ثمة ظواهر كثيرة تستعصي على التحليل لافتقادها للمعلومة
وهناك الكثير من الأحداث التي تؤدي الأدوات التقليدية المنطقية في تحليلها إلى نتائج مغلوطة، وربما لا يمكن التنبه لذلك والتحوط منه، لافتقاد المعلومة مرة أخرى.
منذ 2007 وعلى مدى سنوات طويلة بدأت في تركيا محاكمة مجموعة كبيرة من ضباط وقيادات الجيش بتهمة التخطيط للانقلاب على الحكومة، وقد ادت هذه المحاكمات إلى إدانة عدد كبير منهم، ووصل الامر إلى الحكم على رئيس الأركان السابق باشبوغ بالسجن المؤبد المشدد وهي أعلى عقوبة في ظل غياب عقوبة الإعدام في تركيا.
حينها كانت كل التحليلات تشيرلا إلى عبقرية اردوغان والعدالة والتنمية في القضاء على فكرة الانقلابات العسكرية وتقليم أظافر المؤسسة العسكرية ..الخ.
منذ شهور وتركيا كلها تتحدث عن أن الكثير من الادلة كانت ملفقة ضد الضباط ومن ترتيب رجال "الكيان الموازي" أو جماعة كولن، لإحداث فراغات كبيرة في المؤسسة العسكرية يملؤوها برجالهم. اليوم مع مشهد الانقلاب تبدو هذه السردية حقيقية وواقعية جداً مع كم وعمق الاختراق والانتشار داخل مختلف مكنوات الجيش.
حتى الآن يبدو الأمر منطقياً: أعـِدْ إذن الاعتبار لمن ظــُلموا وأقصِ الذي ظلموهم وقاموا بالانقلاب. لكن، ليت الأمور بهذه السهولة:
1) فمن يضمن أن كل من حوكم سابقاً (والكثير منهم قد عاد للجيش ورد اعتباره فعلاً) بريء وأنه لم أو لن يفكر بالانقلاب أو الانتقام؟
2) ومن يضمن أنه بإمكان الحكومة معرفة كل أفراد التنظيم الموازي في المؤسسة العسكرية وهم الذين يعتمدون السرية المطلقة والتقية العميقة وقد وصلوا فعلاً - كما يبدو - لأعلى المناصب؟
إن العدالة والتنمية أبعد ما يكون - حتى الآن - عن فكرة إنشاء "دولة عميقة" (إن جاز التعبير) خاصة به، ولا يملك الكوادر المؤهلة لملء الفراغات، وبالتالي فعملية التصفية والإحلال داخل المؤسسة العسكرية تعني أنه سيقصي خصماً له ويحل مكانه خصماً آخر، من التنظيم الموازي للكماليين لغيرهم، الأمر الذي يعني أن حدة الانقلاب كسرت لكن الطريق طويلة وشاقة، جداً.!!!
وسوم: العدد 677