أطفالنا أكبادنا فهل أخذوا نصيبهم

بعيونٍ ترنو إلى التغيير

هنادي نصر الله

[email protected]

اجعلي أمام طفلك كافة الخيارات، دلليه وشجعيه وقفي أمام أخطائه بالمرصاد ولكن لا تقمعيه، لا تعاقبيه، لا تسخري منه، اجعلي من العقاب بلسم يُقوم منه إعوجاجه وإياكِ أن تتمادي في العقاب فيكون تمهيدًا لإعلانه عصيانًا لا حدود له، إياكِ وأن تفرضي عليه أشياء لا يُحبها، إياكِ أن تُلاحقيه من أين لك هذا في كل شاردةٍ وواردة!... إياكِ أن تقاريني بينه وبين أقرانه، فأسلوب المقارنة مرفوض ولكل طفل خصوصية وهناك فروق فردية بين البشر.... إياكِ أن تنعتيه بصفاتٍ غير مرغوبةٍ وغير محبوبةٍ لديه، حتى وإن أخطأ تعاملي معه بحكمةٍ بصبرٍ بأملٍ بتأني بلين وبشدة، ولكن ليست الشدة المعروفة لديكِ " الشدة" ليست الضرب ولا الكلام الجارح والقاسي.. بل هي الحكمة بعينها والحكمة تتطلب في مواقف الجمع بين اللين والشدة!!

كوني صريحة مع طفلك، كوني أمه وأخته وصديقته، تقربي إليه، واجعلي قلبك وعاءًا لأسراره، هاتفًا باستمرار لإبداعاته، مناديًا لآماله، العبي معه وشاركيه أفراحه، وإن وجدتيه ذات مرة مهمومًا، امسحي على رأسه ودلليه، أنشدي له أناشيد يحبها، ودعي قلبه يتعلق بإبداعاتك وأنتِ تواسينه في همه البريء..

عزيزتي ...ليست الطفولة مجرد بطونٍ تجوع وأجساد بحاجة إلى ملبس ومأكل ومشرب، الطفولة لحنٌ جميل تحمل معاني بريئة وأحاسيس جميلة، لو تفانيتي في تربيتها وأحسنتِ تقويمها منذ الصغر، ستكونين بحق مربية للأجيال وصانعة للأطفال، آلا تعلمين أن الأم الحقيقة هي التي تُربي وليس التي تُنجب مع احترامنا لها وتقديرنا للآلام الولادة والمخاض وتبعاتها الجسام...

الطفولة أن تهدئي من روع طفلك، أن تتحلي أمامه بأجمل الصفات، أن تكوني نشيطة جميلة هادئة، أن تكوني مثالية بامتياز، فإياكِ أن تغضبي من زوجك أمام صغيركِ، إياكِ أن تتشاجري أمامه، إياكِ أن تُصدري أي سلوكٍ قبيح أمام طفلك، باختصار لا تُحقري زوجك أمام ابنه، بقولك " صغير" ولا يفهم ماذا يجري؟ ولا يعي طبيعة العراك الذي يحدث؟!!

كلا فالطفل في سنوات عمره الأولى هو مراقب لكل ما يحدث، هو مراقب لكل كلمةٍ تصدر ولكل حركةٍ تحصل، الطفل مشروع رجل سيكبر، فإما أن يكون واثقًا بنفسه معتدًا بالقيم التي تربى عليها وإما أن يكون مهزوزًا، فاختاري الأحب إلى قلبك وبالطبع كل أم تحب أن يكون طفلها الأسعد والأوفر حظًا وجاهًا من غيره..

بادري أمامه في البوح عن كل جميلٍ تحبيه، أشعريه بعظمته ، بقيمته، بنعمة التأمل، ودعيه يكتشف البيئة من حوله، متني علاقتك به، وتأكدي أنه لن يتخلى عنكِ مستقبلاً، وسيكون الرفيق والمؤنس لكِ في كبرك، كل هذا فقط إن أحسنتِ تربيته، وتأكدي أن الجنة لم تكن تحت أقدام الأمهات" لولا عظم المشقة التي تتكبدها الأم في تربية صغيرها؛ فلتكن التربية الحسنة والنموذجية حليفة كل طفل في العالم، كي نضمن أن نجني مستقبلاً ثمارًا يانعة ناضجة تأبى الوهن وترفض الاستسلام ولديها عزة نفسٍ لا تنحني أمام الرياح العاتية والصعوبات...