في مثل شهر رمضان المقدس هذا سرق منّا "الدكتور" عباس علي مسلسل علي الوردي
في مثل هذا الشهر المقدّس ؛ رمضان المبارك، الشهر الذي من المفترض أن تصفو فيه النفوس مع بارئها وتتعالى على الصغائر والأفعال المشينة، سرق المدعو "الدكتور" عباس علي ، منّا (أنا والاستاذ سلام الشماع) مسلسل علي الوردي ووضع اسمه عليه مؤلفا في حين أنني كتبت المسلسل كاملا وكان بـ 40 حلقة معتمدا على فكرة ووثائث ومعلومات الباحث الاستاذ سلام الشماع الذي رافق الوردي سنوات طويلة وكانت ذاكرته الحادّة مفعمة بمعلومات هائلة وتفصيلية عن تاريخ الوردي وحياته. وفوق ذلك فقد بذل سلام العزيز جهودا جبارة لطباعة الحلقات يوما بيوم وإرسالها إلى المخرج المعروف الأستاذ فلاح زكي في الولايات المتحدة عبر البريد الإلكتروني.
لا تحتاج أي محكمة أو هيئة قضائية إلى مختصين أو فنانين محترفين أو كتّاب سيناريو لكي تشكل لجنة خبراء تحسم الموضوع. أبداً . يمكن الإستعانة بأي إنسان بسيط متعلّم نعطيه حلقات المسلسل ونجلسه أمام التلفاز ونقول له اقرأ الحلقة التي كتبها حسين سرمك على الورق وانظر إلى المسلسل على التلفاز . لن يجد اي فرق .. فكيف قام "عباس علي" هذا بوضع اسمه على المسلسل كمؤلف له ؟ اي وقاحة وأي جسارة أن يقوم بذلك ونحن الإثنين (سلام وأنا) أحياء ؟ ترى ما الذي سيفعله لو متنا ؟
لقد عشتُ حياتي طبيبا مختصا وباحثا وناقدا اضع العلم كمصباح يضىء لي الطريق ، لكنني لم انس حقيقة نساها عباس علي وهي أن الزمان إذا فسد واختلط الحابل بالنابل وخلا الجو للانتهازيين فانتهزوا الفرص وسلبوا حقوق الناس فإن هناك قوة جبّارة عظيمة لا تنام ، منصفة عادلة لا تحابي ولا تنام ، هو الله العظيم سبحانه وتعالى. فأين المفر ؟ اليوم .. غدا أو بعد عشرين سنة .. أو ألف سنة .. و (ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم.
لقد كتبت هذا المسلسل – بفكرة ووثائق الأستاذ سلام الشماع – بأربعين حلقة عن الراحل الكبير الأمر الذي اضطرني إلى العودة إلى قراءة مؤلفاته ومقالاته ( أكثر من 4000 أربع آلاف صفحة ) رافقتها قراءة مصادر عن تأريخ العراق خلال الثمانين عاما العاصفة الأخيرة التي عاشها الوردي راصدا ومحللا وناقدا ومشاركا في أحداثها (أكثر من 6000 ست آلاف صفحة ) مستندا إلى البحث التفصيلي في حياة الوردي منذ ولادته حتى وفاته المأساوية مهملا بسرطان البروستات المتقدم في 13/تموز/1995 ، الأمر الذي جعلني قادرا على الإحاطة بحياة وبالمنجزات الفكرية الفريدة التي قام بها هذا العالم الخطير ؛ فولتير العرب ، الذي وصفه المؤرخ والمستشرق الفرنسي الشهير (جاك بيرك) في كتابه (العرب – تاريخ ومستقبل ) بقوله :
(( الوردي كاتب يحلّق إلى العالمية بأسلوبه الذي يضرب على الأوتار الحساسة في المجتمع ، مثل فولتير )) .
كتبنا المسلسل في دمشق، ولم تكن لدينا كمبيوترات أو خدمات إنترنت، ومن الصعب أن نحمل عشرات المصادر ونذهب إلى أقرب مكتب إنترنت لكتابة الحلقة . كنتُ أبدأ بالكتابة على ورق مسودات يدبره سلام من الساعة الخامسة مساء حتى الساعة الثامنة من صباح اليوم التالي ، وحين تكمل كتابة الحلقة أتصل بالأخ سلام ليأتي ويأخذها ويذهب بها إلى حي السيّدة زينب حيث يعمل الصديق الشاعر محمد البغدادي، ويبدأ سلام بقراءة الحلقة باللغة العامية العراقية ومحمد يطبع .. وحين يكملان الحلقة يرسلانها فورا إلى الأستاذ المخرج فلاح زكي في الولايات المتحدة عبر الإيميل الذي يبدأ بمراجعتها ووضع السيناريو لها وتثبيت ملاحظاته المهمة النابعة من خبرته .
أنام في التاسعة حتى العصر ثم أستيقظ وأبدأ بالكتابة من جديد حتى صباح اليوم التالي .. وهكذا .. اشتغلنا ليل نهار لأكثر من أربعين يوما تحطمت صحتنا بعدها .
لم يترك سلام شخصية عاصرت الوردي لم يتصل بها في الداخل والخارج مع ما يعنيه الاتصال الهاتفي المطول بالخارج من تكاليف ..
ومن عام 2008 حتى عام 2011 نام المسلسل في أدراج مسؤولي قناة البغدادية المحترمة إلى أن اتصل المدعو "أحمد العزتوي" بي ليطلب منّي حلقات المسلسل، فقلت له : هل سيهمل المسلسل مثل السابق عن هذا الرجل العظيم ؟قال : لا ، هذه المرة نحن عازمون على إخراجه وسوف يُعرض في رمضان.
وجاء رمضان وجاء المدعو "الدكتور" عباس علي ليسرق المسلسل كاملا ويضع اسمه عليه .
المسلسل موجود على التلفاز .. وهو موجود كحلقات لدينا .. ونحن – سلام وأنا – على استعداد لتزويد أي كاتب أو ناقد أو مخرج أو ممثل أو قارىء بالحلقات كاملة ليقارنها بالمسلسل ويكتشف بنفسه : هل أضاف عباس علي شيئا من عنده ؟؟ وما هو ؟؟
كلما حاولت نسيان هذه الجريمة يتقطع قلبي وأختنق .. يا إلهي سُرق المسلسل منا ونحن أحياء فكيف إذا كنّأ ميتين ؟! هل هناك صلافة ووقاحة وجسارة أكبر من هذه ؟؟
أنا لا أستطيع النسيان ، وأعاهد ربي ونفسي وأصدقائي وعائلتي وقرّائي وزملائي على التذكير بسرقة "الدكتور" عباس علي لمسلسل علي الوردي منّا كل عام بإذن الله لكي يعرف أولاده ما الذي فعله أبوهم ، ويعرف طلّابه إذا كان تدريسيا ما الذي فعله استاذهم القدوة . والله على ما أقول شهيد . وسيكون موعد التذكير بالسرقة كل رمضان مقدّس من كل عام بإذن الله تعالى.
حسين سرمك حسن
وسوم: العدد 674