حرية الرأي
ومضات محرّضة :
حرية الرأي ، الموضوع القديم، المتجدّد أبدا:
لِمَن ، وكيف ، ومتى ؟
عبدالله القحطاني
· متفق بين العقلاء ، على أن حرية الرأي لاتعني الفوضى ؛ بحيث يقول المرء مايشاء، ويفعل مايريد ! كما أنها لاتفصّل حسب مقاييس معيّنة ، يضعها حاكم مستبدّ ، يوسّع منها مايناسب هواه ويخدم كرسيّ حكمه ، ويضيّق منها ما لايناسب مزاجه ، أولا يناسب تسلّطه واستبداده ..!
· وإذا كان ذلك كذلك ، فهذا يعني أن للحرية حدوداً وضوابط ، تخضع لها ، سواء أكانت حرية قول ، أم حرية فعل !
· ولكي نضع الأمر في حدود التفكير العملي ، نطرح مجموعة من الأسئلة ، علّها توضح بعض المقصود .. فنقول :
ـ هل من حرية الرأي مثلاً ، أن يشتم المرء الناس كيفما اتفق ، ويحتجّ بأن هذا هو رأيه، وأنه يمارس نوعاً من حرية الرأي !؟
ـ وهل من حرية الرأي ، أن يبادر شخص ما ، إلى اتهام مجموعة من الناس ، بتهم شتّى في وسائل الأعلام ، دون أن يقدّم أي دليل مقنع ، أو حجّة ساطعة ، على اتهاماته .. بل يسوقها سوقاً ، ويلقي بها جزافاً .. وهو يدّعي أنه يمارس حرية الرأي ، وأنه إنما يفعل ذلك ، حرصاً على المصحلحة العامة !؟
ـ وهل من حرية الرأي ، أن ينبري عنصر ما ، في معارضة سياسية ، للتشهير بعناصر المعارضة الأخرى ، في معركة مريرة ، يخوضها الطرفان ضدّ نظام مستبدّ فاسد !؟
نكتفي بهذه الأمثلة ، لننظر في المآلات الناجمة عن ممارسة حرية الرأي ، في كل مثل ممّا ذكر آنفا .. فنسأل :
· كيف ينظر الناس ، إلى من يشتمهم باسم حرية الرأي ، وكيف يعاملونه !؟ هل ينظرون إليه باحترام وتقدير ، ويبجّلونه .. أم يبادلونه التحيّة بمثلها !؟
· وهل ينظر الناس ، إلى من يلصق بهم التهم الجزافية ، نظرتهم إلى إنسان عاقل حصيف ، ذي رأي يعتدّ به ، ووجهة نظر جديرة بالاحترام .. أم ينظرون إليه على أنه سفيه أحمق ، أو مفترٍ كذّاب ، أو أحمق ثرثار ، أو مخرّب متآمر يسعى إلى إثارة الفتن والنزاعات بين الناس ، وتشويه سمعة الفضلاء منهم .. أو أنه تاجر رخيص ، يتاجر بالكلمات ، لقاء دريهمات ، يقبضها من هذه الجهة ، أو تلك !؟
· وهل ينظر الناس ، إلى من ينبري لشركائه في معركة كسر عظم ، ضدّ عدوّ شرس ، ليشهّر بهؤلاء الشركاء .. نظرتهم إلى عاقل ، مخلص في دعواه بأنه معارض لهذا العدوّ .. أم ينظرون إليه على أنه أحمق ، يتعمّد كسر الأيدي التي تساعده في التخلص من عدوّه ، أو أنه متحالف سراً مع هذا العدو ، متآمر معه على تحطيم عناصر المعارضة الآخرى !؟ أم ثمّة تفسير آخر، تقدّمه المصطلحات المتداولة ، مثل ( حرية الرأي ) و ( وجهة النظر) ونحو ذلك !؟ أم أن ثمّة مصطلحات أخرى تضبط مثل هذه التصرفات غير الطبيعية ، مثل : (مبدأ الملاءمة) ومبدأ (مراعاة الظروف) ومبدأ (الحكمة هي وضع الأمور في مواضعها) ومبدأ ( لكل مقام مقال ) ونحو ذلك !؟ أم أن لأصحاب هذه المواقف تفسيرات أخرى ، لايعلمها إلاّ الراسخون في العلم ، ولا تفسير لها عند أحد ألبتّة ، إلاّ عند أصحابها !؟