السوريون هم المهاجرون .. والأتراك هم الأنصار
منذ أن بدأ السوريون منذ خمس سنوات .. ينزحون من أراضيهم .. إلى البلدان المجاورة .. وعلى الخصوص تركيا .. هرباً من القتل .. وفراراً من الموت .. الذي أخذت قوات الأسد تصبه عليهم صباً .. صباحاً .. مساءً ..
أبدى المسؤولون الأتراك ترحيباً كبيراً .. لإستقبال إخوانهم المهاجرين .. وبنوا لهم الخيام .. وجهزوها بالمتطلبات الأساسية .. الضرورية للحياة .. وسهلوا الحصول على عمل .. للذين يريدون العمل ..
وبالمجمل قدموا خدمات جليلة .. وهم يرددون هذه العبارة الجميلة :
نحن الأنصار لإخواننا السوريين المهاجرين ..
كان لهذه الكلمة الودودة .. الحنونة أثر كبير .. ووقع طيب في نفوس جميع السوريين .. وعلى الأخص المعذبين .. المشردين ..
فقد لامست هذه الكلمة السحرية .. شَغاف قلوبهم .. وتغلغلت في حنايا صدورهم .. وهزت مشاعرهم .. ووجدانهم .. وخففت من همومهم .. وواست من أحزانهم .. وكفكفت دموعهم .. ورقأت جراحهم .. وخففت من شجون مصابهم .. وسكنت أوجاعهم .. وكانت كالبلسم الشافي لجراحاتهم .. وأسقامهم ..
وأعادت لهم ذكرى أصحاب رسول الله صلى الله وسلم .. الذين هاجروا إلى المدينة المنورة فاستقبلهم أهلها أحسن استقبال .. واستضافوهم خير ضيافة ..
ولكن لماذا لم يسمع السوريون النازحون .. المهاجرون إلى البلدان العربية .. من مسؤوليها مثل هذه الكلمة العذبة ..
نحن الأنصار لكم ..
مع أن البلاد العربية هي أحق .. وأولى بإطلاق هذه الكلمة .. لأنها ترتبط مع السوريين .. برابطة أقوى .. وأشد عن رابطة الأتراك .. وهي رابطة اللغة .. والقومية .. إضافة إلى الدين .. الذي هو مشترك بين العرب .. والأتراك ؟؟؟!!!
ولكن أنى لهم أن يسمعوا هذه الكلمات الطيبة .. من طغاة مستبدين ..
دينهم القهر .. وسياستهم البطش .. وحياتهم فسق وفجور .. ولياليهم سكر .. وعربدة .. مع الغانيات .. والعاهرات ..
لا يمكن لمثل هؤلاء المخلوقات البشرية .. الملتصقة بالطين .. والتراب .. والتي لا هم لها إلا الإستمتاع بملذات الدنيا .. وشهواتها .. واستعباد الناس .. والتحكم بمصيرهم .. على هواهم ومزاجهم .. مقلدين سيرة فرعون .. الذي قال لقومه :
(قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلَّا مَآ أَرَىٰ ) غافر آية 29
لا يمكن لمثل هذه الهوام .. أن تفكر بالنواحي الإنسانية .. وتتعاطف مع مشاعرها .. وأحاسيسها .. أو أن تشعر بشيء .. إسمه الأخوة العربية .. أو الدينية ..
إنهم مفصولون عن تاريخ أمتهم .. بل مفصولون عن دينهم .. وعن ربهم .. وحتى لم يسمعوا عن سيرة نبيهم العطرة .. حينما آخى بين المهاجرين والأنصار ..
وهنا يجدر بنا أن نعرض بعض المشاهد .. والنماذج الرائعة لتصرفات الأنصار .. مع إخوانهم المهاجرين ..
لتكون حجة على طغاة العرب المستبدين الذين لم يأبهوا .. ولم يبالوا بالمهاجرين .. بل عاملوهم أسوأ معاملة ..
ولتكون نبراساً مضيئاً للأتراك الأنصار .. حتى يعلموا :
هل هم طبقوا مع إخوانهم المهاجرين السوريين .. نفس ما طبقه أنصار المدينة .. مع إخوانهم المهاجرين من مكة ؟؟؟!!!
ما ورد في فضل الأنصار في إيثارهم لإخوانهم المهاجرين
1. لقد مدح الله الأنصار وأثنى عليهم بقرآن يُتلى بسبب إيثارهم لإخوانهم المهاجرين، فقال: "وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" الحشر آية 9
2. خرج البخاري في صحيح عن أبي هريرة قال: "قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل؟ قال: لا؛ قالوا: أفتكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا".
3. وخرج الإمام أحمد عن أنس قال: "قال المهاجرون: يا رسول الله، ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل، ولا أحسن بذلاً من كثير، لقد كفونا المؤونة وأشركونا في المهنأ، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله؛ قال: لا، ما أثنيتم عليهم ودعوتم الله لهم".
4. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم؛ فقالوا: أموالنا بيننا قطائع؛ قال رسول الله: أوغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العلم، فتكفونهم وتقاسمونهم التمر؛ قالوا: نعم".
وروى أحمد عن أنس كذلك: "أن عبد الرحمن بن عوف قدم المدينة، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فقال سعد: أي أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالاً، فانظر شَطْر مالي فخذه، وتحتي امرأتان فانظر أيهما أعجب إليك حتى أطلقها؛ قال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق؛ فدلوه على السوق.. قال عبد الرحمن: فلقد رأيتني ولو رفعت حجراً لرجوت أن أصيب ذهباً وفضة"
هذه هي النماذج المشرقة .. الزاهرة في سيرة الأنصار .. والتي كانت حريصة كل الحرص من الأيام الأولى لدخولها الإسلام .. رضاء الله ورسوله .. وتنفيذ وصيتة صلى الله عليه وسلم -:
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .
أترك للقراء الكرام .. أن يقارنوا بين عمل أنصار المدينة المنورة .. وبين أنصار تركيا ..
هل هما متشابهان ؟؟؟!!!
هل هما مختلفان .. وما هي درجة الإختلاف بينهما ؟؟؟!!!
وفي الوقت نفسه أطرح الأسئلة التالية على الحكومة التركية - التي نحبها ونعتز بها .. ونريد لها الخير - عسى أن تصل إليها .. أو أحد من القراء يوصلها إليها ..
أو أن يقوم الإئتلاف السوري بواجبه تجاه أهله .. فيوصلها إليها ..
1- هل يتلاءم مع أخلاق الأنصار .. أن تُحدد حركة المهاجرين .. فلا يُسمح لهم بالتنقل .. إلا بإذن رسمي .. أو أن يُتركوا في المخيمات .. كأنهم مسجونون ؟؟؟!!!
2- هل يتوافق مع قيم الأنصار .. أن تُغلق بوابات الحدود البرية .. أياماً معدودة في وجه المهاجرين .. فيتكدسون كالأغنام في العراء ؟؟؟!!!
3- هل يتجانس مع مبادئ الأنصار .. فرض تأشيرة دخول على المهاجرين .. للتضييق عليهم وزيادة همومهم .. وأحزانهم ؟؟؟!!!
4- هل يتماشى مع مُثل الأنصار .. ترك أعداء المهاجرين .. يصولون ويجولون في طول البلاد وعرضها .. يفسدون في الأرض .. ويؤذون المهاجرين والأنصار .. دون القبض عليهم وسجنهم .. أو ترحيلهم للخلاص من شرورهم .. ومضارهم ؟؟؟!!!
5- وأخيراً .. أليست من واجبات الأنصار .. مساعدة المهاجرين على الرجوع إلى ديارهم ؟؟؟!!! ألم يقاتل الأنصار إلى جانب المهاجرين .. في جميع غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم .. حتى تم فتح مكة على أيديهم جميعاً ؟؟؟!!!
6- فلماذا لا يقوم الأنصار الأتراك على الأقل – إذا لم يريدوا كسب شرف المشاركة بالقتال - بتجنيد المهاجرين القادرين على حمل السلاح .. خاصة وأن بينهم أعداداً غير قليلة من العساكر والضباط المنشقين .. وتدريبهم في المخيمات .. وتزويدهم بالسلاح .. للإنطلاق إلى تحرير بلدهم ؟؟؟!!!
وسوم: العدد 661