ماذا لو وقفت تركيا مع الثورة السورية كما وقفت إيران مع النظام النصيري ؟؟؟!!!
ابتداءً نقول :
أنه لا يوجد سوري واحد .. يشكك بالدور التركي المشرف تجاه الثورة السورية .. منذ اليوم الأول لإنطلاقتها .. سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي ..
استقبلت اللاجئين استقبالاً حسناً .. وهيأت لهم مخيمات وخدمات تفوق .. وتعلو عما فعلت الدول المجاورة .. وسمحت للسوريين بالعمل داخل تركيا .. وسنت قوانين جديدة لحماية حقوقهم .. كما استضافت عدداً من المؤتمرات ابتداءً بالمؤتمر الأول الذي حصل في 31/ 5 / 2011 في أنطاليا .. ثم توالت المؤتمرات في استنابول وغيرها من المدن التركية .. كما احتضنت الكيانات السياسية التي شكلتها المعارضة على اختلاف مسمياتها بما فيها الحكومة المؤقتة ..
علاوة على سماحها بالمظاهرات .. وإقامة الندوات .. والإجتماعات المتنوعة لأقطاب المعارضة السياسية والعسكرية ..
الخلاصة أن تركيا .. أعطت الكثير للسوريين الفارين من الإستبداد الأسدي .. وسهلت لهم الكثير من الحركة .. والتنقل والعمل على جميع الأصعدة ...
والذي يعرف طبيعة العلاقة الحميمة .. الوثيقة التي تربط تركيا مع الشام عبر العصور القديمة والتي تمتد لخمسمائة عام .. منذ دخول السلطان سليم الأول الشام بعد معركة مرج دابق في عام 1516 وانتصاره على قانصو الغوري ..
لا يستغرب .. ولا يندهش من هذا الكرم التركي .. الذي هو أصيل في حد ذاته من جهة .. ولمكانة الشام المتميزة لدى الأتراك من جهة أخرى ...
فقد كان السلاطين العثمانيون .. حينما يذكرون الشام يتبعونها بكلمة شريف ..
فيقولون : شام شريف .
لأنهم كانوا يعرفون مكانة الشام المتميزة .. المفضلة على بقاع الأرض .. وأنها أرض مباركة .. شريفة .. كما كان أهل الشام .. يشغلون كثيراً من المناصب العالية في الإدارة العثمانية في استنابول .. لثقة الخلفاء بهم .. واحترامهم وتقديرهم لهم .. وتفضيلهم على بقية البلدان العربية الأخرى ..
ولكن بالرغم من كل هذه العطاءات التركية الكثيرة للسورين ..
هل كانت بنفس مستوى العطاءات الإيرانية للنظام الأسدي ؟؟؟!!!
هذا سؤال كبير يجدر بالحكومة التركية .. التي نكن لها كل احترام .. وتقدير .. ومحبة .. أن تجيب عنه ..
فالكل يعرف أن الحكومة الإيرانية . . قد وقفت بقضها وقضيضها إلى جانب النظام النصيري .. وسخرت كل إمكانياتها المادية .. والبشرية .. والفنية .. والمخابراتية . . والإستراتيجية لدعم النظام .. بالرغم من أنها ليست جاراً لسورية .. ولا توجد أية حدود مشتركة بينهما ..
ومع ذلك فإن عطاءاتها للنظام من الناحية الكمية .. والنوعية تفوق أضعاف .. أضعاف ما قدمته تركيا للثورة السورية ..
علما بأن تركيا هي الجار لسورية .. ولها حدود مشتركة طويلة معها تصل إلى حوالي 900 كم.
وتربطهما أواصر تاريخية امتدت لأربعة قرون من الحكم العثماني للشام .
إضافة إلى الدعم الإعلامي الإيراني الهائل .. والتصريحات النارية المستمرة .. مع التأكيد الدائم على دعم النظام .. والإصرار على عدم التفريط به .. متحدية كل المخالفين لها ...
وهنا يطرأ سؤال آخر أكبر من الأول :
علام تقف إيران .. وهي على باطل .. وعدوة الإسلام والمسلمين .. كما أنها عدوة لتركيا أيضاً منذ الأيام الأولى لإنطلاق الدولة العثمانية .. حينما سيطر الصفويون على إيران قبل خمسمائة عام .. وحولوها من دولة مسلمة إلى دولة صفوية شيعية سبئية مجوسية .. وأجبروا المسلمين بالقوة .. والإكراه على التحول من الإسلام إلى التشيع ..
وتاريخها الأسود يقطر .. دماً من الغدر والخيانة للدولة العثمانية ..
علام تقف إيران بكل قوة .. وشراسة .. وضراوة .. وعلناً وعلى المكشوف .. بدون حياء ولا خجل إلى جانب النظام النصيري ؟؟؟!!!
بينما تقف تركيا - وهي على حق - على استحياء .. وخجل إلى جانب الثورة السورية .. إلا من بعض التصريحات النارية أحياناً مثل : لن تسكت عن مجزرة حماة أخرى .. ولن تسكت عن سقوط عفرين .. ولن تسكت عن إقامة دولة كردية شمال سورية وعلى حدودها مباشرة .. ولن تسكت ... ولن تسكت ...
وكل هذه التصريحات الإعلامية الضخمة .. التي لا تسمن ولا تغني من جوع .. ذهبت أدراج الرياح هباءً منثوراً ..
فالمجازر التي حصلت خلال الخمس سنوات .. فاقت مجزرة حماة آلاف المرات .. والدويلية الكردية .. قد قامت وتشكلت على الحدود التركية ..
والحكومة التركية عادت إلى صمتها .. ولم تحرك ساكناً ..
ولكن الشيء الأخطر . . والأدهى .. والأمر أن إيران لم تكل .. ولم تمل .. ولم تتعب من مواصلة الدعم لبشار بكل الأنواع ..
بينما تركيا التي واجبها الديني . . والأخلاقي .. والتاريخي .. وحق الجوار .. والإنساني أن تواصل الدعم أكثر من السابق .. أو على أضعف الإيمان .. بنفس المستوى السابق ...
إلا أنه للأسف أخذ أخيراً يظهر الملل .. والضيق بالسوريين .. وتم وضع العراقيل .. والعقبات أمام دخولهم أراضيها . . سواء عن طريق الحدود البرية .. أو الجوية أو البحرية ..
فعلى الحدود البرية أخذت تغلق المعابر لفترات طويلة .. وتمنع دخول الناس المحتشدين عند البوابات ..
فيقف المساكين .. وفيهم مرضى .. وعجزة لأيام عديدة .. ينتظرون الأوامر السامية .. كي تأتي لتفتحها ...
علاوة على أن أناساً كثر قد تم قتلهم .. وهم يعبرون الحدود من خارج البوابات الرسمية .. لأنهم عجزوا عن الدخول من الأبواب الرسمية .. فلجؤوا إلى غيرها فكان مصيرهم القتل ..
أما الحدود البحرية ..فلها مآسي أخرى .. حيث يقوم المحتالون .. وتجار البشر بنقل الناس على قوارب مطاطية ..أو خشبية خربة .. فينقلب بعضها قريباً من الشواطئ التركية .. فيتلكأ أحيانا ً حرس السواحل .. ويتباطؤا في إنقاذهم .. فيغرقون .. ويموتون ...
وثالثة الأسافي .. وداهية الدواهي .. من مظاهر السأم .. والملل من السوريين ..
هي :
فرض تأشيرة على السوريين لدخول تركيا .. مع فرض شروط قاسية .. وتعجيزية للحصول عليها .. مما يتطلب الإنتظار لأيام أو أسابيع .. والوقوف بطوابير طويلة .. أمام بعض القنصليات .. للحصول على التأشيرة المبجلة ..
علما بأنه كانت التأشيرة قبل إلغائها .. قبل عشر سنوات تقريباً .. يتم الحصول عليها في نفس يوم تقديمها .. وبالشروط العادية المتعارف عليها في كل سفارات العالم .. وبسعر أقل من السعر الحالي ..
كل ذلك بذريعة .. وحجة ما أنزل الله بها من سلطان ..
هي :
الدواعي الأمنية !!!
يا للعجب العجاب .. من يصدق هذا ؟؟؟!!!
ألا يمكن تطبيق دواعي الأمن في المطار .. والكشف على المشبوهين .. ومنعهم من الدخول .. أم أنها قد ضاقت بالسوريين ذرعاً .. فلجأت إلى التأشيرة لتقليل عدد الداخلين إليها ؟؟؟!!!
علماً بأن عشرات الدول .. تمكن حاملي جوازاتها .. من دخول عشرات الدول بدون تأشيرة .. ويتم في المطار .. الكشف على أي إسم مشبوه فيمنع من الدخول .. بكل سلاسة .. وسهولة .
وسوم: العدد 660