المعارضات السياسية ..

عبد الله القحطاني 

ومضات محرضة

المعارضات السياسية ..

زوابع ، ومَساطر!

عبد الله القحطاني 

  بعض المعارضين السياسيين يحبّون إثارة الزوابع ..

  وبعضهم يحبّون قياس كل شيء بالمساطر..

·  مثيرو الزوابع : لاهمّ لهم ، سوى البحث عن الزوابع ، في كل زاوية وردهة وشارع، في كل مقالة وبيان وسطر ، وجملة وكلمة وحرف ، وحركة وموقف وسلوك ..

ـ زوابع خاصّة ، وزوابع عامّة ..

ـ زوابع يثيرونها حول أشخاصهم : لإبرازها وتلميعها ، مرّة بشتم هذه الفئة ، وأخرى بالتهجّم على تلك المجموعة ، وثالثة بإظهار المعارض نفسَه بمظهر البطل ، ورابعة بتمثيل دور الضحية ، وخامسة بالذهاب إلى أبعد مدى ممكن ، في الانحراف السياسي المدمّر !

ـ وزوابع يثيرونها حول كتاباتهم : لإظهار مافيها من عبقرية وعمق وتميّز !

ـ وزوابع يثيرونها إذا تعرّض متعرّض لأشخاصهم ، أو لكتاباتهم وأفكارهم ، بنقد.. سواء أجاء النقد تلميحاً أم تصريحاً ، وسواء أجاء على شكل تذكير أونصيحة ، أم جاء على شكل تنبيه إلى خطأ يجب تجنّبه..

ـ وزوابع يثيرونها داخل أحزابهم وتنظيماتهم ، وأخرى يثيرونها مع الآخرين ، سواء أكانوا أصدقاء ، أم حلفاء ، أم مناصرين ..

ـ وزوابع يثيرونها حول مواقف الآخرين ، أو أقوالهم ، أو أفعالهم .. ما نِحين أنفسَهم صفات وصلاحيات .. بأسماء مختلفة ، وتحت حجج مختلفة ..

  فمن الصفات : الحكمة والعلم والفهم والعمق والصدق والإخلاص ..!

ومن الصلاحيات : الوصاية على العمل العامّ ، ورعاية المصلحة العامّة ، وضبط مسيرة الحركة السياسية في الاتجاه الصحيح ..!

·    حمَـلة المساطر:

  هؤلاء وظّفوا أنفسَهم مديرين عامّين ، في دوائر مساحة ، ضمن العمل السياسي الذي يعملون فيه ..!

ـ كل حركة لابدّ لها أن تقاس بمساطرهم ، هم تحديداً ! وأيّ فَرق في المساحة ، زيادة أو نقصاً ، عمّا تقيسه مساطرهم ، إنّما هو كارثة حقيقية ، في مجال العمل العامّ !

ـ أيّة حركة في عمل الآخرين ، ممّن يعملون معهم ، يجب أن تخضع لقياس مساطرهم، هم تحديداً ، بأيّ اتّجاه جاءت الحركة ، وضمن أيّة صيغة ، ولخدمة أيّ هدف ..!

ـ أيّة كلمة تقال ، أو تكتب ، يجب أن تكون خاضعة لمساطرهم ، ابتداء ، أو موافقة لقياس مساطرهم عند صدورها ، وإلاّ.. فلأمّ المخطئ الهَبَـل !

وهنا ، أيضاً ، تمارِس الصفات والصلاحيات وظائفها..

ـ صفات : الحكمة والعلم والفهم والعمق والصدق والإخلاص ..

ـ وصلاحيات : الوصاية على العمل العامّ ، ورعاية المصلحة العامّة ، وضبط مسيرة الحركة السياسية ، في الاتّجاه الصحيح ..!

فهل ما يفعله هؤلاء وهؤلاء ، خطأ كله ، أم صواب كله !؟

إن التعميم هنا ، هو خطأ قائم بذاته .. فليس عملهم خطأ كله ، ولاصواباً كله ..

إن الأمور في العمل الإنساني ، عامّة ، خاضعة لإطار واسع من النسبيّة !

ـ فقد يكون المبدأ صحيحاً بذاته ، لكن تطبيقه بطريقة فجّة هو الخطأ..

ـ وقد يكون المبدأ صحيحاً ، والتطبيق صحيحاً ، في إطاره العامّ .. ويكون الخطأ في الإسراف ، في متابعة التفصيلات الدقيقة ، في سياقات تضرّ فيها هذه المتابعة !

ـ وقد تكون أساليب إثارة الزوابع ، واستعمالِ المساطر.. قائمة أساساً على الخطأ !

ـ وقد تكون زيادة النسبة ، في التدخل في شؤون الآخرين ، الأصدقاء ، أو الحلفاء ، أو شركاء العمل ـ أيْ : ممارسة الوصاية على العمل العامّ ـ هي محلّ الخطأ .. كمن يضع على الطعام كميّة من الملح أكثر من الحاجة ، فيفسد الطعام كله !

ـ وقد تكون الوصاية ، بحدّ ذاتها ، على الآخرين ، وعلى أقوالهم وأفعالهم .. خطأ قائماً بذاته ، مادام هؤلاء الآخرون ، غير خاضعين لوصاية مَن يعيّن نفسَه وصياً عليهم ، وعلى أقوالهم وأفعالهم !

ـ وقد يكون الأوصياء ، من مثيري الزوابع وحملة المساطر ، من أصحاب النيّات الطيّبة ، والحرص الحقيقي على المصلحة العامّة .. إلاّ أن الخلل يكمن في طرائق التفكير، وفي وضع الأمور في غير مواضعها ! فكثيراً مايحتاج العمل العامّ ـ والخاصّ أيضاً ـ إلى مساطر، من أنواع مختلفة ، تقاس بها الأمور بدقّة ! إلاّ أن الخلل يكون في طريقة الاستعمال ، وظروفه ، وتقدير الحاجة إليه ، وكفاءة من يمارسه ، وعلاقته بالعمل نفسه !

ـ وقد يكون الخلل ، في فهم طبيعة العمل السياسي عامّة ، أو في فهم طبيعة التحالفات السياسية ، أو في فهم فنّ النقد ، أو فنّ النصح ، أو فنّ المراقبة ، أوفنّ الحذر في التعامل مع الشركاء !

ـ وقد يكون بعض مثيري الزوابع ، من حملة المساطر.. أو بعض حملة المساطر من مثيري الزوابع !

·    أمّا نتائح هذه الوصاية ، بالأشكال المذكورة آنفاً ، فمعروفة بشكل عامّ :

ـ فهي تؤدّي ، بالضرورة ، إلى إفساد العلاقات ، بين شركاء العمل العام ، وبالتالي ، إلى تمزيق الصلات ، بين الأطراف المتشاركة ، أو المتحالفة ، أو المتعاونة ..!

ـ إذا كان مثيرو الزوابع وحملة المساطر، من أصحاب الشأن في كتلهم وأحزابهم ، وتحدّثوا باسمها ، دون أن تعترض عليهم ، أدّى هذا ، إلى ابتعاد الآخرين عنهم ، وقطع صلاتهم بهم !

ـ وإذا كانوا يتحدّثون بأسماء أنفسهم ، أدّى سلوكهم هذا ، إلى إبعادهم عن ساحة العمل الجماعي المشترك .. وربما أدّى إلى إبعادهم من صفوف الأحزاب التي يعملون فيها ، إذا كانت جادّة في علاقاتها مع الآخرين ، الشركاء في العمل العامّ ..!

* بقي أن نقول : إن مثيري الزوابع وحملة المساطر، موجودون في كل عصر ومصر.. لا يستأثر بهم بلد دون غيره ، ولا تجمّع بشري ـ سياسي أوغير سياسي ـ دون سواه ، ولا زمن دون سائر الأزمنة ..!

               

l