دولة دينية أم مدنيّة
دولة دينية أم مدنيّة
د.عدنان علي رضا النحوي
نقلت بعض الفضائيات حواراً بين بعض الدعاة المسلمين ، كان محور الحوار حول الدولة الدينية والمدنيّة . وقال أحدهم إننا نريد دولة مدنيّة لا دينية يتساوى فيها المواطنون مهما اختلفت دياناتهم وأجناسهم .
إن الذي طرح هذه الفكرة داعية مسلم يتحدَّث باسم الإسلام . ولا شك أن هذا الداعية ينضم ، أو سبق وانضم ، إلى القافلة التي أخذت تفتي في دين الله بما ليس من دين الله .
انحرافات كثيرة أخذت تظهر في واقع المسلمين اليوم ، وأخذت تتزايد عدداً وجرأة على دين الله . لقد عالجت عدداً من هذه الانحرافات ورددت على أصحابها في كتب ودراسات ومقالات . ولكن هذه الردود كلها لم تعد توفي لتزايد الانحرافات وما يتبعها من فتاوى خاطئة .
لقد زادت الجرأة كثيراً حتى إن بعضهم حرّفوا حديثاً لرسول الله r يرويه أنس رضي الله عنه : " أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا إن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فإن شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، واستقبلوا قبلتنا ، وأكلوا ذبيحتنا ، وصلوا صلاتنا ، فقد حَرُمَتْ علينا دماؤهم وأموالهم ، لهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم "([1])
فقد حذفوا الحديث كله إلا آخر جملة : فلهم ما لنا وعليهم ما علينا ، المعتمدة على شروط رئيسة فصّلها الحديث الشريف . وأخذت هذه الجملة المجزوءة تنتشر بين الدعاة المسلمين وغير الدعاة بالرغم من مخالفتها الصريحة للآية الكريمة :
[فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ]
[ التوبة : 11]
هذا مثل واحد من طوفان هادر تدفعه قوى كثيرة في العالم الإسلامي . وكان الأمل أن يقف الدعاة كلهم في وجه هذا الطوفان ، لا أن ينزلقوا إلى فتنة بعد فتنة .
والفتنة الجديدة هي حوارهم ، حوار الدعاة بعض المسلمين ، حول دولة دينيّة أم مدنيّة . ولو دار مثل هذا الحوار بين النصارى فربما كان له مسوّغ . أما بين دعاة مسلمين يحملون أمانة رسالة ربانيّة فهذا مصدر دهشة وذهول !
ويحسن أن نبدأ بالقضية من جذورها بصورة مختصرة . فعندما جاءت النصرانية إلى أوروبا ، في ظل الدولة الرومانية ، اصطدمت مع الوثنية السائدة المسيطرة . وظل الصراع قرابة ثلاثمائة من السنين ، حتى استطاعوا أن يصلوا إلى الإمبراطور قسطنطين ، وتدور بينهما مساومات انتهت بإيقاف التعذيب عليهم من ناحية ، وتنازلهم عن قواعد أساسية في النصرانية ، ليتبنّوا حلاً وسطاً مع الوثنية ، أَعقب ذلك مؤتمر في نيقية سنة 325م ، والمسمَّى "بالمجمع المسكوني " الذي أقرّ عقيدة نيسين المنحرفة عن رسالة عيسى عليه السلام ، رسالة الإسلام ، وعقيدة نيسين أقرت الطبيعة الثلاثية لعيسى عليه السلام ، ثم قضى هذا الحلف بين النصرانية المنحرفة والدولـة على النصارى الذين تمسكوا بعقيدة التوحيد قضاءً تاماً . وقامت الكنيسة الكاثوليكية ولها سلطان ونفوذ ، وكأنها أصبحت تمثل السلطة الدينية ، ثم اصطدمت مع العلماء ومع الملوك والسلطة الزمنية ، حتى انهار سلطان الكنيسة وظلمها ، وقامت سلطة علمانية دنيوية حصرت الدين في الكنيسة في عصر سُمّي عصر التنوير . وبذلك حملت القرون الوسطى في أوروبا مصطلح السلطة الدينية ، ثم السلطة الدنيوية في عصر التنوير ، وفي الحالتين كانت السلطة خارجة كلِّية عن رسالة عيسى عليه السلام ، رسالة جميع الأنبياء والرسل الذين ختموا بمحمد r .
هذه الرسالة السماوية الربانية ، رسالة جميع الأنبياء والمرسلين الذين كانوا جميعاً مسلمين مؤمنين بربٍّ واحد هو الله الذي لا إِله إِلا هو ، وبدين واحد هو الإسلام ، وجاءت رسالة محمد r رسالة خاتمة للعالمين بمنهاج رباني ـ قرآناً وسنة ولغة عربية ، منهاجاً متكاملاً يأمر الله به عباده أن يقيموه بينهم ، ويحكم بينهم ، ليقيموا أمة مسلمة واحدة يحكمها منهاج رباني واحد ، تكون كلمة الله فيهم هي العليا . فالذين يؤمنون بالله ربّاً واحداً وبالرسل والأنبياء جميعهم وبمحمد r ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، يؤمنون كذلك بأن الإسلام في رسالته الخاتمة منهج كامل متكامل متناسق ، منهج حياة وحكم في الدنيا ، ومنهج حياة وجزاء في الآخرة ، يقدّم تصوّراً ربّانيّاً للدولة وللحكم ، تصوّراً ربانيّاً واحداً نسميه دولة الإسلام وحكم الإسلام وشريعة الإسلام ، فليس فيه تصوّر لدولة دينيّة وتصور آخر لدولة مدنية . للدولة في الإسلام تصوّر واحد ، تصوّر رباني ، مهمته التي أمر الله بها أن يقيم حكم الله في الأرض ، ويبلّغ رسالة الله الخاتمة إلى الناس كافة كما أُنزِلت على رسول الله r . هذه هي الأمانة التي حملها الإنسان ، والعبادة ، والخلافة والعمارة والتي سيحاسب عليها بين يدي الله .
لذلك أعجب من داعية يقول إنه يؤمن بالله ربّاً وبمحمد r نبياً ورسولاً ، ثمَّ يقول لا نريد أن نقيم حكم الله في الأرض ، نريد دولة مدنية يتساوى فيها كل الناس مهما اختلفت نزعاتهم ومواقفهم .
ولقد بيّنا الآن أن مصطلح دولة مدنية أو دولة دينية لا وجود له في التصور الإسلامي ، وأن هذين المصطلحين وفدا إلينا من الغرب العلماني الذي أعلن رفضه لسلطة الكنيسة في العصور الوسطى ، وكل تحرّكاتها فيما بعد . وأن الإسلام له تصوّر واحد للدولة والحكم ، ومنهج كامل يصلح لكل مكان وزمان وواقع ، ويعالج مشكلات الإنسان مهما تنوّعت . إنه حكم الإسلام ، دولة الإسلام ، تكون فيها كلمة الله هي العليا ، وشريعته هي التي تحكم ، إِنها شريعة الله !
ولقد كان كثير من الدُّعاة في الحركات الإِسلامية ينادون بذلك ويعلنونه ، فما الذي حدث حتى تنازل بعض المسلمين ، وتنازل بعض الدعاة عن أهم ركن في التصوّر الإيماني الإِسلامي ؟!
لا بد من تثبيت أسس التصور الإسلامي في قلوب المؤمنين وقلوب الدعاة . وأهم تلك الأسس ما عرضناه من كتاب الله وسنة نبيه محمد r في كتابنا :
" حتى نغير ما بأنفسنا "
ذلك أن الله خلق عباده ليحقِّقوا في الحياة الدنيا رسالته إِليهم ، وأن يبلِّغ المؤمنون رسالة الله إلى الناس كافَّة كما أُنزلت على محمد r ، ويتعهدوهم عليها حتى تكون كلمة الله هي العليا وشريعته هي التي تحكم في الأرض . وكانت المهمة مسؤولية النبوّة الخاتمة وجنودها المؤمنين الذين انطلقوا في الأرض يبلّغون ويتعهّدون ويجاهدون من أجل ذلك في سبيل الله . ثم أصبحت هذه المهمة مسؤولية الأمة التي اختارها الله لتتابع هذه المهمة مع الزمن :
[ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ...]
[ آل عمران :110]
وبهذه المهمة تكون هذه الأمة صفّا واحداً كالبنيان المرصوص حتى تستطيع الوفاء بهذه المهمة العظيمة الممتدة مع الزمن :
[ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ] [ الصف :4]
ولما انفرط عقد هذه الأمة ، وتمزّقت شيعاً وأحزاباً :
[ ... كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ] [ الروم :32]
ضاع تبليغ الرسالة إلى الناس كافة كما أنزلت على محمد r ، وضاع تعهدهم عليها ، وأصبح لكل حزب طريقة وتصور وأسلوب ، يعلن ذلك شعارات تضجّ ، لا نهج معها ولا خُطَّة ! فزادت الخلافات وبدأ الجهل يمتدّ ، وغلبت العصبيات الحزبيّة ، وأصبح الولاء الأول للحزب وقيادته والعهد الأول مع الحزب وقادته ، والحب المضطرب بين أفراد الحزب ، وغابت أخوّة الإيمان التي تربط المؤمنين أمّة واحـدة ، والتي لا تتحقّق إلا إذا كان الولاء الأول لله والعهد الأول مع الله والحبَّ الأكبر لله ولرسوله r ، وغلبـت شهوات الدنيا في كثير من المواقع ، والتنافس عليها ، وأصبح المنتسبون إلى الإسلام يقتل بعضهم بعضاً في فلسطين والصومال والعراق وأفغانستان ، وامتدت الفتن ، وتساقطت الديار في هجمة مجنونة وحشية على العالم الإسلامي ، هجمة تخضع لنهجهم وخطتهم مستفيدين من جميع نواحي ضعف المسلمين .
وضَعُفَ إِيمان بعض المسلمين ، وبدأ مسلسل التنازلات الفكرية ، والتنازلات عن الأرض ، مسلسلاتٌ طويلة مازالت ممتدة حتى الآن ، متحفّزة لتنطلق إلى مدى أبعد ونطاق أوسع .
وأخذت النكبات والفواجع والمجازر تمتد وتتسع في العالم الإسلامي كله ، ويبدو أن العالم الإسلامي غير قادر الآن على إيقاف ذلك ، أو دفع الغزو والطوفان القادم من الغرب . بل على العكس من ذلك أصبحت بعض نفوس المسلمين تُشْتَرى بدراهم معدودة أو غير معدودة ، سرّاً أو جهاراً .
لقد أصبح هناك نفوس تلتجئ إلى أمريكا أو إنكلترا أو فرنسا أو غيرها تطلب عندها النجاة . ونسوا أن النجاة هي من عند الله وحده . ولقد رأينا مصائر الذين فزعوا إلى الأوثان يطلبون نصرتهم والنجاة عندهم ، فإذا هم أول ضحايا تلك الأوثان ، سرعان ما يخذلونهم ويرمونهم أذلاء خاسرين .
" اللهم أسلمتُ نفسي إليك ، وفوضت أمري إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبةً إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيّك الذي أرسلت " ([2])
إن الإيمان الصافي من الشرك ، الصادق في وعيه واستسلامه لرب العالمين ، إن هذا الإيمان هو الذي يدفع إلى اللجوء إلى الله ، والاستعانة بالله ، دون أن يشرك به شيئاً .
في حديث بيني وبين داعية مسلم ، قلت له : ألاحظ أنكم أخذتم تتقرّبون من أمريكا وتلجؤون إليها وتطلبون العون منها . لم ينكر ، وإنما قال : سنستعين بالشيطان حتى نحقق ما نريد . فقلت له : إذا استعنتم بالشيطان في أمر ما كالذي ذكرته ، فإن علم الشيطان أن في تحقيقه خيراً لكم فلن يعينكم وسيخذلكم ويستحوذ عليكم . وإن علم أن في تحقيق هذا الأمر شرّاً لكم ومصائب تتوالى أسرع في عونكم لتدميركم ، والأمر أولاً وآخراً لله وحـده ، وإنما هو ابتلاء من الله وتمحيص ، ويوم القيامة يكون الحساب والعقاب ، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، ولا شياطين الإنس أو الجن ، ولا أولياء الدنيا !
الأمثلة مثل هذا المثال كثيرة ، تكشف عن انحراف التصور الإيماني واضطرابه ، حتى صرنا نسمع من يدعو إلى العلمانيّة جهاراً ، أو يدعو إلى الدولة الدينية ، أو مساواة المواطنين في شرع دنيوي بشرى ، أو بمساواة المرأة بالرجل ، ودفع المرأة إلى أجواء لا يأذن الإسلام للمرأة بدخولها ، فكأن بعض الناس رأوا في أنفسهم أنهم أعلم من الله بخلقه وبما يصلح لهم .
لن يجد أحد العدالة إلا في الإسلام وفي دولة الإسلام حين يطبّق شرع الله بإيمان وأمانة . فشرع الله أعطى لكل طائفة ولكل إنسان حقّه على ميزان ربّاني . وعدالة الإسلام شريعة تطبق وتمارس في الواقع ، وعدالة غيره شعار لا يطبّق وإنما هو شعار للتخدير والمكر والإفساد .
لن يجد أحد الإنسانيّة التي يتغنى بها بعض الدعاة إلا في الإسلام ، وخارج الإسلام وحوش كشرت عن أنيابها ، ومدّت أظافرها ، وانقضّت على فرائسها نهشاً وقتلاً وعدواناً لا يعرف الرحمة . وأمامك الأحداث في الأرض ، فانظر إلى جرائم المبادئ كلها : الشيوعية ، والديمقراطية ، والاشتراكية ، والعلمانية ، وعدِّد ما شئت من مبادئ الفتنة والضلال .
والآخر ! الآخـر الذي يطالب بعض الدعاة بإعطائه حقوقه ، والاعتراف به ، والقسط معه ! سل النصارى كلهم واليهود كلهم هل وجدوا في حياتهم كلها أرحم من الإسلام بهم ؟!
لقد أوفى الإسلام الأمانة مع الجميع عدلاً وقسطاً ورحمة وإنسانيّة ! ولم يوفِ أحدٌ مع الإسلام والمسلمين إلا من رحم الله . فالآخر الذي يريد أن يُنْصَفَ ويعَتَرف به ، هو المسلم !
وبهذه المناسبة ، مناسبة مطالبة بعض الدعاة بدولة مدنيّة لا دينيّة ، يتساوى فيها المواطنون من ديانات مختلفة وجنسيات مختلفة ، فنودّ أن نذكّر بقاعدة رئيسة في الإسلام أكدها الكتاب والسنة ، تلك القاعدة هي أنه لا يوجد في التصوّر الإسلامي ديانـات سماوية توحيدية كما يشاع في الصحف والفضائيات والمؤتمرات .
فالله واحد لا إله إلا هو ، والدين واحد هو الإسلام ، دين جميع الأنبياء والمرسلين ودين من آمن بهم وصدّقهم واتبعهم ، فكلهم مسلمون ، وكلهم مع التاريخ يكوّنون أمة واحدة ، أمة مسلمة واحدة :
[ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ] [ الأنبياء :92]
[ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ . فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ] [ المؤمنون :53،52]
وكذلك :
[ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ] [ آل عمران :19]
وكذلك ::
[ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ] [ آل عمران :83]
وكذلك :
[ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ]
[ آل عمران :85]
وآيات كثيرة تؤكد هذه الحقيقة الرئيسة التي يجب أن تكون مغروسة في قلب كلِّ مؤمن يقول كما قال إبراهيم عليه السلام :
[ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ]
[ آل عمران :67]]
آيات كثيرة تثبت هذه الصورة وهذا الأساس ، فأعجب وأدهش من داعية مسلم ينسى هذا كله ، ثم يدعو في مؤتمرات إسلامية إلى العلمانية ، وآخر يدعو إلى الديمقراطية ، وثالث يدعو في المؤتمرات الإسلامية إلى العولمة ، حتى إن كلمة الإسلام ودعوة الإسلام كادت تختفي من بعض هذه المؤتمرات .
في أحد هذه المؤتمرات يقول داعية مسلم : " لا نملك إلا أن نندمج في النسيج الثقافي والديني الفرنسي " ، وآخر يقول : " إن العلمانية مساوية للإسلام في مقصودها " ! عجباً كل العجب ، فالإسلام يريد من المؤمن أن يؤثر الآخرة على الدنيا وأن يكون هدفه الأكبر والأسمى الدار الآخرة والجنة ورضوان الله ، والعلمانية تريد الدنيا فقط لا دينية ! وآخرون يقيمون عرساً للديمقراطية .
دعوات منحرفة آخذة بالانتشار ، ويتخفّى معظمها تحت شعار الإسلام ، وإلى أين نسير ؟!
طوفان الغزو على العالم الإسلامي كبير وشديد ، والذين يتساقطون فيه كثيرون ، والخطر حقيقيّ لا وهم فيه ، خطر زاحف في الدنيا ، ولا يعقبه إلا خطر أشدّ في الآخرة !
فهل من محاسبة للنفس ، ووقفة إيمانية ، ومراجعة للمسيرة ، وتحديد للأخطاء ومعالجتها ؟!
(1) صحيح ابن حبان : رقم 5895 ، وأخرجه أحمد والبخاري والنسائي ، وأبو داود ، والترمذي ، وأبو نعيم في الحلية ، والخطيب في تاريخه ، والبيهقي ، وهو صحيح على شرط الشيخين .
(1) أخرجه البخاري ومسلم .