيع أن يقمع الثورة المتعاظمة هناك. هي نفس السياسة التي اتبعتها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إبان الحرب الصهيونية على جنوب لبنان في عام 2006، وعلى غزة في عام 2009، ليعطوا الوقت لقوى العدوان الصهيوني لتقوم بتصفية قوى المقاومة كما حلموا هنا وهناك..
تقول العامة في بلادنا: ( ضربتان على الرأس تطرح ). لقد تلقت إدارة الإثم العالمي بسقوط ابن علي ومبارك ضربتين موجعتين وعلى الرأس أيضا. إن هذه الإدارة الآثمة لم تعد قادرة على تحمل ضربة ثالثة ولو بفقدان زعيم من طبقة العقيد القذافي.
الأصابع التي ظلت مطبقة على أعناق شعوبنا بدأت ترتجف. إنهم خائفون وقلقون، يتساءلون هل يمكن أن يفقدوا السيطرة ؟؟. لقد تورطوا في تونس و في مصر، وهم إذ يحاولون استعادة السيطرة هناك ( خروج من الباب وعودة من الشباك ) إن استطاعوا، قد قرروا ألا يغامروا مرة أخرى في مكان آخر ولو كان الرأس مثل رأس معمر القذافي. لأن المغامرة هي مخاطرة بحد ذاتها، ولأن المغامرة لها ما بعدها في أحجار الدومينو التي يوشك ألا يبقى منها القليل.
إدارة الإثم العالمي بعد أن رأت فأس ذرية إبراهيم تكسر الأصنام نُكس رجال إدارتها مرة ثانية على رؤوسهم يرددون على مسامعنا: (لقد علمتم ما هؤلاء ينطقون..)
وبعض الهدف من السماح للعقيد القذافي أن يصبغ التجربة الليبية بالدم، هو وضع حد لمسلسل الانهيار. وهذا الذي ترونه انهيارا هو بداية الوجود بالنسبة لشعوب هذه الأمة، هو لحظة انبعاثنا نحن أبناء الشعوب المقهورة والمستلبة، هو نقطة البداية لكتابة الأرقام الأولية في تقارير التنمية البشرية التي تعدها المنظمات الإنمائية التابعة للأمم المتحدة، الأرقام التي تؤكد أننا بشر عقلاء نسمع ونرى ونألم ونحلم بعكس ما يسطره علينا عمالكم المزيفون..
وبعض الهدف من صبغ التجربة الليبية بلون الدم أن يرفعوا فوق رؤوس شعوبنا التي سُلخ ضوء نهارها فزاعات الوعيد والتهديد حفاظا على الاستقرار ، الذي أريد منه ما نعلم وتعلمون ويعلمون..
والكرة اليوم في التفسير والتوضيح والتعليل هي في ملعب المبشرين بالتنوير الغربي من أبناء شعوبنا. ماذا تقولون وانتم تتابعون حملة مبادئ الحداثة وشرائع حقوق الإنسان، يدوسون على مبادئهم في موازنة مصالحهم!! في أكثر من امتحان مصداقية توجب عليكم بيان وتوضيح. كنتم تقولون إن ( إسرائيل ) حالة خاصة، ولكننا اليوم نجد أن معمر القذافي أصبح حالة خاصة أيضا مثله مثل ليبرمان حذو ال ...بال....
على شعوبنا أن تقول لحكومات العالم الذي يسمى ( حرا !! ) لقد وصلت الرسالة. وعلينا أن نعترف أن هذا هو قدرنا، وأن علينا أن نواجهكم معا، وأن نسير على طريق إثبات وجودنا وتحقيق ذاتنا متكلين على الله، واثقين بذاتنا الوطنية، وبعقل جمعي مفتوح يصر على بلوغ أهدافه بعمل سلمي ديمقراطي رشيد.
حمى الله الشعب الليبي، وأيده، ونصره..
اللهم أسبغ على أهلنا في ليبية صبرا وثبت أقدامهم وانصرهم على من عاداهم..
اللهم اعقد لنا في وطننا أمر رشد تعز فيه أهل طاعتك وتذل فيه أهل معصيتك..إنك سميع مجيب.
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية