من يطهّر المجتهدين المخطئين، من ذنوبهم!؟
عبد الله عيسى السلامة
ماعِز: جاء إلى رسول الله ، وقال له : طهّرني ؛ فقد زنيت . فطهّره ، بالرجم ، بعد أن تأكّد من خطيئته .. ومن إصراره ، على التطهّر منها !
والغامدية : طلبت ، من رسول الله ، أن يطهّرها ، من إثم الزنى .. فطهّرها، بالرجم ، بعد أن أكّدت له ، خطيئتها .. وبعد أن أمرها ، أن تنتظر، حتى تضع حملها ، وترضعه ، وتفطمه !
هذه خطيئات فردية ، تتعلق بأصحابها ! فهل ثمّة مَن يطهّر، ومَن يتطهّر، مِن الخطيئات الفردية ، في الاجتهادات الكارثية ، التي تدمّر دولاً ، أو شعوباً ، أو جيوشاً ، أو أحزاباً ، أو قبائلَ ، أو مدناً !؟
وهل سمع أحد من الناس ، عن عالم ، أصدر فتوى ، تبيح الدماء المعصومة، وتزيّن إجرام المجرمين ، من الحكّام وأعوانهم ، بحقّ شعوب كاملة .. ثمّ جاء منكسراً ، خائفاً ، من ذنبه ، إلى قاضٍ ، يقول له : لقد ارتكبت إثماً عظيماً ، فطهّرني منه !؟
وهل سمع أحد ، عن سياسي ، اجتهد اجتهاداً مدمّراً ، ثمّ جاء إلى مؤسّسة قضائية ، أو سلطة تنفيذية ، يطلب منها ، أن تطهّره من ذنبه !؟
بل ، هل سمع أحد من الناس ، مجتهداً سياسياً ، قال لمن حوله : لقد أخطأنا، والخطأ من طبيعة البشر، ثم سكت .. دون أن يعقّب على اعترافه هذا ، بالقول : لكننا اجتهدنا ، فأخطأنا ، والمجتهد المخطئ ، له أجر، كما ورد في الحديث النبوي !؟ فيوظف الحديث النبوي ، لتغطية خطيئته ، التي سبّبت قتل العشرات ، أو المئات ، أو الألوف .. من البشر! فيضيف ، إلى خطيئته السياسية ، خطيئة جديدة ، هي أبشع منها ، وهي: مخادعة نفسه ، والناس؛ بإلباس خطيئته الأولى ، لبوساً شرعياً ، يُحِلّه ، من وزره الشنيع ، بحقّ الأمّة !
ونذكّر، بأن الكلام ، عن التطهّر من الذنوب ، هو من شأن المؤمنين بالله واليوم الآخر، وحدهم .. أمّا الآخرون ، فالأمر فيهم مختلف ، ولهم شأن آخر!