لماذا يصرّ الغرب على التوحد في قتال داعش

أوباما يطالب بقتال داعش:

لم يشعر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأي حرج في الحديث عن وجوب توحد جميع القوى السورية لقتال تنظيم داعش في البلاد، فقد أكّد خلال كلمته التي ألقاها في وزارة الدفاع الأمريكية في 7 من تموز الحالي "أنّ الطريق الوحيد لإنهاء الحرب في سوريا هو التوحد ضد التنظيم في حكومة بدون الأسد"..

فإذا كانت الإدارة الأمريكية في السابق وخلال سنوات الثورة الماضية تستخدم الغمز واللمز في الحديث عن خطر التنظيمات الإرهابية، وتروّج في دعايتها المستمرة لتفوّق تلك التنظيمات في إجرامها على إجرام النظام السوري، ووجوب توجيه البنادق نحو تلك التنظيمات، فإنّ الرئيس أوباما لم يتردد في التصريح بذلك علانية، وبكل وضوح، متعامياً عن مئات آلاف الضحايا الذين سقطوا على يد النظام السوري وميليشياته الطائفية القادمة من لبنان حتى إيران...

مطالب الشعب السوري:

حديث الإدارة الأمريكية والدول الغربية عموماً عن ضرورة توجيه الجهود ضد تنظيم داعش فيه الكثير من الاستخفاف بمطالب الشعب السوري، واستهتار بالدماء التي بذلها منذ انطلاق الثورة، حيث كانت المطالب منصبّة على إسقاط النظام، وتشكيل دولة حديثة بعيدة عن الديكتاتورية والتسلط، واليوم يطالبنا الغرب، بتوجيه البنادق إلى داعش التي هي إحدى أدوات النظام، وإحدى إفرازاته...

علماً أنّ داعش لم تكن موجودة في بداية الثورة، حين كان الشعب يطالب العالم بالدعم النوعي، لتسهيل تغيير النظام، إلا أنّ تواطؤ العالم مع النظام السوري، والعمل على إحداث التوازن ما بين النظام والثوار، فتح الطريق لهذا التنظيم ليخترق صفوف الثوار، ويعمل على تشتيت جهودهم، وهو ما ساعد النظام على البقاء إلى هذا اليوم..

حرب استنزاف:

حالة التوازن التي عمل الغرب على بنائها ما بين النظام والثوار، أدت لحالة استنزاف كبيرة في صفوف الشعب السوري، ومن المعسكرين على حد سواء، وقد تمكن الغرب من تحقيق جزء رئيس من أهدافه بإضعاف الدولة السورية وإنهاكها، حتى لا يقوم لها قائمة لعدة عقود قادمة، إلا إنّ حالة الاستنزاف كانت في جانب النظام أكبر، إذ خسر من قاعدته الداعمة أعداداً هائلة، فالإحصائيات تتحدث عن أنّ نصف الشباب من الطائفة العلوية ممن يستطيعون رفع السلاح قد قتلوا في حالة الاستنزاف هذه..

وفي المقابل، فإن الثوار، ورغم الاستنزاف في صفوفهم، إلا أنّ اتساع قاعدتهم الشعبية، التي تمثل الشعب السوري في العموم، ساعدهم على الاستمرار في القتال حتى الآن، حيث يمثل عموم الشعب خزاناً بشرياً منتجاً للمقاتلين الجدد في كل عام وكل شهر، وكل يوم، وهو ما يسبب قلقاً غربياً، ولا يخدم مصلحتهم في تدمير البلاد، وإنهاك العباد..

الصدام السنّي:

الاستنزاف السنّي العلوي الذي أراده الغرب، وفرضه على الشعب، لن يستمر طويلاً نظراً لاضمحلال هذا المكوّن، وعدم تمكّن الميليشيات اللبنانية والعراقية من تعويض النقص لعدم خبرتهم بالجغرافية السورية، لذلك كان لا بد من تأجيج صراع سنّي سنّي لضمان استمرار حالة الاستنزاف، التي ستجعل من سورية دولة فاشلة، لا يمكنها مواجهة جيرانها عموماً والكيان الصهيوني خصوصاً...

لقد تمكنت الإدارة الأمريكية السابقة من إنشاء هذا النوع من الصراع في العراق، فقاتل رجال الصحوات من السنّة رجال تنظيم القاعدة سابقاً وهم أيضاً من السنّة، حتى دمّروا المقاومة العراقية تماماً، وباتت الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران تعيث في البلاد فساداً، ولم يقم للمشروع السنّي الوطني أي قائمة في البلاد..

والآن يصر الغرب على توحيد جهود الثوار على أرض الشام لحصر قتالهم مع تنظيم داعش، دوناً عن النظام السوري، باعتبار الخطر القادم من ذلك التنظيم يفوق خطر النظام كما يروّجون، وليس في ذلك هدف إلا استنزاف القوى العاملة في البلاد، وتدمير حالة المقاومة، ليعيش الكيان الصهيوني آمناً كما يزعمون...

لكنّ وعي الشعب السوري، سيفشل هذا المخطط، ولن ينجرّ السوريون لمعارك جانبية مع ذلك التنظيم العميل، وستتحرر البلاد، رغم أنف الغرب، فالدماء التي سالت حتى الآن لا يكافئها إلا تحرير سورية كاملة دون اجتزاء أو تقسيم...

وسوم: العدد 626