حقوق الإنسان في ظل نظام دمشق
حقوق الحيوان في أمريكا
وحقوق الإنسان في ظل نظام دمشق
أنور ساطع أصفري
عضو لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في سورية - المكتب المركزي .
في الإسبوع الماضي طلب مني أحد أصدقائي أن أرافقه في جولة قصيرة إلى أحد مراكز التسوق الكبرى في ولاية نيوجرسي في الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالفعل حضر إلى منزلي ورافقته في سيارته وكان معه كلبه الأليف ، وعندما وصلنا إلى المركز التجاري المقصود نزلنا من السيارة وإصطحب معه كلبه المدلل ، ولكن عند الباب الرئيسي للمركز تقدم إلينا أحد المسؤولين وقال لنا بلهجة لطيفة ( لا يمكن إصطحاب الحيوانات إلى داخل المركز ) لذا إضطررنا للعودة إلى السيارة حيث وضع صديقي كلبه داخلها وأغلق السيارة كالعادة حيث أن زيارتنا للمركز سوف لن تستغرق أكثر من ساعة واحدة ، وبالفعل بعد ساعة واحدة من الزمن عدنا إلى السيارة ولكن فوجئنا بفاتورة مخالفة موضوعة على الزجاج الأمامي للسيارة وصادرة من قبل عناصر البوليس تفيد بدفع غرامة مالية مقدارها 45 دولار أمريكي لأن صاحب الكلب لم يراعي شعور كلبه وتركه في السيارة لمفرده دون فتح النوافذ وهذا مخالف للقانون .
خلال لحظات إغرورقت عيناي ، فبادر صديقي قائلاً :
* ما المشكلة ، سوف أدفع الغرامة ، لأننا نستحقها حيث أننا تجاوزنا حقوق الكلب .
لكني رددت عليه قائلاً : ليست المشكلة في فاتورة المخالفة ، لكني أُقارن بين حقوق الكلب في أمريكا وحقوق الإنسان في ظل نظام الأمر الواقع في دمشق .
لقد تقصّدت أن أختصر في مقدمتي كي ألج إلى لبّ الموضوع ، فمن الطبيعي ليس هناك أي مجال ٍ للمقارنة بين الإنسان والحيوان ، ولكني أتحدث عن حقوق وحريات ، فالمخالفة التي تلقّاها صديقي هي لعدم إعطاء الكلب حريته وعدم تقدير مشاعره وأحاسيسه ونفسيّته .
لكننا عندما نتحدث عن حقوق الإنسان في ظلّ نظام الأمر الواقع في دمشق فإننا ندرك تماماً أنّ الإنسان مهمّشٌ ولا قيمة له على الإطلاق ، فهناك الآلاف من المغيّبين في السجون السورية وفي أقبية أجهزة مخابراتها ، وهناك قسم لا يُستهان به لا يزال يقبع في المعتقلات السورية منذ 30 عاماً ومنهم بشار صالح ووليد بركات حيث مضى على إعتقالهم التعسفي 30 عاماً وهم الآن في سجن صيدنايا المركزي في ظل الأحكام العرفية المعمول بها منذ سنوات طوال .
وفي صباح كل يوم تطالعنا نسمع عن أخبار إعتقالات جديدة تعسفية وعن إختفاء قسري وخطف يشمل الشارع السياسي السوري العام بكافة أطيافه المعارضة .
ونضيف إلى ما ذكرنا كافة أشكال التعذيب التي لا تُوصف والتي يتعرض لها المعتقلون ، ناهيك عن أشكال وممارسات الإغتصاب القسري والتصفيات الجسدية التي تُمارس في السجون والمعتقلات والتي تطالعنا بها وبشكل متواصل أخبار الشارع السياسي السوري .
إنني أتحدث عن دراية ومعرفة بالواقع المعمول به حيث إنني أحد المعتقلين السياسيين في السجون والمعتقلات وأجهزة المخابرات السورية لمدة 20 عاماً ، وأهلي أقاموا صلاة الغائب عليّ وأنا لا أزال حياً ! فلقد مُورست علينا كافة أشكال التعذيب والإنتهاك النفسي والجسدي والجنسي بصورة قمعيّة لا تُوصف ، وخرجنا من الموت عدة مرّات بقدرة قادر .
فمبارك عليكِ أيتها الحيوانات بحقوقك التي تتمتعين بها ، أمّا أنت أيها المواطن السوري فلا بُدّ إلاّ أن تُشرق شمس الحرية من جديد في ظل العدل والسلام والحرية إذا تحالفت فصائل المعارضة في خندق واحد سليم لتدكّ كافة أشكال القمع والإستبداد والفساد في البلاد الذي أنهك ظهر الوطن والمواطن والأمّة سنوات طوال .