النظام الإيراني أداة أمريكية لضرب الخلافة المرتقبة
النظام الإيراني
أداة أمريكية لضرب الخلافة المرتقبة
شريف زايد
في الثاني والعشرين من الشهر الجاري نشرت وكالة أنباء (فارس) الإيرانية المقربة من الحرس الثوري، خبرا غريبا عجيبا مفاده أن الغرب يدعم حلم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروف بـ(داعش) بإقامة الخلافة الإسلامية. بالطبع فإن الوكالة لم تقل لنا ما هو موقف النظام الإيراني من الخلافة، والغريب العجيب في الخبر القول بأن الغرب يدعم العمل لقيام دولة الخلافة كتعويض لفشل مشروع (سايكس - بيكو)، الذي رُسم بأقلام منظري السياسة الغربية في أوائل القرن الماضي في أعقاب القضاء على الدولة العثمانية. وهو غريب عجيب لأن من المعلوم سوى عند قاصري النظر أن النظام الإيراني كما غيره من الأنظمة في العالم الإسلامي كنز استراتيجي للغرب يقوم بدور معوق للأمة. فكيف تتخلى اليوم دول الكفر الغربية عن مشروع (سايكس - بيكو)، أي عن المشروع التفتيتي للأمة لصالح الخلافة التي من أهم بديهيات نظامها الوحدة وليس الاتحاد بين أقطار العالم الإسلامي؟!.
طبعا نحن لسنا في حاجة أن تبين لنا وكالة (فارس) موقف الدولة الإيرانية من مشروع الخلافة لأنه معروف ومعلوم والتاريخ شاهد عليه، ولذا فليس مستغربا أن تحاول الدولة الإيرانية تشويه الخلافة وربطها بالغرب باعتبارها هدفا للغرب يسعى إليه ويخطط له. وإنه لمنتهى السذاجة أن يصدق أحد أن الغرب الذي تلقى ضربات مميتة على يد دولة الخلافة التي حاصرته في أوروبا، ولكنها توقفت عند أسوار فينا، ليبدأ الغرب من بعدها مسيرته الجهنمية للقضاء على تلك الدولة، لينجح بمعونة بعض الخونة من الترك والعرب في هدم دولة الخلافة العثمانية سنة 1924م، فإذا بتخرصات وكالة (فارس) تريد أن تلقي في أذهان الأمة أن هذا الغرب نفسه يريد بل ويدعم إعادة الخلافة. وكيف لهذا الكلام أن يمحو من أذهان الأمة ما قاله اللورد كرزون وزير خارجية بريطانيا الذي هُدمت الخـلافة في عهده عندما قال: «لقدْ قضينا على تركيا، التي لنْ تقومَ لها قائمةٌ بعدَ اليومِ... لأننا قضينا على قوتِهَا المتمثلةِ في أمرينِ: الإسلام والخـلافة».
ونحن نستبعد أن تكون وكالة (فارس) تريد تنبيه الأمة من الوقوع في فخ نصبته أمريكا من قبل ووقعت فيه الأمة، يوم دعمت أمريكا الخميني في ثورة أوهمت الأمة حينها أنها ثورة إسلامية، وهي في الحقيقة قد أنتجت نظاما عميلا لأمريكا في إيران فتم تغيير جهة العمالة من بريطانيا لأمريكا. لنتعلم الدرس ولا ننخدع بالمظاهر الكاذبة فنصدق أن أمريكا تدعم المعارضة ضد نظام المجرم بشار.
لقد استطاع النظام الإيراني لعقود مضت أن يخفي عمالته لأمريكا تحت ترداد مقولات الشيطان الأكبر ومحور الشر، وانطلى ذلك على الكثيرين من أبناء الأمة بما فيهم من يعتبر نفسه محللا سياسيا من الطراز الأول. لقد استطاع حزب التحرير من اللحظة الأولى أن يدرك واقع النظام الإيراني وجمهوريته الإسلامية المزعومة، بينما غرق البعض في نشوة النصر للثورة الإيرانية، كشف حزب التحرير بعمق تحليلاته السياسية، ومتابعته الدقيقة للوضع السياسي في المنطقة ونظرته للسياسة الدولية من زاوية خاصة ومن خلال وجهة نظر معينة. فكشف ما يجري تحت الطاولة بينما التهى البعض بتصريحات عنترية جوفاء يكذبها الواقع. وما كان يجري في السابق تحت الطاولة بدأت اليوم تنكشف خيوطه في وضح النهار.
لقد قامت أمريكا (الشيطان الأكبر) بتلزيم إيران (الدولة الثالثة في محور الشر حسب التصنيف الأمريكي)، قامت بتلزيمها العراق ولبنان وسوريا. وبالأخص سوريا التي تدار بشكل مباشر من إيران تسليحا وتمويلا وتدريبا وقتالا، بل نكاد نجزم أن بشار أسد ما هو إلا صورة لا قيمة لها، سوى حفظ الكرسي لحين إيجاد عميل أمريكي آخر. ولا يختلف الأمر كثيرا في العراق الذي احتلته أمريكا لتسلمه لجماعة إيران ليديروا لها مشروعها التفتيتي للعراق الذي ربما وصل إلى نهايته من خلال الضغط بكل ما هو متاح في يد المالكي الطائفي الذي عمل طوال السنوات الماضية على دفع السنة دفعا لرفض العيش في ظل نظامه الخبيث المرضي عنه أمريكيا وإيرانيا حتى الساعة.
لقد بدأت عمالة إيران لأمريكا تتكشف لمن كان على بصره غشاوة، وأصبحت الأمور واضحة، وعلى من لا يزال يراوح مكانه أن يحل هذه المعضلة المتمثلة في الإجابة على السؤال التالي: كيف يمكن التصديق بأن أمريكا تعادي إيران في سوريا بينما هي تطلب منها التدخل لحل المشكلة العراقية؟!، ثم ألم يطلب كيري في زيارة الساعات المعدودة لبيروت في الرابع من يونيو الجاري من حزب الله أن يساعد في حل المشكلة السورية، فكيف يكون من هو جزء من المشكلة أن يكون في نفس الوقت جزءاً من الحل؟ وفي يوم الجمعة 27 يونيو الجاري أوضحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أن: "واشنطن ترى أن إيران على النقيض من سوريا"، أي أنها يمكن أن تلعب دورا بناء في استقرار الوضع في العراق إذا اتخذت طهران خطوات في اتجاه تشكيل حكومة شاملة فيه. وكان حميد أبو طالبي النائب السياسي في مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني قد قال: "أن هناك فرصة للتعاون الدبلوماسي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية حول التطورات التي يتعرض لها العراق". وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني في 14 يونيو الجاري صرح في مؤتمر صحفي: "أنه في حال تدخلت الولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم (داعش) في العراق فإن طهران ستفكر في التعاون معها".
والأغرب في التطورات الجارية على صعيد العلاقات الأمريكية الإيرانية استخدام مصطلح (الحرب على الإرهاب) من قبل مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي يوم السبت 28 يونيو، حيث اعتبر ما يجري في العراق: "بأنه ليس حربا بين الشيعة والسنة، بل هي حرب بين الإرهابيين ومعارضي الإرهاب". فالإرهاب الذي كانت تصف به أمريكا النظام الإيراني تحول بقدرة قادر إلى إرهاب من نفس النوع يصف به أعلى مرجع إيراني فصيلاً من الأمة ثار على نظام القمع الذي أسسته أمريكا في العراق!.
إذاً ما نفهمه من كلام وكالة (فارس) هو إعلان جهوزية إيرانية للقيام بالدور الذي كانت تعد له منذ تأسيس (الجمهورية الإسلامية) فيها، وهو أن تكون رأس حربة تشهر في وجه مشروع الخلافة الذي يقض مضاجع الغرب وعلى رأسه أمريكا، فالنظام الإيراني الذي هو مشروع غربي استعماري بامتياز، يريد أن يصور للأمة أن مشروع الخلافة الذي احتضنته الأمة ما هو إلا مشروع غربي استعماري، وعلى الأمة أن تحل تلك العقدة الواهية الأطراف الممزقة الحبال، لأنها لا تنطلي على الأمة الإسلامية التي أدركت من هو عدوها الحقيقي ومن هم أدواته في المنطقة. وعلى أصحاب مشروع الخلافة الحقيقي ألا يقعوا في الفخ الأمريكي عندما تقوم الدولة الإسلامية، فينجروا لصراع سني شيعي تريده أمريكا وتسعى له منذ أمد بعيد. وعليهم أن يدركوا أن معركتهم الحقيقية هي مع أمريكا والغرب الكافر المستعمر وربيبتهم دويلة يهود.