قضايا لغوية(6)

قضايا لغوية(6)

في جذور الكلمات

(الهمزة 2)

د.عبد الكريم مدلج

في لغتنا العربية كلمات قد يصعب على بعض الدارسين معرفة جذورها للوقوف على معانيها في المعاجم, وذلك بسبب بعض التغييرات التي طرأت على أصل كلّ كلمةٍ منها, فتغير شكل بنيتها, وأشكل معرفة جذرها, وهذا التغيير مردّه حدوث إعلالٍ أو إبدالٍ أو قلبٍ مكانيٍ في الكلمة. وسأذكر بعض هذه الكلمات, مبينًا جذرها وبعض معانيها, ومرتّبًا إياها بحسب أصولها وفق الترتيب الألفبائي.

أَكَمَة = (أكم): الأَكَمَةُ محركة التّلّ من حجارة, أو هي دون الجبال, أو الموضع يكون أشد ارتفاعًا مما حوله, وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرًا, والجمع آكام بفتح الهمزة ويليها مدة على وزن آصال, وبكسر الهمزة بغير مد على وزن جِبال, فالأكمة مفرد جمع أربع مرات أَكَمَة, ثم أَكَم بفتح الهمزة والكاف, ثم إِكَام كجِبال, ثم أُكُم كعُنُق, ثم آكَام كآصَال, وهو ما غلظ من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلاً, وكان أكثر إرتفاعًا مما حوله كالتلول ونحوها, أو هي الجبال الصغار, أو ما اجتمع من التراب, وقيل: هي فوق الرابية ودون الجبل, ويقال: الأكم أشراف في الأرض كالروابي, ويقال: هو ما اجتمع من الحجارة في مكان واحد فربما غلظ وربما لم يغلظ, ومن أمثالهم "حبستموني ووراء الأكمة ما وراءها" قالتها امرأة كانت واعدت تبعًا لها أن تأتيه وراء الأكمة, فبينا هي معيرة في مهنة أهلها إذ نسها شوق إلى موعدها, وطال عليها المكث, وضجرت فخرج منها الذي كانت لا تريد إظهاره, وقالت: حبستموني ووراء الأكمة ما وراءها, يقال ذلك عند الهزء بكل من أخبر عن نفسه ساقطًا ما لا يريد إظهاره, واستأكم الموضع صار أكمًا, وأكمت الأرض أكل جميع ما فيها, وإكام جبل بالشام.

الله = (أله): الإله الله عز وجل, وكل ما اتخذ من دونه معبودًا إله عند متخذه, والجمع آلهة والآلهة الأصنام سمّوا بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحق لها, وأسماؤهم تتبع اعتقاداتهم لا ما عليه الشيء في نفسه, وهو بين الإلهة والألهانية وفي حديث وهيب بن الورد "إذا وقع العبد في ألهانية الرب ومهيمنية الصديقين ورهبانية الأبرار لم يجد أحدًا يأخذ بقلبه" أي لم يجد أحدًا يعجبه ولم يحب إلا الله سبحانه, وهو مأخوذ من إله, وتقديرها فعلانية بالضم تقول: إله بين الإلهية والألهانية, وأصله من أله يأله إذا تحير, وقال الخليل: الله لا تطرح الألف من الاسم إنما هو الله عز ذكره على التمام, قال: وليس هو من الأسماء التي يجوز منها اشتقاق فعل كما يجوز في الرحمن والرحيم, وحقّ اسم الله تعالى في اللغة إلاه, أدخلت الألف واللام تعريفا فقيل: الإلاه, ثم حذفت العرب الهمزة استثقالا لها, فلما تركوا الهمزة حولوا كسرتها في اللام التي هي لام التعريف, وذهبت الهمزة أصلاً فقالوا: أللاه فحركوا لام التعريف التي لا تكون إلا ساكنة, ثم التقى لامان متحركتان فأدغموا الأولى في الثانية, وأصل إله ولاه فقلبت الواو همزة كما قالوا للوشاح: إشاح, وللوجاح وهو الستر: إجاح ومعنى ولاه أن الخلق يولهون إليه في حوائجهم ويضرعون إليه فيما يصيبهم ويفزعون إليه في كل ما ينوبهم, كما يوله كل طفل إلى أمه, وقد سمت العرب الشمس لما عبدوها إلاهة والألاهة الشمس الحارة, وهي الأليهة والألاهة والإلاهة وألاهة كله الشمس اسم لها, والإلاهة والألوهة والألوهية العبادة وقد قرئ: ] وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [ [الأعراف 127]. وقرأ ابن عباس: ] وَيَذَرَكَ وَإلاهَتَكَ [ بكسر الهمزة أي وعبادتك. ويقال إن الهاء مأخوذ من أله يأله إذا تحير كأن القلوب تأله عند التفكر في عظمة الله وقال الأخطل:

ونحن قسمنا الأرض نصفين نصفها        لنا ونرامـي أن تكون لنا معا 

بتسـعين ألفا تألـه العين وسـطها        متى ترها عين الطرامة تدمعا 

 أي تتحير فتدمع.

ائتلى = (ألو) و(ألى): ألا يألو ألوًا وألَوًا وأليًا وإليًا, وألى يؤلي تأليةً وأتلى قصّر وأبطأ, ويقال: إن كنائني لنساء صدق فما ألى بني ولا أساؤوا, وقال الجعدي:

وَأَشـمَطَ عُرياناً يُشَـدُّ كِتافُهُ       يُلاُم عَلى جَهدِ القِتالِ وما ائتَلى

 ويقال: هو مؤلٍ, أي: مقصر, ويقال للكلب إذا قصر عن صيده: ألى, وكذلك البازي, وقول أبي سهو الهذلي:

القومُ أعلمُ لَو ثَقِفنَا مَالِكا      لاصطافَ نِسوَته وهُنَّ أوَالي

 أراد لأقمن صيفهن مقصرات لا يجهدن كل الجهد في الحزن عليه ليأسهن عنه. وأقبل يضربه لا يَألُ مضمومة اللام دون واوٍ, والاسم الألية, ومنه المثل "إلا حظيه فلا أليه" أي: إن لم أحظ فلا أزال أطلب ذلك وأتعمل له وأجهد نفسي فيه, وأصله في المرأة تصلف عند زوجها, تقول: إن أخطأتك الحظوة فيما تطلب فلا تأل أن تتودد إلى الناس لعلك تدرك بعض ما تريد, وما ألوت ذلك, أي: ما استطعته, وما ألوت أن أفعله ألْوًا وألَوًا, أي: ما تركت, والعرب تقول: أتاني فلان في حاجة فما ألوت رده, أي: ما استطعت, وأتاني في حاجة فألوت فيها, أي: اجتهدت, ويقال: ما ألوت جهدًا, أي: لم أدع جهدًا, وما ألوته, أي: لم أستطعه ولم أطقه, قال تعالى: ] لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً [ [آل عمران 118]. أي: لا يقصرون في فسادكم. وفي الحديث "وما من والٍ إلا وله بطانتان, بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر, وبطانة لا تألوه خبالاً" أي: لا تقصر في إفساد حاله. وقال النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لفاطمة ـ رضي الله عنها ـ: "ما يبكيك فما ألوتك ونفسي وقد أصبت لك خير أهلي" أي: ما قصرت في أمرك وأمري حيث اخترت لك عليًا زوجًا. وفلان لا يألو خيرًا, أي: لا يدعه ولا يزال يفعله.

آلاء = (ألى): الآلاء النعم, واحدها ألى بالفتح, وأصله ولى, وإلي وإلى, وقد تكسر وتكتب بالياء, مثال معي وأمعاء, قال الأعشى:

أَبيَضُ لا يَرهَبُ الهُزالَ وَلا        يَقطَعُ رِحماً وَلا يَخونُ إِلا

قال ابن سيده: يجوز أن يكون إلا هنا واحد آلاء الله, من الإل الذي هو العهد, وفي الحديث "تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله", قال ابن الأنباري: إلا كان في الأصل وِلا, وأَلا كان في الأصل وَلا, والألاء بالفتح شجر حسن المنظر مر الطعم, ويقال: أولاني, أي: أنعم علي من الآلاء, وهي النعم, والواحد ألى وإلى, والأصل في إلى ولى, فأبدلوا من الواو المكسورة همزة, كما قالوا: امرأة وناة وأناة, وأرض مألأة كثيرة الألاء, والألاء شجر من شجر الرمل دائم الخضرة أبدًا يؤكل ما دام رطبًا, فإذا عسا امتنع ودبغ به, واحدته ألاءة, ويجمع على ألاءات, وربما قصر الألا, قال رؤبة:

يخضر ما اخضر الألا والآس

وقد تكون الألاءات جمعًا, وإلياء مدينة في بيت المقدس, وإليا اسم رجل, والمئلاة بالهمز على وزن المعلاة   خرقة تمسكها المرأة عند النوح, أو هي خرقة الحائض, والجمع المآلي, يقال: آلت المرأة إيلاءً إذا اتخذت مئلاةً, وميمها زائدة.

أمّة = (أمم): أمم: الأَمّ بالفتح القصد, أَمّه يَؤُمّه أَمًّا إذا قَصدَه, وأممه وأتمه وتأممه ويمه وتيممه الأخيرتان على البدل, والإمة الحالة, والإمة والأمة الشرعة والدين, يقال: فلان لا أمة له, أي: لا دين له ولا نحلة, وفي التنزيل العزيز ] إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ [ [الزخرف 22]. وقرئ ] عَلَى أَمَّةٍ [ وهي الطريقة من أمَمت, والإمة أيضًا النعيم والملك, والأمة والإمة الدين, كما في قوله تعالى: ] كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِين [ [البقرة 213]. أي: كانوا على دينٍ واحدٍ. والإمة لغة في الأمة وهي الطريقة والدين, والإمة النعمة, والهيئة, والحال, والشأن, وغضارة العيش, والعيش الرخي, يقال: هو في إمة من العيش وآمة أي: في خصب, والأم القصد, والأم العلم الذي يتبعه الجيش, والإمة والأمة السنة وتأمم به وأتم جعله أمة, وأمّ القوم وأمّ بهم تقدمهم, وهي الإمامة, والإمام كل من ائتم به قوم كانوا على الصراط المستقيم, أو كانوا ضالين, والجمع أئمة, وفي التنزيل العزيز ] فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْر [ [التوبة 12]. أي: قاتلوا رؤساء الكفر وقادتهم, وقرئ ] أَيِمَّةَ الْكُفْر [ بهمزة واحدة, على قلب الهمزة الثانية ياء لثقلها, فلهذا لم يأت في الكلام لفظة توالت فيها همزتان أصلاً ألبتة. وما كان كذلك فهو شاذّ لا يقاس عليه, وليست الهمزتان أصلين بل الأولى منهما زائدة وكذلك قراءة أهل الكوفة أئمة بهمزتين شاذ لا يقاس عليه, والإمام الذي يقتدى به, وجمعه أيمة, وأصله أأممة على (أفعلة), مثل إناء وآنية, وإله وآلهة, فأدغمت الميم فنقلت حركتها إلى ما قبلها فلما حركوها بالكسر جعلوها ياء, وإمام كل شيء قيمه والمصلح له, والقرآن إمام المسلمين, وسيدنا محمد رسول الله إمام الأئمة, والخليفة إمام الرعية, وإمام الجند قائدهم, وهذا أيم من هذا وأوم من هذا أي: أحسن إمامة منه قلبوها إلى الياء مرة وإلى الواو أخرى كراهية التقاء الهمزتين, والإمام المثال, والإمام الخيط الذي يمد على البناء فيبنى عليه, والإمام خشبة البناء يسوي عليها البناء, وإمام القبلة تلقاؤها, والحادي إمام الإبل وإن كان وراءها؛ لأنه الهادي لها, والإمام الطريق, كقوله تعالى] وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ [ [الحجر 79]. أي: لبطريقٍ يؤم, أي: يقصد, والأمام بمعنى القدّام, وفلان يؤم القوم يقدمهم, ويكون الإمام رئيسًا كقولك: إمام المسلمين, ويكون الكتاب, قال تعالى: ] يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِم [ [الإسراء 71]. والأمة القرن من الناس, يقال: قد مضت أمم أي: قرون, وأمة كل نبي من أرسل إليهم من كافر ومؤمن, وكل قوم نسبوا إلى نبيٍ فأضيفوا إليه فهم أمته, وقيل: أمة محمد كل من أرسل إليه ممن آمن به أو كفر, وكل جيل من الناس هم أمة على حدة. وكل جنس من الحيوان غير بني آدم أمة على حدة, والأمة الجيل والجنس من كل حي, وفي التنزيل العزيز ] وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم [ [الأنعام 38]. وفي الحديث "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها ولكن اقتلوا منها كل أسود بهيم" والأمة الرجل الذي لا نظير له ومنه قوله عز وجل ] إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّه[[النحل 120]. أي: إمامًا, والأمة المعلم, والأمة الملك, والأمة أتباع الأنبياء, والأمة الرجل الجامع للخير, والأمة القامة والوجه, وأمة الوجه سنته وهي معظمه, والأمة الطاعة, والأمة العالم, وأمة الرجل قومه, والأمة الجماعة, وهو في اللفظ واحد وفي المعنى جمع, وأمة الله خلقه يقال ما رأيت من أمة الله أحسن منه و أمة الطريق وأمه معظمه, والأمم القصد الذي هو الوسط, والأمم القرب يقال: أخذت ذلك من أممٍ, أي: من قربٍ, وداري أمم داره أي: مقابلتها, ويقال للشيء إذا كان مقاربا هو مؤام.

أمّهات = (أمم): الأم والأمة الوالدة, والجمع أمات وأمهات, زادوا الهاء, وقال بعضهم: الأمهات فيمن يعقل, والأمات بغير هاء فيمن لا يعقل, فالأمهات للناس, والأمات للبهائم, والأصل في الأمهات أن تكون للآدميين, والأمات أن تكون لغير الآدميين, وربما جاء بعكس ذلك, قال السفاح اليربوعي في الأمهات لغير الآدميين:

قَوَّالَ مَعروفٍ وَفَعَّالَهُ      عَقَّارَ مَثْنَى أُمَّهَاتِ الرِّباعْ

وقال ذو الرمة:

سِوى ما أَصابَ الذِئبُ مِنهُ وَسُربَةً       أَطافَت بِهِ مِن أُمَّهاتِ الجَوازِلِ

فاستعمل الأمهات للقطا واستعملها اليربوعي للنوق, قال الجوهري: أصل الأم أمهة؛ ولذلك تجمع على أمهات, ويقال: يا أمة لا تفعلي ويا أبة افعل, يجعلون علامة التأنيث عوضًا من ياء الإضافة, وتقف عليها بالهاء, والأم في كل معانيها أمة؛ لأن تأسيسه من حرفين صحيحين, والهاء فيها أصلية, ولكن العرب حذفت تلك الهاء إذ أمنوا اللبس, ويقول بعضهم في تصغير أم: أميمة, والصواب أميهة ترد إلى أصل تأسيسها, ومن قال: أميمة صغرها على لفظها, وهم الذين يقولون: أمات, يقال: تأمّم فلان أمًّا إذا اتخذها لنفسه أمًّا, وإذا قالت العرب: لا أم لك, فإنه مدح عند بعضهم, وذم عند بعضهم الآخر, قال أبو عبيد: زعم بعض العلماء أن قولهم: لا أم لك قد وضع موضع المدح قال كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه:

هَوَت أُمُّهُ ما يَبعَثُ الصُبحُ غادِياً       وَماذا يَوَدُّ اللَيلُ حينَ يَؤوبُ

وإنما معنى هذا كقولهم: ويح أمه, وويل أمه, والويل لها, وهذا ذمٌّ وليس مدحًا, وقوله: لا أم لك, أي: ليس لك أم حرة وهذا السب الصريح وذلك أن بني الإماء عند العرب مذمومون لا يلحقون ببني الحرائر ولا يقول الرجل لصاحبه: لا أم لك إلا في غضبه عليه مقصرًا به شاتمًا له, ومعنى قولهم: لا أم لك, أي: أنت لقيط لا تعرف لك أم. وقولهم: ويلمه, يريدون ويل لأمه, ثم حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال, وكسروا لام ويل إتباعًا لكسرة الميم, ومنهم من يقول: أصله ويل لأمه فحذفت لام ويل وهمزة أم فصار ويلمه, ومنهم من قال أصله وي لأمه فحذفت همزة أم لا غير, وفي حديث ابن عباس أنه قال لرجل: "لا أم لك" قال: هو ذم وسب, أي: أنت لقيط لا تعرف لك أم, والأم تكون للحيوان الناطق وللموات النامي كأم النخلة والشجرة والموزة وما أشبه ذلك, وأم الكتاب فاتحته لأنه يبتدأ بها في كل صلاة, وهي المقدمة أمام كل سورة في جميع الصلوات وابتدئ بها في المصحف فقدمت, وأم النجوم المجرة؛ لأنها مجتمع النجوم, وأم التنائف المفازة البعيدة, وأم الطريق معظمها إذا كان طريقًا عظيمًا وحوله طرق صغار, فالأعظم أم الطريق, وأم مثوى الرجل صاحبة منزله الذي ينزله, ويقال للمرأة التي يأوي إليها الرجل: هي أم مثواه, وفي حديث ثمامة "أتى أم منزله" أي: امرأته ومن يدبر أمر بيته من النساء, والأم امرأة الرجل المسنة, والأم الوالدة من الحيوان, وأم الحرب الراية, وأم الرمح اللواء وما لف عليه من خرقة, وأم القردان النقرة التي في أصل فرسن البعير, وأم القرى مكة شرفها الله تعالى؛ لأنها توسطت الأرض فيما زعموا, وقيل: لأنها قبلة جميع الناس, يؤمونها, وقيل: سميت بذلك لأنها كانت أعظم القرى شأنًا, وكل مدينة هي أم ما حولها من القرى, وأم الرأس هي الخريطة التي فيها الدماغ, وأم الدماغ الجلدة التي تجمع الدماغ, وأم اللهيم المنية, وأم خنور الخصب, وأم جابر الخبز, وأم صبار الحرة, وأم عبيد الصحراء, وأم عطية الرحى, وأم شملة الشمس, وأم الخلفف الداهية, وأم ربيق الحرب, وأم ليلى الخمر, وليلى النشوة, وأم درز الدنيا, وأم بحنة النخلة, وأم رجية النخلة, وأم سرباح الجرادة, وأم عامر المقبرة, وأم جابر السنبلة, وأم حباب الدنيا, وأم سمحة العنز, وأم حلس كنية الأتان, ويقال للضبع: أم عامر وأم عمرو.

أمَة = (أمو): الأمة خلاف الحرة, والأمة المرأة ذات العبودة وقد أقرت بالأموة, وهي أمة بينة الأموة, تقول العرب في الدعاء على الإنسان: رماه الله من كل أمة بحجر, والجمع أموات, وإماء, وآم بوزن عام, وإموان بوزن إِخوَان, وأموان بوزن أخَوَان, كلاهما على طرح الزائد, ونظيره: أخ وإخوان, قال القتال الكلابي:

أَنا ابنُ أَسماءَ أَعمامي لَها وَأَبي       إِذا تَرامى بَنو الإِموانِ بِالعارِ

ويروى بنو الأموان. قال السليك:

يا صاحِبَيَّ أَلا لا حَيَّ بِالوادي       إِلاّ عَبيدٌ وَآمٌ بَينَ أَذوادِ

والآم جمع الأمة, كالنخلة والنخل, والبقلة والبقل, وأصل الأمة أموة, حذفوا لامها لما كانت من حروف اللين فلما جمعوها على مثال نخلة ونخل لزمهم أن يقولوا أمة وأم فكرهوا أن يجعلوها على حرفين وكرهوا أن يردوا الواو المحذوفة لما كانت آخر الاسم يستثقلون السكوت على الواو فقدموا الواو فجعلوها ألفا فيما بين الألف والميم, وقال المبرد أصل أمة (فعَلة) متحركة العين, قال وليس شيء من الأسماء على حرفين إلا وقد سقط منه حرف يستدل عليه بجمعه أو بتثنيته أو بفعل إن كان مشتقا منه؛ لأن أقل الأصول ثلاثة أحرف فأمة الذاهب منه واو لقولهم أموان, يقال: جاءتني أمة, فإذا ثنيت قلت: جاءتني أمتان, وفي الجمع على التكسير جاءني إماء الله, وأموان الله, وأموات الله, ويجوز أمات الله على النقص, ويقال: هن آم لزيد, ورأيت آميًا لزيد, ومررت بآم لزيد, فإذا كثرت فهي الإماء والإموان والأموان, ويقال: استَأْم أمةً غير أمتك, بتسكين الهمزة, أي: اتخذ, وتأميت أمةً, وأمت المرأة و أميت وأموت أموةً صارت أمة, ولقد تأميت وأميت أموة, وتأميت أمة أي: اتخذت أمة, والنسبة إليها أَموي بالفتح, وتصغيرها أُمية, وبنو أمية بطن من قريش والنسبة إليهم أُموي بالضم على القياس, وأَموي بالفتح على غير القياس, وحكى سيبويه أميي على الأصل, أجروه مجرى نُميري وعُقيلي, وربما فتحوا.

مآب = (أوب): الأوب الرجوع, آب إلى الشيء رجع يؤوب أوبًا وإيابًا وأوبةً وأيبةً على المعاقبة, وإيبةً بالكسر رجع, وأوب وتأوب وأيب كله رجع, وآب الغائب يؤوب مآبًا إذا رجع, ويقال: ليهنئك أوبة الغائب, أي: إيابه, وفي حديث النبي أنه كان إذا أقبل من سفر قال: "آيبون تائبون لربنا حامدون" وهو جمع سلامة لآيب, وفي التنزيل العزيز ] وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ [ [ص 25]. أي: حسن المرجع الذي يصير إليه في الآخرة, فكل شيء رجع إلى مكانه فقد آب يؤوب إيابًا, وهو سريع الأوبة أي الرجوع, وقوم يحولون الواو ياء فيقولون: سريع الأيبة, وفي دعاء السفر "توبًا لربنا أوبًا" أي: توبًا راجعًا مكررًا, يقال منه: آب يؤوب أوبًا فهو آيب, وفي التنزيل العزيز ] إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُم [ [الغاشية 25]. وإيابهم أي: رجوعهم وهو (فيعال) من أيب (فيعل), وقيل: لا يكون الإياب إلا الرجوع إلى أهله ليلاً, يقال للرجل يرجع بالليل إلى أهله: قد تأوبهم, وأتابهم فهو مؤتاب, ومتأوب, ورجل آيب من قوم أوب, وأواب كثير الرجوع إلى الله عز وجل من ذنبه, والأوبة الرجوع كالتوبة, والأواب التائب, وفي قولهم رجل أواب سبعة أقوال: قال قوم: الأواب الراحم, وقال قوم: الأواب التائب, وقال سعيد بن جبير: الأواب المسبح, وقال ابن المسيب: الأواب الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب, وقال قتادة: الأواب المطيع, وقال عبيد بن عمير: الأواب الذي يذكر ذنبه في الخلاء فيستغفر الله منه, وقال أهل اللغة: الأواب الرجاع الذي يرجع إلى التوبة والطاعة, من آب يؤوب إذا رجع, قال الله تعالى: ] لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظ [ [ق 32]. وأنشد ابن الأعرابي:

لا تـردن المـاء إلا آيبـه

أخشى عليك معشرًا قراضبه

سود الوجوه  يأكلون الآهبه

والآهبة جمع إهاب, والتأويب في السير نهارًا نظير الإسآد في السير ليلاً, والتأويب أن يسير النهار أجمع وينزل الليل, وقيل هو تباري الركاب في السير, وآب من أسماء الشهور عجمي معرب, ومآب اسم موضع   من أرض البلقاء, قال عبدالله بن رواحة:

فَلا وَأَبي مَآبُ لَنَأتِيَنها       وَإِن كانَت بِها عَرَبٌ وَرومُ

آل = (أول): الآل الشخص, وقد يجوز أن يكون الآل هو الأهل, وآل الخيمة عمدها, والآلة واحدة الآل والآلات, وهي خشبات تبنى عليها الخيمة. وإن آل محمدٍ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ هم الذين حرمت عليهم الصدقة وعوضوا منها الخمس, وقيل: آله أصحابه ومن آمن به. وهو في اللغة يقع على الجميع, وقوله في الحديث: "لقد أعطي مزمارًا من مزامير آل داود" أراد من مزامير داود نفسه, وآل الرجل أيضًا أتباعه, قال الأعشى:

فَـكَـذَّبـوهـا بِما قالَت فَصَبَّـحَهُم

ذو آلِ حَسّانَ يُزجي المَوتَ وَالشِرَعا

يعني جيش تبع, ومنه قوله عز وجل: ] أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [ [غافر46]. وإيلة الرجل بنو عمه الأدنون, وقال بعضهم: من أطاف بالرجل وحلّ معه من قرابته وعترته فهو إيلته, ويقال: هو من إيلتنا, أي: من عترتنا, وإلة الرجل الذين يئل إليهم, وهم أهله دنيا, وهؤلاء إلتك وهم إلتي الذين وألت إليهم, ورددته إلى إلته أي: إلى أصله.

آية = (أيا): الآية العلامة, والجمع آي وآياي وآيات, وخرج القوم بآيتهم, أي: بجماعتهم, ومعنى الآية من كتاب الله جماعة وحروف, وحكي عن الخليل أن وزنها (فعلة), وأجاز في النسب إلى آية آيي وآئي وآوي.