المعاناة والشعر

المعاناة والشعر

قراءة في حضور الوطن والحصار في شعر الشباب المسلم

بقلم: سالم محمد ذنون

توطئة:

لا يتأتى الشعر اعتباطاً من دون أن يكون حاملاً تجربة وفكراً ورؤية، بل وصرخة تجوب الآفاق، وتملأ أذهان القراء والسامعين، فالشعر لا يكون وليد فراغ وخواء فكريين وإنسانيين.. بل هو وليد المعاناة والألم، سواء كانت هذه المعاناة عالمية تحكي هموم الإنسان بصفة عامة على وجه البسيطة، أم كانت معاناة ذاتية تصوّر هموم الإنسان الفرد وآلامه ومآسيه في هذه الحياة وعلى مختلف الأصعدة.. والشاعر وكما هو معروف ليس إنساناً عادياً يعيش أيامه ولياليه وساعاته بالصورة الاعتيادية التي يعيشها الإنسان العادي –بل هو إنسان مثقف مليء بالأوجاع، ومثقل بالأعباء، هو إنسان ذو تجربة كبيرة في الحياة، لذا فهو ينطق بالكلمة الواحدة وهي تحمل في حروفها شعلة الحياة، وجمرة الألم، ونور الأمل، ويقظة الموت.. وبناءً على ذلك لا يكون الشعر وليد الراحة، ولكنه وليد الشقاء والتعب.. وكذلك بالنسبة للشاعر فهو يتخطى حدود الإنسان العادي، ويكون مشروع تضحية في سبيل الإنسانية بمعانيها السامية، ذلك أن "لكل شاعر رؤيته الخاصة للحياة، وتكون هذه الرؤية عادة فوق الرؤية المباشرة المجسدة واقعياً، يستطيع الشاعر من خلالها أن يتجاوز الواقع إلى ما قبله في جذور اللاوعي البشري العميق، أو يتجاوز متخطياً إياه إلى المستقبل الإنساني الغيبي غير المنظور، أو ريما يتجاوز بإعادة تشكيله من إزائه أو من داخله، وهذه التجاوزية تنفي بالضرورة أن يكون التشكيل الجديد صورة حرفية للواقع، لذا تعتبر عملية الخلق القلب النابض لكل جوانب المعرفة البشرية المفضية إلى الحقيقة، وهنا تكمن قدرة الشاعر على الإسهام في تطور الإنسان ورقيه، واستمرار استكناه طبيعة الحياة بالرؤية الذاتية الواعية النافذة إلى جوهرها، فيقدر عندها على إعادة التوازن إلى ما أفسده التراكم العبثي البشري في العلاقات بين عناصرها وظواهرها"(1) ثم إن رؤية الشاعر هذه تجاه الحياة تفضي بالنتيجة إلى إيجاد واقع متخيّل، واقع يكون بديلاً للواقع الحقيقي الذي يشير فيما يشير إلى الوجه المظلم من الحياة، ويسعى في الوقت ذاته إلى قمع كل طموحات الإنسان في الحصول على فرصة العيش بسلام، العيش الآمن بعيداً عن الحقد والكراهية التي يسعى أعداء الإنسان والإنسانية إلى إشاعتها في هذه الحياة، لذلك فإن الشاعر برؤاه يسعى إلى نشدان الحياة المثالية، إذن، فهو تطلّع نحو المطلق.. من خلال الكلمة المشحونة بالعاطفة والانفعال الصادق، والفكرة المتأطرة بالمعاناة والألم. وبناء على ذلك فإن "الفكرة عند الشاعر معاناة –بينما هي لدى الفيلسوف كيان خارجي يعالجه العقل، وفرق بين معاناة التجربة الخارجية وبين الوقوع في مأزق التجربة مع الفكرة الذات، التي هي تجربة روح الشاعر وامتحانها أمام مادية العالم"(2) فالشعر دائماً يسعى إلى جعل الحياة ذات معنى يرسم أمام الفنان هدفه بوضوح، وفي هذا تتمثل أعمق حاجاتنا الإنسانية في هذا الكون الفسيح/ الضيّق في الوقت نفسه.. لذا فالشعر يعدّ أحد الطرق التي تفسّر معنى الحياة، وهو أشد الطرق تأثيراً من بعض النواحي(3).. ومثلما يضع الشاعر بصماته ورؤيته في ثنايا شعره عن طريق طرحه لمعاناته البشرية بصورة فنية عميقة يكون النص بتكامله محمل التجربة الإنسانية، فإن القارئ بدوره ينفث من روحه داخل النص الأدبي عن طريق تلمسه تلك المعاناة التي رسمها الشاعر، إذ "أن القارئ سيرى رؤية أعمق إذا تعرّض في كل عرى الدهشة والحيرة المؤقتة إلى لحظات منتقاة من التجربة الإنسانية. قد لا يكون لها في البدء نموذج معين، ولكنها تتجمع معاً لتكوّن شكلاً واضحاً في     النهاية" (4).

فالقارئ هو المنتج المشارك للأثر الأدبي، إلى جانب الشاعر الذي أظهر النص للوجود.. إذ لم يعد القارئ ذلك المتقبّل السلبي الذي يقبل الأشياء على علاتها، بل أصبح ذا دور فعّال في تقبّل النص الأدبي، ومن هنا أصبح "الالتقاء بين النص والقارئ هو الذي يحقق للعمل وجوده، ولا يمكن لهذا الالتقاء أن يعيّن بدقة، ولكن يجب أن يبقى دائماً التقاءً فعلياً، كما ينبغي أن لا يماثل بحقيقة النص أو بالمزاج الفردي للقارئ"(5).

ومن هنا فقد ارتأينا أن نتطرق إلى المعاناة التي يبثها الشعراء الشباب المسلمون في قصائدهم، تلك المعاناة التي تمثّلت بسنوات الحصار الظالم المفروض على العراق زهاء عشر سنوات، وما خلّفه من ألم وقسوة ظهرت بصورة واضحة في أشعار بعض الشباب المسلمين في مدينة الموصل، وقد آثرنا أن نقرأ شعر ثلاثة من الشعراء الشباب هم (خالد عثمان، وخالد ياسين اليساري، ومحمد حازم) ومن هنا سيتجلّى عملنا في قراءة هذه المعاناة ضمن اتجاهين:

الاتجاه الأول: تمثّل في قراءة حضور الوطن بوصفه الأرض الحنون التي حملت أبناءها الذين عانوا كثيراً من ظروف الحصار وتحمّلوا وصبروا حتى ضاق الصبر بهم ذرعاً..

وفي الاتجاه الثاني: سنعرض لحضور قضية العراق في الدفاع عن حقه المشروع في الحياة، وما عاناه شعبنا من آلام بسبب الحصار الجائر..

1 – حضور الوطن في الشعر:

علاقة الإنسان بوطنه، لا تفرق عن علاقة الجنين برحم أمه، فقلبهما متصلان بحبل المشيمة، لذا فإنّ كلّ إنسان بل وكل كائن حي لا يقوى على الابتعاد عن الأرض التي حملته منذ نعومة أظفاره حتى مماته، وإذا ما ابتعد فإنه لا يتمكن من نسيانه ولا حتى محاولة ذلك، وهل هناك إنسان يقوى على نسيان أمه التي حملته؟ طبعاً لا، إلا إذا كان ذلك الإنسان ناكراً للجميل خالي الوفاض من ذرة وفاء، فالإنسان الأصيل لا يتخلى عن وطنه مهما كانت قساوة الظروف التي تواجهه.. فـ "منذ أن عرف الإنسان الوجود وعرفه الوجود عاش موصولاً ببيئته لا فكاك له منها، وكادت أن تكون صلته ببيئته أوثق من صلته بأسرته، فهو كما يُنسب إلى أسرته يُنسب إلى بيئته، وكما يستفيد صورته من أسرته يستفيدها من بيئته، غير أنه ينمو في أسرته موصولاً بآحاد وينمو في بيئته موصولاً بأعداد"(6)، والشعراء هم أكثر الناس قدرة على التعبير عن معاناة الوطن، والحنين إليه، ووصف الغربة التي يعانونها بسبب ابتعادهم عنه، لفرط حساسيتهم ونضج تجربتهم الشعرية والشعورية، إذ "أن الشاعر كائن إنساني بالدرجة الأولى، وأن الشعر تبعاً لذلك، صناعة بشرية خالصة لا دخل للإلهام والوحي بها.. إن الشاعر هنا لا يميط اللثام عن أي جانب من جوانب تجربته الشعرية بقدر ما يضيف مزيداً من الغموض والإبهام"(7)، ومن هنا فقد كان للوطن حضور قوي في الشعر خاصة، وفي الأدب عامة، وفي مختلف العصور، ولدى جميع الأمم، فما من إنسان على وجه الأرض إلا وقد حمله الوطن على أكتافه، ومن خلال ذلك أصبح الإنسان كائناً ذا كيان مستقل وشخصية لها سماتها التي استقتها من خصائص الوطن، لذلك "يجب أن تتوفر في الواقع درجة معينة من الانسجام بين كل مخلوق حي وبيئته، وإلا لما كان لذلك المخلوق أن      يتكوّن"(8).

أما فيما يخصّ الشعراء المسلمين الشباب في الموصل، فقد كان حضور الأرض والوطن قوياً وجلياً في أشعارهم، فخالد عثمان يقول في قصيدته (يكفيني عشقك خبزاً):

يكفيني  عشقك  خبزاً  لا أجود iiبه
يكفيني  أرضكَ لا أرض iiتراودني
رغم الذين مضوا واستودعوا مهجاً
راودتَ  ريحكَ  أيّ الريحِ iiتحملني
 




 
إذا   الجياعُ  غدوا  بالباب  iiأعتابا
وكنوزُ   الدنا   قد  تبدي  لي  نابا
عن  مهجتي  أبداً  ما  كنتُ iiرغّابا
على  بساط  الهدى  كرداً iiوأعرابا
 

نلاحظ في هذه الأبيات إصرار الشاعر بالتمسك بوطنه، وحبه العميق لهذا الوطن، فهو لا يتخلى عنه مهما كثرت المغريات، فعشق الشاعر لوطنه كافٍ لأن يكون قوته في هذه الحياة، وقد اختار من أنواع القوت (الخبز)، لأنه العنصر الوحيد من الغذاء الذي لا يمكن لبيت أن يخلو منه، فكما أن الخبز هو رمز البقاء، فكذلك عشق الشاعر لوطنه هو رمز لبقائه واستمراره في العيش، فأصبح (الخبز) معادلاً موضوعياً لـ (حب الوطن) وفي نفس الوقت، يكون (حب الوطن) معادلاً موضوعياً للقوت (الخبز) رمز البقاء.. ونرى الشاعر يستخدم أسلوب النفي في قوله: (لا أجود به) إشارة منه إلى عدم التفريط بهذا الحب العظيم الذي يكنّه الشاعر لوطنه، وربط ذلك بسبب صريح وهو وقوف الجائعين ألوفاً مؤلفة أمام عتبة الباب وهم يطلبون من الشاعر أن يمنحهم من هذا الخبز، العشق، وهو يأبى ذلك لا من باب البخل، بل من باب الحرص على الوطن وحفظه وعدم التفريط به..

ويعزز الشاعر عشقه لوطنه في قوله: (يكفيني أرضك لا أرض تراودني فهو هنا يؤكد حبه لوطنه وأرض هذا الوطن، مهما أغراه السفر إلى أرض غير أرض الوطن، وقد استخدم الشاعر لفظة (تراودني) استخداماً دقيقاً جاء معبّراً عن الحالة التي يقصد الشاعر إلى وصفها، والمراودة، هي محادثة النفس، وتستخدم دائماً للتعبير عن شيء سلبي، فجعل الشاعر مقام من يهجر وطنه، مع مقام من تراوده نفسه على فعل شيء دنيء.. فهو قد جعل من الأرض كائناً حياً يراود الشاعر عن نفسه من أجل ترك وطنه، ويأتي موقف الشاعر بالرفض القاطع لهذه المراودة، ويعزز تمسكه بأرضه ووطنه، مهما كانت مغريات الحياة من كنوز وغيرها. وقد استعار الشاعر للكنوز لفظة (ناب) في استعارة جميلة، حين جعل (للكنوز ناباً) تُكشّر به للشاعر، كناية منه إلى الإغراء الذي تحدثه الكنوز في النفوس.. وبالإضافة إلى هذه الكنوز، فإن الذين تركوا أرض الوطن مودعين الشاعر، وأغلبهم من أصحابه المقربين إليه، لم يغر كل ذلك الشاعر، ولم يدفعه إلى اللحاق بركبهم، بل إنه يؤكد رفضه لذلك في قوله: (ما كنتُ رغّاباً) حيث استخدم صيغة المبالغة (رغّاب) على وزن (فعّال)، وهي تفيد الكثرة والمبالغة في الشيء، وقد أتى بها الشاعر هنا لتؤكد حالته الشعورية بتعلقه بوطنه وأرضه.. ثم يخاطب الشاعر وطنه قائلاً: (راودتُ ريحكَ أيُّ الريحِ تحملني)، فالمراودة تأتي لشدة تعلّق الإنسان بالشيء، فهو قد تعلّق بالريح في وطنه.. ويستفهم مستنكراً: (أيُّ الريح تحملني؟) أي لا ريح تحملني غير ريحك يا وطني فوق بساط الهدى، وتثير كلمة (بساط) في ذهن القارئ، مدلولات من ضمنها أنها تشير إلى آفاق الوطن بأرضه وسمائه، على حد سواء، هذه الآفاق التي تحوي الأخوة والمحبة والألفة التي تجمع أبناء هذا الوطن بكرده وعربه وأقليات أخرى في ظل العقيدة الواحدة بدليل (الهدى)، وهذه إشارة من الشاعر إلى أن وطنه/ العراق، المكان الوحيد في العالم الذي يجمع بين أبناء جلدته بالمحبة والمودة والصفاء، على الرغم من اختلاف قومياتهم وتعدادها..

ويؤكد الشاعر خالد عثمان حبه لوطنه في قصيدة أخرى عنوانها (أنت الخليفة) يقول فيها:

سأنزع القلب أرميه على بلدي     وأفرش الجلد في درجاته عرفا

فالتلاحم بين الشاعر ووطنه وثيق وأواصره وشيجة، وهو يبدو هنا بوضوح شديد، وإن هذا التلاحم يدعو الشاعر إلى أن ينزع الشاعر قلبه ويرميه على بلده، والقلب هو نبض الحياة، فالشاعر لا يبخل به وبحياته في سبيل الوطن، كما وإن هذا الحب المتبادل بين الشاعر ووطنه يدفعه وبلا تردد إلى أن يغرس جلده في أرض الوطن، لكي يكون غرفاً لأبنائه، وقد أفاد الشاعر من معجم القرآن الكريم، حين استخدم لفظة (غرفاً) لأن (الغرفة) تحمل معاني الطمأنينة والسكينة، بدليل قوله تعالى: "في الغرفات آمنون"(9).. وحب الشاعر لوطنه نابع من حبه لهذه الأرض التي خلقها الله له وكرّم فيهالا بني آدم بأن جعلهم خلائف فيها.. "وإذا كان الكل الكوني الرحيب يحتل هذه المساحة الشاسعة من توجهات الشاعر وانثيالات خواطره وانسيابات مشاعره فلا عجب أن يحتل الجزء الوطني الداني الحميم المتلاحم بآماله وأفراحه، المنعصر في معالم ذكرياته وأطياف تمنياته، الملتصق بزمنه وخطواته، لا عجب أنه يحتلّ أبهى المواقع ضمن هذه المساحة وأعمقها وأثراها"(10).

وللشاعر خالد عثمان مقطعات صغيرة يعبّر فيها عن حبه لوطنه، فيقول:

- أقرب ما يكون الحُرُّ إلى وطنه        وهو ساجد..

- عندما احتضن الأرض       احتضنته السماء..

- لن أظمأ    حتى في الجنة   سأرتوي من فراتيك.

يستخدم الشاعر هنا أسلوب الضربة، فهو يقول العبارة البسيطة السهلة، وفي الوقت نفسه تكون هذه العبارة محملة بأسمى المعاني، وأعمق الدلالات، فإذا جاز لنا الوصف، قلنا: إنه أسلوب (السهل الممتنع)..

ففي المقطوعة الأولى يفيد الشاعر من ركن من أركان الصلاة، ألا وهو السجود، حيث يكون العبد أقرب ما يكون إلى الله عز وجل هو السجود، ويوظّف الشاعر هذا الركن فيكتب:

أقرب ما يكون الحرّ إلى وطنه وهو ساجد..

فهذا التوظيف أفاد منه الشاعر ليؤكد العلاقة الوطيدة بين الإنسان الحر وبين وطنه، وهي علاقة عظيمة، أعطاها الشاعر قيمة كبيرة بأن جعل الحر أقرب لحظة يعيشها مع وطنه، هي لحظة كونه ساجداً، فهي علاقة تسمو إلى مرتبة العلاقة بين العبد وربه، ولا نقول: تشبهها،  ذلك  أن الله  سبحانه وتعالى منزّه عن التشبيه، فهو سبحانه "ليس كمثله شيء" (11).. فهذا التوظيف لا يُقصد منه الشبهة، وإنما يُقصد منه تأكيد العلاقة بين الإنسان ووطنه، هذه العلاقة الوطيدة، وهنا يبرز دور القارئ الفاعل في النص، وأقول (الفاعل) تمييزاً له عن القارئ، السلبي الذي ربما لو قرأ النص لفهمه على اعتبار دلالته الظاهرة، دون محاولة الكشف عما وراء الكلمات.

أما في المقطع الثاني فإن الشاعر يقدم لنا صورة تقوم على قاعدة منطقية هي السبب والنتيجة، فيصف لنا إنساناً احتضن الأرض حباً لهذه الأرض، فاحتضانه للأرض جاء نتيجة لحبه الذي يكنّه لهذه الأرض، وقادت هذه النتيجة بدورها إلى نتيجة أكبر وأسمى هي أن السماء احتضنت هذا الذي بادر أولاً باحتضان الأرض. وقد يتبادر إلى ذهن القارئ فور قراءة هذه الكلمات بأنّ الشاعر إنما يريد أن يعطي صورة للشهيد الذي ضحّى بأغلى ما يملك فداءً للأرض والوطن.. فالشهيد هو الذي يحتضن الأرض ببدنه الذي احتضنته الأرض بدورها بذرات التراب في القبر، أما قوله: (احتضنته السماء) فهذه كناية عن حفاوة السماء بالشهداء، ذلك أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.. في حين في المقطع الثالث يقدم لنا الشاعر صورة تتميز بالمفارقة، فهو يقول:

لن أظمأ.. حتى في الجنة   سأرتوي من فراتيك..

فعنصر المفارقة يكمن في قوله: (حتى في الجنة) فكما هو معروف ومذكور في الأثر أن الإنسان لا يظمأ في الجنة  أبداً، ففي قوله: (لن أظمأ) يستخدم الشاعر الأداة (لن) وهي تفيد التأبيد.. والذي دعا الشاعر إلى التصريح بالتأبيد هو أنه سيرتوي من فراتي وطنه.. فحضور الوطن ماثل في حضور الجزء (الفراتي)، فبمجرد ارتواء الإنسان من الفرات، فذلك سيبعد عنه الظمأ الأبدي.. فالتعلق القوي بالوطن هو الذي قاد الشاعر إلى تأطير مشاعره وأحاسيسه بهذا الشكل السلس البسيط، فالحب والتعلق بالوطن لا يعرف التعقيد، فالشاعر إذن عبّر عن تجربته الشعورية من خلال قصائده، هذه التجربة التي تمثّلت بحب الوطن والاعتزاز به. ومن هنا فإن "التجربة هي ساحة الامتحان الحقيقي، والنجاح الحق يفرض وجوده، ويفسح للأديب الإسلامي مكاناً لائقاً في دنيا الكلمة"(12).

وهذا شاعر مسلم آخر يتحدث عن حبه لوطنه ويحكي معاناة الوطن في مواجهة التحديات إنه الشاعر الشاب محمد الحازم الذي يقول في قصيدته: (مواسم.. للغربة):

أعيذك أن لا تقرأ مرة

أن لا تستأنف صوتي القادم من وطني.. وجعي

فأنا وطن ما زال يراسل دون جواب..

ما زال يقاسم أبناء الغربة غربتهم..

ما زال يكابر وجيعته..

ما زال يكذّب كل وكالات الأنباء

ويمزّق برقيات النفي

وما زال العالم يندب خيبته..

فالشاعر هنا يحكي معاناة وطنه التي هي بدورها تجربة شعورية من ألم الشاعر تجاه وطنه، ذلك أن الوطن والشاعر كلاهما جسد واحد، إذا ما اشتكى أحدهما تداعى له الآخر بالسهر والحمى، فالوطن المحاصر أصبح في غربة بعدما نفي من الحياة وتنكّر له الإخوان.. ويتقمص الشاعر هنا دور الوطن ليتكلم بضمير المتكلم.. (فأنا وطن ما زال دون   جواب)..

فهذه إشارة صريحة إلى الغربة التي يعانيها هذا الوطن المحاصر الذي يطلق صيحاته في الآفاق، ولكن هل من مجيب؟ لا مجيب، فهذا الوطن وهو في غربته يقاسم المغتربين في غربتهم.. ولكن هذا الوطن ما زال يكابر ويكابر ويصمد، فلا يعير بالاً لجراحة.. فما عاد الألم قادراً على نخر تماسك هذا الوطن.. وفي إشارة من الشاعر إلى صمود الوطن في وجه مخططات العدو وكل أساليبهم العدوانية، يقول: (ما زال يكذّب كلّ وكالات الأنباء ويمزق برقيات النفي..).

فكل الأكاذيب التي يلفقها العدو حول الوطن عن طريق أبواقهم (وكالات الأنباء)، كل تلك الأكاذيب تنفجر كالفقاعات الفارغة.. وكل برقيات النفي التي تسعى إلى إقصاء هذا الوطن عن الحياة، تتمزق بسلاح الصبر والعنفوان والإرادة القوية، هذه الإرادة المستمدة من الإيمان بالله عز وجل.. وكان من نتائج هذا الصمود، أن:

العالم ما زال يندب خيبته..

أي فشل الأعداء المتكالبين على الوطن وخيبتهم في التمكن من النيل من الوطن، وقتله وجعله جثة هامدة لا فائدة منها، فهذا الوطن بأبنائه يأبى إلا أن يأخذ دوره الصحيح في هذه الحياة.. والعيش بسلام..

إن الكفن إشارة إلى القيد، فالإنسان حين يكفّن يكون مقيداً لا يقوى على الحراك، ولا يكون مقيداً بقيد واحد، بل بقيدين، الأول هو قيد الموت، والثاني هو قيد الكفن، وفي قول الشاعر هذا إيحاء إلى القيد الذي فرضه الأعداء والخونة ضد الوطن، وقد تمثّل هذا القيد/ الكفن بـ (الحصار الظالم).. وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الكفن/ القيد لم يجد شيئاً أمام إرادة وعزيمة هذا الوطن، فهو لم يدفن بعد، ولن يدفن أبداً، لأنه وطن الصبر والصمود في وجه التحديات والأعداء الذين يحاولون دفن الوطن وهو حيّ، فالدفن هنا يعني إقصاء الوطن من الحياة.. ولكن هيهات هيهات، إذ لا يمكن لهؤلاء الأعداء والخونة أن يستعبدوا الناس، وقد خلقهم الله أحراراً..

وفي قصيدة للشاعر محمد الحازم عنوانها (لغة.. للحب.. والحرب والحنين) يتحدث فيها عن الوطن وتحدياته أمام الهجمات العنصرية، حيث يقول:

وطني ثلاثة أنهرٍٍ

نهران.. دجلة والفرات.. وعشقنا السيّال دمْ

والوَجدُ أصداءٌ تسافرُ بين أروقة الألمْ

وطني اعتيادُ اللاعتياد على التغرّب حين نمتهن الرحيلا

وطني العلاقة بين دفء جراحنا حدّ التوقّد

فالوطن له حضور قوي في ذهن الشاعر، ويتبادر إلى ذهن القارئ مباشرة أن في وطن الشاعر نهرين اثنين فمن أين جاء بالنهر الثالث؟ أو ما هو النهر الثالث؟ وطني ثلاثة أنهر..

يكسر الشاعر في هذه العبارة أفق توقع القارئ، ذلك بأنه جعل في وطنه ثلاثة أنهر والمعروف أنّ فيه نهرين..

فيبدأ الشاعر بإعطاء هوية هذه الأنهار، فيقول: (نهران.. دجلة والفرات) وهذا كلام جاء على وجه الحقيقة ولم يخالف المألوف.

أما النهر الثالث فهو الذي اختلف عن طبيعة النهرين السابقين –دجلة والفرات- ذلك أنه نهر الألم والمعاناة التي صاحبت الوطن منذ الولادة على وجه البسيطة، بسبب حقد الأعداء، ذلك أنه وطن الرفض، ووطن الـ (لا) التي دوّت في وجه الظلم وكل الظالمين.. وهذا النهر هو العشق الأبدي لهذا الوطن هذا العشق الذي يسيل دماً، وقد استخدم الشاعر صيغة (فعّال) في لفظة (سيّال) إشارة منه إلى شدة المعاناة التي يعانيها أبناء الوطن بسبب الظلم الذي ينزل به باسم حقوق الإنسان.. النهر الثالث هو هذا الحزن الذي أصبح صدى يسافر بين أروقة الألم، وقد استخدم الشاعر لفظة (صدى) إشارة منه إلى أن آهات هذا الوطن تذهب سدى في الآفاق، ذلك أنه ما من مجيب يصغي لهذه الآهات، لذلك اختار لها الشاعر لفظة (صدى) لأن الصدى هو ضياع الصوت في الفضاء.. الذي هو بدوره يمثّل أروقة الألم..

وقد أصبح هذا الوطن يرتاد الغريب واللا مألوف حينما امتهن أبناؤه الرحيل، وجعلوه مهنة كباقي المهن.. والوطن في نظر الشاعر هو علاقة وطيدة بين دفء الجراح المتوقدة المتوهجة، وفي ذلك إشارة إلى أنها جراح ما زالت تذرف الدماء ولم تلتئم بعد، وبين التردد، وهو هنا يعني التئام الجرح، فهنا تبادل بين نزيف الجرح، فهو عميق بسبب كثرة الطعنات التي نخرت فيه من الأهل قبل الأعداء، وبين التحام الجروح بعد صفاء الأجواء وتطييب الخواطر المنكسرة..

ويستعير الشاعر هنا صفة المساومة للأفول، في قوله: (إذ يساومنا الأفولا..)

حين جعل من الأفول وهو –الغياب/ الموت- كائناً حياً يساوم الإنسان على وطنه، لأجل التخلي عن الوطن وقتل الحياة فيه.. فالأفول هو الانطفاء والانطفاء ظلام، والظلام موت، إذن فالأفول يمتلك صفة السلبية لا غيرها.. ولكن على الرغم من هذه المساومة من قبل الأفول، فإن محاولة الأفول في المساومة على الوطن تبوء بالفشل.. إذن، فالشاعر قد جعل النهر الثالث/ الألم والمعاناة رديفاً للنهرين دجلة والفرات، وليس هذا النهر الثالث الذي ينفّر الإنسان عن وطنه ويحبط معنوياته، بل على العكس من ذلك، لأنه نهر الألم الذي حمله الإنسان والوطن على حد سواء، إنه نهر المواجهة والتحدي والصمود بوجه الأعداء الذين يحاولون تمزيق الجسد الواحد الإنسان/ الوطن، ولكن هيهات هيهات لما يوعدون فما دام في الكف قلبٌ ينبض، وما دام في القلب وطن يرقد بسلام، فإن محاولات الأعداء في النيل من الوطن فاشلة وخائبة لا محالة، ذلك أنه لا يمكن انتزاع القلب من الإنسان، وبالتالي من المستحيل انتزاع الوطن من قلب الإنسان "من أجل ذلك اتّسم حب الأوطان بالوفاء والهدوء، ولم يأخذ هذا الطابع المضطرب الهائج الذي يبدو مع ألوان أخرى من الحب، ولكنه على وقاره وهدوئه كان أبعد أثراً وأعمق مكاناً، ثم هو ثابت لا يعرف التقلّب، باق لا يعرف الزوال، تام لا يعرف النقصان، قدسي يستعصي على الجحود، نبيل يتأبّى على العقوق)(13)، ومن هنا فقد أخذ الوطن مكان الصدارة في الحضور في الشعر العربي وفي مختلف موضوعاته، ذلك أن ارتباط الإنسان بوطنه هو ارتباط صميم ومباشر لا يمكن أن يتم بوساطة أي شيء آخر، فالوطن هو الذكرى، وهو الطفولة، وهو الحب والحياة.. وبذلك يتضح لنا أن الشعراء "كم آثروا أوطانهم حتى ولو كان بهم خصاصة وفضّلوا العسر في الوطن على اليسير في الغربة، وقد ذمّوا الخروج عن الوطن فقيل: الغربة ذلّة وكربة"(14).

2 – حضور الحصار في الشعر:

لقد عانى العراق خلال السنوات العشر الأخيرة من ضيم وجور الحصار الذي فرضته الدول الإمبريالية، لا لشيء، سوى أن العراق أراد العيش بحرية وسلام، وأنه رفض الخضوع والانصياع لصوت الشر الذي تمثّله أمريكا وأعوانها الخونة، أمريكا التي تبيد الشعوب في كل بقاع العالم باسم حقوق الإنسان، وهي تنتهك حقوق الإنسان. وقد أدى الحصار الذي فرضته الدول الإمبريالية على العراق إلى تجذير المعاناة التي خلفها في نفوس أبنائه.. وقد تبلورت هذه المعاناة لدى الشعراء الذين جسدوها في أشعارهم، معبرين عن نهجهم الرافض لكافة الأساليب الوحشية التي تمارسها الدول الإمبريالية في حق الشعب العراقي، وفي حق جميع الشعوب التي تسعى إلى العيش في كنف العزة والكرامة والإباء، وترفض الخضوع والخنوع والعيش الذليل.. لذا فقد أخذ الشعراء المسلمون في العراق يصورون المعاناة التي عاشها ويعيشها الآن أبناء الوطن، وباتت تتضح رؤاهم في الشعر تجاه العالم من خلال تجربتهم الحياتية والشعورية، هذه التجربة التي تشكّلت من مخاضات العالم الإسلامي وقضاياه المصيرية بصورة عامة، ومن مخاضات الحصار الجائر المفروض على أبناء الشعب العراقي بصورة خالصة، ذلك "أن التجربة هي الصياغة النهائية لعوالم الشاعر ورؤاه.."(15) ومن هنا فالشعر هو أفضل وسيلة، تصوّر معاناة العراق وشعبه من جرّاء العقوبات التي فرضت عليه، لا لشيء –كما ذكرنا آنفاً- وإنما لمجرد أنه أراد أن يثبت حقه في الحياة، وبذلك فقد أصبح "الشعر أكثر المجالات الإبداعية انتماءً إلى الماضي ومحافظة على أصوله لأنه يعبّر عن الذات الإنسانية ضمن تجربة نفسية ترتبط بواقعها الذي يمنحها سمات تعبيرية خاصة تتردد عبر مواقف لها ملامح تأريخية تتصف بالتكرار"(16). وبما أن الشعر وليد التجربة الحياتية والشعورية، وهو يعبّر عن معاناة خارجية/ داخلية يكون لها الأثر الكبير في تحفيز الانفعال وإن هذا الانفعال، أفضل طريق لكشفه وإيصاله إلى القارئ هي اللغة، لذا فإن اللغة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن الشاعر بوساطتها أن يصوّر المعاناة بكل صدق سواء على مستوى الصدق الذاتي/ الشعوري، أم على مستوى الصدق الفني/ الموضوعي، ذلك أن (مهمة اللغة هي أن تجعل من الموجود وجداً منكشفاً في حالة فعل، وأن تضمنه بوصفه كذلك، وبواسطة اللغة يمكن التعبير عن أنقى الأشياء وعن أوغلها في الغموض، كما يمكن التعبير عما هو غامض وعما هو شائع، إذ ينبغي لكي يفهم الكلام الجوهري/، ولكي يصبح ملكاً للجماعة أن يكون شيئاً شائعاً.."(17).

ومن رحم المعاناة برز في الشعر الإسلامي شعراء شباب التزموا في قرارة أنفسهم وفي صرير قلمهم مناهضة الحصار الجائر، ورد الظلم المتمثل بالإمبريالية والصهيونية، لأن في محاربة الظلم والظالمين مسعى يرمي إليه كل إنسان يفهم معنى الإنسانية، ألا وهو إسعاد البشرية، إذ "إن أي نشاط إنساني يجب أن يقصد به إسعاد الإنسان.. والأدب كلون من ألوان هذا النشاط يجب أن يلتزم نفس الخطة، وأن يلعب دوره الخطير من أجل إسعاد الفرد والمجموع."(18).

فها هو الشاعر خالد عثمان في قصيدته (اعترافات خالد عثمان) يشير إلى الحصار بأسلوب يسخر فيه من الذين يزعمون أن العقوبات التي تبيد شعباً بأكمله هي عقوبات ذكية، فيقول:

ماكث

حيث الأباريق توزّع حليبها

لا شيء.. للرّضع..

أنفقت كل البطاقات التموينية والتمويهية

كلّ أطفالها المعبأين باليورانيوم المنضّب

والعقوبات الغبية..

التي تُفرّق بين الموت والوفاة

وتلعن أختها..

يبين الشاعر هنا في هذا النص جانباً من معاناة الشعب العراقي، نتيجة العقوبات المفروضة عليه، فيخاطب نفسه بأنه: ماكثٌ، يراقب حقوق الإنسان اللاإنسانية التي تدّعيها أمريكا ومن لفّ لفّها، هل حقوق الإنسان تقضي بأن توزّع الحليب ويحرم أطفال العراق الرضع منه؟ وهل من حقوق الإنسان تدعو إلى أن تحدّد الدول الإمبريالية أقوات الشعوب؟ وذلك في إشارة منه إلى البطاقة التموينية التي حدّد فيه الأمريكان حصة المواطن العراقي التي لا تكفي لطفل واحد/ فهذا أسلوب العدوان، إنها الحرب الاستنزافية، وينعت الشاعر هذه البطاقة بـ (التمويهية) لأنها وسيلة من وسائل الخداع التي تستخدمها أمريكا لتخدع بها العالم والرأي العام، بأنها أعطت العراقيين حقوقهم باستخدامهم لهذه الوسيلة، إنها عملية قتل بالتقطير -إن جاز لنا التعبير- إنهم يقتلون الشعب العراقي باسم حقوق الإنسان، يا لحقوق الإنسان التي أصبحت غطاء تستر به أمريكا جرائمها البشعة.. ويلتفت الشاعر إلى فضح أمر أمريكا باستخدام اليورانيوم المنضب في قصف العراق، باستخدام الأسلوب الاستعاري رابطاً هذه المسألة بالمواد التي حددتها هي وأعوانها في البطاقة التمويهية، فهو يريد: إن ما فرضته أمريكا على الشعب العراقي من مواد، إنما هي سموم اليورانيوم القاتل، فهي تقتل الشعب العراقي منه حيث إنها تدّعي حرصها على حقوق الإنسان..

ويأتي الشاعر بعد ذلك إلى ذكر الخطط التي يقصد الأعداء من ورائها الاستمرار في فرض الحصار على العراق وإطالة أمده عن طريق ما أطلقوا عليه اسم (العقوبات الذكية..) وهو ينعتها بالغبية، بل هي أغبى من الغباء نفسه، ذلك أن هذه العقوبات التي يدعون بأنها ذكية تفرّق بين الموت والوفاة، وهل من فرق بين الموت والوفاة؟ إذا كان كلاهما مغادرة للحياة، فما وجه التفرقة؟ إنّ وجه التفرقة هو غباء أصحاب العقوبات الغبية..

وفي قوله (تلعن أختها) إشارة في ذلك إلى أن هذه العقوبات الغبية تلعن سابقتها من العقوبات، لأنها عقوبات أسوأ من سابقتها، وقد اقتبس الشاعر هذه الصورة من القرآن الكريم في قوله: "كلما دخلت أمة لعنت أختها"(19) فكذلك العقوبات كلما جاؤوا بعقوبات جديدة لعنت أختها، لأن النتيجة واحدة وهي أن كليهما عقوبات.. والذي يجمع بين الصورة في الآية الكريمة والصورة التي جاء بها الشاعر، هو أن الآية الكريمة جاءت في حق المشركين الذين سيدخلون في نار جهنم، أما صورة الشاعر فهي تشير إلى الأعداء الإمبرياليين وهم مشركون لا يؤمنون بالله عز وجل..

ومن خلال ذلك نلمس لدى الشاعر موقف الرفض الذي يتضح تمام الوضوح وهو رفض كل أشكال العقوبات، والدعوة الصريحة منه إلى منح العراق فرصته في الحياة ليعيش بسلام على أرضه، إذ "إن وجه الرفض هو رمز الحاجة إلى صورة أخرى في الحياة، وعندما لا يبقى شيء للرفض تموت الحرية ويصبح العقل ساكناً، وهناك عالم شاسع من الاختلاف بين الرضا بالواقع مع الشوق إلى تغييره ومجرد انعدام الحركة"(20).

وهذا الشاعر خالد ياسين اليساري، يقول في قصيدته (صمت البراكين):

لأنّ صـبـرك مثل النخل iiيعرفُهُ
لأنـك  الـقـلـقُ المفقودُ iiمرفأُه
أرسلتَ روحكَ صوبَ اللهِ iiمشتكياً


 
تـرابُ كلّ جنانِ الأرض iiمقتحما
لـمـوكبٍ  تتخطّى سيره iiالحِمما
همّ العراقِ وحزن الأرضِ والحُلُما

يشير الشاعر في هذه الأبيات إلى صبر أبناء العراق على معاناتهم من جراء الحصار الظالم، فشبّه صبر العراق بشجر النخيل الذي لا يغفل عنه تراب كل رياض الأرض، فكذلك صبر العراق أصبح مشهوراً لا يغفل عنه إنسان على وجه الأرض.. فوجه الشبه بين الصبر والنخل، هو كون النخيل شجراً مباركاً، ومثله صبر العراق وأهله فهو مبارك، فهو يقابل مرتبة الجهاد، وسيجزي الله سبحانه وتعالى على هذا الصبر خير الجزاء..

ثم يصف الشاعر معاناة العراق ويسميها بالقلق، والقلق وكما هو معروف يدلّ فيما يدل على الاضطراب وانعدام الاستقرار، ثم إن هذا القلق مرفأه مفقود، كناية عن طول المعاناة، وعلى الرغم من ذلك سيبقى العراق الموكب الذي يتخطّى الآلام، ومتجاوزاً كل الحمم، فتراكمات هذه المعاناة ليست إلا وسيلة تساعد العراق على الخروج صلب العزيمة، قوي الإرادة، قادراً على مواجهة أعتى العقوبات التي يفرضها عليه أعداء الأمة الإسلامية، وأعداء الإنسانية كلها..

وينتقل الشاعر إلى أسلوب الدعوة حين يخاطب نفسه: إذ أرسل روحه متوجهاً بها إلى الباري عز وجل مشتكياً له هموم العراق، وحزن الأرض، والحلم الضائع، فهمّ العراق هو معاناة أبنائه بسبب الظلم المتمثل بالحصار الجائر المفروض عليه، أما حزن الأرض فهو حزن فلسطين المغتصبة، وحزن المسجد الأقصى وقبة الصخرة في حين الحلم، هو إشارة إلى الحلم بالوحدة، وحدة الأمة الإسلامية، لكي تعود كما كانت على عهد الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين من بعده.

ويقول خالد عثمان في قصيدة: (أنت الخليفة)..

خذوا قميصي وألقوه على وطني    يرتد ليله صُبحاً، آه كم نزفا

لقد أفاد الشاعر من قصة سيدنا (يوسف) عليه السلام، عندما طلب من إخوته أن يذهبوا بقميصه ويرموه على وجه أبيه سيدنا (يعقوب) فيرتد بصيراً، بعدما فقد بصره من شدة حزنه على يوسف، ومن هنا فقد جعل الشاعر من وطنه معادلاً موضوعياً لـ (يعقوب) عليه السلام، الذي فقد بصره من الحزن، أما الوطن فقد فقدَ صبحه بسبب المعاناة التي لقيها جرّاء الحصار الظالم.. وقد أصبح الشاعر معادلاً موضوعياً لسيدنا (يوسف) عليه السلام، إلا أنه لا يلقي بقميصه على وجه أبيه، ولكن على وجه وطنه، لكي ترتد لياليه صبحاً، ويعبّر الشاعر عن معاناة وطنه عن طريق استخدامه المفارقة من خلال التضاد، فسيدنا يعقوب ابيضت عيناه من الحزن وأعاد القميص النور لعينيه، في حين أن الوطن اسودّت أيامه بسبب الحصار الظالم، وأعاد القميص النهار إلى أيامه المظلمة، ثم يطلق الشاعر حسرته (آه كم نزفا) إشارة منه إلى عمق الألم الذي يعيشه وطنه بسبب الاعتداءات وبسبب الحصار..

أما الشاعر خالد ياسين اليساري، فيقول في قصيدته (مجاهل الغوث):

فـي وجهتي يا فرات الأرض كم iiتعبتْ
لـن  يـظـمئوك فأنت النخل في iiبلدي
وإن  وقـفـتَ فـلـن يفنى النخيل وذا
بـلـى.. أضـاعـوك إذ أرهقتهم iiطلبا
وبـعـدمـا أوقـفوا الطوفان في iiقدري




 
مـنـي الـطـيوف فهل تدري با فعلوا
وأنـت  عـتـبـي إذا ما إخوتي iiنذلوا
دمـع الـنـسـاء سيجري حينما iiتصلُ
شاخ الطريق.. وصاح الركب لن يصلوا
ردّوا ضـمـائـرهـم للنار.. وارتحلوا

هنا يشخص الشاعر نهر الفرات جاعلاً منه كائناً حياً يخاطب الشاعر شاكياً له همومه وهموم العراق، التي سببها له أبناء العمومة قبل الأعداء، فيستخدم أسلوب الاستفهام: (فهل تدري بما فعلوا؟) وهذا الاستفهام يريد به الشاعر السخرية والتهكم من العرب المنافقين الذين أعانوا الأعداء من أجل تدمير العراق وقتل أبنائه، إلا أن مساعيهم قد خابت، ثم يعود الشاعر ليخاطب نهر الفرات قائلاً له: (لن يظمئوك فأنت النخل في بلدي) أي إن نهر الفرات هذا النهر العظيم الذي حمل شعلة الحضارة تحت ظلال النخيل، كيف يستطيع هؤلاء الأعداء الذين ليست لهم أية جذور حضارية قتله؟ حتماً لا يستطيعون ذلك، لأن العراق جذوره عميقة في تربة الحضارة تمتد إلى ستة آلاف سنة قبل الميلاد.

ثم يعود الشاعر إلى ذكر الخونة الذين خذلوا العراق من أولئك الأعراب فيقول مخاطباً نهر الفرات: (وأنتَ عتبي إذا ما إخوتي نذلوا) بل إنهم نذلوا وخانوا الأمانة، وخانوا الأخوّة، فإذا كان إخوة يوسف أحسوا بالذنب تجاه يوسف، فإن إخوة العراق لم يحسوا بالذنب تجاه العراق وشعبه، لأنهم أنذال يعبدون الغرب والدولار..

ويقدم الشاعر احتمالات ويضع البدائل لها فيما لو أن نهر الفرات توقف عن جريانه، فلن يبكي النخيل خشية الجفاف، فبكاء النخيل كناية عن جفافه وموته، ولكن ذلك لن يحدث، لأن البديل عن نهر الفرات آنذاك سيكون دمع النساء، فهو الذي سيقوم بمهمة إرواء النخيل، بل وارواء الحياة، تلك الدموع التي هطلت بغزارة، وطال هيجانها دهوراً، بسبب ظلم الأعداء والأقرباء.

ثم يشير الشاعر إلى العرب الذين خذلوا العراق، وتخلوا عنه، وتركوه يعاني جراحه وحده، هذه الجراح التي كان للعرب الدور الكبير في تعميقها، فإنهم –العرب- قد أضاعوا العراق، ولن يجدوه أبداً، فقد أرهقهم طلباً، وكان من نتيجة إرهاقه لهم أن (شاخ الطريق) وهذه استعارة تدل على أن الطريق إلى العراق لم يعد يعرفه هؤلاء الذين أضاعوه بالأمس، ثم صاح الركب لن يصلوا، مَن هؤلاء الذين لن يَصلوا؟ وإلى أين يريدون الوصول؟..

إن هؤلاء الذين لن يصلوا أبداً هم العرب الخونة الذين تخلوا عنه بعدما ساروا وراء الأجنبي المحتل، ولن يبلغوا ما بلغه العراق من عز وشرف ورفعة ورثها العراق عن أجداده الأفذاذ..

وإن هؤلاء الأراذل بعدما أوقفوا الطوفان في نفس الشاعر/الفرات، أعادوا ضمائرهم إلى النار فأحرقوها، لأنهم جثث حية ميتة، حية كأجساد، وميتة لأنها قد جُرّدت من كل معاني الإنسانية، وشدّوا الرحال إلى مواطن الخزي والرذيلة في الحياة الدنيا، وقد جسّد هذا الحوار الذي دار بين الشاعر من جهة، وبين نهر الفرات من جهة أخرى، الحالة الشعورية التي عاشها الشاعر بكل أحاسيسه ومشاعره، وهو يصوّر معاناة العراق وشعبه، من جرّاء نذالة العرب الذين يدّعون العروبة والإسلام، وهم أشد الناس بعداً عن روح الإسلام والعروبة، إذ إنهم مرتزقة الغرب، قد زرعهم في جسد هذه الأمة ليفسدوه..

وها هو الشاعر محمد الحازم وهو يصوّر معاناة العراق والأسى الذي لقيه بسبب القرارات الجائرة التي يصدرها مجلس الأمن مع أنذال العرب، فيقول:

هل أجمع الأخوة في مجلس الأمن الموقر – أمرهم أن يجعلوا وطني

في غيابات سراديب الظلام العفنِ؟

هكذا قررتم باسم النظام العالمي موتنا.. فقتلتمونا

هكذا أعلن الطب الحديث.. إصابتنا.. بالغرغرينا

هكذا تبتر يا عالم.. عضوك المسموم.. دونما ألمٍ

ثم يعلن في بلادي

عن وفاة الزمن!

فالشاعر هنا يعلن صرخته ورفضه في وجه مجلس الأمن، وفي وجه العرب الأنذال الذين باعوا ضمائرهم فأصبح مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاره.. إن الشاعر يسخر من قرارات مجلس الأمن، وتتضح السخرية في لفظة (الموقر) التي استخدمها الشاعر كصفة للمجلس، فأتى بها قاصداً من ورائها الاستهزاء والسخرية، لأنه أراد بها المعنى المضاد لها، فهذا أسلوب استنكاري يعززه استخدام الاستفهام الاستنكاري، لما قام به العرب من أعمال مشينة، حين جعلوا وطن الشاعر في غيابات سراديب الظلام، ساخراً من إجماعهم أمرهم هذا، وهم يعلمون أن العراق أقوى من أن تتمكن منه نوائب الدهر، وأفعال الغادرين، ثم يصوّر لنا الشاعر ما يقرره الظالمون من قرارات جائرة ضد العراق، فإنهم باسم النظام العالمي يعلنون موت أبناء العراق، لأنهم قالوا: لا، للظلم والعدوان، لا، للرذيلة والخذلان، هذا هو النظام العالمي الذي يدّعي أنه راعي السلام، والمحافظ على حقوق الإنسان..

ثم يأتي الشاعر بصورة ساخرة أخرى، حين ادّعى النظام العالمي وبوساطة الطب الحديث أن العراق مصاب بمرض الغرغرينا، الذي يدعو إلى عزل المريض كنوع من العلاج، فهل هذه هي حقوق الإنسان في الحياة، هل أصبح العراق خارج منظومة الكون، ليعلنوا فيه عن موت الزمن؟ ولماذا؟ ألأنه قال: لا، للعدوان، لا للظلم، لا للرذيلة، ألأنه أراد العيش بحرية وسلام، ورفض الإذعان لكل أشكال الطغيان.

ولعل من الآثار البارزة التي خلّفها الحصار الظالم على العراق، هي خروج بعض أهله منه، وتغربهم خارج الوطن، مما شكّل ظاهرة تطرق لها الشعراء في قصائدهم وهذه الظاهرة بدورها خلّفت معاناة كبيرة في نفوس أبناء العراق، بسبب ابتعاد أهله عن وطنهم، نتيجة الحصار الظالم الذي طال أمده، لطغيان أمريكا وخذلان العرب.. ولعل أوضح دليل على ذلك قصيدة (مواسم.. للغربة) للشاعر محمد الحازم التي يقول فيها:

 إقرأ.. فأنا أعلم أنك تقرأ

وأنك ترهف سمعك.. تخضع.. للصوت القادم مني.. وطناً

وجعاً.. ما أوجعَ أن يبعث وطنٌ أخبار وجيعته في الأرض

فبنوه أل خرجوا من أبواب متفرقة

ما عادوا بعد..

يلمس القارئ في هذا المقطع الحسرة والألم على أبناء الوطن الذين خرجوا منه، ويفيد الشاعر من قصة سيدنا يعقوب حين طلب من أبنائه أن يدخلوا من أبواب متفرقة، لا من باب واحد، حيث أعاد الشاعر توظيف هذه القصة بصورة تفارق الأصل مما جعلها مفارقة، وكسر أفق التوقع لدى القارئ، إذ إن أبناء الوطن هنا خرجوا من أبواب متفرقة، على العكس من أبناء سيدنا يعقوب الذين دخلوا من أبواب متفرقة، وفي الوقت الذي عاد أبناء سيدنا يعقوب إلى أبيهم، فإن أبناء الوطن خرجوا وما عادوا بعد إلى أرض الوطن، فهذا التناص بين قصة سيدنا يعقوب أضفى على النص دلالات عميقة وجديدة.. فالأبواب المتفرقة في نص الشاعر تشير إلى طريقين رئيسين هما: طريق المغادرة السليمة، والثاني: طريق المغادرة غير السليمة، على الرغم من ذلك فإن هذه الطرق المتفرقة كلها تفضي إلى حالة واحدة، هي المعاناة التي يلقاها أبناء الوطن من جرّاء غربتهم..

ومن خلال ذلك يتضح حجم المعاناة التي خلفها الحصار المفروض على العراق على مدى السنوات العشر الماضية، هذه المعاناة التي عرض لها الشعراء الشباب في أشعارهم فكانت صورة صادقة نابعة من نفوس حملت الألم ودارت جرح السنين..

الخاتمة

الشعر وليد المعاناة ووالدها، فهو وليد المعاناة من حيث إنه –أي الشعر- لا يتأتى من فراغ فكري وروحي، فما دام هناك فكر وروح، فهناك معاناة يستقي منها الشعراء ليرسموا خطوط رؤاهم في الشعر، أما كون الشعر والد المعاناة، فذلك من باب أن هذا الشعر هو الذي يحتضن المعاناة ويصورها للقراء بطرق وأساليب مختلفة، بحسب اختلاف منطلقات الشعراء واتجاهاتهم، فالشعر يحمل على عاتقه التعبير عن هذه المعاناة الممزوجة بتجربة الشاعر الإنسانية والشعورية على وجه البسيطة، وهذه التجربة تتخللها رؤية الشاعر تجاه العالم وقضاياه، وتكون هذه الرؤية ذات بعدين لا ثالث لهما، فهي إما أن تكون رؤية سلبية تجاه العالم، عندما لا يتفق العالم وحرية الإنسان وحقوقه المشروعة، وإما أن تكون إيجابية حينما يكون العالم ساعياً إلى إثبات الحريات وتثبيت الحقوق بشكل أو بآخر.. ومن هنا كان الشعراء ومنذ العصور القديمة يمثلون لسان حال الإنسان والإنسانية جمعاء، لفرط حساسيتهم، ورهافة إحساسهم، وجيشان مشاعرهم، ذلك أن الشاعر منهم يحمل بذور الرفض والتمرد، لا بمعناهما السلبي الساذج الذي لا يحدد له هدفاً، بل بمعناها الإيجابي، الثوري القائم على مبدأ التغيير نحو الأفضل.

وقد كان للشعراء الشباب المسلمين دور كبير وفعّال في تجسيد معاناة الأمة الإسلامية في مواجهة التحديات بصورة عامة، وتجسيد معاناة شعب العراق وشعب فلسطين بصورة خاصة، إذ صوّروا معاناة شعب العراق في قصائدهم معبرين عن ذلك بشتى الأساليب الشعرية قديمها وحديثها، إذ استخدموا عنصر المفارقة، والتضاد، وكذلك ذكروا هذه المعاناة بأسلوب سهل ممتنع، واستخدموا أساليب الاستنكار والسخرية على الأعداء والخونة.. فذكروا في أشعارهم هذه موقفهم الحازم تجاه وطنهم الذي لن يتخلوا عنه أبداً، مهما تكالبت عليه مخالب الأعداء، كما رووا عن موقفهم تجداه ما يعانيه الشعب العراقي بسبب الحصار الظالم، متحدثين عن صبره وتحمله هذا الحصار الجائر الذي استمر عشر سنوات وما زال.. تطرقوا إلى ما خلفه الحصار من جراح وآلام في قلب هذا الوطن الجريح، الذي ظل رغم الجراح يجاهد الأعداء والمارقين من الأعراب الأراذل..

ومن خلال ذلك كله فقد أجاد هؤلاء الشعراء الشباب، في التعبير عن معاناة الأمة وجراحاتها، في قصائدهم التي شُحنت بالفكرة الثائرة والعاطفة الجياشة، والصدق على مستوييه الفني والذاتي.

هوامش البحث

1 – التمرد والاغتراب في شعر عرّار: د. سالم الهدروسي 180.

2 – الفكر والشعر العربي الحديث: سامي خشبة 71.

3 – الشعر والتجربة: أرشيبالد مكليش 174.

4 – م. ن 51.

5 – نقد استجابة القارئ من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية: جين ب. تومبكنز 113.

6 – الوطن في الأدب العربي: إبراهيم الأبياري 3.

7 – البياتي الوجه والمرآة: حمزة مصطفى 17.

8 – مولد الفكر وبحوث فلسفية أخرى، جورج سانتيانا 75.

9 – سبأ 37.

10 – الحياة في الشعر الإسلامي المعاصر: محمد رشدي عبيد 41.

11 – الشورى 11.

12 – المنحى الجمالي في المدخل للأدب الإسلامي: حسن الإدريسي 175.

13 – الوطن في الأدب العربي 10.

14 – حب الوطن في التراب والتاريخ: محمد جاسم حمادي المشهداني 62.

15 – البياتي الوجه والمرآة 8.

16 – أثر التراث في الشعر العراقي الحديث: علي حداد 29.

17 – مارتن هيدجر ما الفلسفة؟ ما الميتافيزيقا؟ هيلدرلن وماهية الشعر 145.

18 – الإسلامية والمذاهب الأدبية: نجيب الكيلاني 8.

19 – الأعراف 38.

20 – مدخل إلى  الأدب الجاهلي: إحسان سركيس 111.

المصادر:

1 – أثر التراث في الشعر العراقي الحديث: علي حداد، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط1، 1986م.

2 – الإسلامية والمذاهب الأدبية: نجيب الكيلاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3، 1985م.

3 – البياتي الوجه والمرآة: حمزة مصطفى، دار الشؤون الثقافية العامة –الموسوعة الصغيرة، 1994م.

4 – التمرد والاغتراب في شعر عرار: د. سالم الهدروسي، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، جامعة مؤتة، الأردن، ج (6)، ع(2)، كانون الأول 1991م.

5 – حب الوطن في التراث والتاريخ: د. محمد جاسم حمادي المشهداني، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1994م.

6 – الحياة في الشعر الإسلامي المعاصر: محمد رشدي عبيد، مجلة المشكاة، المغرب، ع (12).

7 – الشعر والتجربة: أرشيبالد مكليش، ترجمة: سلمى الخضراء الجيّوشي، مراجعة، توفيق صايغ، دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة والنشر، بيروت، 1963م.

8 – الفكر والشعر العربي الحديث: سامي خشبة، مجلة الآداب، بيروت، السنة (14) ع(3) آذار 1966م.

9 – مارتن هيدجر، ما الفلسفة؟ ما الميتافيزيقا؟ هليدرلن وماهية الشعر، ترجمة: فؤاد كامل ومحمود رجب، راجعها على الأصل الألماني وقدّم لها: عبد الرحمن بدوي، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، ط2، 1974م.

10 – مدخل إلى الأدب الجاهلي: إحسان سركيس، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1979م.

11 – المنحى الجمالي في المدخل للأدب الإسلامي: حسن الإدريسي، مجلة المشكاة، المغرب، السنة (6) ع (23)، 1996م.

12 – مولد الفكر وبحوث فلسفية أخرى: جورج سانتيانا، ترجمة: لجنة من الأساتذة الجامعيين، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1967م.

13 – نقد استجابة القارئ من الشكلانية إلى ما بعد البنيوية، تحرير: جين.ب. تومبكنز، ترجمة: حسن ناظم وعلي حاكم، مراجعة وتقديم: د. محمد جواد حسن الموسوي، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، 1999م.

14 – الوطن في الأدب العربي: إبراهيم الأبياري، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، 1962م.