الموقف الشرعي من إعلان الخلافة
بسم الله الرحمن الرحيم
هيئة التأصيل الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على قائد الغر الميامين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
ففي يوم الأحد 1 رمضان 1435 الموافق 29 تموز 2014 أعلنت ما يسمى دولة الإسلام في الشام والعراق الخلافة الإسلامية ونصبت البغدادي خليفة وطالبت كل المسلمين في الشام والعراق، بل في العالم، أن يبايعوا هذا الأمير، ويلتزموا السمع والطاعة.
وإننا في هيئة التأصيل الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية نرى أن هذه الخلافة المزعومة باطلة، ولا اعتبار لها شرعاً، وأنها لا يترتب عليها أي أثر مما يترتب على الخلافة الصحيحة، فلا طاعة و لا بيعة لهؤلاء، و ذلك لما يأتي :
1- أنهم بغاة معتدون ولغوا في دماء الأبرياء بعد استسهال تكفير المسلمين والثوار المدنيين وكذلك أبطال الجيش الحر الميامين واستباحة دمائهم وأموالهم ، ثم زادوا الطين بلة باعلانهم لهذه الخلافة المدعاة مطالبين كافة المسلمين وكافة الفصائل المجاهدة بمبايعة الخليفة المزعوم ، وكأن أمر الخلافة ملعبة لمن هب ودب بادعائها .
2- أن الخلافة عقد بين الأمة والخليفة، ولا تكون بالإكراه والتخويف والتهديد، ونشر الذعر بين الناس، و الأمة تمثل بأهل الحل والعقد أهل الشورى ، من العلماء العاملين، والدعاة المخلصين، والسياسيين والقادة الثوريين والوجهاء المعتبرين، وواقع الحال أنه لا الأمة و لا أهل الحل والعقد فيها قد استشيروا في شأن الخلافة ولا في شأن الخليفة . ؟؟!!!!
جاء في البخاري عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا" .
قال البهوتي في كشاف القناع ( ويثبت ) نصب الإمام ( بإجماع المسلمين عليه كإمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من بيعة أهل الحل والعقد من العلماء ووجوه الناس).
3- أن الخلافة منصب سياسي ديني مرده الى الحكم بشرع الله تعالى لا بشريعة الغاب وإراقة الدماء وإهدار الأموال فضلاً عن تكفير المسلمين، وإحداث الفتن.
4- أن أوجب واجبات الخلافة هو نصرة المستضعفين من المسلمين ورد الظلم عنهم، وهؤلاء نصروا الظالم على المظلوم ، وزادوا الطين بلة، واستنزفوا ثورة أهل الشام و العراق على جلاديهم، وفعلوا من الفظائع ما يشيب لهوله الولدان، فبوجودهم، لم يكن هناك أمن ولا أمان، بل العكس هو الحاصل.
5- أن الخلافة إنما تكون لخير الناس وتعمل على تحقيق مصالهحم،وفي المجالات كافة، وهذا يقتضي معرفة حال الخليفة ودينه وتقواه، فكيف تعطى لمن لا يُعرف ولا يُعرف حاله بل لا يُرى و لا يظهر على الناس، خليفة مقنع، وأتباع ملثمون، فأي خلافة هذه ؟؟!!
6- إن ولاية المتغلب، والملك الجبري، مرفوضة من الناحية الشرعية، وقامت ثورة شعبنا انتفاضة على الاستبداد والظلم والقهر والويل، فلا نستبدل مستبداً بمستبد، والخلافة التي تكون على منهاج النبوة، خلافة راشدة شورية، تحترم الحقوق وترعى المصالح، وتكون رحمة للناس، عدلاً ونوراً وعلماً وحضارة، وحرية وكرامة،وأمناً وسلاماً على المواطنين، وحقيقة هذه الدولة المزعومة أو الخلافة المزعومة إنما هي ولاية غلبة وقهر ورجالاتها يقرون بذلك، فشتان بين الحقيقتين.
وبناء عليه "قال ابن خُوَيز منداد المالكي : "الظالم لا يصلح أن يكون خليفة ولا حاكماً ولا مفتياً ولا شاهداً ولا راوياً". (تفسير ابن كثير 1/289 ).
حتى لو سلمنا جدلاً بمشروعية ولاية المتغلب فإن سلف الأمة أقروا بولاية المتغلب استثناء ومن باب الموازنة بين مفسدتين، وإنما أقروها لمتغلب يحكم بشرع الله لا بشرع الغاب ومنهج الخوارج.
وبناء على كل ما سبق فلا يجوز إقرار هذه الخلافة المزعومة ولا إعطاء البيعة لها ولا تجوز طاعة قادتها وخصوصاً فيما يأمرون به من قتل المجاهدين و الثوار الذين لم يدينوا بالولاء لهم بل يجب الوقوف في وجه مؤامراتهم بل إنهم باتوا والنظام شيئاً واحداً وعدواً واحداًيتهدد الثورة والجهاد في أرض الشام.
وفي الختام ونحن إذ نراعي أحكام الإكراه، ننصح أبناء الشام والعراق، بل أبناء الأمة، أن لا ينجروا وراء هؤلاء القوم، ولا يسمعوا لتخرصاتهم وكذبهم، بل يكونوا على وعي كبير بالأهداف التي جاء بها هؤلاء القوم، حتى لا يكونوا مطية أفكار تخدم العدو، وتمضي في ركابه.
والحمد لله رب العالمين.
هيئة التأصيل الشرعي لجماعة الإخوان المسلمين في سورية
08 رمضان 1435 هـ - 05 تموز 2014 مـ