الأم المثالية بعيوننا

أجمل كلمة في الوجود ، و أحسن أنشودة تطرب الأذن ، و تنعش الفؤاد ، و تغدي الروح ، و تبعث  في الوجود البسمة ، و يتغنى لها الكون ، و تنزل برضاها الرحمات،  و تصغر في عيونها  كل نعيم بضمة في حضنها الدفيء ، هي لؤلؤة ، هي ماسة ، هي روض معطر بأجمل الرياحين ، هي هبة الرحمان لإسعاد القلوب ، في كل ركن لها صورة أبدعها الفنان ، هي لوحة  فنية تجلى لروعتها كل بيان ، إنها الأنس الذي يفتت  الأحزان،  و يهون الصعاب،  في كل لمسة من لمساتها الممزوجة بالحنان الدفاق ، هي صورة أمي و أمك و أمهاتنا ، فما أجل و أعظم كلمة أمي  .      إن للأم  في الذاكرة رسم وجدته في صفحات التاريخ في صورة الأم المثالية صاحبة الرسالة التي سجلت في صفحاتها  أروع الصور ، فهي  الأم  كتبت التاريخ بماء الذهب ،  إن الأم  التي رسمت لها صورة هي قدوة للنساء  شاركت الرجل الزوج و الابن في المشاركة الإيجابية للحياة ، فكن الدافع المؤثر في صناعة المجد ، و كن شقيقات الرجل في المساهمة التي تراعي الفروق في التخصص و في أدوار التي لا يتقنها غيرها ،  فهي صاحبة رأي و نظر،  تبدي رأيها و مساهمتها بكل حرية  استنادا للقاعدة  القرآنية : ّ لهن مثل الذي عليهن بالمعروف ّ فدينها لا يمنعها أن يكون لها نصيب كما كان  لفضليات نساء الصحابة رضي الله عنهم دور بارز في المشاركة فدونكم أسماء بنت الصديق المبشرة بالجنة الأم المثالية التي تصلح أن تكون نموذجا واقعيا للذين أبدعوا صناعة أم مثالية مشوهة المصنوعة في مخابر خاصة همها تشويه الصورة النقية للأم المثالية التي صنعت ملاحم البطولة .      إن الأم المثالية التي هي في عيونها ، شبيهة الخنساء في جهادها ، و هي شبيهة أسماء بنت أبي بكر  في شجاعتها و بطولتها ، و هي شبيهة أسماء بنت يزيد في فصاحتها  و جرأتها ، و هي شبيهة أم عمارة في صبرها  ، وهي شبيهة الداعية الحاجة زينب الغزالي ثباتها  فكانت حياتها جهادا و حسبة لله تقول   "أنا أحببت القرآن حتى عشته ، فلما عشته أحببت أن أدندن به لمَن أحب ، فدندنت بعض دندنة المفسرين ، ولا أقول إني مفسرة ، ولكني أقول : إنني محبة للقرآن ، عاشقة له ، والعاشق يدندن لمن يحب ، والعاشق يحكي لمن يحب ، ويجالس من يحب ، ويعانق من يحب ، فعانقت القرآن، وتحدثت به وله في جميع الملايين من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، وعشت أدندن به في المساجد لأكثر من ستين عاماً ، أي عمر الدعوة التي أسستها في المساجد منذ  1937  ".        إن الأم المثالية مثال للطهر و العفة و الشرف فهن قدوات المجتمع إنهن أمهات الرواد من الناجحين في دروب الحياة إنهن من رسمن لأزواجهن و أنبائهن طريق الرفعة في الحياة فبتربيتهن كن المساهمات في  صناعة النجاح فكم من أم كان لها فضل العطاء و الرعاية و التوجيه  . و في ختام مقالتي أحببت أن تكون  المقولة الرائعة للعالم الجزائري البروفسور بلقاسم حبة التي يقول فيها عن الوالدة الكريمة صاحبة الفضل في نبوغه هذه الكلمات :  ّ والدتي من أدكي النساء اللاتي عرفتهن فكنت أراها تنجز أعمالها بذكاء و حذق كبيرين و لو أتيحت لها فرصة الذهاب للمدرسة لكانت من أنجب الطالبات وزاد إعجابي بها أنها التحقت بمدارس محو الأمية و هي في الخامسة و السبعين من عمرها .. . أظنني قد ورث منها صفات النجابة و الإصرار و التحديّ.

وسوم: العدد 644