حصان ( الإصلاح ) حمحمة أم حلم ؟

عبد الله زنجير * /سوريا

[email protected]

مدخل

منذ وفاة المصلح الأول ، محمد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - سنة 632م ، وانقطاع الوحي عن الأرض توجيها و تصويبا ، ابتدأت تحديات الإصلاح أمام العقل المسلم ، المستنير في الأصل بنصوص الكتاب وهدي السنة و تجليات السيرة ، فكانت ( السقيفة ) الخطوة الأهم في العبور إلى فقه الحياة وفهم الواقع و تفعيل الفكر وتدارك الشورى . إنها الصورة الأنصع والأوثق في حركية الإصلاح الديني الدنيوي ، رغم تدليسات معينة من بعض المستشرقين وأهل الهوى

لكننا الآن على مفترق طرق و عديد إحداثيات ، تكاد أن تتراوح مابين : محض أصالة واكتفاء بالماضي السعيد ، مثلما نوده

أو معاصرة بحتة ، وقراءات من صميم الواقع و إليه دون أية جذور

أو - أخيرا - التوأمة مابين الأصالة والمعاصرة ، تماما كالمزاوجة مابين الهيدروجين والأوكسجين ، مما ينتج كل شيء حي ( أفلا يؤمنون ) الأنبياء 30

المصطلح

إن الحديث في هذا المسار لاكسب فيه ، وخصوصا في الحالة الإسلامية الراهنة المتشبثة بما وجدنا عليه آباءنا ، والنابذة أحيانا لأي جديد أو جميل لمجرد إتيانه من الآخر ، والمترددة عموما تجاه قضم وهضم دعوات كثيرة ، اختلط فيها الحابل بالنابل والتبس الحق بالباطل ، مما يفسر الحذر أمام وعورة الرؤية وتحديد الهدف واستنظافه ، رغم تعاسة الحال و تضاؤل الفرص ! بيد أن هذا هو سبيل الرسل والمصلحين والمجددين ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها أمر دينها ) أبوداوود وغيره ، ليس سهلا ولا سلسبيلا ، بل محفوف بالمكاره والمتاعب .. وكما قال المتنبي

وإذا كانت النفوس كبارا / تعبت في مرادها الأجسام

والعجيب ، أن الإسلام العظيم الذي أطلق الاجتهاد من عقال ، واستعاد دورالعقل ، وووعد بكامل الأجر للمجتهد المخطئ الممتلك لوسائل وأدوات الاجتهاد ، قد غيبت رأيه هذا مؤسسة الحل والعقد ، منذ الخليفة المستعصم وإلى ماشاء الله ، وأقيمت محاكمات لمن يجرؤ ، مثلما كان مع جمال الدين القاسمي سنة 1895م بتهمة الاجتهاد

كل ذلك مدعاة للحيطة والدقة و الدماثة ، فالنهضة و الحضارة والبلاغ المبين عمل جماعي ومنسوب متكامل لطلائع الأمة و تياراتها و مثقفيها ، وصولا  بعدئذ لحقوق و واجبات خير أمة أخرجت للناس ، و .. لنكون شهداء على غيرنا و رحمة لهم و فيهم و عليهم

و للحديث تتمة إن شاء الله

              

*عضو رابطة أدباء الشام