الولي الفقيه مزاحما لنتنياهو
الولي الفقيه مزاحما لنتنياهو
على موقع كبير الخدم للأمريكيين في بلاد المسلمين
زهير سالم*
كانت البداية منذ 1985 ، هذا ما وثقه التاريخ الدبلوماسي على الأقل . لن نذهب مع حديث التكهنات عن ترتيبات ما قبل الثورة الخمينية وما صاحبها في باريس وما تبعها بعد في طهران . وعندما تتعامل سياسيا مع قوم يؤمنون أن ( التقيّة دين ) وأن من ( لا تقيّة له لا دين له ) وأنّ ( لكل نص أو كلمة ظاهر وباطن ) فعليك إعمالا لمناهج العلم والعقل أن تبحث عن أسرار كل ذلك في كل ما يعلنون وما يسرون وما يقدمون وما يؤخرون ...
البداية الموثقة كانت في عهد الرئيس الأمريكي ريغان ونائبه الرئيس الأمريكي التالي جورج بوش الأب وشركاء مؤهلين من كبار ضباط الموساد الإسرائيليين والصفقة 3000 آلاف صاروخ تالا ناري خارق حارق أمريكي لمساعدة إيران على الانتصار على العراق العربي والمقابل - زعموا – بعض المحتجزين الأمريكيين في لبنان ، وسلة من المال حللها الرئيس الأمريكي المتدين بتحويلها إلى ثوار الكونترا في نيكارغوا ..
تلك هي حكاية فضيحة ( إيران غيت ) يزعمون أنها أسقطت الرئيس الأمريكي في الانتخابات التالية ولكنها دشنت الطريق إلى علاقة مع الشيطان أكبر ما زلت أغصان شرها تنمو في عالمنا حتى اليوم .
علينا أن نتذكر دون نسيان أن البداية كانت – على الأقل – سنة 1985 وهذا يعني أن البداية كانت منذ عهد آية الله الخميني توفي سنة 1989 ، حتى لا نحمل الولي القائم كامل المسئولية عن أمر لم يكن دوره فيه أكثر من التطوير والتثمير والرعاية والتوظيف ...
لا يحتمل مقال تتبع الظاهر والباطن من أمر علاقة قامت سفاحا بعيدا في كثير من الأحيان عن أعين الناس بمن فيهم الشعب الإيراني المغيب والمضلل في وقت معا .
باسم الاسلام والثورة الإسلامية تعيش جماهير الشعب الإيراني العظيم الضُر بكل أشكاله على هوامش ذكريات بائسة لمن ماتوا ولمن قُتلوا ولمن وُلدوا حيث أصبح حداء الراوديد المحرض على العداوة والبغضاء بديلا عن الخبز والعلم ..
في محطات كثيرة كان العالم أجمع يفاجأ بالموافقات الكبرى على الأمور الأشد خطورة وسخونة بين الشريكين اللدودين بما في ذلك إقدام الولايات المتحدة على إعلان الحرب على الإسلام تحت عنوان ( الإرهاب ) ، وإقدامها على غزو جاريّ إيران ، أكرر جاريّ إيران ، في أفغانستان وفي العراق . حيث ما زال حلفاء الباطن يمنّون على الأمريكيين ما قدموا لهم من مساعدات في سر وإعلان .
وفي مناخ ما بعد إيران غيت تأسست في إيران وخارجها . لم يكن يخفى على الولايات المتحدة ومخططيها الاستراتيجيين ماذا سيعني هدم السد العربي العراقي أمام يأجوج ومأجوج الإيراني . كان كل شيء مقدرا ومخططا ومتفقا عليه ومدفوعا ثمنه طرفا لطرف ...
في ظل هذا المناخ استنبت الأمريكيون حزب الله في لبنان عصا غليظة لتطويع وإرهاب الفلسطينيين ومن ثم اللبنانيين ( الحريري وتويني وقصير وحاوي ) وعندما احتاج الأمر فجأة أضيفت إلى مهامه أيضا أيضا تطويع السوريين . المهمة التي يقوم بها اليوم جند الولي الفقيه حول العالم دون أن يهتز في القانون الدولي كلمة سطر .
وإذا كان لكل عصر لبوسه كما يقولون فإن عصر ( روحاني ) ولا شك قد شهد الإعلان عن علاقة ( الخدانة ) بين طرفي المتعة اللدودين ... حيث أعلن الرئيس الأمريكي أن على دول العالم العربي أن تعترف بهذه العلاقة وأن تقر بها ..
إن من يتابع خطاب حسن نصر الله اليوم وخطاب المالكي ومعلميه في طهران لا يجد أي فرق نوعي بين حديثهم وحديث عتاة الصهاينة أو الغربيين اليمينيين . الكل يخوّف من الإرهابيين الأصوليين ، ويذكر بتجارب الأمريكيين في أفغانستان والعراق ، والكل يؤكد أن حربه في سورية هي تحت الراية الأمريكية نفسها : الحرب على التكفيرين الذين لفوا الشعب السوري أجمع بعباءتهم ..
والحديث الإيراني عن المستقبل في سورية يشبه الحديث الأمريكي حذو القذة بالقذة. إصلاح مقبول وبقاء لنظام مطلوب . كل ما يعلنه أوباما عن سورية في واشنطن يتبناه الولي الفقيه في طهران . والقليل المختلف هو جزء من لعبة الظاهر والباطن التي ما زالوا عليها يلعبون .
جنود الولي الفقيه من كل الجنسيات المنظمون المنضبطون المدربون المسلحون بكل أنواع السلاح المجردون من كل القيم ، المنتفخون بأحقاد تاريخية لأحداث صنعها المهوسون ، والقادرون على أن ينفذوا في المعتقلات السورية ما لم ينفذه جندي أمريكي في ( باغرام ) أو ( أبو غريب ) أو ( غوانتنامو ) كل هذا مهر المنافسة يدفعها الولي الفقيه لينال الثقة من واشنطن مزاحما جديرا لنتنياهو على مكانة كبير الخدم الأمريكيين في بلاد المسلمين ...
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية