الغيرة المحمودة وآثارها
أحمد أحمد عبد الجواد
الشواشنة / الفيوم / مصر
الغيرة أقسام منها: -
1- الغيرة المعذورة : التي يعذر صاحبها ما لم يفعل حراماً مثل غيرة الزوجة من الزوجة السابقة كغيرة السيدة عائشة من السيدة خديجة رضي الله عنهما ، وذلك بسبب كثرة ثنائه - صلى الله عليه وسلم - عليها ، ومن الغيرة المعذورة غيرة المرأة من الزوجة الأخرى ، كما فعلت إحدى زوجات الرسول – صلى الله عليه وسلم – حينما كسرت الصحفة التي أرسلت بها إحدى زوجاته وقال الرسول : غارت أمكم وألزمها بضمان ما أتلفته .
2- الغيرة الزائدة : وهي غيرة تجاوزت الحد ولا ينبغي للزوجين أن يتعرض كل منهما إلى أن يثير غيرة صاحبه .
1- الغيرة المذمومة : وهي الغيرة التي ليس لها مبرر من الريبة والشك ، وهذه هي الغيرة التي يكرهها الله عز وجل ، وكثيراً ما كانت سبباً في خراب كثير من البيوت .
2- الغيرة المحمودة : وهي ما كانت في ريبة ولها ما يبررها مثل ان يجد الزوج زوجته مع رجل أجنبي عنها في وقت متأخر مثلاً ، وهنا ينبغي أن يغار الزوج ويتخذ موقفاً يحاسب فيه هذه الزوجة التي لا تراعي حرمة زوجها ولا مشاعره ، وإلا كان في عداد أهل الدياثة ، ولا يدخل الجنة ديوث . والغيرة المحمودة صفة للخالق جل وعلا تليق بجلاله وكماله لا يشبه فيها أحداً من خلقه : " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " ، وهو سبحانه يغار على محارمه أن تنتهك ويغضب على منتهكيها ما لم يتوبوا ، والغيرة المحمودة صفة الرسول الكريم ، ثم هي صفة الصالحين الأسوياء من عباد الله عز وجل ، وإليك – أخي الحبيب – هذه القصة التي تؤكد ما قررناه آنفاً :
" جاء عن سعد بن عبادة أنه قال : يا رسول الله ، لو وجدت مع أهلي رجلاً لم أمسه حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : نعم ، فقال سعد : لا والذي بعثك بالحق ، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك ، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : اسمعوا إلى ما يقول سيدكم ، إنه لغيور ، وأنا أغير منه ، والله أغير مني .( رواه مسلم ) ، وفي رواية البخاري زيادة هي : " ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها ومابطن ، ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين ".
والدروس المستفادة من هذه القصة كثيرة منها :-
1- أهمية الانضباط بالضوابط الشرعية في معالجة الأخطاء
2- اهتمام الإسلام بصيانة الأعراض ، حيث اشترط عدداً محدداً للشهود حتى لا تكون الأعراض لقمة سائغة لكل مريض القلب يلوكها بلسانه متى شاء ويلصق التهمة بالأبرياء .
3- تنمية الخلق الحسن وحراسته من الغلو ، كما أثنى النبي على غيرة سعد ، ولكنه حين سأله : ألا يمس الرجل حتى يأتي بالشهداء ؟ قال له النبي : نعم ، فلما قال سعد ما قال لم يعنفه النبي ، بل حمد له غيرته ولم يقل لا داعي للشهداء .
4- المحروم من الغيرة المحمودة محروم من صفة يحبها الله ورسوله والمؤمنون ، وهو بذلك في عداد أهل الدياثة .
وللغيرة المحمودة آثار منها : صيانة الآداب ، وحراسة الأخلاق ، والدفاع عن الأعراض ، وصيانة الأنساب ، والحفاظ على أمن المجتمع الداخلي .