هم العدوّ فاحذرهم
سحر المصري
طرابلس - لبنان
[email protected]
يحزّ في النفس ويُقبِض القلب ما نجده من طعن في الدين واستهزاء بالنبي محمد صلى
الله عليه وسلّم وعلوّ الضالّين المضلّين في زمنٍ انقلبت فيه موازين الحق وأصبحت
الفتيا رائجةً في دكاكين الفضائيات على الهواء مباشرة..
وحين يخرج الاستهزاء من كافر فإننا – وإن انتفضنا للنصرة – نعلم أنّ للدين ربا
يحميه وأننا سنهزأ كما يهزأون وأنه سيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ سينقلبون.. أما
حين تأتي السهام ممّن يمرقون من الدين ويتلحّفون الإسلام ويدّعون أنهم "مفكِّرون
إسلاميون" فيُصدِرون الفتاوى ذات البلايا ويهرفون بما لا يعرفون فحينها لا يعود
للصبر متّسع ولا للنفس طاقة على السكوت!
أساء همج الدانمارك للرسول صلى الله عليه وسلم فقاطعناهم وها هي ثمرات المقاطعة
تؤتي أُكُلها ويتسارع التجار وأصحاب الشركات إلى أرباب الحكم يتوسّلونهم أن
يعتذروا للمسلمين فالخسائر بالمليارات وآلاف الوظائف أُخلِيَت بفضل ربي جلّ في
علاه.. هؤلاء أعداءٌ للدين ولمحمد صلى الله عليه وسلم فحقّ علينا محاربتهم.. ولكنهم
لا ينتمون للإسلام ولا يعرفون الله جل وعلا ولو عرفوا الله لعبدوه حق عبادته، ولو
تعرّفوا على الحبيب عليه الصلاة والسلام لأحبّوه واتّبعوه، ولو درسوا الإسلام بقلوب
حيّة لما اختاروا سواه ديناً.. ولكن ما قولك فيمن يشهد بالله رباً وبمحمد صلى الله
عليه وسلّم نبياً ويدّعي انتهاج الإسلام ديناً ثم يبتدع أحكاماً جديدةً تحت مسمّى
"الإحياء الإسلامي" ويتجرّأ على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وينشر بلاويه
في الفضائيات والصحف والشبكة العنكبوتية ثم ينشئ مجموعة "أحرار الفكر الإسلامي"
ويقول ما نصدِّره للعالم هو اجتهادات تصلح لهذا العصر! وأعني بهذا من يسمى بـ
"المفكّر" جمال البنا وغيره من الدخيلين على العلوم الشرعية، المتسلّلين إلى مواقع
الحدث ليخطفوا بعض أضواء حتى إذا أضاءت ما حولهم ذهب الله بنورهم..
فهذا الذي يدّعي احياء الفكر الاسلامي لم يترك فرصة إلا وهدم فضيلة أو أنقض عروةً
للإسلام أو هاجم الثوابت الدينية حتى بات سجلّه متورّما من ثقل ما أفتى به بغير
علم.. ومن بعض بلاويه: نبذ مجموعة من الأحاديث الشريفة - جواز الولاية للمرأة عند
الزواج - إباحة زواج المتعة للأقليات المسلمة المقيمة في الخارج - فصل الدين عن
الدولة - عدم فرضية الحجاب – عدم وقوع طلاق الرجل منفرداً – نبذ الاجماع وعلوم
القرآن – الطعن بعدالة الصحابة رضوان الله عليهم - إباحة نقد الرسول الكريم صلى
الله عليه وسلم - حرية الاختلاط بين الجنسين - جواز صلاة المرأة وهي كاشفة الشعر –
جواز إمامة المرأة للرجال - جواز التحوّل من الإسلام إلى المسيحية أو اليهودية -
إباحة التدخين للصائم وآخر هذيانه كان إباحة التقبيل بين الشباب والفتيات في
الأماكن العامة!!
وطبعاً ليس وحده من يتجرأ على الدين من أرباب "العلم والعقول" فهذا الدكتور عزت
عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر من قَبلِه يبيح للمرأة
العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرمة!!
وهذا الدكتور محمود شحرور يخترع معان جديدة في اللغة العربية ليخرج بتفسير جديد
للقرآن الكريم فينسف القواعد الفقهية ويطعن بالأحاديث النبوية ويحلّ الحرام ويحرّم
الحلال! وغيرهم من أبناء ديننا الذين يطعنون الدين وهم للأسف كثُر!!
ولا أدري حقيقةً من أعطاهم الأهلية ليقوموا بالفتيا؟ ومن قال لهم إن الدين بالرأي
وأنه مصدر من مصادر التشريع؟!! ولو حمّلوا أنفسهم مشقة الاطّلاع على العلوم الشرعية
وعلى أصول الفقه لتواروا بالحجب ولاستغشَوا ثيابهم من حيائهم إذ أنه لا تنطبق عليهم
مواصفات من يحق لهم استنباط الأحكام! ثم لا زالوا يتمادون في غيِّهم لأنهم لم يجدوا
من يصفعهم ويحجِّمهم!
أليس هؤلاء هم مَن يجب أن نقاطعهم ونحارب أفكارهم الشاذة؟ بل وأكثر من ذلك أليس من
الواجب على اتحادات العلماء بكافة توجهاتهم أن يُصدِروا بيانات بأن هؤلاء
"المفكرين" لا يجوز استقبالهم على الفضائيات ولا نشر أقوالهم وفتاويهم البغيضة ولا
الأخذ منهم بل الرد عليهم حتى لا يختلط على العامّة صحة الفتاوى المؤصّلة الموثوقة
بخبث ما يقولونه؟!
إن السكوت عن هؤلاء بحجة أن الكلام عنهم يساهم في نشر أقوالهم أكثر وأنهم أقل من أن
نتناولهم في كتاباتنا قد يفتح المجال لهم أن يرتعوا في الفضائيات والصحف ووسائل
الإعلام دون محاربة! وسكوت العلماء عنهم بحجة التعتيم عليهم لن يلغي وجودهم وبث
سمومهم.. أفليس كشف اللثام عن خبث ألسنتهم يندرج في دائرة النصرة وكف الأذى عن
الدين؟
أم أن الكفار هم وحدهم من يجب أن نثور عليهم ونتظاهر ضدهم ونقاطعهم؟!
صرخة لأولي الأمر منّا وللعلماء والدعاة الغيورين على الدين بأن يُعمَل مقص الألسن
ومحاربة من يريد بالإسلام سوءاً من أبنائه قبل أعدائه وتهديد الفضائيات التي تكبِّر
مثل هؤلاء بالمقاطعة والمحاربة.. لعلّهم ينتهون!
فمَنْ أبرز أفكار النصيرية وفاء سلطان؟ أليست الجزيرة؟ ثم انتشرت بعدها وتلقّفتها
المواقع والفضائيات الحاقدة على الاسلام والمسلمين؟ ومن استقبل جمال البنا وغيره
بحجة أنهم "مفكّرون إسلاميون" ليُطلِقوا لهم المجال لنشر ترّهاتهم أليست الفضائيات
أو الفضائحيات كما يحب بعضهم تسميتها؟
ألم يحن الوقت لانتفاضة أولي العلم الحقيقيين ليُظهِروا للعالم من له الحق في إصدار
الفتاوى وألا يتركوا العنان لكل من "هب ودب" بتهديم ديننا القويم!
هل من ثورة للعلماء والمفكرين الصادقين؟ أم على ألسنةٍ أقفالها؟!!!