الرسول القائد في ذكرى مولده
الرسول القائد صلى الله عليه وسلم
في ذكرى مولده
محمد هيثم عياش
تحل علينا في هذه الايام ذكرى مولد الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم . وقد اعتادت اكثر الدول العربية والاسلامية بالاحتفال بهذه الذكرى بإغلاق المدارس ومؤسسات العمل كعطلة رسمية احتفاء بمناسبة هذه الذكرى العطرة وكأن الاحتفال هو تعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم الذي لم يحتفل هو بعيد مولده كما لم يحتفل الصحابة والتابعين وغيرهم بالمولد اذ ان الرسول نهى عن ذلك فقال لا تطروني كما أطرت اليهود والنصارى أنبيائهم وقد حذر قبل موته بثلاثة ايام اتخاذ قبره مسجدا ، فقال ألا لا تتخذوا قبري مسجدا اني أحذركم من ذلك . ففي يوم مولده عليه الصلاة والسلام ظهرت المعجزات فقد انهارايوان كسرى وخمدت نيران المجوس واهتز ايوان كسرى وانهارت شرفاته وخارت بحيرة ساوة كما رأت والدته عليه الصلاة والسلام أعناق الابل وقصور بصرى الشام الى غير ذلك من المعجزات التي تشير الى ذلك المولود على البشرية الجمعاء كما كان أثناء طفولته يستسقى به وقال أبو طالب في قصيدته التي يمدحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامي عصمة للأرامل
وقد تركنا عليه الصلاة والسلام على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ما ان تمسكنا بها فلن نضل أبدا وهي كتاب الله وسنته . الا أن هذه الامة وضعت تلك المحجة وراء ظهرها فسلكت طريق الغي الذي كانت نتائجه ما تعانيه أمتنا من احتلال وذل وعنف وفقر وهزائم لا تعد ولا تحصى وقتل بعضها البعض وذلك جراء عدم الانتباه الى تحذيره عليه الصلاة السلام من ذلك فقال : الا لا تعودوا بعدي ضلالا ، وفي رواية كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض .
ان الاحتفال بعيد المولد لا يكمن في الاناشيد الدينية التي تؤدي الى الشرك بالله وتعطيل المؤسسات العامة بل يكمن بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتمسك بالكتاب والسنة فقد أقرن الله تعالى طاعته بطاعة الرسول فقال / من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا – النساء 80/ . الا أن المصيبة والطامة الكبرى احتفال بعض الانظمة العربية المعروفة بظلمها ومحاربتها للاسلام بعيد المولد ، فقد اعتاد رئيس النظام السوري بشار أسد وغيره الذهاب الى مسجد بني أمية للاحتفال بعيد المولد علما أن ذلك النظام كان أول من اساء الى النبي صلى الله عليه وسلم فنظامه يشرب الخمرة ويحارب الاسلام وجعل من سوريا بلدا منعزلا عن السياسة الدولية وأصبح الشعب السوري ينظر اليه بريبة وازدراء ويقوم بتشيجع حركة التشيع في ذلك البلد الذي يعتبر أحد معاقل السنة بعد السعودية في العالم الاسلامي اضافة الى تشجيعه التصوُّف ليقتل في المسلمين الارادة الحرة والعزة الاسلامية ، كما أن بعض الانظمة العربية التي تحتفل بعيد المولد هي أول من أهان الرسول عليه الصلاة والسلام جراء ادعاء بعض زعمائها مثل معمر القذافي بأن الشريعة ناقصة كما أن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يعد لها معنى في وقتنا الحاضر اضافة الى الدعوات لاحياء الخلافة الفاطمية اليهودية من جديد ، هذه الافتراءات سبقت إساءة الصحف الدانماركية بصورها المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولولا هذه الانظمة لما تجرأت تلك الصحف وغيرها على توجيه الاهانات للاسلام والرسول والمسلمين ولا عجب في ذلك فقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه اذا ذلًّ العرب ذلَّ الاسلام . ان الاحتفاء بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام يكمن بإحياء سنته والعودة الى الاسلام من جديد ، والرسول عليه الصلاة والسلام ليس بحاجة الى الاشعار التي تمدحه فقد مدحه الله تعالى في كتابه بأكثر من موضع .
اتهمني احد المتصوفة من السوريين بأنني لا أحب الرسول صلى الله عليه وسلم لأنني لا أشارك في احتفالات المولد وقال لي أن البوصيري / وهو احد الشعراء الصوفية ولد في البهنساوية بمصر عام 606 وتوفي عام 696 للهجرة وليس له علاقة بالبوصيري الامام المحدث الذي عاش في القرن التاسع للهجرة زمن ابن حجر الهيثمي وغيره / التي تسمى البردة تعتبر أروع ما قيل في مدح النبي عليه الصلاة والسلام حتى أن البوصيري رأى الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام وزاده بيت شعر على قصيدته فقلت له ان الشعر فيه إشراك بإجماع علماء السنة وان الذي قال لك بأن النبي زاده بيتا فانه كذاب فان الرسول لم يكن شاعرا ولم يقل بيت شعر قط وقد نفى الله تعالى صفة الشعر عن نبيه فقال / وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلاَّ ذكر وقرآن مبين – يس 69 / وقلت له ان هناك شعراء فاقوا البوصيري بلاغة في مدح الرسول الا انهم لم يصلوا بشعرهم الى الاشراك وقد قال فيه كعب بن زهير بن ابي سلمى رضي الله عنه :
تجري به الناقة الأدماء معتجرا بالبُردِ كالبدر جلى ليلة الظلم
ففي ع طافيه أو أثناء بردته ما يعلم الله من دين ومن كرم
وقال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه
اني تفرست فيك الخير أعرفه فراسة خالفتهم في الذي نظروا
ولو سألت او ستنصرت بعضهمو في جلَّ أمرك ما ردوا ولا نصروا
فثبت الله ما آتاك من حسن كتثبيت موسى ونصرا كالذي نصرا
الا أن الاحتفال بالمولد سيأتي ولا ريب ولكن ليس بهذه البدعة المألوفة بل بالعودة الى الاسلام من جديد وما ذلك على الله ببعيد .