الإتباع على حرف الباء

الإتباع على حرف الباء

زهير سالم

يقال: إنه لحسن بسن. وإنه لبين الحسن والبسانة.

وإنه لجميل بكيل.

وإنه لكثير بثير بذير بجير.

والبثير من قولهم: ماء بثر: أي كثير؛ إلا أنه لا يقال: شيء بثير أي كثير إلا على وجه الإتباع.

ويقال: إنه لقليل بليل.

وإنه لضئيل بئيل، وقد ضؤل وبؤل، وهو يضؤل ضآلة، ويبؤل بآلة وبؤولة. ولا يقال بئيل منفرداً.

ويقال: لحمه خظا بظا. إذا كان كثيراً متراكماً.

ويقال وقع في حَيْصَ بَيْصَ، وحِيْصَ بِيْصَ، وحَيْصِ بَيْصِ: أي في ضيق لا يقدر على الخلاص منه؛ قال أبو عمرو سمعت أعرابياً يقول لآخر: إنك لتحسب الأرض عليّ حِيضاً بِيصاً، بكسر أوله.

ويقال إنه لزميت بِلِّيتٌ، فالزميت الحليم، والبليت الساكت. من قولهم: بَلِتَ يَبْلَتُ: إذا سكت فلم ينطق؛ ولا يقال: رجل بِلّيتٌ بمعنى الساكت مفرداً، ولكن يقال: رجل بلّيتٌ وبَلِيتٌ: أي ذكي فطن.

وقال بعضهم: الزميت الفاضل، والزماتة الفضل.

وهذا عكس ما هو شائع عن الزميت بأنه الإنسان الضيق الشديد ومنها اشتق التزمت بمعنى الضيق والتشدد.

ويقال ضربه فما قال: حَسِّ ولا بَسِّ، وما قال حِسًّا ولا بِسًّا.

ويقال رأيت القوم أجمعين أبصعين، وطفت بالقصر أجمع أبصع، وبالدار جمعاء بصعاء، ومررت بإمائك جمع بصع.

ويقال للرجل إذا بهظه الأمر وكظَّه، أي إذا ثقل عليه، إنه لكظيظ بظيظ.

ويقال: إنه لشحيح بحيح، وهو من البحة، ولكن لا يجوز إفراده.

ويقال: تفرق القوم شِغَر بِغَر، وشَغَر بَغَر، وشِذَر بِذَر، وشَذَر بَذَر بالكسر والفتح فيهما جميعاً، إذا تفرقوا في كل وجه.

ويقال: خَصِيَ بَصِيَ، ويدعى على الرجل فيقال: ماله خصاه الله وبصاه !

ويقال: رجل حُطائط بُطائط: إذا كان قصيراً غليظاً، ويقال في غير الرجل أيضاً.

ويقال تركتهم حَيْثَ بَيْثَ، وحوث بوث، وحوثاً بوثاً، وحاثَ باثَ: إذا وطئتهم ودوختهم ؛ ويقال جاء القوم بِحَوْثٍ بَوْثٍ، وحوثاً بوثاً، وحَيْثَ بَيْثَ: أي جاؤوا بالكثرة.

ويقال للمرأة تحتل مكانة عند زوجها: حَظِيَتْ وبَظِيَتْ.

ويقال: مكان عمير بجير، فالعمير من العمارة فعيل بمعنى مفعول و(بجير) إتباع.

وقالوا رجل حاذق باذق.

ويقال: إنه لعَجِلٌ بَجِلٌ.

ويقال للفاسق المتلطخ بالقبائح: إنه لوَتِغٌ بَدِغٌ، والبدغ المتلطخ، يقال بدغ بالطين ونحوه يبدغ بدغاً: إذا تلطخ به ؛ إلا أنه لا يقال مفرداً: رجل بدغ بمعنى الفاسق والمتلبس بالآثام.

ويقال إنه لغَضُّ بضُّ، وغاضٌّ باضٌّ، وهي الغضاضة والبضاضة، قال أبو زيد: البضاضة رقة البشرة وقد يكون الاسم بضًّا، وقال الأصمعي هي رقة البشرة والبياض.

ويقال: إنه لَسَرٌّ بَرٌّ، وسارٌّ بارٌّ، وإنهم لسارون بارون، وسرون برون، قال الشاعر:

إخوة ما علمت سرون بارو       ن فإن غبت فالذياب الجياع

ويقال: إنه لحائر بائر، ومعناه هالك، وقد بار يبور إذا هلك، ويقال رجل بور وقوم بور أيضاً هالكون، وفي التنزيل (وكنتم قوماً بوراً) وقال الحارث بن هشام بعد إسلامه:

يا رسول المليك إن لساني      راتق ما فتقت إذ أنا بور

يريد: إذ أنا كافر هالك.

وقالوا: عين حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ، أي عظيمة. والبدرة الكاملة التامة، ومنه سمي البدر لتمامه، والبدرة لتمامها وكمالها عشرة آلاف.

ويلحق بهذا الحرف أي الباء بعض الألفاظ جاءت على طريقة الإتباع إلا أنها تدخل في باب التوكيد بالعطف، إذ يمكن استعمال اللفظ الثاني منها منفرداً، على خلاف بين اللغويين، بعضهم يلحقها بالإتباع، وبعضهم يجعلها عطفاً للتوكيد كقولهم:

يقال: فرّ وله كصيص وأصيص وبصيص من الفزع، وكله بمعنى الصوت الضعيف.

وقالوا: هو في حِلٍّ وَبِلٍّ، فالبل المباح بلغة حمير، وفي الحديث (إني لا أحلها لمغتسل، وهي لشارب حل وبل) يعني بئر زمزم.

ويدعى للرجل فيقال: حياك الله وبياك ! وقد اختلفوا في تأويلها على مذاهب: قال الأصمعي: (بياك) أضحكك.

وقال أبو عبيدة: بياك: ملكك.

وقال أبو زيد وابن الأعرابي يقال: اعتمدك بالتحية، ومنه قول الراجز:

لما تبيَّيْنا أخا تميم      أعطى عطاء اللحز اللئيم

أي تعمدنا، وقال الآخر:

باتت  تَبَيَّا  حوضها  عكوفا

مثل الصفوف لاقت الصفوفا

وأنت لا  تغنين  عني  فوفا

وقال أبو مالك: بياك: أي قربك، قال الراجز:

بَيَّا لهم إذ نزلوا الطعاما      الكبد والملحاء والسناما

وقال قوم: بياك أي عَرَّفك.

وقال بعضهم: حياك وبياك أي حياك وحي أباك فحذفوا وسهلوا.

وقال الفَرّاء معناه: بوأك منزلاً في الجنة، وهذا أضعف الأقوال.

*  *  *

ويقال: شكوت إليه عُجَري وبُجَري، أي همومي وأحزاني، ومنه قول علي رضي الله عنه: أشكو إلى الله عُجَري وبُجَري، يريد همومي وأحزاني وما ألقى من الناس.

وكل عقدة في عظم أو خشبة فهي عُجْرَة، وكل عقدة في لحم أو جلد فهي بُجْرَة، والجميع العُجَرُ والبُجَرُ، ويقال: عصا عجراء: إذا كانت ذات عُجَرٍ.

*   *   *

ويقال في الدعاء عليه: وَراه اللهُ وبَراه، فمعنى وراه أصابه بداء في رئته وبراه أضناه.

ويقال: ما ذقت علوساً ولا بلوساً: أي ما ذقت شيئاً.

وقال ابن الأعرابي يقال: وقع القوم في دَوْكَةٍ وبَوْكَةٍ: أي في اختلاط وشر.

ويقال في الدعاء على الإنسان: جوعاً له وجوساً وبوساً ‍‍‍‍‍!

           

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية