خلا يا الدفاع عن التمرد الطائفي !

خلا يا الدفاع عن التمرد الطائفي !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

ما تكاد تقع حادثة في مكان به نصارى إلا وتهب الخلايا اليقظة والنائمة لاتهام المسلمين بارتكاب الحادثة ، وإظهار النصارى في ثياب الحملان الوديعة البريئة . المسلم دائماً ظالم ومتعصّب ومعتد ، أما الطائفي المتمرد فهو الإنسان الطيب الوديع الذي يشبه النسمة الرقيقة ، يتعرض للظلم والعدوان والتعصّب ، ويقابل ذلك بابتسامة إنسانية عريضة ، تغفر للآخر ظلمه وعدوانه وتعصّبه ! هكذا تصوّر الخلايا اليقظة النائمة ممن يحملون أسماء إسلامية ، حوادث التمرد الطائفي التي يقوم بها خونة الداخل والخارج !

في حادثة السيارتين أمام كنيسة العذراء بالزيتون ( أوائل مايو 2009 ) ، خرجت أبواق مأجورة تتهم المسلمين بإعداد السيارتين وتزويدهما بالمتفجرات لقتل النصارى الذين كانوا يشاركون في أحد الأفراح بالكنيسة . ومع تضارب الأنباء حول طبيعة التفجيرات ، فإن القوم استبقوا التحقيقات والقضاء ، وأصدروا أحكامهم الإجرامية إرضاءً للمتمردين وتملقاً لهم ، وفتحوا المنابر الورقية والتلفزيونية والإذاعية ، فضلاً عن مواقع الخيانة على الشبكة الضوئية ليعبروا عن سخائمهم وضغائنهم ضد الإسلام والمسلمين ، لدرجة أن يقول أحد المذيعين عن المسلمين " شوية العيال اللي حاطين الأقباط في دماغهم " ويصف أئمة المساجد بمشايخ الجوامع الذين يسمون الأقباط بالنصارى ويكفرونهم ، ويحمل على المدرسين الذين يشحنون التلاميذ ضد أخوة الوطن ، والإرهابيين الذين قتلوا الجواهرجي واعتدوا على كنائس الإسكندرية ...

المذيع الجاهل المأجور – وهو وصف حقيقي وليس سباباً أو قذفاً – لم ينتظر حتى يصدر القضاء حكمه ، على الجاني أو المتهم  المفترض أنه مسلم من وجهة نظره ، ولكنه استبق القضاء ، وتصوّر أنه سيرضى المتمردين الطائفيين حين يخرج في برنامجه القمعي ليدين الإسلام والمسلمين ، ويوجه التهم ذات اليمين وذات اليسار ، ولم يسأل نفسه سؤالاً بسيطاً : لماذا لم تقع حوادث التمرد الطائفي إلا بعد هزيمة مصر عام 1967م ، ومع مجيء مسئول الكنيسة الحالى الذي جعل من نفسه أو جعل منه الأمريكان رئيس جمهورية موازية ؛ يأمر بالحبس والاعتقال ويضع في وادي النطرون من يخرج على سلطته الزمنية التي اكتسبها بقوة التمرد ؟

المذيع جاهل لأنه لا يعرف ما يجرى في بلده ، وما يخطط له في ظل النظام البوليسي الفاشي الذي تفرغ لمطاردة الإسلام وإقصائه بل إلغائه في المجالات المختلفة ، وحرم كل من يتبنّى التصوّر الإسلامي من الوظائف المهمة ، بل وغير المهمة ، ووضع القوانين الظالمة وغيّر الدستور ليقطع الطريق عليه إذا فكر في دخول المجالس النيابية أو الشعبية .

والمذيع جاهل حين نسى أن القرآن الكريم هو الذي وصف أتباع المسيح في مصر وغيرها بالنصارى ، والآيات الكريمات عديدة ، يستطيع أن يرجع إليها ، وقد وصفهم مع اليهود بأهل الكتاب . فالوصف بالنصرانية التزام بمنهج الإسلام ومصطلحاته ، وليس اضطهاداً لأتباع المسيح عليه السلام ، أو من يفترض أنهم كذلك ، فأتباع المسيح يفترض أنهم طيبون متسامحون ، لا يتمردون على مواطنيهم – وخاصة إذا كان هؤلاء يمثلون الأغلبية الساحقة – ولا يخططون لإهانة دينهم أو تمزيق بلادهم ، أو إشاعة الفوضى غير الخلاقة ، أو تحدى السلطة والنظام العام ، أو التشهير برئيس الدولة ، واستقباله بالمظاهرات الإجرامية عندما يزور الولايات المتحدة ، والادعاء الكاذب بأنهم مضطهدون ، وبناتهم تُخطف ، ومحرومون من الحرية والعبادة والعمل وتربية الخنازير ؟!

والمذيع جاهل حين يدعى أن المدرسين في التعليم العام يشحنون التلاميذ ضد أخوة الوطن ويصفونهم بالكفر والإلحاد . لسبب بسيط جداً ، وهو أن الحكومة لا تعلّم الإسلام في الواقع العملي الحقيقي . حصة التربية الدينية التي تقررها الحكومة للمسلمين والنصارى لا قيمة لها ولا كيان ، لأن مدرسي المواد الأخرى يستولون عليها ، لشرح دروسهم في الرياضيات والكيمياء والفيزياء واللغات الأجنبية ، ومادة التربية الدينية لا يرسب فيها طالب مسلم أو طالب نصراني ، لأنها لا تضاف للمجموع ، ومعظم المعلمين في التربية الدينية الإسلامية لا يحفظون القرآن الكريم وليست لديهم ثقافة إسلامية عميقة ، بل إن بعض المدارس تخصص حملة دبلومات الصناعة والزراعة والتجارة للقيام بتدريس هذه الحصة التي تسجل صوريا في جدول الحصص الأسبوعي ، والتردي الخلقي الحاصل الآن نتيجة لعدم تدريس التربية الدينية الإسلامية بالشكل المطلوب الذي يهذب الأخلاق وينتصر للحق والخير والجمال .

إذا صاحبنا المذيع الجاهل يفترى على المدرسين المسلمين ، ويدفعه جهله الساطع إلى اتهام الناس بالباطل ليرضى خونة الداخل وخونة الخارج من المتمردين الطائفيين الذين ينفذون الأجندة الأمريكية الصهيونية لتمزيق الأوطان العربية ، وأذكّر المذيع الجاهل بما حدث في جنوب السودان ، وتيمور الشرقية ، وما يحدث في أماكن أخرى يتم فيها طبخ الجريمة ( ليس المؤامرة ) على نار هادئة ..

والمذيع الجاهل مأجور ، حين يضع مصالحه ومنافعه في مقابل الإسلام ، ويتهم المسلمين بقتل الجواهرجي في الزيتون ، ويتنكر للردود التي ردّ بها عليه زميله الصحفي الذي يشاركه في برنامجه المأجور المسموم . إن زميله الصحفي تحدث عن الشهداء المسلمين الذين راحوا ضحية عدوان من متمردي النصارى ، وليس آخرهم فلاح " أبو فانا " الذي لم يتحدث عنه المذيع الجاهل أبداً ، ولا عامل الوايلى الذي قتلوه وقطعوا ذراع طفلته وجرحوا زوجته التي أسلمت ، ولا ضحايا الإسكندرية ( آخرهم فرج التاجي الذي قتله نصارى وُصفوا بأنهم " مسجلين خطر " في منطقة كرموز ) ، وراح خونة المهجر يصفون القتلة بالأبطال !

المذيع الجاهل مأجور لأنه يعلم جيداً أن زميله الصحفي وثيق الصلة بجهات الأمن ، وقريب جداً من لاظوغلي ، وله قرابة ثلاثين عاماً ، يتهم الحركة الإسلامية بالإرهاب والتطرف ، ولا يشك أحد في ولائه للنظام والكنيسة ، ويعلم جيداً – وقد أخبره – أن ما يقال داخل الكنائس هو جريمة بكل المقاييس ، وتعصّب مقيت ، وعدوان شرير على ما يُسمى " المواطنة " و " الأخوة " ، ولكن المذيع الجاهل ينظر إلى مصالحه الخاصة ، وملايينه التي تتزايد ليحصد مع أقاربه منافع السموات المفتوحة وشركات السينما والبرامج والتشفير والقنوات والصحف وغيرها .

هل هي مجرد مصادفة أن تقوم زوجة المذيع الجاهل المأجور بمحاربة الحجاب وما تسميه الشادور  في مقالاتها التي تنشرها بجريدة أمريكية الهوى ؟ إن هذه الزوجة مذيعة أيضاً في تلفزيون الريادة ، وتكره الإسلام كراهية شديدة ، وتعبّر عن هذه الكراهية حين تستضيف شخصية ذات خلفية إسلامية فتنهرها وتقاطعها وتسفهها .. هل هي تعمل إرضاءً للتمرد الطائفي أم لجهات أخرى ؟ المفارقة أن أباها –  يرحمه الله – كان أستاذاً في علوم الإسلام واللغة العربية ، فهل كان يعلم أن ابنته ستعمل ذات يوم في إطار الحملات الصليبية الجاهلة المأجورة ضد الإسلام والمسلمين لحساب التمرد الطائفي الخائن ؟

لقد جني المتمردون على القاعدة العريضة من النصارى ، ويقودون البلاد إلى مهاوى الهلاك ، ويظنون أنهم يستطيعون الإفلات بجرائمهم الخيانية البشعة ، ولكن الشعوب لها حساباتها ولها منطقها . ونسأل الله اللطف والنجاة !

حاشية :

1-  كان أستاذ الجامعة فيما مضى يُطلب منه أن يكون رئيسا للوزراء أو وزيرا ، ثم صار يُطلب ليكون محافظا ، وأخيرا راح هو يَطلب أن يكون عضوا في حزب السلطة ، وتدنّي ليطلب أن يكون سكرتيرا عاما لمحافظة ، وغدا لن نفاجأ بالأستاذ الجامعي رئيسا لمدينة أو قرية .. فقد طلق البحث العلمي ليعيش بدخل مناسب مثل الآخرين الذين كانوا يحسدونه من قبل !

2-  جريمة القمح الفاسد ليست معلقة برقاب المستوردين الذين لا يخافون الله ، بل هي معلقة برقاب من جعلوا البلاد تستورد القمح أساسا وتصدر الكانتالوب !

3-  رئيس مجلس إدارة صحيفة قومية يطالب الموظفين الغلابة بالتنازل عن العلاوة الاجتماعية التي تمنحها الحكومة مع شهر يوليه . ترى هل يتنازل صاحبنا – وهو يساري بالمناسبة ويفترض أنه نصير الفقراء – عن جزء من مرتبه الذي يبلغ قرابة ربع المليون ؟