إيران : بين سندان الانهيار المفاجئ للجيش السوري ومطرقة سقوط دمشق
ما هي إحتمالية حدوث انهيار مفاجئ للجيش السوري ، يعقبه اجتياح للجماعات الإرهابية “التكفيرية” للعاصمة دمشق ؟ .وما هي حقيقة ما يثيره الإعلام الإيراني عن وجود مؤامرة إرهابية كبرى ،مدعومة بقوى إقليمية ودولية . تطور لافت أثارته وسائل الإعلام الإيرانية ، وهي باختصار تتحدث هذه المرة عن سيناريوهات عديدة لانهيار الجيش السوري ، يعقبه احتلالاً تعده التنظيمات معارضه الموسومة بالإرهابية ، والهدف هو احتلال دمشق ، وإسقاط النظام ، وليس شخص الأسد .
المعلومات التي رشحت لأجهزة الأمن الإيراني تتحدث عن تنسيق استخباري لهذه العملية ، من خلال وجود ميداني مخابراتي لضباط من السعودية ، تركيا ، الأردن ، قطر ، يتم توجيهم من خلال غرفة عمليات مشتركة ، ترعى إدراة التنظيمات التكفيريه ” الإرهابية ” للقيام بهذه المهمة ، بتنسيق وتوجيه أميركي ، إنجليزي ، فرنسي [1].
عناصر هذه العملية : روية إيرانية:
المعلومات الإيرانية تشير إلى وجود 22-24 ألف تكفيري ” إرهابي” سيعهد لهم القيام بهذه المهمة وتشمل بشكل أساسي : جيش الفتح ، أحرار الشام ، القاعدة (جبهة النصرة ) ، صقور الشام ، وبقايا مليشيا الجيش الحر .
مراحل العملية : افتعال عمليات إرهاب وتخريب داخل العاصمة دمشق ، ، يعقبه مهاجمة القوات العسكريه والأمنية السورية، من خلال تبني فكرة الأنفاق ، والكر والفر إلى أماكن حساسة محددة سلفا . يعقبه تنسيق الهجوم العسكري على دمشق من عدة محاور : احتلال مقام السيدة زينب ، السيطرة على طريق مطار دمشق ، الوصول إلى مزه ، كفر سوسه ، جرمانا .
محاور الهجوم على العاصمة دمشق :
-محور الشمال : حي القابون ، البرزه ، تشرين .
– محور الشرق : غوطة دمشق الشرقية ، حرستا ، عربين ، زملكا ، عين ترما ، جوبر .
-المحور الجنوبي : محلات يلدا ، بيلا ، بيت سحم .
-الحجر الأسود : مخيم اليرموك الفلسطيني – واعتبار اللاجئين الفلسطينين أدوات بيد التكفيرين الإرهابين اللذين يستهدفون الجيش والأمن السوري بالقنابل ، المتفجرات ، العمليات الانتحارية، وإعتبار ما قام به الجيش السوري ، وتنظيم المدافعين عن حرم مرقد السيدة زينب ، من خلال محاصرة المخيم ومنع الدخول والخروج منه بالخطوة الحكيمة والصائبة – داريا . [2]
تعرض الروية الإيرانية لأسباب أسهمت في سلسلة انتكاسات الجيش السوري المتكرره ؛ ويعزو ذلك إلى الأثر البالغ الذي أحدثته العمليات الإنتحارية التي تستهدف قطاعات للجيش السوري ،وفقدان عدد كبير من أفراده يربو عن خمسين ألف جندي ، كذلك إنهاك الجيش السوري واستنزاف قدراته وتجهيزاته، وتشتيت جهوده ، في مقابل امتلاك التنظيمات الإرهابية لأسلحة نوعية ، كبدت الجيش السوري خسائر فادحه ؛ من أبرزها ترسانة سلاح صاروخي حراري متطور ، مما أسهم في تدمير جزء كبيراً من الدبابات والمدرعات ؛ الأمر الذي جعل أفراد الجيش السوري أكثر استهدافاً ، مما سهل عملية استهدافهم بشكل أكبر . كذلك أشارت التحليلات الإيرانية إلى أن هناك جملة من المؤشرات التي تؤكد على معطيات خطيرة طرأت على الجيش السوري بشكل مفاجئ ، الأمر الذي قد يدق جرس الإنذار بالنسبة إلى محاولة اجتياح العاصمة دمشق ،والتي لا بد من الوقوف عندها طويلا ، ومن أبرزها : انسحاب الجيش السوري بسهولة أمام المليشيات المعارضة ” الإرهابية ” ، الأمر الذي أدى إلى انتكاسة كبيرة لأداء هذا الجيش ، و أسهم في خسارته لمناطق شاسعة ، وكان أخرها ما حدث في جنوب سوريا ، الغوطة الشرقية ، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالية استغلال المليشات التكفيرية الإرهابية بمجملها لما يحدث للوصول إلى دمشق[3].
حسب الرؤية الإيرانية هذا كابوس سيفرض معادلة خطيرة يجب التحسب لها بعناية ، والوقوف عندها طويلاً ؛ خصوصا أن الوصول لدمشق سيعني الكثير . صحيح أن المليشيات الإرهابية المدعومة إقليميا ودوليا قد احتلت أجزاءاً كبيرة من سوريا ، لكن الوصول لدمشق سيقلب المعادلة على الأرض رأسا على عقب.
كل ما طرح يعتبر حقائق مرة حسب ما تقوله إيران ، معتبرا أن الجيش السوري النظامي لن يستطيع الاستمرار طويلا على هذا المنوال ، لهذا يجب على إيران أن تتحرك بصورة عاجلة لمساعدته وانقاذه من خلال الاستراتيجيات التالية :
الحفاظ على لحمة الجيش السوري وتماسكه . ضمان تمرس الألوية الموالية لحماية دمشق . لاسيما الفرقة الرابعة ، وفرقة الحرس الجمهوري . رصد كل من يحاول رشوة قياداته ، ومن يشجعون الانشقاقات في الجيش السوري. متابعة العناصر الفاسدة فيه ، خصوصاً من الخط الأول . ضرورة تسليحه بأسلحة نوعيه بشكل فوري، ومده بالعنصر البشري المدرب الذي يشد من آزره . تأمين أكبر لمنع ضرب خطوط إمداد الجيش السوري . تعزيز التوسع في انشاء المليشيات الشعبية كوحدات مشاة يمكن أن تخفف العبء عن الجيش السوري . الإستفادة من الخلافات والنزاعات المستشريه بين المليشيات ” الإرهابية ”
9- تحذير السعودية ، قطر ، تركيا من مغبة اجتياح دمشق .وارسال رسائل واضحة لهذه الدول بهذا الخصوص ، لأن سورية ليست اليمن ، ولن تكون أبدا . [4]
بناء على هذه التطورات ضاعفت أجهزة الاستخبارات الإيرانية والتابعة لحزب الله من نشاطاتها حول بناء سيناريوهات لما قد يحدث للجيش السوري ، وذلك بناءاً على المعطيات والتوقعات بأنه لم يعد للجيش قدرات لمواجهة التنظيمات ” الإرهابية ” ، وبات يفقد بشكل متسارع سيطرته جزءاً كبيراً من المناطق المتبقية تحت سيطرته[5].
في تقديرنا أن سلسلة الضغطوط أصبحت تتزايد على حزب الله من جانب إيران ، على ضوء فشل جيش الأسد في عدة معارك خلال الأشهر الأخيرة. وقد انعكس هذا الضغط من خلال سلسلة الخطابات غير المعهودة التي ألقاها الأمين العام لمليشيا حزب الله حسن نصرالله، فقط – ثلاثة خطابات خلال أسبوع واحد –، في ظل ما طرحه حزب الله من استراتيجيات لتخفيف الضغط عنه ، وفي مقدمتها إعلان التنظيم للنفير العام ،علماً أن التنظيم ذاته يخفي جانباً من خسائره الفادحة التي تكبدها لغاية الآن ؛ الأمر الذي دفعه لتجنيد محاربين جدد آخرين للمشاركة في هذه المعارك، ومطالبة الحزب لإيران بمزيد من الدعم المالي لدفع رواتبهم . كما دعا شيعة لبنان إلى المساعدة في تشكيل ما يعرف باللجان شعبية بحجة صد تنظيم داعش إلى الأراضي اللبنانية ، لتفرغ مليشياته لقتال الشعب السوري إلى جانب المليشيات الأسدية ، والتنظيمات الشيعية العابرة للحدود السورية.
بالمجمل فإن بشار الأسد ومن يقاتل معه باتوا يواجهون مأزقاً خطيراً ، وقد أعلنت إيران عن مفاجآت جديدة في سوريا ، وفي تقديرنا أنه وفي ظل الخسائر الكبيرة التي مني بها النظام السوري ، و لمليشيا حزب الله .فإن هدف إيران الحالي بات يتركز على إدخال وسائل قتالية فتاكة إلى الأزمة السورية؛ كمد طهران للأسد بالطائرات المسيرة بدون طيار لاستهداف الشعب السوري ؛ استناداً إلى نجاح استخدام هذا السلاح الفتاك بكثافة للقتال إلى جانب مليشيات الحشد الشعبي في العراق ،[6]لكن مع تزويد هذه الطائرات بقنابل فتاكة ، وأسلحة كيماوية وبيولوجية ، لتحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوف المدنيين السوريين العزل . وهذا الأمر سيفترض الإيرانيين من خلاله أنه سُيسهم في رفع الروح المعنوية للجيش السوري المنهارة أصلا ، وتخفيف الضغط عنه على خلفية الاخفاقات التي مني بها ، كذلك سيؤدي إلى تقليص عملية الضغط عن كاهل سلاح الجو السوري المتهالك ، والذي فقد قدراته الميدانية بشكل شبه نهائي ، إلا من خلال التوسل والاستقواء بإستراتيجية البراميل المتفجرة ، والقصف بالغازات السامة ، مما تسبب بقتل عشرات الآف المدنيين من السورييين الأبرياء .
بالمقابل استشعرت إيران قرب انهيار الجيش ، و سقوط النظام برمته ، وباتت تبشر بسيناريو أطلقت عليه ” دروازه جهنم – بوابة جهنم ” في إشارة إلى التكلفة التي ستدفعها دول المنطقة جراء هذا الانهيار ، وعن الفوضى الكبيرة التي سيتأثر بها الإقليم برمته ، وسوف نتحدث في قادم الأيام عن هذا السيناريو بشكل مفصل .ولإستباق ذلك طالبت بالتنسيق العسكري ،الأمني، والسياسي العاجل مع الجانب الروسي ، الذي وصل لقناعة بقرب سقوط دمشق ، ورحيل النظام برمته .
[1] (توطئه بزرك تروريستها براى حمله سراسرى به بايتخت دمشق، كيهان ، 7/ 6/ 2015)
[2] (واقعيت ميداني در سوريه ، جمهورى اسلامى .11/6/ 2015. توطئه بزرك تروريستها براى حمله سراسرى به بايتخت دمشق، كيهان ، 7/ 6/ 2015)
[3] (چقدر از سوریه دست ارتش است؟، سياست روز . 12/ 6/ 2015)
[4] “(النصره” در صدد اشغال دمشق است ، آفتاب ، 10/ 6/ 2015.چقدر از سوریه دست ارتش است؟، سياست روز . 12/ 6/ 2015)
[5] .( چقدر از سوریه دست ارتش است؟، سياست روز 12/ 6/ 2015)
[6] (تحولات نظامي أخير سوريه كيهان 7/ 6/ 2015)
د. نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية