الدولة الالكترونية ودول العصور الحجرية

د. محمد رحال /السويد

[email protected]

التطور العلمي المذهل والذي تتسابق الدول المتقدمة والمتطورة علميا وفكريا للاستفادة منه في تطوير بلدانها لاريب وانه افرز تقسيمات جديدة لاعلاقة لها بالتقسيمات العولمية القديمة اثناء مايسمى الحرب الباردة  والتي والتي قسمت العالم دول العالم الى اربع اقسام وهي : العالم الاول ويقصد به الاوربي والامريكي واليابان وعلى راسه امريكا , والعالم الثاني وهو ماكان يسمى دول العالم الاشتراكي ورأس اقطابه روسيا السوفياتية سابقا , والعالم الثالث والذي يضم غالبية الدول العربية وقسم لابأس به من دول عدم الانحيازوكلهم على رؤوس بعضهم  , والعالم الرابع هو الدول التي تعيش على المساعدات والتي تصنف ان غالبية سكانها يعيشون تحت خط الفقروعلى راسها زيمبابوي وبنغلادش والنيجر ومالي ومدغشقر  , والقفزة العلمية الالكترونية ارجعتنا الى تقسيمات تاريخية لاعلاقة لها بالتقسيمات السياسة وانما بالتطور التاريخي للبشرية حيث يصنف هذا التطور على اساس العصور القديمة ماقبل التاريخية والعصر الحجري , ثم العصر البرونزي , والعصور الوسطى مرورا بعصر النهضة والعصر الحديث , ليقفز العالم حاليا الى عصر الثورة الالكترونية , وبالتالي عصر الدول والحكومات  الالكترونية .

والشعوب والدول التي دخلت بكامل اداراتها ضمن وتحت مظلة الدولة الالكترونية هي دول تعتبر دولا عصرية الكترونية بالمفهوم الحديث اي انها دخلت عصر مابعد العصرالحديث  والتي هي جزءا من التطور الحتمي لتطورات العصر لدى الشعوب المواكبة لخطا التطورات العلمية العصرية  , وشمل هذا الدخول العصري الالكتروني حتى التسوق من داخل المنزل وصولا الى تشغيل جهاز المراقبة في البيت وانت على مبعدة الاف الكيلو مترات منه مرورا بالاقرار الضريبي السنوي  , واعتبرت هذه الدول المتطورة ان الدول التي لم تدخل هذا التطور الالكتروني الى قيادة اجهزة الدولة هي دول لاتختلف في تصنيفاتها عن تلك التي مازالت تعيش في عصر سابق  مختلف في ادواته وتفكيره عن عصر سبقه يسمى عصر الدول والحكومات الالكترونية الرقمية, وبما ان الفجوة الرقمية بين الدولة العصرية الرقمية وبين بداية عصر مابعد عصر النهضة تقترب من ثلاثمائة عام فهذا يعني ان هناك فجوة بين العصرين تقترب من نفس الرقم , اي ان هذه الدول متخلفة عن انظمة الدول الالكترونية بثلاثة قرون من التطور الفعلي ويكاد ان يكون الفارق بين العصرين كالفارق بين من يسكن المدن في العصر الحديث وبين انسان الغابة المكتشف حديثا  , والحديث عن الدولة الرقمية والحكومة الرقمية لايعني ان هذه الدول في طريقها الى القفز من عصر الى عصر وانما هو مجرد حديث واحلام صيف مالم يقرن بتطبيق عملي صحيح في الوقت الذي تبحث فيه الدول المتطورة الكترونيا عن عصر جديد يسمى عصر مابعد عصر الدولة الالكتروني , هذا في نفس الوقت الذي تعيش فيه بلدان البط السعيد في اغلب اعمالها واداراتها في انظمة تنتمي الى نفس الانظمة في العصور القديمة  وخاصة في التطبيقات الادراية في حكم الدولة والتي مازالت تستخدم اساليب الدواوين الادارية والت نقلها عمر بن الخطاب عن الفرس, وبعض هذه الادارات والحكومات  والتي تخضع لشروط من الاستبداد المخجل والذي يسيره طبقة من الجهلة والذين لاعلاقة لهم باي حظ من حظوظ الثقافة الالكترونية او حتى الحجرية , وعقد الندوات العلمية والتي تتناول هذه القضايا في الدول العربية والتي تخضع في غالبيتها الى مناقصات على مستوى المحاضرين , حيث يكلف المحاضر الارخص بالقاء بعض المحاضرات في موضوع الدولةالالكترونية و يتم التعاقد مع محاضر من دولة رخيصة لاعلاقة لها ولا هو بالدولة الالكترونية وانما بالرز البخاري وقد لايختلف بعض انواع المحاضرين والذين يناط بهم محاضرات التطوير عن مستوى الشغالين والفراشين, ثم يصفق الحاضرون للمحاضر وتنتهي هذه المحاضرات الى ملفات توضع في ادراج النسيان ليتكدس عليها الغبار لتنته بعد ذلك فصول مراحل واعداد الدولةالالكترونية  , ولم يصل التطور الالكتروني في الدول العربية اكثر من مستوى حلقات تلفزيونية مغلقة في غالب الاحوال وهو نوع من انواع الاستخدام السيء للعلوم والتحديث والذي يرافقه فرحة الاطفال بلعبة جديدة .

ونقل اي دولة من دولة تعيش في عصور متخلفة سابقة وتحولها الى دولة الكترونية تحتاج الى عمل جاد وطموح يشرف عليه ادراة قوية من اجل التحديث , ومعها تحديث المعلومات , والدول التي انتقلت الى الدولة الالكترونية احتاجت وقبل الوصول الى هذا المستوى الى ارادة الدولة والشعب معا , واحتاجت من الاعداد المنظم والمدروس الى اكثر من عشر سنوات , ودولة الكترونية كالسويد مثلا فانها دخلت عصر الثورة الالكترونية في التعامل منذ 1980 واصبحت جاهزة بحلول عام 1990 وصارت المعاملات الالكترونية الحكومية تصرّف في غالبيتها عبر شبكة منظمة ومترابطة وتعتمد كلية على شبكتها المحلية والمنفصلة عن اي شبكة اخرى الا ضمن الروابط العنكبوتية الشرعية والتي لابد منها , ومع ان بعض الدول العربية استطاعت الولوج بعض الشيء في هذا المضمار الحديث الا انها لم تصل بعد الى درجة القول انها دولة الكترونية بشكل كامل , بالرغم من ان بعض انظمتها البنكية مثلا قد تضاهي افضل الانظمة العالمية ولكن هذا لايعني ابدا انها اصبحت حكومة الكترونية بل ولاتختلف بشيء عن ناقة انتعلت حذاء رياضيا .

وحاجة عالمنا العربي والذي يعتمد حتى اليوم على انظمة في غاية التأخر بسبب محاولات السلطات دائما مراقبة كافة مفاصل الدولة وبشكل بدائي ومتخلف هي حاجة ملحة من المفروض ان تسعى اليها , ونظام المراقبة العربي الامني لم يعد ذلك النظام المتطور والذي باستطاعته ملاحقة كل متصل بالهاتف او النقال او غرف المحادثة , او الصحف والتجمعات , وهذا يحتم على هذه الدول ان تتخلى تماما عن نظم المراقبة  والتجسس وان تتبنى نظما حديثة تتماشى مع التطور العالمي والذي سبقنا بعصور وهو عصر تجاوز حدود المراقبة والضبط باعتباره نظاما اكل عليه الدهر وشرب , ويحتاج نظام المراقبة السيء من هذه الدول المتخلفة الى كوادر يتجاوز عددها اعداد افراد الشعب نفسه وبلا طائل , وبهذه المصاريف الجاسوسية من الممكن التفكير بتحويلها الى موارد للانتقال من عصر ماقبل الدولة الالكترونية الى عصر الدولة الالكتروني المتطور والذي اصبح اسمه الدولة العصرية بعد ان انتقلت من عصر الدولة الحديثة  باعتبار ان الدولة الالكترونية هي جزء صغير من هذا التطور العصري والذي يشمل امورا حضارية اخرى وتكنولوجية متنوعة  لاعلاقة لها بتربية التيوس والجحشات العربيات