أزمةُ قيمٍ .. لا أزمةُ هممٍ
عندما يشتد الخطب ويتعاظم خطر الأحداث..إذاك يبدأ التلاوم وربما تبادل الاتهام بين أبناء أي أمة وأي شعب تجاه ما أحاق بهم..وأمتنا ليست استثناءً من هذه الحالة..فهذا أمر طبيعي بل وواجب..فتدارس الأحول وتحليل المواقف وتلمس نقاط الضعف وأسباب الإخفاق في أمر من الأمور في حياة الأمم..توجه صحي وموضوعي وعلمي بل هو من معايير التقدم والتحضر..وتاريخ الأمم والشعوب يشهد بهذا ويؤيده..وفي حالة من حالة تساؤل الأمة وتدارس أسباب ما أصابها من إخفاق وانتكاسة في مسيرتها..حسم القرآن الكريم الأمر وأخرج القادة من حيرتهم قائلاً:"قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ"من عند أنفسكم فهماً وفقهاً واجتهاداً..ومن عند أنفسكم خبرة ودراية ومهارة..ومن عند أنفسكم إخلاصاً وتضحية ووفاءً..فالأزمة إذاً أزمة فكر ودراية وقيم..لا أزمة وفاء وتضحيات وهمم..فالأمة في ولله الحمد ليست متهمة في دينها وإخلاصها ووفائها..ولكن الاتهام يحوم حول حالة اضطراب فكرها وفقهها في مواجهة التحديات والمستجدات..فبعض علماء الأمة يصر على الانحباس بفقه السلف واجتهاداته العظيمة التي عالج بها أزمات زمانه وأحواله..ويصر على ترحيل ذاك الفقه الجليل إلى غير زمانه وأحواله..مما يجعل الأمة تسير باتجاه وعقلها وذهنها وفكرها وهمومها باتجاه آخر..فهل يصح أن تُشغل الأمة بجدلية فقه رضاعة الكبير مثلاً! والأمة جائعة وعريانة ومريضة ومهددة بأمنها واستقرارها بل بوجودها..؟؟؟!!!أجل إن مثل هذا الفقه الغريب العجيب المعزول عن هموم الأمة وأسقامها وأوجاعها..هو مصدر عزلة شباب الأمة وأجيالها عن توجه علمائهم ومرجعياتهم الدينية والفكرية والوجدانية..حيث التيه وتلقف الأفكار والتوجهات المدمرة من هنا وهناك..وحيث الضياع وإتباع أئمة الضلال والفساد والإجرام من كل ملة وناعق..أجل يا قوم نحن أمام أزمة فكر وفقه..وليس أمام أزمة همم..فالهمم موجدة ولكن تبذل في الاتجاه الخاطئ المدمر..فهل لها من تلاف..؟نأمل ذلك والله المستعان.
وسوم: العدد 652