زلزال اقتحام أمن الداخلية لنقابة الصحفيين المصرية
هو فعلا زلزال ، ولزلازل الطبيعة توابع ، وزلزال اقتحام 30 من رجال أمن الداخلية لنقابة الصحفيين المصرية الأحد الماضي لن يختلف عن زلازل الطبيعة . الاقتحام كان لضبط وإحضار عمرو بدر رئيس تحرير " بوابة يناير" ، ومحمود السقا زميله في البوابة . ولأنه اول اقتحام أمني للنقابة منذ تأسيسها في 10 أبريل 1941 ؛ فقد اهتز له الجسم الصحفي المصري اهتزازا عنيفا . والبلاء الطام ، والهوان الأكبر ، أنه حدث في أسبوع الاحتفال العالمي بحرية الصحافة كأن الداخلية تقول ساخرة : " احتفال ماذا ؟ وحرية صحافة ماذا ؟" . كل الأصوات الصحفية في مصر أدانت الاقتحام حتى المؤيدة للنظام لم تزد على أن قالت إن السيسي رأس النظام لم يكن لديه علم بنية الداخلية اقتحام المبنى الذي يعده الإعلاميون المصريون حصن الحرية والوطنية ، وعربيا يحسب له أنه وقف في صلابة ضد أي صورة للتطبيع مع إسرائيل مهما صغرت .الاقتحام حدث مع أن يحي قلاش نقيب الصحفيين وعد الداخلية بأن يحضر بنفسه الصحفيين المتهمين بالمساهمة في إثارة المظاهرات في 25 أبريل الماضي ، ومخالفة وعد النقيب والتسرع في الاقتحام يؤكدان تغول الداخلية وإحساسها الطاغي الأعمى بأنها كل شيء في البلاد ، وأنها فوق القانون الذي تقول إنها تحافظ عليه حماية للبلاد . الإدانات من الجسم الصحفي المصري بكل ألوانه غاضبة وعنيفة وحزينة ، وفيها صرخة انكسار قلب ، لكنها متحدية ومصرة على محاسبة ومعاقبة من كان وراء قرار الاقتحام الأهوج . وصف إبراهيم عيسى الاقتحام ب" جريمة لم يرتكبها أسوأ الأنظمة دكتاتورية واستبدادا " ، وعدها عمرو أديب " فضيحة في العالم كله " ، والعالم كله يعرف أن مصر وأخواتها العربيات المشئومات تتزاحم في ذيل الدول بوصفها الأدنى في المحافظة على حرية الصحافة ، ومصر هي الثانية في العالم الأكثر حبسا للصحفيين وفق إحصائية 2015. وعرف خالد البلشي عضو النقابة الاقتحام بأنه " قرار يتجاوز حدود الجنون " ، وحتى ياسر رزق المؤيد للنظام لم يرَ مفرا من القول : " لا أحد يقف ضد حرية الصحافة وينتصر " ، وشخص عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية واقع مصر بأنها صارت " جمهورية الخوف " ، واستقرأ مصير الحكم الحالي مقررا " حكم أدواته القمع ، وسطوة الأجهزة الأمنية مآله الفشل " . ويتحد الصحفيون المصريون رأيا على أن إقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار هي أقل ما يطالبون به ، ويعتزمون عقد اجتماع استثنائي للجمعية العمومية للنقابة الأربعاء القادم للنظر في واقعة الاقتحام لاتخاذ ما يرونه إزاءها . قانون حرية التعبير عن الرأي صدر في إنجلترا في 1695 ، وما مضى من زمن منذ صدوره ،أي 321 عاما ، هو الفاصل المخيف بيننا وبينهم في كل شيء . هل من أولي ألباب بيننا يعتبرون ؟! خراب بيوتنا وهوان حالنا يشهد أنه ليس لدينا أولو ألباب يستخلصون العبر الهادية إلى الصواب ، ولدينا بدلا منهم شياطين أجهزة أمنية يجهلون تماما حرمة معاقل التعبير عن رأي الناس وقضاياهم وصياغة وجدانهم . كتب الراحل مصطفى أمين أنه اهتز حين سمع امرأة تقول في فيلم كان يشاهده إنها ستشكو مظلمتها إلى هيئة تحرير الصحيفة في بلدتها لتقوم بحملة دفاع عنها لاسترداد حقها المهضوم . مواطنة بسيطة ، في بلد أوروبي طبعا ، تدرك دور الصحيفة في حماية المواطن والمجتمع ، والدول العربية أعدى ما تكون للصحافة ما لم تنافقها وتصف فشلها بأنه نجاحات خارقة ، وغباوات حكامها بأنها آيات ذكاء نادر .
وسوم: العدد 666